الشرطة الألمانية تحبط مخططا لشن هجوم إرهابي إسلامي
الأربعاء 09/يوليو/2025 - 03:58 م
طباعة

أعلنت الشرطة الألمانية، اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025، اعتقال بوسني وإجراء عدة عمليات بحث في غرب ألمانيا في إطار تحقيق بشأن تمويل محتمل لمخطط هجوم "إرهابي إسلامي".
وقالت الشرطة المحلية والمدعون العامون في بيان إن المشتبه به (27 عامًا) اعتُقل خلال عملية نفذتها وحدة العمليات الخاصة بالشرطة الألمانية في وقت مبكر من صباح اليوم في منطقتي إيسن ودورتموند.
ووفقًا لصحيفة بيلد، فقد تلقى المشتبه به تدريبًا عسكريًا، مما زاد من خطورة التهديد المحتمل. وأُجريت مداهمات أخرى في منازل أشخاص يُعتقد أنهم شهود حاليون في القضية، بينما أشار التحقيق الأولي إلى أن الأموال التي جُمعت كانت موجهة لتمويل عمل إرهابي.
خلايا نائمة وشبكات عابرة للقارات
ما كشفته السلطات الألمانية يعيد إلى الواجهة مجددًا قضية "الخلايا النائمة" المرتبطة بما يسمى بالإرهاب الإسلامي، والتي غالبًا ما تتخذ من أوروبا، وتحديدًا من دولها الغربية ذات المجتمعات المهاجرة الكبيرة، ساحة خلفية للإعداد أو التمويل أو التنفيذ.
وفي حين لم يتم الإعلان عن تفاصيل المخطط ولا عن أهدافه المحتملة، فإن وجود مشتبه به تلقى تدريبًا عسكريًا، وتمويل مخصص لهجوم إرهابي، يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الأجهزة الأمنية الأوروبية على تتبع مسارات التطرف قبل تحوّلها إلى فعل دموي.
البوسنة.. نقطة عبور أم حاضنة جديدة؟
كون المشتبه به يحمل الجنسية البوسنية يعيد طرح إشكالية البلقان كممر ومساحة توتر مفتوحة في خارطة الإرهاب العالمي. فخلال العقد الأخير، أظهرت تقارير استخباراتية أن بعض الشبكات المتطرفة استغلت ضعف الرقابة في بعض دول البلقان لإقامة معسكرات تدريب أو تسهيل حركة الأموال والمقاتلين، خاصة بعد انهيار "الخلافة" المزعومة لداعش في سوريا والعراق.
الاقتصاد الإجرامي في خدمة العنف
اللافت في البيان الصادر عن الشرطة الألمانية أن التحقيق بدأ كقضية احتيال منظم، قبل أن يكشف ارتباطًا محتملًا بتمويل الإرهاب. هذا التقاطع بين الاقتصاد غير المشروع والعنف السياسي ليس جديدًا، لكنه يتفاقم مع استخدام جماعات متطرفة لواجهات قانونية أو أعمال تجارية لتبييض الأموال أو تمويل عملياتها.
ويشير ذلك إلى ضرورة توسيع نطاق الحرب على الإرهاب لتشمل مراقبة دقيقة للمعاملات المالية ومصادر الدخل المشبوهة، بما يتجاوز المواجهة الأمنية المباشرة.
ألمانيا في مواجهة التهديد المستمر
منذ موجة الهجمات التي ضربت أوروبا في العقد الماضي، كثّفت ألمانيا من جهودها الاستخباراتية والأمنية لمواجهة التهديدات المتطرفة، لا سيما في ظل وجود أكثر من 5 ملايين مسلم في البلاد، وتزايد مخاوف بعض الساسة اليمينيين من وجود "تربة خصبة للتطرف".
لكن الواقع يشير إلى أن خطر التطرف لا يرتبط بالدين أو الانتماء القومي بقدر ما يتصل بمدى اختراق الجماعات المتطرفة للفضاء الرقمي، واستغلالها لحالة التهميش أو الغضب من السياسات الخارجية لبعض الدول الأوروبية.
ما بعد الإحباط الأمني: ماذا يجب أن يُفعل؟
إحباط مخطط إرهابي لا ينبغي أن يُختزل في "نجاح أمني"، بل يجب أن يُستتبع بسياسات أكثر عمقًا:
تعزيز برامج الوقاية من التطرف داخل الجاليات المسلمة، بعيدًا عن شيطنتها.
التعاون الأوروبي الموسّع مع دول البلقان وشمال إفريقيا لرصد شبكات التمويل والتدريب.
مراجعة منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت ملعبًا مفتوحًا لتجنيد المتطرفين وتوجيههم.
خلاصة
الحادثة الجديدة في ألمانيا تذكير صارخ بأن الإرهاب لا يزال خطرًا داهمًا، يتجدد بأشكال وطرق مختلفة، ويعتمد على شبكات متشابكة تتجاوز الحدود والقوانين. والمطلوب اليوم ليس فقط مزيدًا من الأمن، بل مزيدًا من الفهم والتحليل العميق لأسباب التطرف، وآليات تمويله، وشبكاته التي لا تزال تنجح في تجنيد وتدريب أفراد داخل أوروبا وخارجها.