اللوبي الرقمي لطالبان: من صناعة الصورة إلى شرعنة السلطة

الثلاثاء 15/أبريل/2025 - 07:38 م
طباعة اللوبي الرقمي لطالبان: علي رجب
 
في أعقاب سقوط النأم الجمهوري السابق في أفغانستان في 15 أغسطس/آب 2021، وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم، نشأت موجة جديدة من النشاط الإعلامي والسياسي، لا داخل أفغانستان فقط، بل في الشتات الأفغاني المقيم في الغرب، محورها الأساسي: كيفية التعامل مع سلطة تفتقر للشرعية المحلية والدولية.

وبينما لا تزال طالبان غير معترف بها رسميا من أي دولة، نشطت عبر الإنترنت شبكات غير رسمية من الأفراد والناشطين والمناصرين الذين يمارسون نوعا من الضغط السياسي والدعائي لصالح الحركة، مستفيدين من حرية التعبير والاتصال الواسعة المتاحة في البلدان الغربية.

ما هي جماعات الضغط التابعة لطالبان؟
تعريفا، الضغط (اللوبي) هو أي نشاط يسعى إلى تمثيل مصالح جهة معينة والتأثير في صنع القرار السياسي أو الرأي العام، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. في السياق الحديث، أصبح الضغط الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعالة في الترويج لمواقف سياسية، وقد تبنت جماعات الضغط المؤيدة لطالبان هذا الأسلوب للدفاع عن الحركة وتلميع صورتها عالميا.

هذه الجماعات ليست كيانات رسمية، بل تتكون في الغالب من أفراد يعيشون في الغرب، ينشطون عبر حسابات على منصات مثل "إكس" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، وينتجون محتوى إعلاميا متنوعا يبدو وكأنه دعاية ناعمة هدفها خلق سردية جديدة عن طالبان.

ثلاث استراتيجيات رئيسية لدعم طالبان عبر الإنترنت
الدعم السياسي والدعوة للاعتراف الرسمي

يسعى هؤلاء الأفراد إلى تصوير طالبان كدولة شرعية، ويطالبون الحكومات والمنظمات الدولية بـ"التفاعل السياسي" معها.

يبرز المحتوى الإعلامي الذي ينتجونه اجتماعات قادة طالبان مع مسؤولين دوليين، ويتم تضخيم أي إشارة إيجابية صادرة من الخارج تجاه الحركة.

يتبنون خطابا يشدد على أن "المرحلة الجهادية انتهت"، وأن طالبان اليوم هي من جلبت "السلام" بعد "هزيمة الاحتلال الأمريكي".

تبييض صورة طالبان

عبر نشر صور ومقاطع فيديو لقادة طالبان مع ألقاب رسمية مثل "أمير المؤمنين" و"وزير الداخلية"، ومحاولة تقديمهم كـ"رجال دولة".

الترويج لتقارير عن "مشاريع تنموية" و"تحسن أمني" و"اهتمام بالثقافة والخدمات العامة".

إشاعة فكرة أن طالبان تغيرت ولم تعد كما كانت في تسعينيات القرن الماضي، ما يشكل محاولة لإعادة بناء الثقة في صورتها الخارجية.

تمثيل مصالح طالبان ومهاجمة معارضيها

يقدم أفراد هذه الجماعات أنفسهم كمستشارين غير رسميين لطالبان، وينصحونها حول تحسين الحوكمة والتواصل مع المجتمع الدولي.

في الوقت نفسه، ينخرطون في هجمات شرسة على معارضي طالبان، من سياسيين معارضين إلى ناشطات نسويات.

يسعون إلى تشويه سمعة المعارضين من خلال خطاب هجومي، ونشر معلومات مضللة، بل والمطالبة باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، كما حدث في بعض حالات الترحيل من دول أوروبية، وفقا لصحيفة اطلاعات روز.

الغاية: شرعنة طالبان وإسكات المعارضة
تركز هذه الحملات على إقناع الرأي العام العالمي بأن الحرب في أفغانستان قد انتهت، وأن أي مقاومة مسلحة أو سياسية لطالبان غير شرعية. إنها محاولة لخلق مناخ نفسي عام يتقبل وجود طالبان كحقيقة لا بد من التعامل معها.

هذا الخطاب يستخدم ضمنيا كأداة لتقويض الحركات المسلحة المناهضة لطالبان، والنشطاء المدنيين الذين يطالبون بعودة حقوق المرأة، أو بناء نظام ديمقراطي شامل.

تأثير متصاعد رغم الفوضى والتناثر
رغم أن أنشطة جماعات الضغط التابعة لطالبان على الإنترنت ليست مركزية أو منظمة بالكامل، فإنها أثبتت قدرتها على التأثير في: السرديات الإعلامية العالمية عن طالبان، توجيه الرأي العام داخل وخارج أفغانستان، ربط طالبان بشبكات تواصل واتصال عالمية تستخدم كأصول استراتيجية لنظام الحركة.

وتشكل جماعات الضغط الرقمية الموالية لطالبان جزءا من معركة السرديات التي تخوضها الحركة منذ استيلائها على الحكم. فبينما تواجه رفضا عالميا متزايدا، تحاول عبر هذه الجماعات إعادة تعريف ذاتها والتسلل إلى شرعية غير مكتملة عبر بوابة الإعلام الرقمي والتواصل الناعم.

لكن في المقابل، تبقى الأسئلة الأخلاقية والسياسية قائمة: هل يمكن تبرير الترويج لنظام يقمع النساء ويقصي المعارضين، تحت غطاء "الضغط السياسي"؟ وهل هذا النشاط الإعلامي يشكل ممارسة ديمقراطية أم تواطؤا ناعما مع الاستبداد؟

شارك