بنكيران يقود العدالة والتنمية مجددًا: تحديات جديدة في الطريق نحو انتخابات 2026
الإثنين 28/أبريل/2025 - 03:58 م
طباعة

في خطوة مفصلية في تاريخ حزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب، أعيد انتخاب عبد الإله بنكيران أمينا عاما للحزب خلال انعقاد المؤتمر الوطني التاسع في مدينة بوزنيقة يومي 26-27 أبريل 2025. وحصل بنكيران على 974 صوتا من أصل 1402، بنسبة 69.4% من الأصوات، ما يعكس دعما كبيرا من أعضاء الحزب لعودته بعد فترة من الغياب.
مسيرة بنكيران وإعادة انتخابه على رأس الحزب
عبد الإله بنكيران، الذي يعتبر أحد أبرز الشخصيات السياسية في المغرب، عرف بتاريخه الحافل بالأحداث والتقلبات السياسية. بدأ حياته السياسية متعاطفا مع الحركات اليسارية قبل أن يتجه نحو الإسلام السياسي، ليصبح أحد المؤسسين لجماعة "التوحيد والإصلاح" ثم حزب "العدالة والتنمية". شغل بنكيران منصب رئيس الحكومة المغربية في الفترة بين 2011 و2017، ويعتبر من الشخصيات التي ساهمت بشكل كبير في إبراز دور الحركات الإسلامية في المشهد السياسي المغربي.
عاد بنكيران إلى الأمانة العامة للحزب في أكتوبر 2021 بعد الهزيمة الانتخابية الثقيلة التي مني بها الحزب في انتخابات 2021، حيث تراجع من المركز الأول بـ125 مقعدا إلى المركز الثامن بـ13 مقعدا فقط. رغم هذه الهزيمة، يحاول بنكيران الآن استعادة مكانة الحزب في المشهد السياسي استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة في 2026.
حزب العدالة والتنمية: النشأة والعلاقة بالإخوان المسلمين
تأسس حزب العدالة والتنمية في المغرب عام 1967 على يد عبد الكريم الخطيب، وكان يعتبر الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. الحزب ينتمي إلى التيار الإسلامي المعتدل، ويسعى إلى المساهمة في بناء مغرب ديمقراطي حديث في إطار ملكية دستورية.
العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وجماعة الإخوان المسلمين في المغرب مثيرة للجدل، حيث يؤكد الحزب دائما على استقلاله عن التنظيم الدولي للإخوان. إلا أن العديد من المراقبين يعتبرون أن الحزب قد نشأ من رحم جماعة "التوحيد والإصلاح"، التي تعد امتدادا لفكر الإخوان المسلمين، وأنه يتبنى نفس الأدبيات السياسية والشرعية.
علاقة حزب العدالة والتنمية بالسلطة المغربية
كانت علاقة حزب العدالة والتنمية بالمؤسسة الملكية المغربية محكومة بالموازنة بين الحفاظ على استقلالية الحزب وضرورة التكيف مع النظام السياسي القائم. ففي السنوات الأولى من نشاط الحزب، اتخذ خطوات توافقية مع النظام الملكي، من بينها عدم المشاركة في احتجاجات حركة 20 فبراير عام 2011، وهو ما أثار جدلا داخليا وخارجيا.
وفي ظل هذه العلاقة المعقدة مع النظام الملكي، يركز الحزب على التكيف مع متطلبات السياسة الداخلية في المغرب مع الحفاظ على هويته الإسلامية، متمسكا بمقولة "لا نجاح إلا مع الملك، ولن ننخرط في منطق التنازع مع الملك". هذه المقاربة تظهر رغبة الحزب في التعامل مع الملكية كركيزة أساسية للاستقرار السياسي في البلاد.
سيناريوهات علاقة العدالة والتنمية مع السلطة
في ضوء التطورات السياسية الأخيرة، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والسلطة في المغرب:
السيناريو الأول: الاستمرار في نهج البراغماتية والتوافق في هذا السيناريو، سيواصل الحزب سياساته التوافقية مع النظام الملكي، بما يسمح له بالحفاظ على وجوده السياسي بشكل تدريجي. هذا النهج قد يعزز قدرة الحزب على العودة إلى الواجهة السياسية، رغم تراجع تأثيره في السنوات الأخيرة.
السيناريو الثاني: التحول نحو المعارضة القوية إذا استمر الحزب في مواجهة التهميش السياسي ولم يتمكن من استعادة قاعدته الشعبية، فقد يتجه إلى تبني موقف معارض أكثر وضوحا. هذا الخيار قد يزيد من شعبيته لدى قطاعات المجتمع التي تطالب بتغيير حقيقي، ولكنه يحمل مخاطر المواجهة مع النظام.
السيناريو الثالث: الانسحاب التدريجي من المشهد السياسي في حال فشل الحزب في استعادة تأثيره وفي حال استمرار الضغوط عليه، قد يختار الحزب الانسحاب تدريجيا من المشهد السياسي الرسمي، والتركيز على الأنشطة الدعوية والاجتماعية. وهذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع دور الحزب في السياسة المغربية، لكن ربما يبقي على تأثيره في المجتمع المدني.
آفاق الانتخابات التشريعية 2026
تعد الانتخابات التشريعية المقبلة في 2026 محطة مصيرية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، حيث ستكون مقياسا لقدرته على استعادة مكانته في الحياة السياسية المغربية. بنكيران، الذي يسعى جاهدا لإعادة بناء الحزب، أكد في خطاباته على ست أولويات رئيسية للحزب، من بينها "الدفاع عن مغربية الصحراء" والاستعداد للاستحقاقات المقبلة.
الرهانات كبيرة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي يأمل في استثمار خبراته السابقة في الحكم، والاستفادة من شعبية بنكيران، في محاولة لاستعادة ثقة الناخبين. لكن المراقبين يتساءلون ما إذا كان الحزب قادرا على تكرار نجاحاته السابقة، أو أن هزيمة 2021 ستكون بداية أفوله في المشهد السياسي المغربي.