تقرير أمريكي ضرورة التحرك لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لمواجهة تهديدات "حزب الله"
الأربعاء 09/أبريل/2025 - 03:09 م
طباعة

على الرغم من أن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا يُعد خطوة كبيرة نحو تحسين الوضع الأمني، إلا أن السلطات الجديدة في البلدين ما زالت بحاجة إلى موارد كبيرة ودعم دبلوماسي مكثّف من أجل إتمام هذا الاتفاق، وتطبيقه على الأرض، وفرض السيطرة على الحدود، بما في ذلك الحد من تهريب الأسلحة والعنف الذي يمارسه "حزب الله ". واشار تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني للباحثة الكبيرة حنين غدار الي انه ينبغي على المملكة العربية السعودية، بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن تسرّع العملية التي بدأت في الاجتماعات الأخيرة، وتكثّف الضغط على الحكومتين اللبنانية والسورية لحل القضايا العالقة، مثل ملف مزارع شبعا والمناطق السكنية المتداخلة.
كذلك، من الضروري أن تلتزم الدولتان بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن 1680 و1701 و1559، والتي تنص جميعها على ضرورة منع الجماعات المسلحة غير النظامية، وعلى رأسها "حزب الله"، من اختراق الحدود والسيطرة على المناطق الحدودية.
لكن في ظل نقص العناصر البشرية والمعدات والتمويل، لن تتمكن القوات المسلحة اللبنانية من أداء هذه المهمة أو فرض سيادتها الكاملة على الحدود مع سوريا وإسرائيل. لذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في دعم الجيش اللبناني، ولكن ضمن إطار واضح من التوقعات، يشمل استعداد المؤسسة العسكرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الحدود، حتى وإن تطلّب ذلك مواجهة مباشرة مع "حزب الله ".
وسيكون من المفيد أيضاً أن يواكب هذا الجهد دعمٌ دولي لمبادرات أشد صرامة لضبط الحدود، على غرار المساهمة التي قدمتها المملكة المتحدة للجيش اللبناني عام 2018. ومن شأن التقدّم في ترسيم الحدود اللبنانية السورية أن يعزّز أيضاً فرص نجاح المفاوضات المرتقبة حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والتي اشارت إليها المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس الشهر الماضي.
ورغم أن الربط الرسمي بين المسارين ليس شرطاً، إلا أن الترابط بينهما قائم بحكم الواقع؛ إذ لا يمكن تنفيذ القرار 1680 على الحدود اللبنانية السورية بفعالية، من دون المضي في تنفيذ القرارين 1701 و1559 على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وبعبارة أوضح، لا يمكن تأمين حدود لبنان مع إسرائيل بشكل كامل، ما لم تتمكن بيروت من بسط سيادتها على حدودها مع سوريا.
عقب الحرب الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل، انتُخب رئيس لبناني جديد وشُكّلت حكومة جديدة، تعهّدت بتنفيذ القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1680 الصادر قبل حرب 2006، والذي يدعو سوريا إلى التجاوب مع طلب لبنان لترسيم الحدود وتبادل العلاقات الدبلوماسية ومنع تهريب الأسلحة.
كما يشير القرار 1701 إلى ضرورة تنفيذ القرار 1680، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وهو أمر ضروري اليوم، ليس فقط لتفادي الاشتباكات الحدودية، بل للحد من قدرة "حزب الله" على إعادة بناء شبكاته العسكرية والمالية. وترسيم الحدود قد يُساهم أيضاً في كبح حركة بقايا النظام السوري من وإلى الداخل اللبناني.
تمتد الحدود اللبنانية – السورية على طول 375 كم (أي ما يعادل 233 ميلاً)، ورغم مرور عقود على قيام الدولتين، لم تُستكمل عملية ترسيم هذه الحدود بعد في مناطق حدودية متداخلة مثل وادي خالد، طفيل، القصير، وحوش السيّد علي، حيث يعيش لبنانيون داخل الأراضي السورية وسوريون داخل الأراضي اللبنانية، ما يعقّد مسألة الترسيم بسبب التداخل الجغرافي والديمغرافي.
ومع ذلك، يبدو أن الظروف الإقليمية اليوم تفرض على الجانبين ضرورة التحرك لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها تهديدات "حزب الله" والمجموعات الموالية لإيران. ويُعطي الدعم السعودي لهذه الجهود بُعداً سياسياً مهماً، يُعزّز من فرص التنسيق والمساءلة، ويُضيق هامش المناورة أمام أي طرف يسعى إلى عرقلتها.