الإخوان المسلمون في جنوب أفريقيا...توظيف "البيزنيس" سياسيا

الإثنين 22/سبتمبر/2014 - 07:56 م
طباعة الإخوان المسلمون
 

مدخل:

مدخل:
في الوقت الذي يُقدر فيه، عدد المسلمين في دولة جنوب أفريقيا بنحو 2 مليون مسلم، من أصل نحو 24 مليون نسمة، إلا أنه يصعب حسم توجهات المسلمين هناك، أيديولوجياً أو من ناحية انتمائهم السياسي، وعلى وجه التحديد موقفهم من جماعة الإخوان، التي تعتبر حركة الشباب الإسلامي أحد ممثليها هناك، وذلك لكون التنظيم العابر للحدود، لم ينشط بحكم الشواهد، نتيجة جهوده الدعوية، بل لكونه دائماً ما يسعى لتثبيت نفسه عبر سعيه المستمر إلى تمرير استثمارات يمكن أن تكون ورقة ضغط بعد ذلك على النظام الحاكم في البلاد، وهو الامر الموجود حالياً في جنوب أفريقيا.   
وقد عملت حركة الشباب الإسلامي على نشر الفكر الإخواني عبر المركز الإسلامية الدعوية، التي تُقدر بنحو 30 مركزاً، فيما يبلغ عدد المساجد هناك 500 مسجداً، الامر الذي كان له بالغ الأثر، في تثقيف مسلمي جنوب أفريقيا، الامر الذي دفع إلى وصفها بأكثر الأقليات المسلمة في العالم تأثيراً.
وكما أوضحنا أن الجمعيات الإسلامية في جنوب أفريقيا لعبت دوراً بارزاً في تثقيف المسلمين، والعمل على دمجهم في الحياة السياسية، خاصة بعد نزوح العديد من أبناء المسلمين من مناطقهم بسبب الحروب الأهلية التي تعرضت لها جنوب أفريقيا، والعمل على القضاء على موجة التوجس والعداء تجاه العمل الإسلامي.
ومن بين تلك الجمعيات التي لعبت ذلك الدور:
- المنظمة التعليمية في جنوب أفريقيا.
- اتحاد الشباب المسلم ممثل "الإخوان" في جنوب أفريقيا.
- الوكالة الإسلامية الإفريقية.
- جمعية هلال الأمل الطبية.
- جمعية اتحاد علماء المسلمين في جنوب إفريقيا.
- مجلس القضاء الإسلامي.
نيلسون مانديلا
نيلسون مانديلا
إذاً يمكن القول أنه على الرغم من أن الجماعة المسلمة، في جنوب أفريقيا، تشكل نحو 2،3 % فقط من إجمالي السكان، إلا أنها اتسمت بارتفاع معدلات التعليم بين أبنائها وبمؤسسية وتنظيم أنشطتها العامة. لتأكيد على الهوية الإسلامية، وإحياء الخطاب الإسلامي لمسلمي جنوب أفريقيا، ولاسيما منذ خمسينات القرن الماضي، واستلهمت تلك الحركات الإسلامية في جنوب أفريقيا، مبادئها الدينية من الحركات الإسلامية المعاصرة في مصر وتحديداً جماعة "الغخوان المسلمين" وفي باكستان "الجماعة الإسلامية"، ومن الثورة الإيرانية.
وتعتبر البدايات الحقيقية لظهور الاسلام في جنوب افريقيا خمسينات القرن الماضي، 1652، عندما أخذ الاحتلال الهولندي يفرض سيطرته علي جزر اندونيسيا والملايو، وقام المسلمون في هذه المناطق بمقاومة الاحتلال، فما كان من الاحتلال الا ان قبض علي الكثير من زعماء المقاومة ونفاهم الي جنوب افريقيا، وبهذا يعتبر أول قدوم حقيقي للإسلام الي هذه البلاد.
وربما يكون إرسال الطلاب للدراسة في جامعة الأزهر عاملا أساسيا في التعرف على فكر الإخوان، وانتشاره إلى حد ما في جنوب أفريقيا، فضلاً عن ازدياد نفوذ بعض المنتمين للجماعة في الدولة، الأمر الذي كان له أثر بالغ في توجيه سياسات الدولة الجنوب أفريقية، في العداء لثورة 30 يونيو التي دعمها الجيش، وأطاحت بحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي.
لذلك يمكن القول أن توسع التنظيم الدولي في استثماراته في أفريقيا وخاصة في دولة جنوب أفريقيا، لعب دوراً كبيراً في رسم سياسات الحكومة تجاه الإخوان، كما ساعد أيضاً علي نقل مقر التنظيم إلي هناك، خاصة وأن زيارة أمين عام الجماعة الهارب، محمود حسين، أواخر يناير الماضي، بصحبة وزير الاستثمار الإخواني السابق يحيي حامد، كان لها أثر بالغ على قرارات اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي الذي عقد بعدها بيومين فقط، تحضيرًا لقمة الاتحاد الإفريقي في دورته الثانية والعشرين بأديس أبابا. 
تقارير إعلامية، كشفت هدف القياديان الإخوانيان، من الزيارة، حيث طلبا خلال الزيارة تأسيس مكتب إعلامي للجماعة هناك، والدفع في اتجاه استمرار تعليق عضوية مصر إفريقيا، وهو ما تم بالفعل، حيث أصرّ مجلس الأمن والسلم علي عدم تغيير الموقف تجاه القاهرة، ومن ثم غابت مصر، ولأول مرة منذ خمسين عامًا، عن حضور قمة الاتحاد الإفريقي.
والإخوان المسلمون يعتمدون على حركة الشباب المسلم التي تأسست هناك، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وظهروا رافعين شارة "رابعة" في أكثر من مناسبة بينها حفل التأبين الرسمي للراحل نيلسون مانديلا.

حركة الشباب المسلم: المعبرة عن جماعة الإخوان المسلمون

احمد ديدات
احمد ديدات
الحركة نشأت في ديسمبر 1970، على أيدي مجموعة من رجال الأعمال والمهنيين المسلمين، وقد عقدت الحركة اجتماعها الأول في مركز السلام، الذي يشرف عليه مركز الدعوة الإسلامية التابع للشيخ أحمد ديدات. 
واتضحت معالم الحركة في 1973، وبنيتها التنظيمية، حيث تم افتتاح العديد من الفروع والخلايا في مختلف أرجاء جنوب أفريقيا، وكان كل فرع يقوم بانتخاب مجلس تنفيذي يقوم رئيسه بمهمة تمثيله في المجلس الإقليمي، وتخضع المجالس الإقليمية للمحاسبة من قبل المجلس الوطني العام، الذي اتخذ مقراً له في ديربان. ويلاحظ أن المؤتمرات الوطنية للحركة كانت بمثابة برلمان حقيقي للحركة.
وأبرز ما يميّز حركة الشباب المسلم، منذ نشأتها تركيزها على قضايا المرأة المسلمة،  فالحركة ترى أن المرأة أهملت وجردت من حقوقها في المساجد وغيرها من المؤسسات الإسلامية الأخرى في جنوب أفريقيا، حيث دعت الحركة إلى سماع صوت المرأة المسلمة، كي تصبح عنصراً فاعلا ومؤثّراً في مجتمعها، ومن هنا جعلت الحركة فرعاً خاصاً للمرأة في هيكلها الإداري والتنظيمي، يقوم على أمره نساء أعضاء في الحركة. ويهدف التنظيم النسوي إلى زيادة وعي المرأة وتبصيرها بحقوقها التي أقرها القرآن، بالإضافة إلى ذلك دعم المرأة وتمكينها اجتماعياً وسياسياً من خلال برامج مختلفة مثل التدريب، ومساعدة مرضى نقص المناعة المكتسبة.

المرتكزات الفكرية للحركة:

الإخوان المسلمون
الإخوان المسلمون في جنوب أفريقيا...توظيف البيزنيس سياسيا
توضح أدبيات الحركة أنها اعتمدت على خمسة مبادئ حاكمة هي:
- مبدأ وحدة الأمّة، وذلك لمواجهة الانحيازات العنصرية والولاءات الإثنية التي ظهرت بين مسلمي جنوب أفريقيا، ولعل ذلك المبدأ كان يستهدف أيضاً رفع الغبن الذي وقع على المرأة والسود، وهو ما دفع بها لأن تدمج هذه العناصر المهمشة في صفوفها.
- التفاهم والتعليم، حيث يتم السعي لجعل تعاليم الإسلام سهلة وفي متناول الجميع. ولعل تجربة الحركة، في جعل خطب الجمعة وصلاة التراويح في رمضان باللغة الإنجليزية بدلاً من العربية، تدفع في هذا الاتجاه. فقد اعتمدت الحركة الترجمة الإنجليزية لمعاني القرآن، وكانت تقوم بتوزيعها على جميع الفروع لقراءتها مثل الخطب والصلوات.
- إعادة الاعتبار للمسجد في الإسلام باعتباره مؤسسة شاملة، وليس مجرد مكان لأداء الصلاة. فهو مركز يلتقي فيه الرجال والنساء للعبادة والتدبر في أمور الدين والدنيا.
- إعادة اكتشاف شخصية النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- من خلال آيات القرآن الكريم الدالة عليه. وهو ما يعني ضرورة الاقتداء به في حياة كل مسلم. إذ ينبغي أن يكون المسلم نموذجاً يُحتذى به في حب الإنسانية والتسامح والوفاء بالوعد والإخلاص.
- التأكيد على أهمية مشاركة المرأة ودورها في الجماعة، وقد حرصت الحركة منذ البداية على مشاركة المرأة في أنشطتها كافة، بما فيها الصلاة في المسجد. ونظرت الحركة إلى قضية المرأة من خلال هدف تحقيق وحدة الأمة المسلمة في جنوب أفريقيا. ومع ذلك فقد خصصت الحركة مجلساً خاصاً للمرأة يتم من خلاله تجنيد النساء في صفوفها.
وقد واجهت الحركة انتقادات واسعة من قبل علماء جنوب أفريقيا، ولاسيما فيما يتعلق بمواقفها الفكرية والدينية، ولاسيما الموقف من المرأة وصلاتها في المسجد.
لكن يبدو أن تنظيم الإخوان في جنوب أفريقيا، المتمثل في حركة اتحاد الشباب المسلم، فضل الابتعاد عن السياسة، وتبني استراتيجية “الحياد إلايجابي”، حيث ترك لأصحاب الاستثمارات الفرصة لمزاولة نشاطهم، في الضغط على النظام لتوجيه مواقفه، فيما عملت هي على جزب المزيد من المؤيدين.
سياسات الحياد الإيجابي، لم تلق قبولاً من الكثير من العناصر التنظيمية لحركة الشباب المسلم، الامر الذي دفع بعض عناصرها إلى الانشقاق عنها في الثمانينيات (1984)، وتأسيس منظمة “نداء الإسلام”. حيث حاول هؤلاء الأعضاء عبثاً إقناع قادة حركة الشباب المسلم بالتخلي عن موقفهم المتحفظ والانضمام لحركة النضال العام في جنوب أفريقيا.

جنوب أفريقيا والعداء البيّن لثورة 30 يونيو

الحركة
الحركة
وكما أوضحنا سابقاً أن التنظيم الدولي للإخوان، كون شبكة ضغط واسعة جداً في جنوب أفريقيا، معتمدين على الأعضاء الرأس ماليين، الذين بإمكانهم ضخ المزيد من الاستثمارات، في البلاد، ما أدى إلى توجيه سياسات الدولة هناك، خاصة فيما يتعلق بموقفهم منه ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم الإخوان في مصر.
ومن أكثر الشخصيات التي تقول تقارير صحافية أنها على علاقة وطيدة مع جماعة الإخوان، ولعبت دوراً هاماً في العداء لثورة المصريين، سفير جنوب إفريقيا في واشنطن وصاحب الصداقات القوية بعدد من الباحثين والمؤثرين في دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، إبراهيم رسول، صاحب العلاقات الوطيدة بالإخوان وبقيادات التنظيم الدولي، والذي زار حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للتنظيم الإرهابي في يناير 2012، لتقديم التهنئة عما اعتبروه نصرا في الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت في ذلك الوقت.
كما كان لـ"رسول" أيضاً لقاء معلن بعدد من قيادات التنظيم حينما كان رئيساً في 29 مارس 2013 لملتقي قيادات الأقليات الإسلامية، الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، والذي شارك فيه كلٌ من وزير مالية الجماعة في أوروبا، المصري الألماني إبراهيم الزيات، والذراع المخابراتية للتنظيم في أوروبا، العراقي أنس التكريتي، والتونسي، راشد الغنوشي، وقيادي التنظيم في أمريكا، سيد سعيد، وأمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الكردي القطري علي القرة داغي.
رسول كان له دوراً مهما في قرارات الاتحاد الأفريقي، حيث دفعهم إلى اعتبار ثورة 30 يونيو "انقلاباً عسكرياً"، كما كلان له دوراً في تمسك جنوب إفريقيا حديثها بأن الرئيس الشرعي لمصر هو المعزول محمد مرسي، كما ساعد على تنظيم مؤتمرًا في جنوب إفريقيا بعنوان "مؤتمر دعم الشرعية في جوهانسبرج"، حضره محمود حسين، وإيهاب شيحة رئيس حزب الأصالة، ووزير الاستثمار الإخواني يحيي حامد، وسمية الجنيني المتحدثة باسم ما يسمي "إعلاميون ضد الانقلاب"، وسامي بكري عضو حزب البناء والتنمية، حيث سعى ذلك الوفد الإخواني، إلى الاعتراف بأن ما حدث في مصر في "3 يوليو"، انقلاباً عسكرياً.
ويمكن رصد مواقف عدائية آخرى لدولة جنوب أفريقا، عندما وصف وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا، إبراهيم إسماعيل إبراهيم، في تصريحات صحافية ما حدث في 30 يونيو بـ"الانقلاب"، وشدد وقت ذاك على سلمية "الإخوان"، وفي أكتوبر 2013، أقام التنظيم الدولي أول دعوي قضائية دولية أمام محاكم جمهورية جنوب إفريقيا ضد حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وقيادات من الجيش والشرطة، في إطار مخطط لتشويه صورة مصر وعزلها دولياً.
كما ظهر العداء الواضح للدولة الجنوب أفريقية، في توجيه حكومة جنوب إفريقيا، دعوة للقيادي الإخواني عبدالموجود الدرديري لحضور حفل تأبين وجنازة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، في وقت أعلنت فيه أنها لم توجه أية دعوة لأي مسئول مصري في السلطة الحالية لأنها لا تعترف بها.
 من جانبها، طلبت مصر من جنوب إفريقيا منع المؤتمرات التي تعقدها جماعة الإخوان المسلمين في أراضيها، وقالت تقارير إعلامية، إن المسؤولين المصريين طلبوا من سونتو كودجو مدير المخابرات العامة، وسيابونجا كويلي وزير أمن الدولة في جنوب إفريقيا، لدى زيارتهما الأخيرة لمصر، منع عقد مؤتمرات الإخوان المسلمين في جنوب إفريقيا بعد رصد أنشطة قيادات الجماعة المعادية لمصر من هناك، على حد تعبيرها.
وأضافت التقارير، أن المسؤولين المصريين الذين التقوا المسؤولين الجنوب إفريقيين طلبوا منهم رفض أي طلب تتقدم به جماعة الإخوان المسلمين، وأعضاء التنظيم الدولي للإخوان، من أجل تنظيم أي فاعليات من شأنها بث أخبار كاذبة عن الموضوع الحالي بمصر، وأنهم ذهبوا إلى مدى أبعد من هذا بمطالبتهم بطرد الإخوان المسلمين من بلادهم حتى يتوقفوا عن تدبير المؤامرات.
وزعمت المصادر الصحيفة أن أبرز الشخصيات الإخوانية التي زارت جنوب إفريقيا في أواخر يناير الماضي كل من: القيادي الإخواني محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان، ويحيي حامد وزير الاستثمار السابق والقيادي الإخواني، والمهندس إيهاب شيحة رئيس حزب الأصالة السلفي.

أبرز القيادات الدينية في جنوب أفريقيا:

عبدالله هارون
عبدالله هارون
1 - عبدالله هارون:
ولد عبدالله هارون في 8 فبراير 1924، في منطقة نيولاندز – كليرومنت في الأحياء الجنوبية لمدينة “كيب تاون”، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الفلاح، ثم سافر إلى مكة المكرمة لتلقي العلوم الإسلامية، حيث درس على يد الشيخ عبدالرحمن العلوي المالكي (المتوفى 1986). وبعد عودته من مكة المكرمة استكمل دراساته الإسلامية على أيدي الشيخ عبدالله طه جمال الدين، والشيخ إسماعيل غانيف.
تأثر الشيخ هارون تأثراً كبيراً، في أفكاره وأنشطته الدعوية والعامة، بمشايخه وبكتابات رواد الحركة الإسلامية والفكر الإسلامي في عصره، خاصة كتابات حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، كما اطلع على كتابات سيد قطب والمودودي، وبدأ يزاول نشاطه الدعوي عندما تولى إمامة مسجد كليرمونت العام 1955، حيث أسس حلقات للنقاش ودروساً تعليمية للكبار. 
وعمل هارون على وحدة جميع مؤسسات ومنظمات العمل الإسلامي، والوقوف صفاً واحداً أمام الممارسات غير العادلة لحكومة جنوب أفريقيا، وفي العام 1958 استطاع أن يؤسس مع بعض رفاقه رابطة "اتحاد الشباب المسلم" في كيب تاون وكانت تهدف إلى:
- تدريب الشباب المسلم على تولي مهمة إمامة المساجد.
- إعطاء دروس دينيه للرجال والنساء في مسجد المدينة.
- إصدار النشرات والمجلات حول الإسلام والمسلمين.
وأصدر هارون دورية “المرآة الإسلامية” العام 1959، إلا أنها توقفت عن الصدور في 1964. ومن خلال التعاون مع بعض أصدقائه استطاع أن يصدر مجلة شهرية بعنوان “أخبار المسلمين”، حيث تولى رئاسة تحريرها، وكان لهذه المجلة تأثير واضح على الجماعة المسلمة في الكاب وغيرها من المناطق حيث اهتمت بالقضايا العامة والثقافية والاجتماعية والسياسية.
استخدم رابطة الشباب المسلم لدعوة كثير من الأفراد والشخصيات العامة لمناهضة نظام الفصل العنصري، وهو ما أسهم في أن يصدر في العام 1961 كتيبا بعنوان “الدعوة إلى الإسلام” الذي ينطوي على معارضة العنف في جنوب أفريقيا، واستطاع الرجل أن يستخدم اللقاءات والخطب الدينية في توجيه النقد اللاذع لقوانين، وسياسات الفصل العنصري المطبقة في بلاده. 
في مايو 1961، أثناء اجتماع عام في مدينة الكاب، انتقد الإمام قوانين مناطق الفصل العنصري، ووصفها بأنها غير إنسانية وغير إسلامية، كما بدأ منذ تلك اللحظة يركز على دعم الحوار الإسلامي المسيحي في ظل واقع تعددي متسامح.
سافر في 1966 لأداء فريضة الحج هو وزوجته، ثم سافر بعدها إلى القاهرة حيث ألقى خطاباً أمام القمة الإسلامية المنعقدة هناك قي ذلك الوقت، وطالب رؤساء الوفود الإسلامية بضرورة دعم حركة المقاومة الوطنية في جنوب أفريقيا.
أحمد ديدات
أحمد ديدات
2 - أحمد ديدات:
لم تكن علاقه أحمد ديدات بـ"اتحاد الشباب المسلم" المعبر عن تنظيم الإخوان في جنوب أفريقيا واضحة، اللهم إلا تقارير تحدثت عن اطلاعه على كتابات حسن البنا وسيد قطب، في إطار التعرف على الحركات الإسلامية، حيث ظل طيلة حياته مثيراً للجدل والنقاش، إلا أنه حظى باحترام وتأييد واسع النطاق داخل العالم الإسلامي وخارجه، بيد أن معارضيه رأوا في نهجه الدعوي تدميراً للحوار بين الأديان والحضارات.
الداعية الراحل من مواليد بلدة تادكشينار بولاية سوارات الهندية عام  1918م، وتوفى في 2 أغسطس 2005، كان والده حسين ديدات يعمل خيَّاطًا، وهاجر إلى جنوب أفريقيا ضمن مجموعات أخرى من الهنود في مطلع عشرينيات القرن الماضي؛ بسبب الظروف المعيشية السيئة التي كانت سائدةً في الهند في ذلك الوقت.
عمل على دراسة الدين الإسلامي وحفظ القرآن الكريم، مُوليًا أهميةً خاصةً في دراساته الإسلامية لسيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- والردِّ على شبهات المستشرقين حول الرسول الكريم.
وكانت الانطلاقة الحقيقية للجهود الدعوية للشيخ ديدات- عندما عَثُر على كتاب (إظهار الحق) لأحد المؤلفين الهنود ممن عاشوا في المدينة المنورة؛ حيث اتخذه منطلقًا لأفكاره للرد على كتابات المستشرقين، وفي مطلع الخمسينيات أصدر كُتيبه الأول بعنوان "ماذا يقول الكتاب المقدَّس عن محمد صلى الله عليه وسلم؟!" ثم نشر بعد ذلك أحد أهم كتبه وكان بعنوان: "هل الكتاب المقدس كلام الله؟!".
وفي عام 1959م توقف الشيخ أحمد ديدات عن كتابة أعماله؛ حتى يتسنى له التفرغ لمهمة الدعوة إلى الإسلام، وقد أسس عددًا من المعاهد والمؤسسات التعليمية والدعوية، بينها "معهد السلام لتخريج الدعاة" و"المركز الدولي للدعوة الإسلامية" بمدينة ديربان الجنوب أفريقية.

شارك