صلاح أبو إسماعيل.. مهندس تحالف الإخوان والوفد

الأحد 17/مارس/2024 - 08:30 ص
طباعة صلاح أبو إسماعيل.. حسام الحداد
 
الشيخ صلاح أبو إسماعيل (1927 - 1990) داعية إسلامي وأحد أعلام الإخوان المسلمين في مصر وهو والد حازم صلاح أبو إسماعيل.

ميلاده ونشاته:

ولد في قرية بهرمس مركز إمبابة محافظة الجيزة بمصر، يوم 17-3-1927م، في بيت معروف بحفاوته بالعلم والعلماء، فجده الأعلى كان إماماً للخديوي إسماعيل، وأنجب ولدين تخرجا في الأزهر، تُوفي والده في ريعان الشباب، فتولَّت أمه رعايته أحسن رعاية، وكان في البيت مكتبة حافلة بنوادر المطبوعات والمخطوطات.

سيرته العلمية والعملية:

عبد الناصر
عبد الناصر
في سنة التخرج واجه الاعتقال الذي شنّه عبد الناصر على الإخوان ترك أثره النفسي على نتيجة الامتحان، فحصل على درجة "مقبول" وهو الطالب المتفوق في مراحله الدراسية السابقة.
عمل في التدريس فترة، ثم نقل مديراً لمكتب شيخ الأزهر محمد الفحام واستمر في نفس الوظيفة مع الدكتور عبد الحليم محمود حتي اقاله السادات من الوظيفة.
كان داعية في المحافل والمساجد ووسائل الإعلام، حيث كانت له حلقات إذاعية في تفسير القرآن في تليفزيون "أبوظبي" قرابة خمسمائة حلقة، وتفسير سورة يوسف لتليفزيون دولة البحرين قرابة الثلاثين حلقة، والمصحف المفسر لتلفزيون المملكة العربية السعودية قرابة الثلاثين حلقة، ومئات الحلقات من البرامج الدينية لتلفزيون قطر، وعشرات الحلقات الدينية لتلفزيون سلطنة عمان، وثلاثين حلقة لتلفزيون دولة الكويت... إلخ، وكان من أهم تلك الحلقات حلقات "أسلوب الإسلام في بناء الإنسان" و"العدل في الإسلام" و"الإسلام والقتال" و"اليهود في القرآن"، وهذه الأخيرة قامت "جمعية عبد الله النوري" بالكويت بطباعتها وتوزيعها على نطاق واسع، كما أسهم صلاح أبو إسماعيل بالكتابة في الصحف والمجلات العربية، وشارك في إلقاء محاضرات في كل من مصر والسودان وقطر والبحرين والإمارات والكويت والهند وإندونيسيا وسنغافورة وبريطانيا وأمريكا وغيرها.
خاض الحياة النيابية، رافعًا شعار: "أعطني صوتك لنصلح الدنيا بالدين"، وقد دخل البرلمان المصري منذ سنة 1976م وحتى وفاته سنة 1990م، 
قد كان من ألمع قادة ما سُمي بالصحوة الإسلامية كما يقول الشيخ محمد الغزالي، وكان يعتمد في دعوته الناس على تفسير القرآن الكريم، احتلت مقاومة العلمانيين والشيوعيين جانباً بارزاً في حياته، وقد جاهد مع زملائه في البرلمان لإصدار قوانين الشريعة الإسلامية، وقد جمع هذه القوانين وأعدّها لتكون تحت مسئولية المجلس، ولم يترك فرصة إلا وتكلم في المجلس منادياً بتطبيق الشريعة الإسلامية، ومنتقداً القوانين الوضعية التي تتعارض معها، ومطالباً بتعديلها.

تحالف الإخوان مع الوفد:

التلمساني
التلمساني
يحكي عمر التلمساني قصة التعاون مع "الوفد" فيقول:  إذن كيف نبدأ؟ أراد الله أن يذلل لنا هذه العقبة، فبمجرد أن دُعي الشعب للانتخاب، زارني الأخ الأستاذ "صلاح أبو اسماعيل"، وتحدث معنا في الموضوع، وكان يمثل المعارضة "الوفدية" في البرلمان، فوجد عندنا استعدادا للتعاون مع "الوفد"، والتقيت بالسيد فؤاد سراج الدين في منزله بجاردن سيتي ومعي مجموعة من الإخوان هم الإخوة، صلاح أبو رقيق، ومحمد المسماري، وشمس الدين الشناوي، وإبراهيم شرف، وجابر رزق، ومحمد عبد القدوس، ودار حديث ألخصه في الآتي: 
"الوفد" قناة شرعية، والإخوان قاعدة شعبية، فمن الخير أن يتعاونا على ما فيه خير هذا الوطن.
"الوفدي"؛ "وفدي"، و "الإخواني"، "إخواني".
نقف مع "الوفد" كمعارضين، إلا إذا قدمت الحكومة قانونا أو مشروعا فيه خير للبلد، فنحن - "الوفد" والإخوان - نقره ونؤيده.
إذا كان في قدر الله أن تعود جماعة الإخوان، فالموقف واضح لا يحتاج إلى نقاش.
حضور النواب الإخوان جميع اجتماعات الهيئة "الوفدية".
انه تعاون لا تكتيك ولا استراتيجية.
الحرص على هذا التعاون، وكما قلت للسيد فؤاد سراج الدين إننا لن نكون سببا أو بادئين بإيقاف هذا التعاون.
وتم الاتفاق بين الإخوان و "الوفد" على خوض الانتخابات متعاونين، حتى الدوائر التي ليس فيها مرشحون للإخوان، فإن الإخوان بها سيعطون أصواتهم للـ "وفد".
ويقول أيضا: (وأخذت الصحف القومية تستعيد من الماضي تهما، لتشوه موقفنا أمام الناخبين، وأخذت تذكر الناس بما كان بين "الوفد" والإخوان، ولم يكن بيننا وبين "الوفد" إلا مقالات وانتقادات، لا أكثر ولا أقل، هذا إلى أن "الوفد" لم يعذب، ولم يقتل، ولم يصادر أموال أحد من الإخوان المسلمين، رغم ما كان بيننا وبينه من خلافات
هذا هو مقياس الحكم عندهم، كأن الإخوان هم الإسلام نفسه.

الإخوان وتطبيق الشريعة:

مأمون الهضيبي
مأمون الهضيبي
كان صلاح أبو اسماعيل من اشد المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية تحت قبة البرلمان وكان يرفض مسألة التدرج في تطبيق الشريعة التي ينادي بها الإخوان، وهذا ما أحدث خلافا بينه وبين الإخوان رغم انه مهندس عملية دخولهم لمجلس الشعب بتحالفهم مع حزب الوفد.  
وحول موضوع تطبيق الشريعة يقول مأمون الهضيبي: (لإنه لا خلاف بين التيار الديني والحكومة حول تطبيق الشريعة الإسلامية وإنما الخلاف يتركز حول امكانيات التطبيق)
وأضاف: (إننا نطلب توافر امكانيات تطبيق الشريعة الإسلامية لأنه لا يمكن تطبيقها بين يوم وليلة ولابد من وجود هيئة قضائية مستقلة يتشبع أعضاؤها بالشريعة تتولي عملية التطبيق لأن الشريعة ليست حدود فقط ومن ينتقي الحدود من الشريعة لتطبيقها فهو خارج على أحكام الشريعة) 
ومن الجدير بالذكر أن جلسات الاستماع في لجنة الشئون الدينية لمجلس الشعب كانت حيلة سياسية لتغطية مطالبة صلاح أبو إسماعيل بإقرار مشاريع ست قوانين مدفونة في أوراق مجلس الشعب فجاء الإخوان وشاركوا "الوفد" والحكومة في هذه الحملة وطالبوا بالتدرج وإن الموقف غير معد للتطبيق الفوري.
وعلى هذا يرد صلاح أبو إسماعيل في حسرة: (وكل مناداة باستئناف مسيرة الشريعة إنما تنطوي على تجاهل العمل الكبير الذي تم انجازه، وما ينادي به من تهيئة المناخ العام في المجتمع المصري هو نداء تناسي الاستفتاءات العديدة التي طلب إلى الشعب فيها أن يقول كلمته في الاتجاه الإسلامي فأسفرت عما يشبه الإجماع على المطالبة بالشريعة الإسلامية، فأي مناخ نريد أن نعده والشريعة فيها ضمان الوحدة الوطنية والعدل والرخاء والأمن؟ والمناداة بالتدرج هي مناداة بشيء في غير موضعه لأن التدرج كان في نقل المجتمع من الجاهلية إلى أنوار الإسلام، وأرفض المناداة بالتنقية، فهذا أمر قد تم وأخذ من عمر الزمان 40 شهرا ومضى على تمامه 36 شهرا، ونحن الآن أمام تراث موجود في اللجنة التشريعية في البرلمان)، ما يؤكد تطرف صلاح ابو اسماعيل في حكمه على المجتمع بالجاهلية.

تجارة العملة:

ذكي بدر
ذكي بدر
كان من المعروف لدى بعض الدوائر الخاصة أن صلاح أبو إسماعيل من اهم تجار العملة في السوق السوداء لهذه التجارة، وحينما قدم استجواب برلماني لوزير الداخلية ذكي بدر قام الأخير بكشف المستور تحت قبة البرلمان، فالحصانة البرلمانية كانت تحمي صلاح ابو اسماعيل من عمليات التتبع والمراقبة وقد أذاع ذكي بدر شريطا مسجلا في هذه الجلسة الشهيرة يدين الشيخ صلاح أبو اسماعيل في تجارة العملة.
 رابط الجلسة

من مؤلفاته:

اليهود في القرآن الكريم.
شهادة حق في قضية العصر.
في تفسير القرآن الكريم.
تفسير سورة يوسف.
أسلوب الإسلام في بناء الإنسان.
العدل في الإسلام.
الإسلام والقتال.

وفاته:

وفاته:
توفي يوم الاثنين 28-5-1990م،  في مطار "أبوظبي" وهو يستعد للعودة إلى مصر، نقل جثمانه إلى القاهرة حيث صُلي عليه في مسجد عمر مكرم بميدان التحرير يوم الأربعاء 30-5-1990م، ودفن في مقابر الأسرة ببهرمس بالجيزة.




شارك