سلاح "حزب الله" على طاولة الاشتباك السياسي.. بين ضغوط واشنطن وحذر بيروت
الخميس 17/أبريل/2025 - 02:35 ص
طباعة

تتصاعد الضغوط الدولية على لبنان بصورة متسارعة، في ظل مطالبات ملحّة بوضع حدّ لسلاح "حزب الله"، الذي لطالما كان محور جدل داخلي وإقليمي.
وبينما تعلن واشنطن صراحةً أن "الوقت قد حان" لنزع السلاح، تبدو الدولة اللبنانية وكأنها تتلمّس طريقًا هشًا بين الواقع السياسي المعقّد والحسابات الأمنية الدقيقة.
في زيارة حديثة إلى بيروت، أكدت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا متزايدة على الحكومة اللبنانية بهدف "تطبيق القرار 1701 بكامله، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وجميع الفصائل المسلحة"، مشددة على أن هذا الهدف "يجب إنجازه في أقرب فرصة ممكنة".
تصريحات أورتاغوس أعادت تسليط الضوء على واحد من أعقد الملفات في لبنان: مستقبل السلاح خارج سلطة الدولة، والقدرة الفعلية للجيش اللبناني على احتواء هذا الملف دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع الحزب.
رغم الإجماع الرسمي على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، إلا أن خطاب القيادات اللبنانية يتسم بالحذر. فالرئيس اللبناني، العماد جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، كلاهما شدد على أولوية الحوار كمدخل لحل أزمة السلاح، مع التلميح إلى أن أي خيار آخر قد يفتح أبواب صدام لا طائل منه.
وفي هذا السياق، يعكف رئيس الجمهورية على الإعداد لحوار وطني يندرج في إطار "استراتيجية دفاعية شاملة"، قد تطرح خلالها قضية سلاح حزب الله ضمن رؤية متوازنة تراعي مكونات المجتمع اللبناني وتفادي الانفجار الأمني.
الكاتب السياسي رضوان عقيل يرى أن طرح مسألة نزع السلاح بشكل مباشر "لن يُفضي إلى نتيجة"، ويعتبر أن الحزب، وإن أبدى بعض المرونة، إلا أنه غير مستعد للتنازل بسهولة عن سلاح يعدّه جزءًا من عقيدته وهويته. ويضيف في حديثه لـDW عربية أن "الحزب لا يرفض النقاش، لكنه يرفض مصطلحات مثل تسليم أو نزع السلاح".
وفي المقابل، يرى الكاتب جورج عاقوري أن الحوار المطروح هو "إطالة أمد الأزمة، وربما التفاف على ما ينص عليه الدستور واتفاق الطائف"، مطالبًا بجداول زمنية واضحة لسحب السلاح كما جرى مع الميليشيات بعد الحرب الأهلية، دون ربط المسار الداخلي بأي تفاهمات إقليمية أو مفاوضات خارجية، خصوصًا تلك الجارية حاليًا بين واشنطن وطهران في سلطنة عمان.
على الجانب الآخر من الحدود، تواصل إسرائيل استهداف مواقع داخل الأراضي اللبنانية، متذرعة بأن حزب الله "يعيد ترميم بناه التحتية العسكرية"، بينما يتهم لبنان تل أبيب بخرق وقف إطلاق النار ومواصلة احتلال أراضٍ لبنانية في الجنوب.
هذا التوتر الميداني يُضيف مزيدًا من التعقيد إلى ملف السلاح، خصوصًا في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي اللبناني وتعليق أي مساعدات دولية بإيجاد تسوية لهذا الملف الشائك.
الواضح أن المجتمع الدولي لم يعد يتعامل مع ملف سلاح حزب الله كخيار قابل للتأجيل. فالمطالبات تتزايد، والمساعدات مُعلّقة، والتطورات الإقليمية تضغط باتجاه إعادة صياغة التوازنات في الداخل اللبناني.
ومع أن الحزب يدرك أن استمرار الوضع القائم يضعه في مواجهة غير مباشرة مع المجتمع الدولي، إلا أن معادلة الداخل الطائفي، وتركيبته الأيديولوجية، تجعل من الصعب التخلي عن السلاح من دون مقابل سياسي واضح وضمانات.
المرحلة القادمة قد تكون مفصلية في تاريخ العلاقة بين الدولة اللبنانية وحزب الله. فإما تسوية شاملة تحفظ ما تبقى من الاستقرار، أو انزلاق نحو أزمة قد تعيد فتح جراح الماضي.