وزير الدفاع الأمريكي يتوعد إيران..هل اقتربت ساعة الحساب بين واشنطن وطهران بسبب الحوثيين؟

الخميس 01/مايو/2025 - 01:59 م
طباعة وزير الدفاع الأمريكي أميرة الشريف
 
في تصعيد لافت للهجة الخطاب الأمريكي تجاه إيران، وجه وزير الدفاع الأمريكيبيت هيغسيث تحذيراً شديد اللهجة إلى طهران، محمّلاً إياها المسؤولية عن دعمها العسكري لجماعة الحوثي في اليمن، ومتوعداً إياها بأنها "ستدفع الثمن" في الزمان والمكان الذي تختاره واشنطن.
وقال هيغسيث، في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، رسالة إلى إيران: نرى دعمكم الفتاك للحوثيين. نعرف تماماً ما تفعلونه. وأنتم تدركون جيداً ما يستطيع الجيش الأمريكي فعله، وقد تم تحذيركم. وستدفعون الثمن في الوقت والمكان الذي نختاره".
هذا التحذير الأمريكييأتي في خضم توترات إقليمية متصاعدة، تشهدها الساحة اليمنية ومياه البحر الأحمر، بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على سفن تجارية وعسكرية خلال الأشهر الماضية، والتي تقول الجماعة إنها تأتي في سياق دعمها للقضية الفلسطينية، فيما تعتبرها واشنطن وحلفاؤها تهديداً مباشراً لأمن الملاحة الدولية.
وتتهم الإدارة الأمريكية، منذ سنوات، إيران بتقديم دعم عسكري ولوجستي مباشر لجماعة الحوثي، يشمل تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، والتقنيات العسكرية المتطورة التي استخدمت في استهداف مواقع سعودية وإماراتية وسفن دولية.
 وتؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن هذا الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من تطوير قدراتهم الهجومية، مما جعلهم فاعلاً إقليمياً مهدداً للاستقرار، لا سيما بعد تحولهم إلى استخدام الهجمات البحرية في البحر الأحمر وباب المندب.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد نشرت في تقارير سابقة أدلة قالت إنها تُثبت تورط إيران في تهريب شحنات أسلحة متطورة إلى الحوثيين عبر شبكات تهريب بحرية، رغم العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
من جانبها، تنفي إيران الاتهامات الأمريكية، وتؤكد مراراً أن دعمها للحوثيين "سياسي وإعلامي فقط"، وأن جماعة الحوثي تتخذ قراراتها "بشكل مستقل"، كما قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في تصريحات سابقة.
ويرى مراقبون أن إيران تسعى، من خلال دعمها لحلفائها في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وتوسيع نطاق ما يُعرف بـ"محور المقاومة"، خصوصاً في ظل تراجع نفوذ الولايات المتحدة في بعض المناطق، والانشغال الغربي بالصراع في أوكرانيا.
تصريحات هيغسيث فتحت الباب أمام تساؤلات بشأن طبيعة الرد الأمريكي المحتمل، وإن كانت واشنطن ستلجأ إلى توجيه ضربات مباشرة لإيران، أم أنها ستواصل استهداف مواقع الحوثيين داخل اليمن.
 وكانت القوات الأمريكية قد نفذت بالفعل، خلال الأشهر الماضية، سلسلة ضربات جوية على مواقع حوثية في صنعاء والحديدة وصعدة، وقالت إنها تهدف إلى "تحييد القدرات الهجومية" للجماعة.
لكن التصريحات الجديدة لوزير الدفاع الأمريكي توحي بأن واشنطن قد تذهب أبعد من ذلك، وربما تُفكر في خيارات أشد تأثيراً، تشمل استهداف مصادر الدعم الإيراني خارج الأراضي اليمنية.
ومنذ نهاية عام 2023، تحول البحر الأحمر إلى مسرح لمواجهة غير مباشرة بين الولايات المتحدة والجماعة الحوثية، إذ كثف الحوثيون هجماتهم باستخدام صواريخ كروز ومسيّرات، مستهدفين سفناً يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة.
 ورداً على ذلك، أطلقت واشنطن عملية بحرية متعددة الجنسيات لتأمين الملاحة، بمشاركة دول أوروبية وخليجية، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على تصاعد المواجهة في واحدة من أهم ممرات التجارة العالمية.
كما أن استهداف السفن في البحر الأحمر كان له أثر اقتصادي مباشر على حركة التجارة العالمية، حيث اضطرت بعض الشركات الكبرى إلى تغيير مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح، مما تسبب في تأخير الشحنات وارتفاع التكاليف.
يأتي تحذير هيغسيث وسط بيئة جيوسياسية مشحونة، إذ تواجه الولايات المتحدة تحديات على عدة جبهات، من أوكرانيا إلى تايوان، مروراً بالشرق الأوسط. 
ويرى خبراء أن الإدارة الأمريكيةتُوازن بين الردع الحازم والامتناع عن الانجرار إلى مواجهة مفتوحة مع إيران، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وتُشير تقارير استخباراتية إلى أن إيران، رغم نفيها، تنظر إلى اليمن كجزء من "عمقها الاستراتيجي" جنوب الجزيرة العربية، وتُراهن على الحوثيين كذراع قادر على تهديد الأمن البحري والتأثير في توازنات القوى في المنطقة.
في ضوء التطورات الأخيرة، يتّضح أن الولايات المتحدة تُعيد رسم خطوطها الحمراء في المنطقة، وتُرسل رسائل مباشرة إلى طهران بأن دعمها للحوثيين لن يمر من دون رد. ومع استمرار التوترات في البحر الأحمر، وتحذيرات واشنطن المتكررة، يبدو أن المشهد مقبل على مزيد من التصعيد، في حال لم تُبادر طهران إلى كبح جماح نفوذها العسكري في اليمن.
ومع أن الخيارات الأمريكية ما تزال مفتوحة، إلا أن جميع المؤشرات تُشير إلى أن واشنطن لم تعد تعتبر الحوثيين مجرد "مشكلة يمنية"، بل جزءاً من حسابات أمنها الإقليمي الأوسع، التي ترى في إيران طرفاً رئيسياً في تغذية عدم الاستقرار.

شارك