خطوة انفصالية أم ترتيب أمني؟ المجلس العسكري في السويداء يعلن تشكيل قوة لحماية الحدود
الأحد 27/أبريل/2025 - 05:00 م
طباعة

في تطور سياسي وعسكري لافت، أعلن المجلس العسكري في محافظة السويداء عن تفعيل "لواء حرس الحدود" التابع له، في خطوة تعكس توجها واضحا نحو تعزيز الاستقلالية الأمنية والإدارية للمحافظة ذات الغالبية الدرزية، بعيدا عن سيطرة الحكومة المركزية في دمشق. وينظر إلى هذا القرار على أنه تحول جوهري في العلاقة بين الطائفة الدرزية والنظام السوري، في وقت تشهد فيه البلاد مخاضا سياسيا عسيرا نحو إعادة تشكيل الدولة.
تأسيس المجلس العسكري
تأسس المجلس العسكري للسويداء في 24 شباط/فبراير 2025، ويقوده العقيد طارق الشوفي، الضابط المنشق عن الجيش السوري. يضم المجلس في صفوفه ضباطا متقاعدين ومقاتلين محليين، ويطرح نفسه كقوة منظمة تهدف إلى حماية الجنوب السوري من التهديدات الأمنية، بما في ذلك عصابات التهريب والتنظيمات الإرهابية، كما يؤكد على أنه سيكون جزءا من جيش وطني في إطار دولة سورية ديمقراطية لامركزية.
تفعيل "لواء حرس الحدود"
قرار تفعيل لواء حرس الحدود يأتي في ظل فراغ أمني جزئي بعد تفكك مؤسسات الدولة في مناطق متعددة. ويمثل هذا اللواء، الذي يفترض أنه بديل عن "الفوج الثامن" الحكومي، رسالة واضحة من المجلس العسكري بنيته تسلم المسؤوليات الأمنية في الجنوب، خصوصا في ضبط الحدود ومنع التهريب والتسلل.
موقف القيادات الدينية والسياسية
الشيخ حكمت الهجري، المرجعية الدينية الأبرز لدى دروز سوريا، صرح بأن "الحديث عن تسليم السلاح في السويداء سابق لأوانه"، مشددا على ضرورة الانتظار لحين صياغة دستور يضمن حقوق جميع السوريين، بما فيهم الدروز، داخل دولة مدنية عادلة.
ترتيبات سياسية جديدة
في مارس 2025، توصلت الحكومة الانتقالية في دمشق إلى اتفاق مع القيادات الدرزية يتضمن دمج قوى الأمن المحلية في وزارة الداخلية مع ضمان خصوصية توظيف أبناء السويداء. كما تحتفظ دمشق بصلاحية تعيين المحافظ ورئيس الشرطة، لكن دون اشتراط أن يكونا من أبناء المحافظة.
تصاعد التوترات واتهامات بالانفصال
رغم محاولات الدمج، شهدت العلاقة بين السويداء ودمشق تصعيدا في التوترات مؤخرا، مع رفض بعض القادة المحليين الانضمام للحكومة، وتهديد المجلس العسكري بـ"تحرير دمشق من الإرهابيين". وقد أثارت هذه التصريحات، إضافة إلى تبني علم مشابه لعلم قسد مع رموز درزية مضافة، اتهامات للمجلس بالسعي نحو إقامة كيان مستقل مدعوم خارجيا، لا سيما من إسرائيل.
التعاون مع قسد والدعوات للحكم الذاتي
تشير تقارير إلى تنسيق متزايد بين المجلس العسكري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث يعتبرها المجلس نموذجا ناجحا في الدفاع عن الذات والإدارة المحلية. وتتزايد في أوساط المجتمع الدرزي الدعوات لإنشاء نظام حكم ذاتي في السويداء، يديره أبناء المنطقة.
مواقف متباينة
بينما يدافع المجلس عن قراراته باعتبارها استجابة لحاجة أمنية وسياسية ملحة، ينتقده البعض، حتى من داخل السويداء، ويتهمونه بالانحراف عن المسار الوطني وتغليب الأجندات الانفصالية على وحدة البلاد.
مستقبل غير محسوم
يمثل تفعيل "لواء حرس الحدود" خطوة جديدة في مسار متقلب يعيد رسم ملامح المشهد السوري. فبين تطلعات الحكم الذاتي في السويداء، وضغوط الدولة المركزية، ورهانات القوى الإقليمية، تظل وحدة سوريا على المحك، في انتظار تسوية سياسية شاملة ترضي جميع المكونات وتؤسس لنظام حكم متوازن.