سياسة التمكين بالمؤسسات السيادية.. هل تضع نهاية الدولة اليمنية الموحدة أم نهاية الحوثيين؟

الأربعاء 14/يناير/2015 - 03:05 م
طباعة سياسة التمكين بالمؤسسات
 
فيما يبدو أن فلسفة "التمكين" ليست مقتصرة وحكرا علي جماعة الإخوان المسلمين فقط، ولكن هي فلسفة اللاهثين وراء السلطة على حساب الوطن، وهي فلسلفة جماعة الإسلام السياسي بشكل عام.

سياسة التمكين

سياسة التمكين
رغم أن جماعة الحوثي تعتبر إحدى الجماعات التي وقعت عليها مظلومية في اليمن لوقت طويل، إلا أن هذه الجماعة تأثرت بسلوك وأسلوب جماعات الإخوان في الوصول إلى السلطة وهو أسلوب جماعة الإسلام السياسي بشكل عام سواء السنية أو الشيعية، تأثر الحوثيين بجماعة الإخوان في حب السلطة والوصول إليها، وليس الوصول إليها فقط ولكن عبر السيطرة على السلطة من الداخل وخاصة المؤسسات الأمنية والسيادية.
فلسفة "التمكين" سوف تُعَرِّض الحوثيين لغضب شعبي أكبر من السقوط، ويبدو أن الخطة التي وضعتها جماعة الإخوان في مصر من اختراق الجيش والشرطة والمؤسسات والوزرات المختلفة، ينفذها الحوثيون في اليمن على الرغم من أنها تعادي جماعة الإخوان بالبلاد.
فالحوثيون يعيبون على الإخوان في أسلوبهم الانتهازي وهم يديرون أمورهم السياسية الآن بنفس نهج جماعة الإخوان، فالمكاسب التي حققها ليس بسبب قوتهم فقط ولكن بسبب قوة تحالفهم مع الدول الإقليمية، سواء مع إيران فترة أو مع السعودية في مرحلة أخرى أو مع الاثنين في مرحلة ثالثة، ومع ذلك لا يتوقفون عن اتهام السعودية أو إيران. 
ولهم تحالفات في الداخل فقد تحالفوا مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، ويخرجون فيسبون هذا وذلك في عملية ابتزازية "غير شريفة" مما يُمَكن وصفها بأنها جماعة انتهازية بامتياز.
الحوثيون يسعون إلى السيطرة على المؤسسات السيادية في الدولة عبر تعيين المحسوبين والمقربين منهم في عدد من المناصب بالمخابرات والقوات المسلحة والداخلية، بالإضافة إلى السيطرة على مقاليد الأمور في العاصمة، ووجود العديد من الحوثيين في مؤسسات الدولة السياسية والإدارية والثقافية.

دمج الحوثين بالجيش والشرطة

دمج الحوثين بالجيش
طالب الحوثيون وبشكل صريح من قبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وتطبيقا لبنود اتفاق "السلم والشراكة الوطنية"- بدمج الآلاف من شباب أنصار الله ضمن قوات الجيش والحوثيين.
وطلبوا من الرئيس اليمني دمج 75 ألفاً من عناصرها في القوات المسلحة والأمن، لكن الرئيس هادي رفض هذا العدد، عارضاً عليها إدخال 20 ألفاً فقط في المؤسستين العسكرية والأمنية، غير أن الجماعة رفضت العرض.
المبدأ المدمج مقبول بشكل عام من قبل الدولة اليمنية ولكن يبقى الاتفاق على العدد الذي سيدمج من عناصر الحوثيين ضمن الجيش اليمني والشرطة؛ ولذلك تم تشكيل لجنتين لتحديد الأعداد التي سيتم استيعابها في المؤسستين، وكذلك نسبة المواقع القيادية الميدانية والإدارية فيهما، عقب زيارة قام بها وفد من ضباط الجيش والأمن لمحافظة صعدة معقل الحوثيين ومقابلة زعيمهم عبد الملك الحوثي.
وعقب الاتفاق على تشكيل اللجنتين، أعلن وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي، في 23 نوفمبر الماضي، عن دمج مجموعات من عناصر جماعة "الحوثيين" في الجيش اليمني والأمن، داعيا القوى السياسية في اليمن إلى "تفهم ظروف المرحلة والتنفيذ الدقيق لاتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقه الأمني".
ويضيف وزير الدفاع اليمني أنه: "بالقدر الذي نعمل على استيعاب ودمج مجاميع من شركائنا في العمل الوطني، جماعة أنصار الله، في القوات المسلحة والأمن لخلق التوازن الوطني المطلوب- فإن المؤسسة الأمنية والعسكرية هي المعنية للقيام بالدور العسكري والأمني والرقابي وفقاً لمهامها الدستورية وأطرها القيادية".

رئاسة القوات المسلحة

رئاسة القوات المسلحة
لم يتوقف سعي الحوثيين إلى دمج الآلاف من عناصرها في قوات الجيش والشرطة، بل سعت إلى تعيين مقرب منها على رئيس قيادة أركان الجيش اليمني، ولكن نتيجة لرفض الرئيس هادي هذا الطلب تم الوصل إلى تعيين اللواء زكريا يحيى محمد الشامي، المقرب من جماعة الحوثي نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية، بقرار رقم (62) لعام 2014م من الرئيس اليمني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبد ربه منصور هادي.
وزكريا هو نجل يحيى الشامي، الذي تقلد مناصب عدة خلال نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بينها محافظ محافظة صعدة. وتم أمس الأول، نشر السيرة الذاتية لزكريا الشامي والتي تؤكد صغر سنه وحداثته في السلك العسكري.
وزكريا حاصل على "دورة قادة سرايا، ودورة قادة كتائب"، ولديه ماجستير في العلوم العسكرية من جمهورية السودان، ودورة في اللغة الإنجليزية من ماليزيا.
وهناك العديد من القيادات التي أصدرها الرئيس اليمني، بقرارت غير معلنه، منها تعيين العقيد أحمد عبد الولي الذهب "محسوب على الحوثيين" قائداً للواء الأول مشاة بحري، المتمركز في جزيرة سقطرى، خلفاً للعقيد حسين خيران، والذهب رشحته جماعة الحوثي لهذا المنصب.

الحوثيون في الشرطة

الحوثيون في الشرطة
كما سعى الحوثيون للتواجد في الجيش، سعوا أيضا للتواجد في قوات الأمن "الشرطة" وتعيين مقربين لهم بوزارة الداخلية أو بمديريات أمن المدن وخاصة العاصمة صنعاء، فعين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، العميد الركن عبدالرزاق محمد إسماعيل المروني (محسوب على الحوثي) قائداً لقوات الأمن الخاصة.
وأصدر رئيس الوزراء اليمني، خالد محفوظ بحاح، قرارا بتعيينات تضمنت قيادة محسوبة على الحوثيين العقيد ناصر محسن الشوذبي رئيسا لعمليات قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا).
تعد قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) أكبر قوة تابعة لوزارة الداخلية وهي الجناح الثاني في المؤسسة الأمنية بالبلاد والتي تعتبر السيطرة عليها بمثابة السيطرة على جزء رئيس من قوات العمليات باليمن.
وفي أكتوبر الماضي أصدر وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب القرار برقم 397 قضى بتكليف العقيد عبدالرزاق المؤيد- والذي تم ترقيته إلى رتبة عميد في وقت لاحق- مديراً لشرطة العاصمة صنعاء، وعبد الرزاق، يعد من أفضل المقربين والمحسوبين على جماعة أنصار الحوثيين.
ويعد مدير أمن العاصمة من أهم المناصب بجهاز الأمن اليمنين؛ لما تمثل العاصمة من ثقل سياسي كبير، بين القوى اليمنية خاصة في شمال اليمن.

التواجد بالمخابرات

اللواء عبدالقادر
اللواء عبدالقادر قاسم أحمد الشامي
في 2 يناير الجاري، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قرارًا، اليوم، بتعيين وكيلين لجهاز الأمن السياسي "المخابرات"، اللواء عبدالقادر قاسم أحمد الشامي، وكيلا لجهاز لقطاع الأمن الداخلي.
واللواء عبد القادر قاسم الشامي محسوب على جماعة أنصار الله الحوثيين، وتعيينه يأتي في الصفقة بين عبد الملك الحوثي والرئيس هادي، بتمكين الحوثيين من مؤسسات الدولة.

الصفقة

عبد ربه هادي - عبد
عبد ربه هادي - عبد الملك الحوثي
اليمنيون يرون أن توغل الحوثيين في المؤسسات السيادية لأول مرة منذ سقوط حكم الإمامية في اليمن، يعتبر تحولا في المشهد اليمني بشكل عام، ولدى الحوثيين بشكل خاص، إلا أن هذا التوغل جاء خلافا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، عقب احتجاجات 21 سبتمبر الماضي، بل نتيجة لاتفاق سري بين الرئيس هادي زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.
وأفادت مصادر إعلامية يمنية إلى أن هناك اتفاقا غير معلن بين الرئيس هادي والحوثيين تم بدمينة مسقط عاصمة سلطنة عمان، من أهم بنوده التمديد للرئيس اليمني خمس سنوات في الرئاسة، على أن يقوم الحوثيون باستهداف سلفه صالح المتهم بالتحالف مع الحوثيين، والقضاء على ما تبقى من حزب التجمع اليمني للإصلاح.
ويشمل الاتفاق أن يقوم الحوثيون بالضغط السياسي والرفض لشكل الدولة اليمنية الاتحادية المتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني، والذي أقر تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، حتى تكون مبررا ليتدخل هادي ويبعد الأقاليم من الدستور الجديد المقرر أن تقدم مسودته النهائية في يناير الجاري.
وكان الحوثيون قد حذروا في بيان سابق من "فرض خيار الأقاليم الستة في نصوص الدستور"، واعتبروا ذلك "انقلابا واضحا على البند العاشر من اتفاق السلم والشراكة الوطنية"، وهو ما يخالف توجه غالبية القوى السياسية في البلاد المؤيدة للأقاليم والحكم الفيدرالي وفقا لمخرجات الحوار الوطني.

المشهد الآن

المشهد الآن
عدد من المراقبين وصف جماعة الحوثيين بأنها تسير على نهج جماعة الإخوان في سياسة التمكين التي يتبعونها في عدد من مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسات ذات الطابع الأمني والسياسي، والتمكين يستهدف أهم مؤسسات السيادية، فدمج الآلاف من مسلّحي جماعة الحوثي في الجيش والأمن، للاستجابة للأمر الواقع الذي فرضته الجماعة وتحولها إلى مسيطر مباشر على محافظات في شمال اليمن- بإمكان هذه الخطوة أن تجعل الجيش مقسما على ولاءات عدة، وهي الجنوبيون- جناح هادي- والحوثيون الطرف الصاعد في الشمال، والولاءات التقليدية في الجيش- المحسوبون الرئيس اليمني السابق علي صالح- مع فريق رابع ولكنه باهت الثقل يتمثل بمجموع القادة والضباط الذين كانوا ضمن الجيش الجنوبي الذي خسر معركة 1994، ولاقى تشتيتا ممنهجا من جناحي هادي وصالح بعد الحرب، بالإضافة إلى فريق خامس أقل وهو القبيلة، فهل سياسة التمكين للحوثيين في الجيش والشرطة نهاية لليمن الموحد أم نهاية لجماعة أنصار الله؟

شارك