لبنان يُعدّ الرد على الورقة الأمريكية بشأن «حصر السلاح»/السودان: تجدد الاشتباكات في الفاشر ينهي فرص الهدنة/السيسي يدعو للتنسيق بين الأطراف الليبية لوضع «خريطة طريق»
الثلاثاء 01/يوليو/2025 - 12:10 ص
طباعة

تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 1 يوليو 2025.
الاتحاد: جهود حثيثة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة
وجه الوسيط المصري دعوة لحركة حماس والوفد الإسرائيلي المفاوض لإجراء مشاورات موسعة في القاهرة، لمناقشة سبل تقريب وجهات النظر لإبرام صفقة لتبادل الرهائن والأسرى والدفع نحو إنجاز هدنة إنسانية مؤقتة لمدة شهرين، بحسب ما أكد دبلوماسي مصري لـ«الاتحاد».
وأوضح الدبلوماسي المصري - رفض الإفصاح عن هويته - أن جهودا مضنية يقوم بها الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة بالتوصل لاتفاق بوقف الحرب على غزة، والدفع نحو تفعيل البروتوكول الإنساني مع تقديم ضمانات بأن يتم التفاوض خلال الهدنة الإنسانية على وقف دائم لإطلاق النار.
وأشار المصدر إلى أن التحركات النشطة التي يقوم بها الوسطاء مؤخراً تأتي بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يسعى لوقف الحرب على غزة، والتركيز على حل الأزمات في المنطقة عبر الدبلوماسية، بعيداً عما وصفه «الأدوات الخشنة» التي يمكن أن تؤدي لانزلاق الإقليم برمته إلى صراع شامل.
وتطرق المصدر إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي المقررة إلى واشنطن الأسبوع المقبل والتي ستركز بالأساس على سبل التوصل لاتفاق لوقف الحرب والإفراج عن الرهائن، مؤكداً أن إدارة ترامب تضغط بقوة خلال هذه الفترة للخروج باتفاق شامل بين حماس وإسرائيل.
وفي إطار الاتصالات والجهود المصرية الرامية لخفض التصعيد بالمنطقة، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أمس، ومبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وقالت الخارجية المصرية في بيان، إن عبد العاطي شدد، خلال اتصال هاتفي مع ويتكوف، على ضرورة استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن الرهائن والأسرى.
وأضاف أن «ذلك سيكون توطئة لاستدامة وقف إطلاق النار وتحقيق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرساء السلام الشامل في الشرق الأوسط».
ويأتي الاتصال بعد ساعات من إعلان عبد العاطي، أن «مصر تعمل حالياً على اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتضمن هدنة 60 يوماً».
وخلال الأيام القليلة الماضية، أعرب ترامب مراراً عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بغزة، وأنه «بات وشيكاً جداً».
كما أكد عبد العاطي، في الاتصال مع ويتكوف، ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية في ظل التدهور الحاد للأوضاع الإنسانية بغزة.
وفي السياق، أعلن متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أمس، غياب أي مفاوضات حاليا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مبيناً أن ما يجري هو اتصالات للوصول إلى صيغة لاستئناف المفاوضات.
وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي بالدوحة: «ليس هناك محادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهناك اتصالات للوصول لصيغة للعودة للمفاوضات».
وأضاف: «نرى لغة إيجابية من واشنطن بشأن الوصول لاتفاق في غزة، وهناك نيات جدية منها للدفع باتجاه عودة المفاوضات حول غزة، لكن هناك تعقيدات».
وترفض حركة حماس التفاوض حول سلاحها أو إخراج قادتها من قطاع غزة، وتشترط وقف الحرب بشكل كامل للقبول بأي مقترح يقدمه الوسطاء على أن يكون للحركة دور سياسي في أي عملية مستقبلية، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية.
مستوطنون يحرقون مئات الدونمات ويقتلعون أشجاراً في الضفة
أحرق مستوطنون إسرائيليون، أمس، مئات الدونمات الزراعية في بلدة «سعير» بمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، واستولوا على عشرات الأغنام.
وقال شهود عيان إن مستوطنين أضرموا النار في مئات الدونمات الزراعية في أراضي بلدة «سعير»، وهي مزروعة بالعنب والزيتون واللوزيات.
وأضافوا أن المستوطنين سرقوا عشرات الأغنام من مزرعة في البلدة.
يأتي ذلك بينما اقتلع مستوطنون إسرائيليون نحو 200 شجرة زيتون بعمر 8 سنوات في أراضي قرية «سوسيا» بمنطقة «مسافر يطا» جنوب الضفة.
وأمس الأول، اقتلع مستوطنون نحو 180 شجرة وغرسة زيتون وحمضيات، وقاموا بتكسيرها، في بلدة «عزون» شرق قلقيلية شمال الضفة الغربية.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ المستوطنون 415 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال مايو الماضي، تراوحت بين هجمات مسلحة وتخريب وتجريف أراضٍ واقتلاع أشجار وإغلاقات قسرية.
ووفق تقارير فلسطينية، بلغ عدد المستوطنين في الضفة نهاية 2024 نحو 770 ألفاً، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.
وفي سياق متصل، أعلن محافظ طولكرم عبد الله كميل، أمس، أن السلطات الإسرائيلية قررت هدم 104 أبنية إضافية في مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية المحتلة.
وقال كميل، في بيان: «السلطات الإسرائيلية قررت هدم 104 بنايات جديدة في مخيم طولكرم».
ودعا المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية إلى التدخل العاجل لمنع القوات الإسرائيلية من تنفيذ المخطط.
وشدد على «ضرورة وقف هذا العدوان المتمثل بعمليات الهدم والتدمير والتخريب، التي تسببت في نزوح قسري واسع لأبناء المخيم، وفاقمت من المعاناة اليومية للسكان، إلى جانب ما تفرضه قوات الاحتلال من حصار وإغلاقات ومداهمات واعتقالات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وقوانين حقوق الإنسان والمواثيق والأعراف الدولية».
كميل أردف: «تواصل القوات الإسرائيلية عدوانها على مخيم طولكرم لليوم الـ155 على التوالي، ولليوم الـ142 على مخيم نور شمس».
وأفاد بوجود «تصعيد ممنهج من عمليات التدمير والتخريب، ونزوح السكان قسراً، ما أسفر عن معاناة شديدة في كافة مناحي الحياة».
الخليج: لبنان يُعدّ الرد على الورقة الأمريكية بشأن «حصر السلاح»
أكَّد الرئيس اللبناني جوزيف عون ضرورة انسحاب إسرائيل من التلال الخمس لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود، بالتزامن مع استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، في وقت ينهمك لبنان الرسمي بإعداد الرد على مقترحات الموفد الأمريكي توماس باراك الذي سيزور لبنان قريباً لبحث مصير «حصر السلاح»، في وقت ضبط فيه الأمن اللبناني خلية لتنظيم «داعش» في منطقة برج البراجنة كانت تخطط لتنفيذ هجمات دموية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكَّد عون للقائد الجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب «يونيفيل» الجنرال ديوداتو أباجنارا، أهمية استمرار عمل «يونيفيل» إلى جانب الجيش اللبناني في الجنوب، لتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، مشدداً على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال الخمس، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً.
وتعكف الدوائر الرسمية العليا على إعداد الرد اللبناني على الورقة التي سلمهم إياها الموفد الأمريكي توماس باراك قبل أكثر من أسبوع والمفترض أن يصل إلى بيروت في السابع من يوليوالجاري، ليتسلم ملاحظات لبنان على ورقته التي تطالب بعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث بشأن حصر السلاح، فيما كشفت مصادر مواكبة أن الموقف اللبناني مبني على قاعدة «خطوة مقابل خطوة»، بمعنى بدء إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس، بالتزامن مع إصدار الحكومة اللبنانية بياناً يؤكِّد مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، من دون تحديد مهلة زمنية، ثم البدء بترسيم الحدود البرية وانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة بالتوازي مع فتح حوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية، كما أكدت هذه المصادر أن لبنان أبلغ الولايات المتحدة أن تنازلات إسرائيلية بضغط أمريكي ستقابلها خطوات لبنانية ولا بد أن يحصل لبنان على ضمانات أمريكية ودولية بأن تلتزم إسرائيل بالكامل بوقف الخروقات والانسحاب من النقاط المحتلة وإطلاق سراح الأسرى وإطلاق مسار إعادة الإعمار.
ميدانياً، ألقت محلقة إسرائيلية أمس الإثنين قنبلة صوتية على بلدة عيتا الشعب من دون وقوع إصابات، فيما سُجل تحليق للطيران المسيَّر على علو منخفض فوق الزرارية والجوار شرقي صيدا، كما حلّق الطيران المسير على مستوى منخفض فوق قرى وبلدات حاروف وتول وزبدين وحبوش وكفر جوز والكفور والنبطية وكفر رمان وسبق أن استهدف الطيران المسير ليل السبت محيط بلدة رامية في قصاء بنت جبيل وقد شوهدت سحب الدخان في المنطقة.
وفي مجال أمني آخر أعلن الأمن العام اللبناني أمس عن توقيف خلية إرهابية في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت تخطط لتنفيذ عمليات أمنية تستهدف مناطق حساسة في العاصمة بيروت.
ووفقًا للمعلومات الأمنية الأولية، فإن أفراد الخلية ينتمون إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وقد كانوا في مرحلة متقدمة من الإعداد لهجمات متزامنة، ما يشير إلى خطورة المخطط وسرعة تنفيذه لولا تدخل الأجهزة الأمنية.
وأفادت المصادر بأن العملية الأمنية التي نُفذت بدقة عالية جاءت بعد أسابيع من الرصد والمتابعة بالتعاون مع جهات مختصة، ونجحت في منع كارثة أمنية كانت وشيكة.
وام: ترامب يوقع أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء برنامج العقوبات المفروض على سوريا.
وذكر البيت الأبيض في بيان له أن الأمر التنفيذي يقضي بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا ويوجه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لتقييم تعليق العقوبات كلياً أو جزئياً إذا تم استيفاء معايير محددة، بموجب قانون قيصر، ويسمح بتخفيف ضوابط التصدير على سلع محددة، وإلغاء القيود المفروضة على بعض المساعدات الخارجية لسوريا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) - التي أوردت الخبر - أن الأمر يوجه روبيو أيضا لمراجعة تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب، إضافة إلى استكشاف سبل تخفيف العقوبات في الأمم المتحدة لدعم الاستقرار فيها.
وأوضح البيان أن الرئيس ترامب يلتزم بدعم سوريا مستقرة وموحدة وفي سلام مع نفسها ومع جيرانها.
البيان: سوريا.. الرؤية الأمريكية تسبق الأممية في الترتيبات السياسية
عاد الملف السوري إلى صدارة المشهد الإقليمي والدولي، بعد أن ظلّ في الظل خلال الأسابيع الماضية بفعل التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل، والذي استحوذ على أغلب التحركات والاهتمامات الدولية.
ومع بداية التراجع النسبي في منسوب التوتر في هذا المحور، أُعيد فتح البوابة السورية من جديد، إنما هذه المرة ضمن مقاربة أمريكية أكثر وضوحاً، تتقاطع مع تغييرات داخلية كبيرة شهدتها الساحة السورية بعد سقوط النظام السابق.
استأنف المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، نشاطه بلقاء مهم جمعه بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مؤشر إلى رغبة الأمم المتحدة في تجديد حضورها في الملف السياسي السوري، وإن كان هذا الحضور يأتي في ظل انكماش صلاحياته وتأثيره بالمقارنة مع الدور الأمريكي المتصاعد.
رؤية أمريكية
في السياق ذاته، أدلى المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، بتصريحات صحافية رسم من خلالها ملامح الرؤية الأمريكية الجديدة تجاه سوريا، مركّزاً على فكرة «الاندماج الداخلي» ضمن الدولة السورية الموحدة، تحت سلطة حكومة دمشق، وهو ما اعتبره مراقبون تبلوراً لمشروع سياسي يجري بناؤه تدريجياً منذ إعلان واشنطن رفع العقوبات عن سوريا عقب لقاء القمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والشرع في الرياض.
منذ تولي توماس باراك مهمته، تحول الملف السوري على المستوى الدولي إلى ما يشبه «الملف الأمريكي الصرف»، وهو تحول عميق قياساً بما كانت عليه المعادلات خلال العقد الماضي.
فبينما كان القرار الدولي 2254 هو الإطار المرجعي المعتمد لأي تسوية سياسية، وتولت الأمم المتحدة عبر مبعوثيها الإشراف على هذه العملية، تراجعت الآن صلاحيات المبعوث الأممي لصالح رؤية أمريكية أكثر عملية، تتجاوز المحددات الأممية السابقة نحو ترتيب سياسي يعتمد على الوقائع الميدانية والتحالفات القائمة على الأرض.
باراك عبر في تصريحاته الأخيرة عن هذا التحول بوضوح حين قال إن واشنطن تتعامل مع «دولة واحدة فقط» في سوريا، وهي الحكومة السورية في دمشق.
كما أشار إلى الدور الذي لعبته قوات سوريا الديمقراطية في محاربة تنظيم داعش إلى جانب القوات الأمريكية، واصفاً ذلك بـ«الرائع» من وجهة نظر أمريكية، لكنه شدد في المقابل على أن المرحلة المقبلة تتطلب «الاندماج»، في إشارة إلى ضرورة توحيد الإدارات والمكونات السورية في إطار سلطة واحدة دون أن يحدد الصيغة، مركزية أو لا مركزية، فهي تفاصيل متروكة للتوافقات الداخلية.
تناغم
هذا التصور يأتي متناغماً مع الحراك السياسي الداخلي في سوريا، حيث تعمل حكومة الشرع على بناء هيكلية وطنية موحدة، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية من دون المساس بوحدة الدولة.
ويبرز هنا التوجه نحو استيعاب مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة، مع ضمان الحقوق الثقافية والتعليمية للمكونات الكردية وغيرها، كما يتم العمل على تطوير صيغة إدارية مرنة لمحافظة السويداء، التي شهدت في السنوات الماضية نمطاً خاصاً من الحكم المحلي.
تبدو الرؤية الأمريكية في هذا السياق أقرب إلى نهج «التكامل الوظيفي» أكثر من كونها مجرد عودة إلى مركزية الدولة بصيغتها السابقة.
فبينما تؤكد واشنطن دعمها لحكومة دمشق، فإنها لا تغفل عن أهمية خلق توازنات داخلية تمنع عودة حكم اللون الواحد أو تفجر الصراعات المحلية مجدداً.
لذا، تركز الجهود الجارية على هندسة نموذج حكم مرن داخل دولة موحدة، بما يضمن التعدد السياسي والاجتماعي، ويمنح المناطق التي تمتعت بدرجة من الحكم الذاتي خلال الحرب إطاراً إدارياً ضمن الدستور السوري الجديد المرتقب.
في ضوء هذه المستجدات، يصبح اللقاء بين بيدرسون والشرع، وكذلك تصريحات باراك، جزءاً من مرحلة انتقالية جديدة، عنوانها الأساسي هو «المواءمة الواقعية» بين منطق الدولة ومنطق القوى المحلية التي نشأت خلال سنوات الحرب.
وإذا تم استثمار هذه اللحظة السياسية، فقد تعود الساحة السورية إلى مرحلة الحيوية السياسية، وتغلق الباب أمام إعادة إنتاج التوترات.
الشرق الأوسط: السودان: تجدد الاشتباكات في الفاشر ينهي فرص الهدنة
عصف تجدد القتال، يوم الاثنين، في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بين طرفي القتال في السودان، بمحاولات الأمم المتحدة لإقرار هدنة إنسانية تهدف لإيصال المساعدات للمحاصرين في المدينة.
ووافق رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الجمعة الماضي، من طرف واحد على مبادرة من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لتهدئة لمدة أسبوع في الفاشر. لكن «قوات الدعم السريع»، في تصريحات سابقة لــ«الشرق الأوسط»، أكدت أنها لم تتلق أي اتصالات رسمية من الأمم المتحدة لوقف إطلاق نار مؤقت في الفاشر.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة الفاشر شهدت منذ وقت باكر من يوم الاثنين اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين الجيش و«قوات الدعم السريع».
وأضافت المصادر أن الاشتباكات العنيفة دارت في المناطق الجنوبية من المدينة، التي تضم عدداً من الأحياء السكنية، مع تبادل القصف المدفعي بالأسلحة الثقيلة في محاور عدة بالمدينة. وقالت المصادر إن المواطنين في الفاشر يعيشون حالة من الرعب الشديد، من أصوات القصف المدفعي المكثف الذي شنته «قوات الدعم السريع» في المناطق المفتوحة.
من جهة ثانية، أفادت مصادر عسكرية بأن «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش، تصدت بالمدفعية الثقيلة لمحاولات من «قوات الدعم السريع» للتسلل إلى داخل المدينة من الاتجاه الجنوبي، ودمرت عدداً من المركبات القتالية.
التلاعب بالإغاثة
وقالت السفارة الأميركية لدى السودان إن الجيش، و«قوات الدعم السريع»، والجهات المسلحة الأخرى في السودان، تستخدم حجب المساعدات الإنسانية «تكتيكاً حربياً»، متلاعبة بالعمليات الإنسانية لتحقيق مكاسب عسكرية واستخباراتية.
وأعلنت في تدوينة على منصة «إكس» عن توقعات واضحة بشأن إيصال المساعدات المنقذة للحياة في السودان، داعية السلطات السودانية إلى إزالة جميع العوائق التي تعرقل الوصول.
وجددت الولايات المتحدة التزامها بالعمل مع الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين لضمان إيصال المساعدات إلى المحتاجين بأعلى الطرق فاعلية، معربة عن استعدادها لاتخاذ إجراءات ضد من يعوقون وصول المساعدات الإنسانية.
من جانبه، أكد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في منشور على منصة «فيسبوك»، التزام الحكومة السودانية غير المشروط بالهدنة الإنسانية، داعياً الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى أداء واجباتها في هذا الصدد.
وتقول «قوات الدعم السريع» إن مدينة الفاشر أصبحت خالية بعد أن غادرها آلاف المدنيين إلى مناطق: طويلة، وكرمة، وجبل مرة، وإن الموجودين في الفاشر مقاتلون يتبعون الجيش والقوات المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة معه.
المعقل الأخير
وتعد الفاشر المعقل الأخير للجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة في إقليم دارفور، وتحاول «قوات الدعم السريع» السيطرة عليها لإحكام نفوذها على الإقليم، الذي باتت 4 من أصل 5 ولايات تشكّله تحت إمرتها.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد قال يوم الجمعة الماضي إنه يجري اتصالات مع الأطراف المتحاربة في السودان بهدف الوصول إلى هدنة إنسانية تُمكّن من معالجة الوضع المأساوي في مدينة الفاشر، وإنه تلقى رداً إيجابياً من البرهان.
وتؤوي الفاشر، وفق آخر إحصائية، نحو نصف مليون مواطن، ونزح إليها عشرات الآلاف من الفارين منذ اندلاع القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023، وظلوا يقيمون في معسكرات «أبو شوك»، و«زمزم»، و«السلام».
وتعاني المدينة ومخيمات النازحين حولها من نقص كبير في الإمدادات الغذائية ومياه الشرب والرعاية الصحية، مما أدَّى إلى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلى مناطق في شمال الإقليم.
وأفادت وكالات الإغاثة العاملة في المنطقة بأن أكثر من 70 في المائة من سكان الفاشر بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مشيرةً إلى تسجيل حالات وفاة خلال الأشهر الثلاثة الماضية بسبب الجوع والعطش ونقص الرعاية الصحية.
وكانت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، قالت في جلسة لمجلس الأمن، الجمعة، إنها منحت أطراف النزاع في السودان مهلة 72 ساعة للاستجابة لإيصال المساعدات الإنسانية، ورفع العراقيل البيروقراطية التي تؤخر وصول الإمدادات.
السيسي يدعو للتنسيق بين الأطراف الليبية لوضع «خريطة طريق»
فرضت ملفات عدة من بينها «التدخلات الخارجية» في ليبيا، و«خريطة الطريق» السياسية، والانتخابات العامة المُعطّلة، نفسها على لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بالإضافة إلى مناقشات تتعلق بعملية التنمية في البلدين.
انعقد اللقاء، صباح الاثنين، في مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي الغربي لمصر، بحضور اللواء حسن رشاد رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصري. وبحث الجانبان مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، في زيارة عدّتها الرئاسة المصرية تستهدف «التأكيد على خصوصية العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين».
وقال المتحدث باسم الرئاسة، السفير محمد الشناوي، إن الرئيس السيسي «شدّد على أن استقرار ليبيا يُعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري». وفيما أشار إلى أن مصر «تبذل أقصى جهودها، بالتنسيق مع الأطراف الليبية والقيادة العامة لـ(الجيش الوطني)، لدعم أمن واستقرار ليبيا، والحفاظ على وحدتها وسيادتها، واستعادة مسار التنمية فيها»، أكد دعمها الكامل «للمبادرات كافة التي تستهدف تحقيق تلك الأهداف».
وزيارة حفتر إلى مصر - التي رافقه فيها ابناه الفريق صدام رئيس أركان القوات البرية، والفريق خالد رئيس أركان القوات الأمنية - تأتي في وقتٍ تعاني فيه الأزمة السياسية بليبيا حالة جمود، بينما تسعى البعثة الأممية إلى حلحلتها عبر مخرجات لجنتها الاستشارية.
وأعرب الرئيس المصري عن حرص بلاده على «الحفاظ على وحدة وتماسك مؤسسات الدولة الليبية»، مشدداً «على أهمية تعزيز التنسيق بين الأطراف الليبية كافة لوضع خريطة طريق سياسية شاملة تفتح المجال لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن».
«متغيرات مهمة»
ويرى الكاتب السياسي والإعلامي الليبي يوسف حسيني أن هذه الزيارة تأتي وسط ثلاثة متغيرات مهمة في المنطقة، تتمثّل الأولى في انتهاء حرب إيران وإسرائيل، «ومحاولة استيعاب نتائجها وسط حديث عن إعادة ترتيب المنطقة برمتها».
وعن المتغير الثاني قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يكمن في «اختلال الأمن في غرب ليبيا بصورة لم يسبق لها مثيل»، مضيفاً: «احتمال حدوث تداعيات حرب ميليشيات موسعة وارد، وهو ما يقتضي التواصل مع الدول ذات العلاقة بأطراف النزاع الليبي لوضعها في الصورة، وربما للحديث عن أقرب السيناريوهات».
أما المتغير الثالث فيتمثل، بحسب الكاتب الليبي، في «تفاقم أزمة مياه (شرق المتوسط) الاقتصادية على خلفية بيانات الحكومة الليبية الرافضة للخطوة اليونانية؛ وسط تصعيد تركي - يوناني وتحفظ مصري على ما يجري».
وكانت ليبيا قد أبدت تمسّكها برفض إعلان اليونان التنقيب عن النفط جنوب جزيرة كريت، وجدّدت التشديد على «حقوقها السيادية على مواردها بشرق المتوسط كونها ضمن الحدود الليبية».
الرئاسة المصرية أكدت أيضاً «على ضرورة التصدي للتدخلات الخارجية والعمل على إخراج جميع القوات الأجنبية و(المرتزقة) من الأراضي الليبية»، معربة عن «تقديرها للدور الوطني الذي يضطلع به الجيش الليبي في مكافحة الإرهاب، الذي أسهم في القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق البلاد».
وتحدث أكاديمي ليبي عن أهمية هذا اللقاء «كونه يأتي خلال وقت حساس في ظل صراع بين أطراف دولية»، لافتاً إلى «أهمية أن يكون لمصر دور أكبر في دعم الاستقرار بما يحقق الأمن الوطني الليبي في إطار وحدة المصير المشترك».
وقال الأكاديمي، الذي طلب عدم نشر اسمه: «نحن ندفع ونشجع القيادة المصرية لدعم أكبر للمؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد، والعمل على توحيد الجيش الليبي».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن حفتر أكد على «بالغ تقديره للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الأمن والاستقرار بليبيا»، مشيداً بجهودها «في دعم ومساندة الشعب الليبي منذ اندلاع الأزمة، في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين».
كما ثمَّن حفتر، بحسب المتحدث، «مساهمة مصر الفاعلة في نقل تجربتها التنموية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرات الشركات المصرية الرائدة»، مؤكداً «استمرار العمل على تجاوز التحديات بما يحقق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والازدهار».
وتأتي زيارة حفتر إلى مصر بعد قرابة ستة أشهر من آخر لقاء له بالسيسي، الذي تم التركيز خلاله على كثير من الثوابت التي تشكل الانتقال الآمن للمسار الليبي.
الخيارات الأربعة
تُقدم مخرجات اللجنة الاستشارية التي رعتها البعثة الأممية أربعة خيارات لـ«خريطة الطريق» المحتملة لإنهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات في ليبيا.
وتتضمن الخيارات بحسب البعثة: إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عامين، أو انتخاب مجلس تشريعي من غرفتين خلال عامين، أو اعتماد دستور قبل الانتخابات؛ ويتضمن هذا الخيار «دراسة التحديات المرتبطة بمشروع دستور عام 2017 واستكشاف جدوى صياغة دستور جديد».
أما الخيار الرابع فهو: «تفعيل آلية الحوار المنصوص عليها في المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، واستبدال الأجسام السياسية الحالية بواسطة مجلس تأسيسي يتم اختياره من خلال عملية الحوار».
وكان صدام حفتر، قد زار مصر نهاية الأسبوع الماضي، والتقى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، بمقر وزارة الدفاع. وتم التأكيد في اللقاء على ضرورة «تنسيق الرؤى، وتضافر الجهود المشتركة نحو تأمين الحدود، والحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية، والبحث عن الأطر والآليات التي تحقق السيطرة على الأوضاع الأمنية في الأراضي الليبية كافة».
مشاريع «إعمار ليبيا»... ساحة «لتوسيع النفوذ» بين حكومتي الدبيبة وحمّاد
عاد ملف التنافس على مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا ليتصدّر المشهد من جديد، في ظل تسابق محموم بين حكومتي شرق ليبيا وغربها، للمسارعة في توقيع «عقود ضخمة تُنفّذ» في مناطق سيطرة كلّ منهما. ويأتي هذا التوجه بالتغاضي عن التحذيرات المتصاعدة بشأن مخاطر ذلك على الاقتصاد، ما عدّه البعض «ساحة لصراع داخلي يستهدف توسيع النفوذ».
من وقت لآخر، يُعلن «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، برئاسة بالقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني»، عن توقيع مذكرات تفاهم مع شركات دولية كبرى من مجالات إعادة الإعمار.
في مقابل ذلك، يدعو عبد الحميد الدبيبة، رئيس وزراء حكومة «الوحدة» المؤقتة بطرابلس، إلى تسريع وتيرة تنفيذ برنامج «عمار طرابلس»، الذي يتضمن مشاريع استراتيجية كبناء 30 ألف وحدة سكنية، وتطوير البنية التحتية، وترميم معالم تاريخية.
ورغم ترحيب كثير من المراقبين للمشهد الليبي بالتحوّل من الصراع المسلّح إلى التنافس في قطاع الإعمار، فإن ارتفاع فاتورة تكلفته، وغياب الإجابات حول جدوى بعض المشاريع، أدّيا إلى تعالي التحذيرات بشأن هذا الملف، سواء من حيث تداعياته الاقتصادية أو انعكاسه على المشهد السياسي المتأزّم.
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى «الوحدة»، والثانية مكلّفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد في شرق ليبيا.
وانتقد رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الأعلى للدولة، سعيد ونيس، «انفراد أفرقاء الأزمة بشرق ليبيا وغربها بقرارات التصرف في المال العام، وسط غياب لدور رقابي فعّال». وأشار ونيس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى الجلسة البرلمانية التي نُوقشت فيها تلك ميزانية مستقلة لـ«صندوق الإعمار»، «وما تردّد حول قلّة عدد المشاركين من النواب فيها، بما لا يعكس تمثيلاً سياسياً لعموم البلاد».
كان مجلس النواب خصص مطلع الشهر الحالي ميزانية مستقلة بقيمة 69 مليار دينار لصندوق التنمية وإعادة الإعمار، تُوزّع بالتساوي على ثلاث سنوات، ما أثار حالة من الجدل (الدولار يساوي 5.41 دينار في السوق الرسمية).
ويتحدث ونيس عن «كثرة الإعلان عن السعي لتنفيذ مشاريع عديدة بالمنطقة الغربية دون أن يُنفّذ إلا القليل منها حتى الآن»، معتقداً أن ذلك في «إطار صراع سياسي على غنيمة عوائد النفط».
من جانبه، وعلى هامش افتتاحه عدداً من المشاريع التي نفّذها «صندوق الإعمار» في مدينة درنة، دافع رئيس البرلمان، عقيلة صالح، عن قرار تخصيص الميزانية للصندوق، وقال إن هذا «لم يكن قراراً عشوائياً؛ بل يهدف إلى استمرارية المشاريع الجارية والجديدة دون صعوبات أو عوائق مالية».
وفي إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، حذّرت هانا سيروا تيتيه المبعوثة الأممية إلى ليبيا من مغبّة عدم التوصّل إلى «اتفاق على ميزانية موحدة للبلاد حتى الآن»، وقال إن «القرارات المالية أحادية الجانب باتت تهدّد بزعزعة الاستقرار في ظل الوضع المالي المتأزّم».
ويعتقد ونيس أن المصرف المركزي «لن يكون قادراً على سداد فاتورة أيٍّ من مشاريع الإعمار المُعلنة مؤخراً»، داعياً الأخير للاستفادة من الارتفاع الراهن في أسعار النفط لتعزيز احتياطاته من العملة الأجنبية.
بدوره، انتقد عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، الحديث عن «إقرار ميزانية خاصة بالتنمية أو مخصصة لـ«صندوق الإعمار» دون التوصل إلى ميزانية عامة موحدة للدولة، تُوضّح ما هو مرصود لبقية أبواب الإنفاق.
ودعا الأبلق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى مراعاة أن تمويل ميزانيتي العامين الماضيين جاء بعجز، لتجاوز قيمة النفقات المرصودة فيهما إيرادات البلاد، ما دفع صُنّاع القرار إلى فرض ضريبة على بيع العملة الأجنبية لتغطية العجز، وتحميل المواطن البسيط أعباءها.
ووفقاً لبيان المصرف المركزي عن الربع الأول من عام 2025، فقد بلغ مستوى الدين العام 270 مليار دينار، وقد يتجاوز 330 ملياراً بنهاية العام، في ظل غياب ميزانية موحدة، واستمرار الإنفاق المزدوج الموسّع من قبل حكومتَي البلاد.
ورغم إبدائه تفهّماً لدفاع زملائه من النواب عن بعض المشاريع التي أنجزها الصندوق في مدن المنطقة الشرقية، انضم الأبلق إلى المطالبين بـ«إجراء تقييم شامل لكافة عقود ومشاريع الإعمار التي تمّت سابقاً بعموم البلاد، من قبل جهات دولية مستقلة، لإنهاء أيّ جدل حول معايير التعاقد وجودة التنفيذ.
كما حذّر من الاعتماد على طفرات مؤقتة في أسعار النفط، متسائلاً عن كيفية تمويل باقي أبواب الميزانية حال انخفاض معدلات إنتاج النفط أو تراجع أسعاره، أو حتى استقرارها؟
وشجّع البرلماني على «ضرورة التفكير في تمويل المشاريع من خلال الاستثمارات المحلية والأجنبية»، معتبراً أن ما يجري فعلياً هو «تنافس سياسي تُوظّف فيه مشاريع الإعمار لتعزيز شعبية أفرقاء الأزمة في مناطق سيطرتهم، وربما أيضاً للحصول على دعم خارجي من الدول التي تنتمي إليها الشركات المنفذة لعقود هذه المشاريع ذات التكلفة العالية».
العين الإخبارية: تحالف معارض من الخارج.. حيلة إخوان تونس لتجنب الحظر
بينما تسير نحو الحظر والحل، تحاول حركة النهضة الإخوانية إنقاذ نفسها والدخول في تحالف سياسي يجمع المعارضة، ولكن من خارج البلاد؟
وتسعى حركة النهضة الإخوانية للدخول في جبهة معارضة يترأسها المرشح الرئاسي التونسي الأسبق عماد الدايمي، وهو من أجنحة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، حليف الإخوان.
ومن خارج تونس، دعا الدايمي، مؤخرًا، إلى تجميع المعارضة والانطلاق في حوار وطني، والإفراج عن المساجين من الإخوان.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة تتخوف من الحل، لذلك تسعى بكل السبل إلى التخفي وراء أي جبهة من أجل التحرك والنشاط السياسي.
وقال المحلل السياسي التونسي المنجي الصرارفي إن حركة النهضة ممنوعة من النشاط العلني المباشر، ومقارُّها مغلقة بأوامر رسمية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن تحرك من بقي من قيادات الإخوان "يقتصر على الظهور في الفضاء الافتراضي، أو في النشاطات القليلة التي تنظمها جبهة الخلاص الإخوانية".
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة تريد التخفي وراء التحالف الذي أعلن عنه عماد الدايمي.
وأشار إلى أن حركة النهضة، التي غابت كليًّا عن الساحة السياسية، لا تزال تتحرك من خارج البلاد وتبحث عن ظل تتخفى خلفه.
وأوضح أن حل حركة النهضة أمر مفروغ منه، لكنه يتطلب بعض الوقت، لأن الإدارة السياسية تتمهّل في تنفيذ القرار كي تكشف وتفضح جرائم حزب النهضة أمام الشعب التونسي.
وأكد أن الشعب التونسي لفظ هذا الحزب بعد تفطّنه للحجم الهائل من الجرائم، ما زاد في تضييق الخناق على التنظيم، حيث خسر خزانه الانتخابي وقاعدته الجماهيرية.
تحالف لا تأثير له
من جهة أخرى، قال الناشط والمحلل السياسي نبيل غواري إن هذه الجبهة لن يكون لها تأثير في تونس، لأن قائدها عماد الدايمي يعيش في فرنسا، وهو هارب من العدالة، وصُدرت في حقه أحكام بالسجن.
وأكد غواري لـ"العين الإخبارية" أن النهضة انتهت، وأي محاولة للعودة من جديد للنشاط السياسي مصيرها الفشل، نظرًا إلى اللفظ الشعبي للجماعة.
وأشار إلى أن هذه الجبهة بدأت بالتشكّل في الخارج، وتضم الشخصيات والأحزاب المنتمية لتنظيم الإخوان وحلفائهم.
وأوضح أن أي محاولات لعودة الإخوان تحت غطاء جبهة جديدة، ستواجه رفضًا من قبل الشعب والرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أكد مرارًا وتكرارًا أن هناك محاولات لتأجيج الأوضاع وضرب استقرار البلاد.
وأول أمس السبت، قال الرئيس التونسي قيس سعيّد: "إن بعض الدوائر المرتبطة بجهات أجنبية تعمل على تأجيج الأوضاع بكل الوسائل، وتدّعي مع ذلك أنّها وطنية، وأنّها في خدمة الشّعب، ولكنّها مفضوحة ومعلومة، والقانون هو الفيصل بين الجميع. ثم إنّ الشّعب التونسي يعرف الحقائق كلّها، وسيُحبط كلّ الترتيبات التي تُحاك ضدّه".
اغتيال شكري بلعيد.. خيط جديد يرجئ القضية ويورط إخوان تونس
أرجأ القضاء التونسي، الإثنين، صدور الأحكام النهائية في قضية اغتيال السياسي اليساري التونسي شكري بلعيد المتعلقة بجهة التنفيذ (التي نفذت عملية الاغتيال).
جاء تأجيل النطق بالحكم، إثر توقيف الإرهابي حمزة العرفاوي يوم الأحد في انتظار استجوابه استنطاقه .
وقالت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الارهاب بمحكمة الاستئناف بتونس، في بيان صادر عنها، إن حمزة العرفاوي المتهم في اغتيال شكري بلعيد أوقف مؤخرا، مشيرة إلى أنه لم يتم اليوم جلبه لجلسة المحاكمة رفقة بقية الموقوفين في انتظار التحقيق معه واستجوابه. وطلب محامو المتهمين تأجيل المحاكمة شأنهم شأن النيابة العامة لتقرر الدائرة تأجيل الجلسة .
وقد سبق أن تورط المدعي العام السابق بقطب مكافحة الارهاب (محكمة مختصة) البشير العكرمي التابع لحركة النهضة الإخوانية في قضية تدليس بعد أن تولى حفظ التهم في حق الارهابي حمزة العرفاوي، في القضية المتعلقة باغتيال شكري بلعيد.
وتعمد العكرمي إخفاء الحقيقة باستغلال وظيفته وإغفال القبض على العرفاوي في القضية قصد إعانته على الهروب من التتبعات العدلية وتعمد إخفاء أدلة الجريمة قبل أن تقع يد السلطات عليها.
وحمزة العرفاوي من مواليد عام 1988 يتبنى الفكر الجهادي والسلفي وانتمى لتنظيم أنصار الشريعة المحظور سنة 2012.
وقد مثل اليوم الاثنين أمام الهيئة المتهمون المحالون في حالة سراح، فيما تم إحضار المتهمين الموقوفين إلى القاعة المخصصة لمحاكمة المتهمين في قضايا الإرهاب بسجن المرناقية بالضواحي الغربية للعاصمة.
وفي 27 مارس/آذار 2024، أصدر القضاء التونسي أحكاما ابتدائية بحق قتلة شكري بلعيد تتمثل في أحكام بالإعدام في حق أربعة متهمين، والسجن بقية العمر في حق اثنين آخرين، وعدم سماع الدعوى في حق خمسة، والسجن من عامين إلى مائة عام في حق البقية، مشيراً إلى أنّ عدد المتهمين كان 14 بحالة إيقاف، و9 بحالة سراح.
جهة التنفيذ
من جهته، قال المحلل السياسي التونسي حسن التميمي إن «حركة النهضة عرقلت خلال العقد الأخير البحث عن الحقيقة بهدف حماية المذنبين عن طريق أياديها المزروعة في جهاز القضاء».
وأوضح المحلل السياسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن المدعي العام الإخواني البشير العكرمي يحاكم حاليا في قضية إخفاء حقائق وأدلة في قضية اغتيال بلعيد.
وأوضح أن "اعترافات الإرهابي حمزة العرفاوي الذي كان بحالة سراح ستكون مستجدا في القضية والتي من شأنها أن تكشف أكثر خيوط القضية".
محاكمة ضرورية
وأفاد بأن العرفاوي متورط في جهة التنفيذ لعملية اغتيال شكري بلعيد ومحاكمته ضرورية لعدم الإفلات من العقاب.
وأشار إلى أن قضية بلعيد هي قضية متشعبة تنقسم إلى عدة ملفات، وهي: ملف مجموعة التنفيذ، وملف مجموعة الرصد والاستقطاب، وملف الجهاز السري وملف مجموعة التخطيط.
وفي السادس من فبراير/شباط 2013، استفاق التونسيون على نبأ اغتيال بلعيد، المعروف بمعارضته الشديدة لتنظيم النهضة الإخواني، رميا بالرصاص أمام منزله بضواحي العاصمة، كأول واقعة اغتيال تشهده البلاد منذ عام 1956.
وكان بلعيد من أشرس المعارضين لـ«الإخوان»، إذ اتهم التنظيم علانية بحماية الإرهابيين في تونس ودعم الإرهاب بصفة عامة.
ومن أبرز مقولاته، التي ظلّت راسخة، ما ذكره في مداخلة تلفزيونية حين قال قبل يوم واحد من اغتياله: "سيلجؤون إلى العنف كلّما زاد اختناقهم.. كلما زادت عزلتهم السياسيّة، وكلّما تقلّصت شعبيتهم.. إياكم والانجرار إلى مربع العنف.. العنف لا يخدم إلا الرجعية، لا يخدم إلا حركة النهضة".
الإخوان بعد 30 يونيو.. من طمع في الحكم إلى حالة تيه
بحلول الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو التي اقتلعت «الإخوان» من جذوره، لا يبدو أن التنظيم «الإرهابي» يعيش فقط انكسارًا سياسيًا، بل غربة وجودية شاملة.
فالتنظيم الذي روج لنفسه لعقود كـ«مشروع أمة»، تحول إلى عبء تاريخي، يتنكر له الداخل، وتتجنبه العواصم، وتتنازعه الجبهات، بعد أن افتضحت الوظيفة التي من أجلها كان يساند: أداة مأجورة في مشاريع استعمارية، وأداة ابتزاز مفضوحة في لعبة التوازنات الدولية.
أداة لم تقتلعها فقط ثورة 30 يونيو، بل كشفت هشاشة المشروع بأكمله، ونزعت ورقة التوت عن خطاب التنظيم الأخلاقي، مما أدى إلى تفكك بنيته التنظيمية إلى 3 جبهات، تقاتل اليوم على التسمية والشرعية بين إسطنبول ولندن والقاهرة، فضلًا عن جبهة رابعة تُعرف بتنظيم الإخوان في الداخل.
وما بين منفى وملاحقة وخطاب بائس، تتآكل الجماعة ذاتيًا، في مشهد يبدو أقرب إلى نهايات باردة لحركات انتهت صلاحيتها التاريخية، بعدما فشلت في الاختبار الأهم: الانتماء للوطن، بحسب خبراء استطلعت «العين الإخبارية» آراءهم، أكدوا أن التنظيم يعيش في تيه وشتات وحالة أقرب إلى موت سريري مع استمرار الانقسامات الداخلية الحادة والملاحقات الدولية.
فأين الإخوان بعد 12 عاما؟
يقول النائب طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إنه «بعد مرور 12 عامًا على ثورة 30 يونيو، أصبح الإخوان في موضعهم الطبيعي، منبوذين من قبل المجتمع المصري، ومن المحيط الإقليمي، ودول العالم بعد أن أيقن الجميع أن الإخوان المصدر الرئيسي لكل جماعات الإرهاب في العالم».
الأمر نفسه، أشار إليه مجاهد الصميدعي، الخبير الأمني الدولي، والباحث في "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، والذي قال إن تنظيم الإخوان قد تآكل سياسيًا، وتفكك تنظيميًا، وتحوّل من فاعل سياسي إلى مجموعة مشتتة بين منفى وملاحقة وفقدان للثقة الشعبية.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه «لم يعد للإخوان موطئ قدم داخل الدولة، ولا خطاب مقنع في الخارج»، مؤكدا أنه «حتى الدوائر الغربية التي لطالما كانت تجد فيهم (الإسلام المعتدل)، باتت تنظر إليهم اليوم بريبة، خصوصًا بعد سقوط الأقنعة في سوريا وليبيا وتونس».
وتطرق خبير الأمن الدولي، إلى جهود الدولة المصرية في اقتلاع خطر التنظيم الإخوان، "ما بعد 30 يونيو لم يكن مجرّد إزاحة حكم، بل كان معركة استعادة الدولة المصرية التي خاضت حربًا ثلاثية الأبعاد: الأول: حرب أمنية ضد الإرهاب في سيناء وفي المدن، وثانيا: حرب سياسية لترميم شرعية الدولة داخليًا وخارجيًا، وثالثا: حرب فكرية لتفكيك خطاب التطرف وتجفيف منابعه.
ويؤكد الصميدعي أن ثورة 30 يونيو لم تكن فقط نهاية لحكم جماعة، بل كانت بداية لمرحلة إعادة تعريف الدولة المصرية الحديثة، كدولة مؤسسات، لا دولة جماعات، وما تحقق خلال الـ12 عامًا ليس نهاية الطريق، بل هو تأكيد أن مصر قادرة دائمًا أن تستعيد نفسها، كلما اقترب منها الخطر.
بدوره، قال الدكتور هشام النجار الكاتب الصحفي والخبير في شئون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن الإخوان باتت بعد مرور 12 عاما على ثورة 30 يونيو، حالة منبوذة على كل المستويات، وأنها فصيل غير وطني يستخدم أداة في تنفيذ مشاريع توسعية استعمارية.
هل لا زال له أثر في الشارع؟
بدوره، قال مجاهد الصميدعي، الخبير الأمني الدولي، إن الخسارة الكبرى التي لحقت بالتنظيم، ليست فقط في الحكم، بل في فقدان الغطاء الأخلاقي والشعبي.
ويضيف الخولي أن ما قامت به مصر على مدار السنوات الماضية، سواء على المستوى الشعبي عبر ثورة الثلاثين من يونيو وإزاحة حكم الجماعة، أو مرورًا بالفترات المريرة في مكافحة الإرهاب، كان له انعكاس كبير على البعد المتعلق بمكافحة التطرف ومواجهة الإرهاب، ليس في مصر فحسب، وإنما نيابة عن العالم بأسره.
وأشار إلى ما وصفه بـ«الدور الهام» في تجديد الخطاب الديني، وما يتم إنجازه في هذا الملف في مواجهة التطرف والأفكار المغلوطة، مؤكدا أن الأمر ليس فقط من خلال المواجهات السياسية والأمنية لحماية الأمن القومي للدولة، وإنما أيضًا من خلال المواجهة الفكرية للتصدي لكل الأفكار المنحرفة واستخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية.
ويتابع: ستظل ثورة الثلاثين من يونيو محفورة في ذاكرة التاريخ، كواحدة من أعظم الثورات التي أزاحت بنظام يُمثّل الفاشية ويُعد أبشع نموذج في استخدام الإرهاب الفكري ومحاولة اختطاف الهوية المصرية.
مشروع «استعماري»؟
وواجهت الدولة المصرية عقب 30 يونيو التي أطاحت بتنظيم الإخوان، عددا من التحديات الخطيرة شملت أعمال عنف وإرهاب، لكن وعلى مدار 12 عاما، نجحت تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات التكفيرية والإرهابية تماما عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
يقول الدكتور هشام النجار الكاتب الصحفي والخبير في شئون حركات الإسلام السياسي، إن «الجماعة أثبتت بنفسها للجميع بشكل عملي ما كانت تنفيه عن نفسها في السابق، بادعاء إنها مجرد اتهامات مغرضة من كارهين لها، بعد أن تبين طوال السنوات الأخيرة الماضية أنها فصيل وظيفي يعمل لحساب جهات ومشاريع خارجية سواء دولية أو إقليمية غير عربية».
كما أن التنظيم، والحديث للنجار، مجرد أداة وظيفية يتم استخدامها في مشاريع تلك القوى والأجهزة التفكيكية والاستعمارية والتدميرية بكل تفاصيلها المعلن منها والمخفي، وما خفي منها كان أعظم، لا لشيئ إلا للحفاظ على مصالحها الضيقة، وتسجيل حضورها في مشهد الأحداث بأي شكل كان.
وزاد الكاتب الصحفي بالأهرام، أن الواقع العملي أثبت أن الجماعة فاشلة في السلطة والحكم بعد أن تم اختبارها عمليا، ومع مرور السنوات تبين أنها لا تملك غير إطلاق شعارات فارغة، بعد أن تسببت للعرب والمسلمين بعد السابع من مارس في اكبر نكبة ونكسة في العصر الحديث.
هل انتهى مشروع الإخوان؟
ورغم الضربات المتتالية للإخوان، حذر النجار من أن "مشروع التنظيم لم ينته بعد ما دامت المشاريع الاستعمارية قائمة، والإخوان تقدم نفسها دوما كأداة تحت الطلب لمن يحتاجها سواء للضغط والابتزاز أو للاختراق وصناعة الفوضى أو غيرها من أدوار وظيفية تقوم بها".
ويقول النجار: "كان للدولة المصرية لديها رؤية مستقبلية وسباقة في مكافحة خطر هذا التنظيم، قبل أن يستشري ويستفحل، وقبل أن تكتمل المؤامرة المشاركة فيها كأداة مقابل أجر لعين"
وأكد الخبير السياسي المصري أن "ثورة يونيو كانت وستظل محطة فارقة في تاريخ مصر الحديث كونها أنقذت البلاد، وحمت الأمن القومي المصري والعربي، وحافظت على ما تبقى من قوة ردع ضد المخططات الاستعمارية".