تصاعد الهجمات المسلحة في باكستان: الجيش يرد بعمليات نوعية في وزيرستان

الثلاثاء 22/أبريل/2025 - 11:56 م
طباعة تصاعد الهجمات المسلحة محمد شعت
 

 شهدت باكستان تطورًا جديدًا في جهودها الأمنية ضد الإرهاب، حيث أعلنت إدارة العلاقات العامة بين الخدمات (ISPR)، الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني، عن مقتل ستة إرهابيين على الأقل خلال عمليتين استخباراتيتين منفصلتين نفذتهما قوات الأمن في إقليم خيبر بختونخوا، وتحديدًا في منطقتي شمال وجنوب وزيرستان، وذلك يوم الاثنين.

وفي التفاصيل، نفذت قوات الجيش عملية دقيقة في منطقة "رازمك" التابعة لمقاطعة وزيرستان الشمالية، استنادًا إلى معلومات استخباراتية مؤكدة عن وجود عناصر إرهابية في الموقع. وأفاد البيان الصادر عن الجيش بأن "قواتنا اشتبكت بفعالية مع موقع الخوارج، ونتيجة لذلك، تم إرسال خمسة خوارج إلى الجحيم". هذا التوصيف يشير إلى حزم المؤسسة العسكرية في التعامل مع هذه الجماعات التي تصفها بـ"الخوارج"، وهو مصطلح ديني يستخدم للتشديد على انحرافهم عن القيم الإسلامية والمجتمعية.

وفي عملية أخرى موازية في منطقة جنوب وزيرستان، تمكنت قوات الأمن من تحييد أحد أخطر المطلوبين، زعيم العصابة "زابي الله ذاكران"، والذي كان منخرطًا في عدة هجمات إرهابية استهدفت قوات الجيش والمدنيين على حد سواء. وذكرت إدارة العلاقات العامة أن ذاكران كان "مطلوبًا بشدة" من قبل أجهزة إنفاذ القانون، ما يشير إلى أهميته الكبيرة في صفوف التنظيمات المسلحة الناشطة في المنطقة.

وأكد البيان أن "عمليات التطهير ما تزال مستمرة في المناطق المستهدفة للقضاء على أي عناصر إرهابية أخرى"، مشددًا على أن "قوات الأمن عازمة على القضاء التام على خطر الإرهاب من البلاد".

تصاعد مستمر للهجمات المسلحة منذ 2021

تأتي هذه العمليات الأمنية في ظل تصاعد ملحوظ في الهجمات الإرهابية التي تشهدها باكستان، خصوصًا منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021. وتتهم الحكومة الباكستانية جماعات معادية باستخدام الأراضي الأفغانية كقاعدة للتخطيط لعمليات ضد باكستان.

وبحسب تقرير أصدره معهد باكستان لدراسات الصراع والأمن (PICSS)، فإن شهر يناير/كانون الثاني 2025 شهد ارتفاعًا بنسبة 42% في الهجمات الإرهابية مقارنة بالشهر السابق. حيث سُجل ما لا يقل عن 74 هجومًا مسلحًا في مختلف أنحاء البلاد، أسفر عن مقتل 91 شخصًا، بينهم 35 من عناصر الأمن، و20 مدنيًا، و36 من المسلحين، إلى جانب إصابة 117 آخرين.

وتُعد خيبر بختونخوا أكثر الأقاليم تضررًا، تليها بلوشستان. ففي المناطق المأهولة بالسكان في خيبر بختونخوا وحدها، وقعت 27 هجومًا، أودت بحياة 19 شخصًا، من بينهم 11 من رجال الأمن. أما المناطق القبلية (التي كانت تُعرف بالمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية سابقًا)، فقد شهدت 19 هجومًا، أسفرت عن مقتل 46 شخصًا، من بينهم 25 مسلحًا و13 رجل أمن.

تحديات أمام قوات الأمن

رغم النجاحات العملياتية المتكررة التي تحققها القوات الباكستانية، إلا أن التحديات تظل كبيرة، خاصة في المناطق القبلية ذات التضاريس الوعرة والامتدادات الحدودية المعقدة مع أفغانستان. وتواجه الأجهزة الأمنية صعوبة في التصدي لهجمات الكر والفر، فضلًا عن ضعف التعاون الأمني عبر الحدود، وتنامي قدرات بعض الجماعات المسلحة في مجالات التمويل والتجنيد والتسليح.

لكن في المقابل، يظهر الجيش الباكستاني تصميمًا واضحًا على مواصلة العمليات الاستباقية. ويبدو أن الاستراتيجية الحالية تعتمد بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، والتنقل السريع للقوات، واستهداف القادة الميدانيين للجماعات المسلحة، في محاولة لشلّ قدرتهم على التنظيم والمبادرة.

مستقبل الحرب على الإرهاب في باكستان

بينما تسعى إسلام آباد إلى حشد الدعم الدولي والإقليمي في معركتها المستمرة ضد الإرهاب، تبقى الحاجة ملحة إلى تعزيز الإجراءات على المستويين الأمني والسياسي، بما في ذلك تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المضطربة، وتجفيف منابع التطرف الفكري.

وفي ظل تكرار الهجمات واستمرار التوتر الحدودي مع أفغانستان، يبقى الوضع الأمني في باكستان على المحك، ويعتمد بدرجة كبيرة على قدرة الحكومة على الموازنة بين المواجهة الصلبة للعناصر المسلحة، والإصلاحات الناعمة التي تقلل من جاذبية الفكر المتطرف في المجتمع.

شارك