"حزب النور".. بين الصراع الداخلي وثبات المبادئ و" انتهازية المواقف"

الثلاثاء 01/نوفمبر/2016 - 06:51 م
طباعة حزب النور.. بين الصراع
 
حزب النور.. بين الصراع
كثيرة هي تلك الأزمات الداخلية التي بدأت تدب في فصائل تيار الإسلام السياسي فلا يكاد أن يكون هناك فصيل وأحد خالي من هذه الصراعات والمتفحص للأمر والمراقب له يجد أن معظم هذه الصراعات حول القيادة فهدفها السلطة لا غير، ورغم ما نحاول أن نقدمه في هذا التقرير من بوادر صراع داخلي جديد في صفوف حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية إلا أننا نحاول أولًا التعليق على عنوان ندوة يحاول بها الحزب لم شمل أعضائه، والتي جاء عنوانها "حزب النور بين ثبات المبادئ ومرونة المواقف" فهل كان لحزب النور يومًا مبدأ واحد يسير عليه؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه. 
ونظرًا لتباين مواقف الحزب نرصد أشهر مواقفه التي حاد عنها، فالنور يتعامل دومًا مع الواقع السياسي ببراجماتية شديدة يغير موقفه ليضمن الوجود في المشهد، فالسلفيون عشقوا السياسة مؤخرًا بعد التضييق عليهم في المساجد.
ومواقف حزب النور الذراع السياسية للسلفيين في مصر دائمًا ما كانت متغيرة بداية من رفض الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية لتأسيس حزب سياسي خلال عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وفتواه التي قال فيها: إن الديمقراطية حرام وتدشين الأحزاب السياسية لا حاجة للمسلمين به، فشيوخ السلفيين ينظرون للديمقراطية كفلسفة حكم تتعارض تمامًا مع حاكمية الشريعة.
ورفض شيوخ الدعوة السلفية الذين أسسوا الحزب بعد ذلك ثورة 25 يناير ودعوا الشباب لعدم النزول بفتوى عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم؛ لأنه قد يؤدى إلى منكر أكبر.
حزب النور.. بين الصراع
ولم تتغير هذه الدعوة إلى النقيض تمامًا إلا بعد أن اطمأنوا إلى حتمية زوال مبارك.. وبالفعل تم تدشين حزب النور في بداية عام 2012 وخاض الحزب الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى، وفي البداية وقف في صف الإخوان وذراعهم السياسية حزب الحرية والعدالة، ثم انقلب عليهم بعد ذلك نتيجة للتناحر بينهما على عدد المقاعد، وبالفعل أعلن حزب النور دعمه في بعض الدوائر لمرشحي الفلول ضد مرشحي الحرية والعدالة مثل دعمهم لطارق مصطفى ضد المستشار الخضيري في الإسكندرية وفي كفر الزيات أعلن الحزب دعمه لصلاح الحصاوي على حساب علم الدين السخاوي مرشح الحرية والعدالة.
ورغم معارضة حزب النور لرواية أولاد حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ حيث وصفها برهامي بأنها عمل سيئ لا يجب أن يقرأه الشباب، إلا أنه أيد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة رغم تصريحاته (مثل إمكانية تدريس أولاد حارتنا) وعدم قتل من بدل دينه وضرورة حل الكيانات الإسلامية).
وبعد تأكد خسارة أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية وانحسار جولة الإعادة بين كل من الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان قام الحزب بدعم شفيق عن طريق زيارة برهامي له والتي أنكرها برهامي وأكدها شفيق بصور من اللقاء.
وبعد هذه الوقيعة مع الإخوان يقف النور بجانبهم خلال كتابة الدستور ويصر على إضافة جملة "الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، وقام الحزب أيضًا بتأييد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي وأعطاه صلاحيات مطلقة.
وينقلب حزب النور على الإخوان مرة أخرى بعد إعلان الدكتور عماد عبد الغفور رئيس الحزب السابق انشقاقه مع يسري حماد نائب رئيس الحزب؛ بسبب خلافاته مع ياسر برهامي؛ حيث يتحالف النور مع جبهة الإنقاذ ليسقط حكم الإخوان.
ويطرح نادر بكار المتحدث باسم الحزب سابقًا مبادرة يطالب فيها الحزب باستقالة النائب العام الذي رحبوا به قبل ذلك.
حزب النور.. بين الصراع
وبعد سقوط نظام حكم الإخوان وبدء تشكيل الدولة من جديد يوافق حزب النور على ترشيح النساء والأقباط على قوائمه، رغم أن برهامي أصدر فتوى قال فيها: إن النساء ناقصات عقل ودين ومكانهم المنزل وتربية الأطفال ولا يمكن مشاركتهم في العمل السياسي وكذلك الأقباط؛ حيث يقول عنهم إنهم ليسوا مؤهلين للولاية والحصول على مقعد في البرلمان، ورغم ذلك يرشحهم الحزب على قوائمه لاشتراط قانون الانتخابات هذا الأمر.
 وعلى صعيد المعارك الداخلية قد نشبت معركة داخل التيار السلفي، وبالتحديد بين أبناء مدرسة سلفية الإسكندرية؛ حيث كشفت قيادات سابقة بحزب النور، عن تفاصيل مساعي الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، للتدخل في شئون حزب النور عقب نشأته، وإشراك جميع رجاله في المناصب التنفيذية للحزب للسيطرة عليه، في الوقت الذي برر فيه سلفيون تصرفات "برهامي" مؤكدين أن جميع تصريحاته- أي برهامي- كانت من أجل مصلحة الحزب والدعوة.
البداية عندما كشف محمود عباس، عضو الهيئة العليا لحزب النور المستقيل مساعي برهامي وقيادات الدعوة السلفية للسيطرة على الحزب منذ بداية نشأته رغم اتفاق مسبق بعدم تدخل الدعوة السلفية في شئون الحزب.
حزب النور.. بين الصراع
وقال عباس: "عندما بدأت النقاشات لتكوين حزب سياسي يضم السلفيين وعلى رأسهم الدعوة السلفية كان هناك نقاش محتدم، وتساؤلات من عينة هل يتصدر قيادات الدعوة العمل الحزبي أم لا؟ وتغلب القول القائل إن يتجنب القيادات السلفية الدخول في المعترك السياسي، وقد وصل الأمر إلى أن قال البعض نصًّا اتركوا الحزب للصف الرابع والخامس والناس، ولذلك اتفق وكيل مؤسسي الحزب وأول رئيس لحزب النور عماد الدين عبد الغفور مع مجلس إدارة الدعوة السلفية بالتفريق الإداري التام بين الحزب والدعوة، وأن تكون الدعوة هي المرجع الفقهي للحزب، وأن يكون الحزب هو الذراع السياسية للدعوة".
وأضاف عباس: "هل التزمت قيادات الدعوة السلفية بذلك؟ فبدأت القيادات الصغيرة في الدعوة في وضع عراقيل أمام قيادات الحزب وعدم التعاون معهم بل وأمر الاتباع بعدم التعاون، إلا بعد الرجوع إليهم حتى تفشل القيادات الحزبية، وطلبت القيادات في الصف الثاني والثالث من الدعوة صراحة أن تكون على رأس العمل الحزبي كما هي على رأس العمل الدعوى والجمع بينهما".
واستطرد عباس: "صرح قيم الدعوة السلفية محمد عبد الفتاح "أبو إدريس" بأنه أعطى أوامره لكل العاملين في الدعوة بالتغلغل في الحزب في كل الأمانات واللجان وفرض أنفسهم على الحزب والاستيلاء على كل مفاصله أو الاستحواذ على مناصبه بحجة حتى لا يتم سرقة الحزب من الدعوة".
وتابع عباس: "قام نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي بتعيين لجنة لإدارة الانتخابات البرلمانية عام 2011، قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع واستبعاد اللجنة القديمة؛ لأنها ليست من أهل الثقة رغم مجهودها المعروف طوال 6 أشهر، وفرضت الدعوة قيادات من الصف الأول في انتخابات مجلسي الشعب والشورى أمثال عبد المنعم الشحات وأشرف ثابت وعبد الله بدران رغم عدم ترشيح الأمانات لهم بل هبطوا بالبراشوت على القوائم والفردي".
وأوضح عباس أن نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي عزل رئيس اللجنة الطبية بالحزب بدون مقدمات وعين نفسه رئيسًا لها، وجمع قيادات الدعوة عددًا من المناصب داخل الحزب وخارجه والاستئثار بها دون غيرهم، كما جمع قيادات الدعوة بين مجلس إدارة الدعوة السلفية (جمعية الدعاة حاليًا) وبين الهيئة العليا لحزب النور، متابعًا: "تقدر تقول بعد هذا كله قيادات الدعوة السلفية مش عاوزين مناصب".
حزب النور.. بين الصراع
وتأتي اتهامات عباس بعد أيام قليلة مما قاله محمد جويلي، القيادي السلفي البارز بمرسى مطروح، وأحد القيادات السلفية التي استقالت عن الدعوة السلفية: إن الدعوة السلفية الحَقَّة واضحة وضوح النهار لا لبس فيها ولا دخن، فهي منهج علمي قائم على فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ليس فيها نفاق ولا مداهنة على حساب الدين.
وفي إشارة إلى اتباع ياسر برهامي- نائب رئيس الدعوة السلفية- قال جويلي في بيان له: إن الدعوة السلفية الحَقَّة ليس فيها اتباعٌ أعمى لأي شخص؛ لأن الكل يؤخذ منه ويرد عليه، ليس فيها شخصنة، ولا مصلحة خاصة لأحد دون أحد، إنما هي منفعة لجميع الناس بإصلاح دينهم ودنياهم.
واستطرد: "الدعوة السلفية الحَقَّة لا تدعو إلى حزب أو تنظيم أو جماعة لأنها منهج رباني، ويحافظ على أمن الأوطان، ويدين القتل والتفجيرات والإجرام في أي مكان من العالم، وندعو إخواننا لخلع العباءة الحزبية والسياسية، والالتزام بالأدب وحسن الأخلاق والعمل في حقل الدعوة".
حزب النور.. بين الصراع
وفي المقابل رد سامح عبد الحميد، القيادي بالدعوة السلفية على تلك الاتهامات قائلا: إن حزب النور هو الذراع السياسية للدعوة السلفية، وقد أنشأ الحزب أبناء الدعوة، وتمت إقامة الحزب بتكليف من إدارة الدعوة، والدكتور عماد عبد الغفور رجل فاضل ولكنه لم يكن معروفًا في المحافظات، فكان الشيخ ياسر يُسافر في مختلف أرجاء مصر لدعم الحزب الوليد آنذاك، وهذا مُثبت في الفيديوهات والمواقع الإخبارية .
وأضاف أن تدخلات ياسر برهامي جاءت من أجل مصلحة الحزب، متابعًا: "عندما شرع الحزب في خوض الانتخابات؛ تم الدفع بجميع أبناء الدعوة السلفية لدعم المرشحين في الــ27 محافظة، وعندما انفصل الدكتور عماد عبد الغفور والدكتور يسرى حماد وأسسا حزب الوطن؛ ظل أبناء الدعوة السلفية في حزب النور، وظلت الهيئة العليا للحزب كما هي، والمجلس الرئاسي للحزب كما هو، وظلت أمانات المحافظات كما هي، وهذا دليل دامغ أن حزب النور هو ابن الدعوة السلفية وذراعها السياسية.
حزب النور.. بين الصراع
واستطرد: "كان لِزامًا على إدارة الدعوة السلفية أن تتولى إدارة الحزب حتى ينجح سياسيًّا، وقد كان؛ ونجح الحزب وحصل على ربع مقاعد البرلمان 2012 في أول مشاركة سياسية للحزب، ونجح مرة أخرى وحصل على ثلث عدد أصوات الناخبين في انتخابات مجلس الشعب 2015 إلا أن نظام القائمة المغلقة أهدر كل هذه الأصوات، ومحمود عباس أحد المؤسسين للحزب؛ وكان له جهد كبير في بداية الحزب".
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامي: إن هناك أزمة يعاني منها السلفيون خلال الفترة الحالية حول الخسارة التي تلقوها بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وكل منهما يحمل مسئولية تلك الخسارة للآخر.
وأضاف الباحث الإسلامي، أنه لا يوجد فصل حقيقي بين الدعوة السلفية وحزب النور؛ حيث من يتحكم في الدعوة السلفية يتحكم في حزب النور، وهو ما أثار انتقادات واسعة بين صفوف التيار السلفي الذي يرى أن هذا هو سبب أزمة التيار السلفي.

شارك