أذرع تنظيم الإخوان في السودان تحت مجهر العقوبات الأمريكية

الأحد 14/سبتمبر/2025 - 01:51 م
طباعة أذرع تنظيم الإخوان فاطمة عبدالغني
 
في خطوة لافتة ضمن الجهود الدولية الرامية إلى كبح جماح الحرب الأهلية المستمرة في السودان، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على فاعلين في تنظيم الإخوان في السودان، هما جبريل إبراهيم محمد فضيل، وزير المالية السوداني ورئيس حركة العدل والمساواة، وميليشيا كتيبة البراء بن مالك  (الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان)، وذلك لتورطهما المباشر في تغذية الصراع الدموي الذي يعصف بالسودان منذ أبريل 2023، وارتباطهما الوثيق بالنظام الإيراني، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني. 
وتهدف هذه العقوبات إلى تقويض نفوذ الإخوان المسلمون داخل السودان، وكبح أنشطة طهران التي لعبت دورًا أساسيًا في زعزعة الاستقرار الإقليمي، وسط التزام أمريكي معلن بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإنهاء الحرب وضمان ألا تتحول البلاد إلى ملاذٍ آمن لتهديد المصالح الأمريكية.
الإخوان ودورهم في الحرب
لطالما كان الإخوان المسلمين في السودان أحد أبرز العوائق أمام استقرار البلاد، إذ ارتبطوا تاريخيًا بنظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي حكم السودان ثلاثة عقود حتى سقوطه عام 2019، ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف نفوذهم عن تقويض مسار التحول الديمقراطي، وكان لهم دور مباشر في تعطيل الحكومة الانتقالية السابقة وعملية الاتفاق السياسي الإطاري، ومع اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في 2023، استغل الإخوان الوضع لتعزيز نفوذهم العسكري والسياسي، بدعم مباشر من إيران، مما ساهم في تفاقم الصراع الذي أودى بحياة نحو 150 ألف شخص وأجبر أكثر من 14 مليونًا على النزوح، لتصبح الأزمة السودانية من بين الأسوأ عالميًا.
جبريل إبراهيم: سياسي ووزير مالي مرتبط بطهران
يمثل جبريل إبراهيم واحدًا من أبرز الشخصيات الإسلامية السودانية المتهمة بإشعال الحرب الأهلية، فإلى جانب موقعه كوزير للمالية، يترأس حركة العدل والمساواة، وهي جماعة مسلحة ذات جذور وثيقة الصلة بالترابي، وقد لعبت الحركة بقيادته دورًا محوريًا في إدخال آلاف المقاتلين إلى جبهات القتال ضد قوات الدعم السريع، مما تسبب في دمار مدن سودانية ومقتل وتشريد عشرات الآلاف من المدنيين، كما سعى جبريل إلى تعزيز التعاون مع إيران عبر زيارات رفيعة المستوى إلى طهران، كان أبرزها في نوفمبر الماضي، بهدف فتح قنوات سياسية واقتصادية جديدة تخدم أجندة طهران في المنطقة.
كتيبة البراء بن مالك: ميليشيا مدعومة من إيران
أما كتيبة البراء بن مالك فهي امتداد لقوات الدفاع الشعبي السابقة التي ارتبطت مباشرة بنظام البشير، وتعتبر اليوم من أخطر الميليشيات في السودان، بدعم وتدريب وتسليح إيراني مباشر، دفعت الكتيبة بأكثر من 20 ألف مقاتل إلى ساحة المعارك ضد قوات الدعم السريع، وتورطت في انتهاكات واسعة النطاق شملت اعتقالات تعسفية، وتعذيبًا ممنهجًا، وإعدامات ميدانية بحق المدنيين، مما يجعلها عائقًا بارزًا أمام أي مساعٍ لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سلمية.
العقوبات الأمريكية وأبعادها القانونية
جاء تصنيف جبريل إبراهيم وميليشيا كتيبة البراء بن مالك بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، الذي يفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المتورطين في أفعال أو سياسات تهدد السلام والاستقرار في السودان، أو تقوض عملية التحول الديمقراطي، ووفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تعطيل التمويل والأنشطة العسكرية التي تغذي الصراع، والحد من قدرة طهران على استخدام السودان كمنصة لتوسيع نفوذها الإقليمي.
ويرى مراقبون أن العقوبات الأمريكية تحمل رسائل مزدوجة، أولاً، تضييق الخناق على الإخوان المسلمين في السودان الذين عادوا بقوة إلى الساحة بعد سقوط البشير، وثانيًا توجيه ضربة مباشرة إلى النفوذ الإيراني المتنامي في القرن الأفريقي، ويعتقد خبراء أن استهداف شخصيات محورية مثل جبريل إبراهيم وميليشيا كتيبة البراء بن مالك يعكس إدراك واشنطن لخطورة دور الإخوان في تأجيج الحرب الأهلية، ودور إيران في إطالة أمدها، ومع ذلك يشير محللون إلى أن هذه العقوبات وحدها قد لا تكون كافية لوقف الحرب، لكنها تمثل خطوة مهمة في مسار طويل يحتاج إلى دعم إقليمي ودولي أكثر تنسيقًا، مع الضغط على جميع الأطراف المتحاربة لإفساح المجال أمام عملية سياسية شاملة تنهي المأساة الإنسانية في السودان.

شارك