من سيوقف الزحف؟ الجماعات الإرهابية تُحاصر الجنوب وتُهدد المدن الكبرى

الإثنين 21/أبريل/2025 - 05:53 م
طباعة من سيوقف الزحف؟ الجماعات علي رجب
 
تواصل الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، وعلى رأسها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" وتنظيم "داعش الصحراء الكبرى"، التوسع جنوبا وغربا، مما يفاقم الوضع الأمني المتدهور في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ويضع مزيدا من الضغط على الدول الساحلية في غرب أفريقيا، من بنين وتوغو إلى كوت ديفوار وغانا.

الساحل: بؤرة العنف الأكثر فتكا في أفريقيا
صنفت منطقة الساحل كأكثر منطقة فتكا في القارة الأفريقية من حيث نشاط الجماعات الإرهابية لأربع سنوات متتالية. ووفقا للتقديرات، فقد بلغت نسبة ضحايا العنف الإرهابي في هذه المنطقة 55% من إجمالي الوفيات في القارة، حيث لقي 10,400 شخص حتفهم من أصل 18,900 في عام 2024 فقط. كما أن نحو ثلثي القتلى غير المقاتلين في أفريقيا سقطوا في منطقة الساحل.

التوسع الجغرافي: من الوسط إلى الجنوب
الجماعة الأشد نشاطا في "نصرة الإسلام والمسلمين" هي جبهة تحرير ماسينا (FLM)، بقيادة الداعية الفولاني أمادو كوفا. ومن قاعدتها في وسط مالي، وسعت الجبهة نفوذها جنوبا إلى بوركينا فاسو، حتى أنها استهدفت العاصمة باماكو في سبتمبر 2024 بهجوم على قاعدة للدرك، خلف عشرات القتلى ودمر طائرة رئاسية.

في المقابل، ركز تنظيم "داعش الصحراء الكبرى"، بقيادة أبو البراء الصحراوي، نشاطه في منطقة ميناكا شمال مالي، لكنه سرعان ما وسع عملياته غرب النيجر، مسجلا ارتفاعا بنسبة 66% في عدد الوفيات عام 2024.

ثلاث بؤر عنف جديدة: موبتي، سيغو، وبوكل دو موهون
تمثل هذه المناطق الثلاث مركزا لانتشار الجماعات المتطرفة. وشهدت:
موبتي وسيغو (وسط مالي): 1557 حالة وفاة و605 أحداث عنف، الأعلى منذ بدء التوثيق.

بوكل دو موهون (شمال غرب بوركينا فاسو): 1199 قتيلا في عام واحد، بزيادة 38% عن العام السابق.

من خلال إثارة النزاعات بين الرعاة والمزارعين، رسخت جبهة تحرير مالي وجودها من خلال العنف، واستغلت التوترات المحلية لتجنيد عناصر جدد، خاصة من شباب الفولاني.

تمدد جنوبا نحو قلب مالي الاقتصادي
يشكل تمدد العنف إلى جنوب مالي تطورا مقلقا، حيث يعيش 60% من السكان وتتركز الأنشطة الزراعية والتعدينية. وتمثل زراعة القطن وتعدين الذهب نحو 80% من صادرات البلاد. ومع ارتفاع عدد أحداث العنف في محيط باماكو، والتوسع باتجاه الحدود مع غينيا وكوت ديفوار، تلوح بوادر اضطراب اقتصادي وأمني كبير في الأفق.

النيجر: طريق التجارة مهدد
في النيجر، تزايد نشاط "داعش الصحراء الكبرى" وجماعة "أنصار الإسلام" حول منطقة تيلابيري. وسجلت 1318 حالة وفاة في غرب النيجر عام 2024، 92% منها في تيلابيري، حيث تم تعطيل طرق الإمداد بين نيامي وغاو، ونيامي وواغادوغو.

في الوقت نفسه، وسعت "كتيبة حنيفة" من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نشاطها العنيف في الجنوب الغربي النيجر، وخصوصا قرب الحدود مع بنين.

حدود الساحل الغربي: تصعيد يهدد استقرار بنين وتوغو وغانا
شهد عام 2024 تصعيدا في الهجمات الإرهابية في حدود دول غرب أفريقيا، حيث ارتفعت الوفيات في نطاق 50 كم من الحدود الغربية لمنطقة الساحل بنسبة 27%. وكانت الزيادة الأكبر في مالي، خاصة قرب حدود موريتانيا والسنغال وغينيا، وفقا لتقرير مركز أفريقيا للدراسات ومركزه واشنطن.

في جنوب شرق بوركينا فاسو، واصلت "كتيبة حنيفة" تمددها باتجاه حدود بنين وتوغو، مستغلة المحميات الطبيعية وشبكات التهريب والتعدين الحرفي. وبالتوازي، زادت الوفيات في هذه المناطق إلى 1472 في شرق بوركينا و612 في المناطق المتاخمة لتوغو وغانا.

انعدام الأمن الغذائي والنزوح الجماعي
أدى الحصار الذي فرضته الجماعات المسلحة على عدة مناطق شمال مالي وشمال بوركينا فاسو إلى انعدام الأمن الغذائي وتهجير مئات الآلاف. وتوقفت منظمات الإغاثة، مثل أطباء بلا حدود، عن العمل في بعض المناطق نتيجة الاستهداف المباشر.

واغادوغو تحت التهديد
باتت عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو، تحت تهديد متزايد مع تقارب الجماعات المسلحة من أطرافها الشرقية والجنوبية. وإذا استمرت "كتيبة حنيفة" في التقدم غربا، فقد يتم تطويق المدينة من أكثر من جهة.


تمثل التحركات الجديدة للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل تهديدا متصاعدا ليس فقط للبلدان المتأثرة تاريخيا مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بل أيضا للدول الساحلية التي كانت حتى وقت قريب بمنأى عن عنف هذه الجماعات. وبينما تتكيف الجماعات المسلحة مع التضاريس والسياسات المحلية، فإن الاستجابة الأمنية والحوكمة الرشيدة في المناطق الحدودية باتت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

شارك