طهران تلوّح بلقاء في روما.. هل يتحرّك الأوروبيون قبل سقوط الاتفاق النووي؟
الثلاثاء 29/أبريل/2025 - 12:46 م
طباعة

في خضم التحركات الدبلوماسية المتسارعة بشأن الملف النووي الإيراني، كشفت مصادر دبلوماسية غربية، عن اقتراح إيراني لعقد اجتماع مع الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) في العاصمة الإيطالية روما، يوم الجمعة المقبل، وذلك في إطار محاولة لإحياء المحادثات المتعثرة بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، واستثمار الزخم الجديد بعد محادثات غير مباشرة مع واشنطن في سلطنة عمان.
وبحسب وكالة رويترز قال أربعة دبلوماسيين، إن إيران قدمت هذا العرض عقب جولة محادثات غير رسمية مع الجانب الأميركي يوم السبت في مسقط، وهو ما يُنظر إليه كخطوة تهدف إلى توسيع المشاورات قبل الجولة القادمة من المفاوضات، المقرر مبدئياً أن تُعقد في أوروبا مطلع مايو المقبل.
عرض إيراني.. وأوروبا تلتزم الصمت
بحسب ذات المصادر، فإن طهران لم تتلقَ حتى الآن رداً رسمياً من القوى الأوروبية بشأن حضور الاجتماع المقترح، وهو ما أكده أيضاً المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي عقده الاثنين، إذ أوضح أنه "لا يعلم ما إذا كانت الدول الأوروبية قد ردت على الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي".
ووفقاً لدبلوماسيين من الدول الأوروبية الثلاث، فإن إيران اقترحت أيضاً عقد لقاء تمهيدي في طهران قبل الموعد المقترح في روما، لكن العواصم الأوروبية لم تبدِ حماساً لفكرة الاجتماع على الأراضي الإيرانية، وفضلت تقييم التطورات على الأرض قبل اتخاذ قرار بشأن مكان وموعد اللقاء.
محاولة للحفاظ على التوازن
إيران، من جانبها، تسعى للحفاظ على التوازن في علاقاتها مع مختلف الأطراف المنخرطة في الاتفاق النووي، حيث أجرت الأسبوع الماضي سلسلة من المشاورات مع كل من روسيا والصين، وهما من الدول الموقعة على الاتفاق الأصلي.
كما تحاول استثمار المحادثات مع واشنطن – التي ما تزال غير رسمية – لفتح نافذة موازية مع الأوروبيين، الذين تتزايد خلافاتهم مع طهران منذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق عام 2018.
ويُشار إلى أن طهران رفضت عقد الجولة المقبلة من المحادثات في العاصمة البريطانية لندن، وفقاً لتقارير إعلامية إيرانية، ما يعكس تباينات في وجهات النظر حيال الطرف الأوروبي الأكثر قبولاً أو انفتاحاً على المفاوضات الحالية.
ضغوط «السناب باك» ومخاوف من العقوبات
ورغم أن الاجتماع المقترح لم يُعلن رسمياً بعد، إلا أن دبلوماسيين أكدوا أن جزءاً كبيراً من الهدف الإيراني من اللقاء يتعلق بتقييم الموقف الأوروبي من احتمال تفعيل آلية "سناب باك"، والتي تتيح إعادة فرض عقوبات أممية على طهران في حال انتهاكها لبنود الاتفاق النووي.
ومن المقرر أن تنتهي المهلة الزمنية للاتفاق الحالي في أكتوبر المقبل، ما يُعزز أهمية التحرك الدبلوماسي الإيراني قبيل هذا الموعد.
وفي هذا السياق، علّق إسماعيل بقائي على الغياب الأوروبي عن جولة مسقط بالقول: "استبعادهم كان خياراً اتخذوه بأنفسهم... نأمل أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات بدور بنّاء وإيجابي".
العراقجي: الكرة في ملعب أوروبا
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أبدى، يوم الخميس الماضي، استعداده للتوجه إلى أوروبا بهدف مواصلة الحوار، لكنه أشار إلى أن الخطوة التالية تقع على عاتق العواصم الأوروبية، خاصة في ظل التوتر الذي يشوب العلاقة بين الطرفين منذ شهور.
ويُذكر أن آخر لقاء رسمي على مستوى فني بين طهران والترويكا الأوروبية كان في مارس الماضي، حيث ناقش الطرفان مجموعة من المعايير المحتملة لاتفاق جديد، من شأنه تقليص برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
ثغرات وثقة مفقودة
إيران، التي تنفي سعيها لتطوير سلاح نووي، تشتكي من بطء وتيرة التقدم في المحادثات مع الولايات المتحدة، وتبدي تردداً واضحاً في قبول اتفاق مؤقت، إذ تخشى أن يفي الطرف الإيراني بالتزاماته بينما تتنصل واشنطن من تعهداتها.
وقال مسؤول إيراني بارز إن طهران "ترغب باتفاق نهائي وليس مؤقتاً"، مضيفاً: "نحتاج أن يفهم الأوروبيون أننا مستعدون لاتخاذ خطوات للحد من تخصيب اليورانيوم، لكن ذلك يتطلب وقتاً وضمانات".
الانسحاب الأمريكي وغياب الآلية
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في عام 2018، معللاً ذلك بضعف بنود الاتفاق وقدرته على كبح طموحات طهران النووية.
وبموجب هذا الانسحاب، لم تعد واشنطن قادرة على تفعيل آلية "سناب باك" داخل مجلس الأمن الدولي، ما جعل من الترويكا الأوروبية اللاعب الوحيد القادر على تحريك هذه الآلية من الناحية القانونية.
وفي الوقت الذي امتنعت فيه وزارتا الخارجية البريطانية والألمانية عن التعليق على الاقتراح الإيراني، لم تُصدر الخارجية الفرنسية أي رد رسمي حتى لحظة نشر التقرير، ما يُعزز الضبابية بشأن احتمالية عقد الاجتماع في روما هذا الأسبوع.
المشهد القادم.. غموض
رغم الجهود الإيرانية لتوسيع رقعة الحوار النووي، إلا أن الموقف الأوروبي يبدو متريثاً، في انتظار ما ستؤول إليه الجولة المقبلة من المحادثات الأميركية – الإيرانية.
وبينما تواصل طهران إرسال إشارات انفتاح، تبقى الشكوك عالقة بشأن نوايا جميع الأطراف، خاصة مع اقتراب موعد انتهاء صلاحية الاتفاق النووي دون التوصل إلى بديل واضح.
وبينما يُنظر إلى اجتماع روما – إن تم – كفرصة لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي، فإن احتمالات الفشل تبقى قائمة، خصوصاً إذا ما أصرّت طهران على مطالبها دون تقديم تنازلات توازي مخاوف الغرب من تجاوزات نووية مستقبلية.