امريكا والملالي وتراجع بغداد عن ادراج الحوثيين وحزب الله كتنظيمات إرهابية

الأحد 07/ديسمبر/2025 - 02:34 م
طباعة امريكا والملالي وتراجع روبير الفارس
 
يشهد المشهد السياسي في العراق حالة من الارتباك المتصاعد بعد تراجع الحكومة عن قرار إدراج حزب الله اللبناني الحوثيين  ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية. القرار، الذي كان سيشكل تحولاً غير مسبوق في السياسة العراقية، أعاد تسليط الضوء على معادلة التوازنات الحساسة التي تحكم قرارات بغداد، وكشف في الوقت ذاته ملامح توجهاتها المستقبلية في السياسة الخارجية.
وفق ما نقلته شبكتا "شيفا ارتوز" و"القناة السابعة" الإسرائيليتان، فإن التراجع جاء في ظل ضغوط متشابكة، أبرزها السعي للحفاظ على خط دقيق بين الولايات المتحدة وإيران. هذا التوازن بات أكثر هشاشة مع تصاعد الضغوط الأميركية، خاصة مع الدفع المتجدد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو تشديد الخناق الاقتصادي على طهران، التي يعد العراق منفذها التجاري الأهم وسط العقوبات الواسعة.ويشير التراجع العراقي إلى أن القرارات الأمنية والسياسية المرتبطة بمحور المقاومة لن تكون معزولة عن ميزان القوى الإقليمي والدولي. فالقائمة الإرهابية العراقية، التي كان من شأن تحديثها أن يغير مسار العلاقة مع إيران والمحور المرتبط بها، أصبحت الآن ساحة اختبار لحجم قدرة بغداد على تبني مواقف مستقلة دون أن تدفع ثمناً اقتصادياً أو سياسياً فادحاً.
ويكشف التراجع عن قرار الإدراج عدة مؤشرات رئيسية حول مستقبل القرار العراقي من ذلك 
اولا  استمرار سياسة “التوازن الحرج” بين واشنطن وطهران
العراق سيحاول تجنب اتخاذ خطوات حادة بالاتجاهين:
لا يريد خسارة الدعم الاقتصادي والعسكري الأميركي، ولا يستطيع عملياً تجاوز النفوذ الإيراني المتغلغل في السياسة والأمن والاقتصاد. فالقرار المستقبلي للعراق سيظل محكوماً بحسابات عدم إغضاب الطرفين في آن واحد.
ثانيا الخوف من العقوبات أو الضغوط الأميركية
التقرير الإسرائيلي أشار إلى مخاوف بغداد من الوقوع تحت “منظار ترامب”. هذا يعكس أن أي قرار يتعلق بتنظيمات مرتبطة بإيران سيُدرس بدقة أكبر في المرحلة القادمة، تجنباً لعقوبات قد تستهدف قطاعات اقتصادية حساسة مثل الطاقة والتحويلات المالية.
ثالثا  عدم الرغبة في فتح مواجهة داخلية
إدراج حزب الله أو الحوثيين كان سيخلق انقساماً داخلياً حاداً بين القوى السياسية المدعومة من إيران وتلك القريبة من واشنطن. التراجع يكشف أن بغداد ستسعى لاحقاً إلى قرارات تراعي الاستقرار الداخلي، ولو على حساب اتخاذ خطوات جريئة في السياسة الخارجية.
رابعا  التوقع أن تتحول قائمة الإرهاب العراقية إلى ملف “مجمّد”
من المرجح أن تتجنب الحكومة تحديث القائمة في المستقبل القريب، أو أن يتم ذلك بشكل رمزي أو يطال جماعات غير مرتبطة مباشرة بالمحور الإيراني، تجنباً لأي تداعيات إقليمية.
خامسا  ميل نحو مراعاة الأولويات الاقتصادية
 تحتاج بغداد إلى بقاء قنوات التمويل والتجارة مفتوحة مع إيران، وفي الوقت نفسه تعتمد على الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة والدول الغربية. هذا يجعل القرارات المرتبطة بالإدراج الإرهابي خاضعة لحسابات اقتصادية قبل أن تكون أمنية أو سياسية.اذن 
فالتراجع العراقي عن إدراج حزب الله والحوثيين كشف حدود قدرة بغداد على اتخاذ قرارات حاسمة في الملفات المرتبطة بمحور الصراع الأميركي–الإيراني. القرار المستقبلي للعراق في هذا الملف يبدو متجهاً نحو تجميد المبادرات الحساسة، وتفضيل سياسة الحياد الحذرمع العمل على تخفيف الضغوط الدولية، حفاظاً على توازنه الاقتصادي وسيادته السياسية قدر الإمكان.
بهذا، يتحول الحدث من مجرد تراجع عن خطوة إجرائية إلى مؤشر واضح على طبيعة القرار العراقي في المرحلة المقبلة قرارات محسوبة بدقة، بطيئة في تغيير المعادلات، ومتجهة إلى تجنب الاشتباك مع الطرفين ما أمكن، في ظل واقع إقليمي شديد التعقيد.

شارك