الهجوم في كشمير.. التداعيات المرتقبة على العلاقات الهندية - الباكستانية
الأربعاء 23/أبريل/2025 - 12:26 ص
طباعة

وقع هجوم مسلح في ولاية جامو وكشمير المحتلة من قبل الهند، أسفر عن مقتل 24 شخصًا على الأقل وإصابة العديد من الآخرين. الهجوم وقع في منتجع باهالجام، الذي يعتبر واحدًا من الوجهات السياحية الشهيرة في المنطقة، وكان يستهدف مجموعة من السياح، وقد وصف هذا الهجوم من قبل السلطات الهندية بأنه "أسوأ هجوم على المدنيين منذ سنوات"، مما يضيف المزيد من التوتر إلى الوضع الأمني في المنطقة.
الهجوم على السياح في باهالجام أثار ردود فعل قوية من الحكومة الهندية والشخصيات السياسية، حيث أدان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الهجوم واعتبره "عملًا شنيعًا"، متعهدًا بالقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة. من جهة أخرى، أكدت السلطات الأمنية في كشمير أن السياح كانوا من بين الضحايا، ومن بينهم أفراد أجانب، لكن لم يتم تأكيد تفاصيل دقيقة حول هويتهم.
خلفية النزاع بين الهند وباكستان
تعود جذور النزاع بين الهند وباكستان إلى تقسيم الهند البريطانية في عام 1947 إلى دولتين مستقلتين: الهند وباكستان. كانت ولاية جامو وكشمير هي النقطة الأكثر خلافًا بين البلدين، حيث اختار حاكم الولاية في ذلك الوقت الانضمام إلى الهند رغم أن غالبية سكانها من المسلمين، مما أدى إلى حرب قصيرة بين الهند وباكستان في عام 1947. منذ ذلك الحين، أصبحت المنطقة مصدرًا مستمرًا للصراعات بين البلدين.
بعد عدة صراعات مسلحة، منها حرب 1965 وحرب 1971، توقفت الحروب الكبرى بين الهند وباكستان، ولكن القتال في منطقة كشمير استمر بشكل غير متقطع. ففي عام 1989، بدأت جماعات مسلحة كشميرية تتبنى أيديولوجية انفصالية تطالب إما بالانفصال عن الهند أو الانضمام إلى باكستان، مما أسفر عن استمرار الصراع المسلح في المنطقة.
تعد كشمير اليوم واحدة من أكثر المناطق توترًا في العالم، حيث ينتشر الجيش الهندي في المنطقة بشكل كثيف، وتستمر الهجمات المتبادلة بين القوات الهندية والجماعات المسلحة في كشمير، كما أن إحدى الحوادث المهمة التي زادت من تعقيد العلاقات بين الهند وباكستان هي حادثة تشيتيسينغبورا في 20 مارس 2000. في تلك الحادثة، قُتل 35 شخصًا من الأقلية السيخية في قرية تشيتيسينغبورا في ولاية جامو وكشمير. الهجوم وقع في وقت حساس، حيث كانت الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي بيل كلينتون للهند على الأبواب. وقد اتهمت الهند جماعة "لشكر طيبة" المدعومة من باكستان بالمسؤولية عن الهجوم، وهو ما زاد من التوتر بين البلدين.
ومع ذلك، تزايدت الشكوك في بعض الأوساط بشأن إمكانية تورط جهات هندية في الهجوم، حيث كان هناك تكهنات بأن المهاجمين ربما ارتدوا زي الجيش الهندي أثناء تنفيذ الهجوم. هذا الهجوم عُدَّ من أحد أبرز الحوادث التي اعتمدت عليها الهند في اتهام باكستان بتوفير الدعم لجماعات إرهابية في كشمير.
الهجوم الأخير وتأثيره على العلاقات بين الهند وباكستان
الهجوم الأخير في باهالجام في أبريل 2025 يأتي في سياق مستمر من الاتهامات المتبادلة بين الهند وباكستان حول دعم الإرهاب. في الوقت الذي كانت فيه السلطات الهندية تعتبر هذا الهجوم جزءًا من "المؤامرة الإرهابية المدعومة من باكستان"، تمسكت باكستان بتأكيد ضرورة إجراء تحقيق مستقل، مشددة على عدم تقديم أي دليل ملموس من قبل الهند يربط الهجوم بها. هذا الهجوم جاء في وقت حساس جدًا للعلاقات بين الهند وباكستان، حيث كانت العلاقات قد شهدت تحسنًا نسبيًا بعد سنوات من التوترات.
على مدار السنوات الأخيرة، قامت الهند بتطبيق سياسة مشددة في كشمير بعد إلغاء الحكم الذاتي للولاية في عام 2019. هذا القرار الهندي كان نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، حيث قوبل بغضب شديد من باكستان ودول إسلامية أخرى. ومن خلال تقسيم ولاية كشمير إلى إقليمين خاضعين لإدارة اتحادية، سعت الهند إلى تقوية قبضتها على المنطقة. وقد اعتبرت باكستان هذا القرار بمثابة خطوة لتكريس الهيمنة الهندية على كشمير ومنع أي محاولة لتقرير المصير.
استمرار الصراع والدعاية الإعلامية
الهيئات الإعلامية في الهند كثيرًا ما تروج إلى أن باكستان هي المتورطة في دعم الإرهاب في كشمير، وهو ما ترفضه باكستان بشدة، حيث تؤكد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفًا موحدًا ضد "السياسات القمعية" للهند في كشمير. في حين أن باكستان تتهم الهند بتكثيف الحملات الدعائية الموجهة ضدها، حيث يتم تصويرها دائمًا كداعم للإرهاب دون أدلة ملموسة، مما يساهم في تصعيد الوضع بين البلدين.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك كان الهجوم على السيخ في تشيتيسينغبورا عام 2000، حيث كانت الهند قد ألقت اللوم على باكستان في البداية، إلا أن التحقيقات التي تمت لاحقًا أظهرت دلائل تشير إلى تورط أجهزة الأمن الهندية في الحادث، وهو ما يعزز الاعتقاد لدى بعض الأوساط بأن الهند قد تستخدم "الدعاية الملفقة" في قضايا الأمن القومي.
ردود الفعل الدولية
الهجوم في باهالجام لم يقتصر تأثيره على الهند وباكستان فقط، بل جذب أيضًا ردود فعل دولية. الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة قد عبرت عن تعازيها ودعمت جهود الهند في محاربة الإرهاب، في حين أعربت إسرائيل عن موقف مشابه بالوقوف مع الهند في وجه الهجمات الإرهابية.
من جهة أخرى، كان لموقف باكستان صدى في الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية التي طالبت بفتح تحقيق حيادي في الهجوم، معتبرة أنه جزء من تصعيد الهند للأوضاع في كشمير.
يعد الهجوم الذي وقع في باهالجام ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التوترات بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير. هذه الحوادث تشير إلى أن الوضع في المنطقة يظل هشًا وأن الحلول السياسية والدبلوماسية بين البلدين لا تزال بعيدة المنال. يظل المستقبل غامضًا بالنسبة للعلاقات بين الهند وباكستان في ظل استمرار الاتهامات المتبادلة وحالة من الاحتقان الدائم في كشمير.