دراسة جديدة لمحمود جابر حول أدعياء نقد التراث فراس السواح نموذجا

الإثنين 15/سبتمبر/2025 - 05:24 ص
طباعة دراسة جديدة لمحمود روبير الفارس
 
يعكف الباحث محمود جابر علي دراسة بحثية جديدة حول أدعياء نقد التراث  وتتمحور الدراسة حول المنهج المستخدم في النقد ويقدم الباحث نماذج من هذه القراءات النقدية 
ومثال علي ذلك كتابات فراس السواح 
يقول جابر في دراسته 
يمثّل التراث أحد أهمّ المكوّنات الثقافية والهويّة الحضارية للأمم. والنقد العلمي للتراث ضرورة لفهم المسارات التاريخية وتصحيح ما تراكم من تأويلات، شرط أن ينطلق من أدوات منهجية دقيقة، وأن يحترم طبيعة النصوص وسياقاتها. غير أنّ ساحة الكتابة العربية شهدت خلال العقود الأخيرة بروز تيار يقدّم نفسه باعتباره “نقدًا جريئًا للتراث”، بينما هو في جوهره إعادة تدوير لأطروحات استشراقية أو قراءات انطباعية لا تتقيّد بضوابط البحث. هؤلاء هم ما يمكن تسميتهم بـ أدعياء نقد التراث.
وحول تعريفه لمفهوم “أدعياء النقد” يقول محمود جابر 
يُقصَد بالمصطلح فئة من الكتّاب يتناولون النصوص الدينية والفكرية القديمة بأسلوب يفتقر إلى:
1. المعرفة العميقة بالعلوم المساعدة (اللغة، علوم النصوص، التاريخ، علم الاجتماع).
2. الموضوعية في قراءة المصادر، إذ يختارون شذرات تؤيد أطروحاتهم ويتجاهلون غيرها.
3. الانضباط المنهجي الذي يفرض التدرّج في الاستدلال والتحقّق من المصادر قبل إصدار الأحكام.
وفي دراسته تعرض لكتابات فراس السواح: السياق والأعمال
فقال 
ولد فراس السواح في حمص سنة 1941، واشتهر بكتب في الأساطير وتاريخ الأديان مثل: مغامرة العقل الأولى، الأسطورة والمعنى، الله والشيطان، والحدث التوراتي والشرق الأدنى القديم. وفي أعماله اللاحقة، خصوصًا حول القرآن، حاول تطبيق أدوات تحليل الأساطير على النصوص الإسلامية، معتبرًا أنّ الوحي مجرّد “نصّ ثقافي” ناتج عن تفاعل بيئة الجزيرة العربية مع تقاليد سابقة.

ورصد محمود إشكاليات منهجه كما يلي 
1. الخلط بين النص المقدّس والأسطورة
في دراساته حول الوحي، يتبنّى السواح مقاربة بنيوية-أسطورية تُسقِط على النص القرآني مفاهيم صُمِّمت لتحليل الموروث الشفهي، متجاهلًا خصوصيته بوصفه نصًا له سند تاريخي ونظام لغوي مضبوط.

2. الاعتماد الانتقائي على الاستشراق
يستخدم السواح أحيانًا مقولات أبحاث غربية قديمة، مثل فرضية “تأثر القرآن بالنصوص اليهودية والمسيحية” دون أن يبيّن التطورات النقدية الحديثة التي راجعت هذه الفرضية أو نقضتها.

3. غياب البنية الإحالية الدقيقة
رغم اتساع مراجع كتبه، يفتقر كثير من استشهاداته إلى توثيق تفصيلي (رقم الصفحة، الطبعة)، مما يصعّب التحقق من سلامة النقل.

4. التعميم على حساب البينة
يعرض آراءه في أصالة الوحي أو في تاريخية النصوص بلغة تقريرية، مع قلة العرض للمخالف أو تحليل ردوده، وهو ما يضع كتاباته في خانة “المقالة الجدلية” لا “البحث المحكّم”.

أثر هذا الخطاب
الانتشار الواسع لكتابات السواح وأمثاله يجعل “النقد الانطباعي” يبدو في أعين القرّاء مساويًا للنقد الأكاديمي الرصين. النتيجة هي شيوع الشك العشوائي في مجمل التراث، بدل تحفيز العقل النقدي على أساس علمي.

نحو نقد علمي للتراث
لتحرير النقاش حول التراث من الادعاء، لا بدّ من:
التكوين المعرفي المتين في علوم النصوص واللغات والتاريخ.
التفرقة بين النص الثابت والتأويل التاريخي؛ فالوحي أو النصوص المؤسسة ليست في المستوى نفسه مع شروح البشر لها.
الالتزام بأدوات البحث: توثيق دقيق، تحليل لغوي، مقارنة شاملة للمصادر، عرض الرأي والرأي الآخر.وفي الختام قال محمود 
ليست المشكلة في طرح الأسئلة الجريئة حول التراث، بل في غياب صرامة الأدوات لدى بعض من يطرحونها. فراس السواح – مع تقدير جهده في التعريف بالأساطير – يقدّم مثالًا على ما يمكن أن يفضي إليه نقد غير منضبط: إسقاط خصوصيات النصوص وتعميم فرضيات غير محقّقة. إنّ مستقبل الوعي العربي يتطلّب انتقالًا من “النقد الادعائي” إلى نقد معرفي منهجي يوازن بين احترام الهوية الثقافية والجرأة في الفحص
محمود جابر صدر له العديد من الكتب أهمها  الوهابية في مصر من محمد علي الى مبارك التسلل ثم الاستيلاء  ورصد فيه  مراحل  وجود الوهابية داخل مصر فبدأ بتعريف الوهابية وبيان حقيقتها وموقفها من التوحيد ومدى تأثرها بالمذاهب المنحرفة من خلال التأثير البيئي على أفرادها، ثم تعرض للتطور الفكري والسياسي من خلال وجود دولة ترعاها بصورة واضحة، ومن مميزات هذا الكتاب انه لم يركز على فترة محددة من تاريخ هذه الحركة، وإنما أخذ في التحدث عنها وعن تطورها بفعل الأسباب الداخلية الذاتية والأسباب الخارجية التي لعبت دوراً واضحاً في انتصارها وتعرض المؤلف بعد ذلك إلى تاريخ وجود هذه الحركة في مصر عبر الأجيال المختلفة، ثم ما حصل بين هذه الحركة وبين رجال مصر من حرب على مستوى الفكر، وهي الحرب التي تدخلت فيها حتى الدول الكبرى وفي الأخير تعرض لفترة حكم أشهر رؤساء مصر على الإطلاق وهم جمال عبد الناصر وأنور السادات، ودور المال السياسي في بروز هذه الحركة إلى الواجهة، ودور هذه الحركة في القضاء على الثاني، وكيف تغلغلت في زمن حكم مبارك الذي سمح بالتواجد الواسع لهم، حتى برزت سيطرتهم في مصر من خلال التسلل عبر المؤسسات والأفراد، وبيّن الكاتب التأثير الواضح لهذه الحركة في مصر، وكذلك الأسلوب المناسب للتصدي لهم.

شارك