استهداف أمريكي مكثف لأكثر من مئة هدف حوثي منذ منتصف مارس

السبت 12/أبريل/2025 - 11:43 ص
طباعة استهداف أمريكي مكثف فاطمة عبدالغني
 
شهدت الساحة اليمنية تصعيدًا عسكريًا لافتًا، حيث شهدت المحافظات اليمنية الثلاث، صنعاء ومأرب والحديدة، موجة واسعة من الغارات الجوية الأمريكية ضمن حملة بدأت منذ منتصف مارس 2025، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، خاصة في المواقع التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المدعومة من إيران. 
ففي العاصمة صنعاء وضواحيها، تركزت الضربات على منطقة النهدين جنوبي المدينة، التي تُعد من أهم المراكز العسكرية الحوثية وتضم مخازن وثكنات ومقرات سابقة لألوية الحماية الرئاسية، كما طالت الغارات منطقة فج عطان في مديرية معين، حيث استهدفت أنفاقاً جبلية ومخازن أسلحة، بالإضافة إلى جبل نقم شرق العاصمة، ومنطقة بني حشيش شمال شرق صنعاء التي استُهدفت بخمس غارات، وكانت جماعة الحوثي قد حصنت مرتفعاتها مسبقاً وتُرجح وجود منصات صواريخ فيها، كذلك نُفذت غارات في مديرية همدان شمال غرب العاصمة، حيث استُهدفت مزرعة ومنطقة المعمر، إضافة إلى معسكر جربان الذي تعرض لقصف عنيف على مستودعات وأنفاق، وأكدت مصادر أمنية ومحلية فرض الحوثيين طوقاً أمنياً على المستشفى العسكري بالتزامن مع وصول مصابين، بينما أعلنت وزارة الصحة الخاضعة للجماعة أن إجمالي الضحايا في صنعاء ومناطق أخرى منذ انطلاق الحملة بلغ 107 قتلى و223 جريحاً.

وفي محافظة مأرب شرقي اليمن، نفذت المقاتلات الأمريكية 11 غارة استهدفت مواقع للحوثيين في مديريتَي العبدية ومجزر، وشملت مقار قيادة ومخازن أسلحة ومواقع عسكرية متقدمة، كما استهدفت ضربة جوية منزلاً في شمال المحافظة، يُعتقد أنه كان يؤوي عناصر حوثية، وأكد شهود عيان حدوث دمار واسع في عدد من المواقع، لكن لم يُعلن عن أرقام دقيقة للخسائر البشرية في هذه الغارات، وسط استمرار تحليق الطائرات الأمريكية في سماء المحافظة ومراقبتها للأهداف المتحركة والثابتة.
أما في محافظة الحديدة غرب البلاد، فقد كانت جزيرة كمران أحد أبرز الأهداف، حيث قصفت الطائرات مواقع وثكنات حوثية على الجزيرة المطلة على البحر الأحمر، وفي مدينة الحديدة نفسها وتحديداً في مديرية الحوك، تسببت الغارات في تدمير مبانٍ سكنية، وأعلنت جماعة الحوثي مقتل عشرة أشخاص في هذه المنطقة، كما استهدفت غارات أمريكية محمية برع الجبلية، حيث توجد ورش لتطوير صواريخ ومسيرات، إضافة إلى قصف محطة اتصالات تُستخدم من قبل الجماعة، وقد أظهرت لقطات مصورة حجم الدمار الذي خلفته هذه الغارات، خاصة وسط المناطق السكنية.
وتشير الحصيلة الإجمالية للغارات منذ منتصف مارس وحتى التاسع من أبريل إلى قصف أكثر من مئة هدف في ثلاث عشرة محافظة، غير أن الضربات في صنعاء ومأرب والحديدة كانت الأكثر كثافة ودموية، وأسفرت تلك العمليات عن مقتل ما لا يقل عن 107 أشخاص وإصابة 223 آخرين، معظمهم من المدنيين وفق ما ذكرت وزارة الصحة الحوثية، فيما تؤكد واشنطن أن أهدافها تركزت على منشآت عسكرية ومخازن أسلحة ومنشآت قيادة وتحكم، ضمن حملة تهدف إلى ردع هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وتزامن هذا التصعيد مع وصول حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس كارل فينسون" إلى مياه الشرق الأوسط، لتكون ثاني حاملة طائرات تنضم إلى العمليات البحرية ضد الحوثيين، إلى جانب "يو إس إس هاري ترومان"، وذلك في إطار جهود واشنطن لحماية حركة الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر، وتشير المعلومات إلى أن الحاملة مزودة بطائرات مقاتلة من طراز "إف-35 سي" وقادرة على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية على نطاق عالمي، مما يعزز القدرات العسكرية الأمريكية في المنطقة بشكل ملحوظ.
وتأتي هذه الحملة الأمريكية كرد فعل مباشر على استئناف الحوثيين لهجماتهم على السفن التجارية والحربية، وعلى أهداف إسرائيلية، بذريعة التضامن مع الفلسطينيين في غزة بعد استئناف العمليات العسكرية هناك، هذه الهجمات أدت إلى تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، مما أجبر العديد من شركات الشحن العالمية على تغيير مساراتها نحو طرق بديلة أطول وأكثر كلفة.
وفي حين تلتزم القيادة المركزية الأمريكية الصمت إزاء تفاصيل الضربات، قال مسؤولون أمريكيون إن الهدف من هذه الحملة يتمثل في تدمير القدرات الهجومية للحوثيين، وردعهم عن تنفيذ المزيد من الهجمات، وضمان أمن الملاحة في الممرات البحرية الحيوية، وأكد أحد المسؤولين أن الحوثيين ما زالوا يمتلكون القدرة على شن الهجمات، ما يشير إلى أن العمليات الأمريكية ستتواصل خلال الفترة المقبلة بوتيرة متصاعدة.
ويذهب مراقبون إلى أن هذا التصعيد لا ينفصل عن سياق أوسع تسعى فيه واشنطن لتوجيه رسائل غير مباشرة إلى إيران، عبر استهداف حلفائها الحوثيين في اليمن، فبعد سنوات من سياسة ضبط النفس، يبدو أن الولايات المتحدة قد قررت إعادة رسم الخطوط الحمراء في المنطقة، ويرى محللون أن واشنطن لا تسعى فقط إلى إنهاء تهديد الحوثيين للملاحة البحرية، بل تسعى أيضًا لتثبيت حضورها العسكري في المنطقة وردع طهران عن استخدام الجماعة كورقة ضغط، وفي نظر هؤلاء المراقبين، فإن الحملة الأمريكية الأخيرة قد تُشكّل بداية لمرحلة جديدة من الصراع، عنوانها مواجهة ممتدة مع وكلاء إيران في المنطقة، قد لا تكون ساحتها مقتصرة على اليمن فقط.

شارك