دويتشة فيله: جيش العراق... الحاضر الغائب في الحرب على داعش
الإثنين 16/فبراير/2015 - 12:50 م
طباعة

في الحرب على داعش في العراق تُسمع قعقة سلاح الجميع فيما يغيب صوت سلاح الجيش الوطني عن المعركة. رسميا يعدُّ هذا الجيش نحو مليون مقاتل تحت السلاح، لكن استعداده للحرب سياسيا ولوجستيا وقتاليا بات اليوم موضع سؤال.
يتساءل أغلب المهتمين بالحرب على داعش عن دور الجيش العراقي في هذه الحرب، ولماذا يبدو حضوره متواضعا ؟ الصحفي الألماني شتيفان بوخن، المتخصص بشئون الشرق الأوسط في لقاء مع DW وفي معرض إجابته عن هذا السؤال، أعرب عن اعتقاده أنّ الجيش العراقي غير مؤهل لمواجهة داعش، مبيّنا "أنّ القسط الأكبر في المواجهة مع داعش يتولاه السلاح الجوي العائد للولايات المتحدة والحلفاء أولا، وقوات البيشمركة وحزب العمال الكردستاني التركي ثانيا – وبرز دور هذا الحزب في منطقة سنجار- والميلشيات الشيعية العراقية التي حققت بعض الإنجازات ثالثا".
" الفضائيون" جزء من المشكلة

جيش العراق الذي خاض كل حروب صدام على مدى 3 عقود ما زال جيش المليون، لكن كثيرين ضمن هذا الرقم يقعون تحت وصف ساخر مرير يتندّر به العراقيون هو "الفضائيون". ويعنون بذلك، عناصر مسجلة رسمياً في الجيش، مرتبطة بعقود عمل مؤقتة في الغالب، وتتقاضى مستحقات مالية تتقاسمها مع قادتها وضباطها بمختلف المستويات كـ (رشاوى)، مقابل أن تغيب عن الميدان والمعسكر بشكل دائم. أو أسماء لأشخاص وهميين يُسجلون بمستمسكات مزورة وتذهب مستحقاتهم المالية إلى قيادات عسكرية بعينها، فهو جيش فضائي وهمي إذن.
رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي كشف بنفسه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 عن وجود 50 ألف جندي فضائي وهمي وأعلن إلغاء درجاتهم. سبقت ذلك فضيحة عن صفقة أسلحة مع روسيا بقيمة 5 مليارات دولار عام 2012.
كل هذا يضع قدرات الجيش العراقي، بل حتى حقيقة وجوده كقوة فاعلة على الأرض، موضع سؤال. وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري د. مهند العزاوي مدير مركز صقر للدراسات الاستراتيجية "هناك هشاشة في بناء هذا الجيش قبل أن تدخل داعش إلى الموصل، هشاشة تدريبية وهشاشة في العقيدة العسكرية"، ومضى العزاوي إلى القول "إن تنوع العقائد التدريبية يخلق مشكلة أخرى. ولا ننسى مشكلة الفساد، وما يسمى الجنود الفضائيين والوهميين، علاوة على التسليح غير المنضبط والأعتدة الفاسدة، وهذه بعض من الأسباب التي أدت إلى سقوط نحو نصف العراق (تحت سلطة داعش)".
هيكل قيادة الجيش العراقي الذي أنشئ في 6 كانون الثاني/ يناير 1921 يحاكي هيكل الجيش البريطاني، وهكذا فإن قيادات الجيش وفيالقه وفرقه تتبع رئاسة أركان الجيش. بعد 2003 وحلّ الجيش، ثم إعادة تشكيله، أُعيد هذا التنظيم وأعيدت رئاسة أركان الجيش، لكنها بقيت معطلة عن العمل، حيث ارتبطت قيادة الجيش بما يسمى بمكتب القائد العام للقوات المسلحة (ويتولى هذا المنصب رئيس الحكومة بنفسه). وإلى ذلك أشار الخبير مهند العزاوي "هذا المكتب أحد أسباب الخلل العسكري، وقد قام رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي بإلغائه بعد أن أدرك خطورة دوره".
جيش غير مُتفق على هويته

في الجانب الآخر من تحليل مشكلة الجيش العراقي، يلحظ المراقب بسهولة، أنه تنظيم يفتقر إلى اتفاق العراقيين على هويته، وعن ذلك يقول شتيفان بوخن "هو جيش لا يحظى بدعم شعبي وسياسي يؤهله لتمثيل كل ألوان الطيف العراقي. وهناك دوائر واسعة من أهل السنة في العراق تعتبر أنّ الحكومة العراقية وجيشها تمثل مصالح الشيعة في العراق حصراً".
ويشيع في العراق مصطلح "الاحتقان والتخندق الطائفي"، ويتحدث المختصون غالبا عن عجز الجيش الحالي عن الخروج عن حدود هذا المصطلح، وهذا يشكل تحدياً سياسياً خطيراً يواجه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي يحاول أن يعيد بناء قوات خفيفة سريعة ليزج بها في "معركة تحرير الموصل"، وهو ما أشار إليه الخبير العسكري مهند العزاوي، إلا أنّه لفت الأنظار إلى ما يراه سبباً مباشراً لضعف الجيش وتشتت قواته مشيراً بالقول" العقل العسكري المخطط في العراق غائب، وأهل مكة أدرى بشعابها. المشكلة هنا أن كلّ الخبرة العسكرية قد جرى استنزافها، وجرى تفكيك القوات المسلحة ومطاردة العقول والإمكانات التي تقود الجيش. وهكذا فقد رست السفينة العسكرية على بعض الأشخاص الذين لم يمتلكوا خبرة الميدان".
قنطرة: الجدل حول مفهوم الإرهاب في ألمانيا وأوروبا وأمريكا والعالم العربي

من المسئول عن تشويه صورة الإسلام: المتطرفون أم أنصاف المسلمين وأعداؤه؟
لماذا يعتمد إرهابيون كالذين قاموا باعتداءات باريس على الإسلام مرجعيةً لهم؟ رغم أن أفعالهم لا تَمُتُّ بأية صلة إلى ما يؤمن به معظم المسلمين. الكاتب والصحفي الألماني دانيال باكس يسلط الضوء على ذلك لموقع قنطرة.
كما هي الحال دائمًا بعد الاعتداءات ذات الدافع الإسلاموي، يؤكد المسلمون على أنَّ هكذا إرهاب "لا يمتُّ إلى الإسلام بأيَّة صلةٍ". ووزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بدوره بات يستخدم الآن هذه الصيغة. الأمر مفهوم، لأنَّه ليس في هذا الإرهاب أيّ شيءٍ مشتركٍ مع الإسلام الذي تمارسه الغالبية العظمى من المسلمين، وخصوصًا في أوروبا. بيد أنَّه في الوقت ذاته تنمو ريبة في أوروبا تجاه الإسلام، لأنَّ الإرهابيين يعتمدونه في الواقع مرجعيةً لهم، كما حدث في فرنسا مثلاً، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟
بعبارة أخرى: أيُّ خاصية في الإسلام الحالي، تجعله عرضةً للاستغلال من قِبَلِ مرتكبي أعمال العنف؟ هناك ديانات أخرى يتم استغلالها أيضًا، كاليهودية في الشرق الأوسط من قِبَلِ المستوطنين المتطرفين، أو كالمسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية من قِبَلِ قتلة مناهضي الإجهاض، أو البوذية في ميانمار التي يتم استغلالها من قِبَلِ الرهبان الذين يُلاحِقون المسلمين. لكنْ فقط للإسلام المتطرّف قوة تجذب الشبَّان القابعين على هامش المجتمع، بحيث يسافر بعضهم ليشارك في الحرب الأهلية في سوريا أو يقوم بالاعتداءات في بلاده الأصلية، مثل ما حدث مؤخرًا في باريس. فلماذا يحصل ذلك؟
نظرًا للتاريخ، يثير هذا التطوُّر الدهشة، فالمجتمعات العربية إسلامية الطابع كانت حتى أواخر العصور الوسطى تسبق مجتمعات أوروبا على صعيد التسامح والثقافة والعلوم بأشواطٍ كبيرةٍ. وكانت لدى المفكرين المسلمين والقادة السياسيين رؤيتان لمواجهة الأزمة التي نجمت عن نهضة أوروبا العسكرية والثقافية، واستعمارها للبلدان ذات الطابع الإسلامي.

إحدى الرؤيتين كانت تتمثل في الأخذ الجذري بالنماذج الأوروبية – القومية، والاشتراكية، والعلمانية باعتبارها الطريق إلى الخلاص. وكانت الأصوات الأخرى خافتة في البداية، فطالبت بالعودة إلى الإسلام لاستعادة النفوذ السابق.
فهمُ الإسلام بشكلٍ متزمِّتٍ
بعدما أخفقت الأنظمة العلمانيَّة في المنطقة في تحقيق الرخاء والمشاركة والعدالة لمواطنيها، نشطت الحركات الإسلامويَّة التي ألبست الخطاب المعادي للإمبريالية مصطلحاتٍ دينيةً وقدَّمت نفسها على أنَّها البديل. وكلما زاد القمع الذي تعرَّضت له عنفًا، زاد جزءٌ منها تطرُّفًا.
يضاف إلى ذلك، أنَّ المملكة العربية السعودية الشديدة المحافظة، قد تمكَّنت من جمع ثروة هائلة ومن الصعود لتكون أهم قوة إقليمية عربية في الشرق الأوسط حاليًا، وذلك من خلال الوفرة النفطية التي تكاد لا تنضب، وباتت المملكة تصدِّر فهمها المتزمِّت للإسلام إلى جميع أرجاء العالم.
إنَّ التأويل السعودي للإسلام متطرِّفٌ للغاية، فهو تأويلٌ يفصل بشكلٍ صارمٍ بين الجنسين، ولا يتسامح مع أصحاب الرأي المختلف، ويطبق عقوبات بدنيَّة عفا عليها الزمن. ومع أنَّ هذا يبدو وكأنه من العصور الوسطى، إلا أنَّه يعود في الواقع إلى مدرسةٍ فكريَّةٍ حديثةٍ نسبيًا، تأسَّست في القرن الثامن عشر على يد الداعية محمدٍ بن عبد الوهاب، ورُفع شأنها في القرن العشرين لتصبح دين الدولة في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يدفع إلى وصف هذه الطريقة في الإسلام بالوهابيَّة أو السلفيَّة.
هذا الإسلام السعودي المتصلِّب نُظر إليه في البداية في المجتمعات الأخرى ذات الطابع الإسلاميِّ باعتباره جسمًا غريبًا. بيد أنَّ هذه السلفيَّة حققت في العقود الأخيرة انتصاراتٍ متواصلةً ورسخت إيمانًا بوجوب النقاب، وفسَّرت القرآن بشكلٍ جامدٍ، ورفضت التديُّن الشعبيَّ التقليديَّ، واتـَّخذت منحىً إرهابيًا، يجد أشكاله الأكثر تطرُّفًا في أيديولوجيا حركة طالبان الأفغانيَّة، وميليشيات "تنظيم الدولة الإسلاميَّة" أو "بوكو حرام" في نيجيريا.
فاشلون في حياتهم في أغلب الأحيان
في الوقت ذاته سرعت التدخلات الغربيَّة في عملية تفتت دول في الشرق الأوسط على طول حدود دينية-عرقية، مثل ما حدث مؤخرًا في العراق وليبيا. والآن تتغلغل جماعات إرهابية سلفية كهذه في هذا الفراغ.
يوجد في ألمانيا آلاف السلفيين حاليًا، وحقًا لا تجنح إلى العنف سوى قلَّة منهم، إلا أنَّ هذه القلـَّة تشكل خطرًا كبيرًا، وبخاصَّةٍ بعد عودتها من الحرب الأهليَّة في سوريا. والملفت للنظر أنَّ هؤلاء ينتمون في كثيرٍ من الأحيان إلى صغار المجرمين السابقين والفاشلين في حياتهم، كما كانت حال المعتدين في باريس. وهم يستخدمون مصطلحاتٍ إسلاميَّةً مثل "الجهاد"، فيُسقِطون معناها الأصلي ويحوِّرون تفسيرها، لكي يبرروا فِعلاتهم وليرفعوا من شأنها.
بغية فهم هذا الإسلام، المصنوع على طريقة "افعل الأمر بنفسك" (do it yourself)، باعتباره التعبير الأصيل عن هذا الدين، أو حتى باعتباره حتمًا التأويل الصحيح للقرآن، لا بدَّ من تجاهل عدَّة قرونٍ من الفقه الإسلامي والممارسة الدينية – وهذا بالضبط ما يفعله الإرهابيون، ولكن أيضًا ما يفعله الكثير من "منتقدي الإسلام" المفرطين في حماستهم، الذين يقتطفون فقراتٍ من القرآن بشكلٍ اعتباطيٍ، بهدف وضع الدين الإسلامي برمَّته تحت الاشتباه العام

معظم الضحايا من المسلمين
لا توجد في الإسلام كنيسةٌ من شأنها أنْ تطرد مثل هؤلاء الإرهابيين، ويخشى المسلمون من إعلان هؤلاء "كفَّارًا"، لأنَّ هذا بالضبط هو أسلوب الإرهابيين، أي حلَّ دم خصومهم. لكنَّ كلَّ المرجعيات الإسلامية المهمَّة، والسعودية منها أيضًا، وجميع الجمعيات الإسلامية في أوروبا، أدانت الإرهاب الذي وقع في باريس بالإجماع، وانتقدت استغلال معتقدها وهذا التشويه لدينها.
ذلك لأنَّ هؤلاء الإرهابيين يشكِّلون تهديدًا لتماسك المجتمعات التي يهاجمونها – وبخاصَّةٍ للأقليات المضطهدة مثل المسيحيين في الشرق الأوسط، أو اليهود في أوروبا، ولكنْ أيضا لكلِّ الآخرين. وتصبح الاستباحة التي يمارسونها باسم الإسلام ضربًا من العبث من خلال حقيقة أنَّ معظم ضحايا الإرهاب الإسلامويِّ هم من المسلمين.
إلى جانب إجراء التدابير الأمنيَّة اللازمة التي ينبغي اتـِّخاذها، يتوجَّب على الساسة في أوروبا المضي في دمج الإسلام هنا، بغية تعزيز قوة المسلمين المسالمين. ولا بدَّ لهم من عدم التوقف عن تبيان أنَّ خط المجابهة لا يقع بين المجتمعات الغربية والمسلمين، بل بين الديمقراطيين والإرهابيين.
دويتشة فيله: "فالس: خطر وقوع هجمات في فرنسا لا يزال مرتفعا"

أكد رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس الأثنين إن الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذتها حكومته عقب هجمات باريس الدموية ستظل قائمة طالما هناك ضرورة، مشيرا إلى أن خطر شن المتشددين هجمات في بلاده ما يزال مرتفعا.
وقال فالس الاثنين (16 فبراير/شباط 2016 ) إن خطر شن المتشددين هجمات في بلاده لا يزال "مرتفعا على نحو خاص" وإن الإجراءات الأمنية الاستثنائية ستظل قائمة طالما هناك ضرورة.
وأضاف في تصريحات لإذاعة (ار.تي.ال) "سنطيل أمد هذه الإجراءات طالما كانت ضرورية وطالما ظل التهديد مرتفعا للغاية" وذلك في إشارة إلى خطة أمنية تتضمن نشر الجنود وأفراد الشرطة في الأماكن العامة وقرب المواقع الحساسة.
ومنذ اعتداءات باريس (من السابع إلى التاسع من كانون الثاني/يناير) على صحيفة "شارلي ايبدو" ثم ضد عناصر للشرطة وآخر في متجر يهودي والتي أوقعت مجتمعة 17 قتيلا اتخذت الحكومة الفرنسية سلسلة تدابير لمكافحة الإرهاب تقضي بتعزيز أجهزة الاستخبارات الداخلية.
ووفقا للحكومة تواجه فرنسا "تحديا كبيراً" لأن عليها "مراقبة ثلاثة آلاف شخص في البلاد" لعلاقتهم بالجهاديين أو "بشبكات إرهابية في سوريا والعراق".