الحاخام ديفيد اسرائيل في حوار لـ"البوابة": قيام دولة إسرائيل تسببت في كراهية العالم لليهود

الخميس 15/فبراير/2018 - 09:04 م
طباعة الحاخام ديفيد اسرائيل
 
شاركت حركة "ناطوري كارتا" المناهضة لقيام دولة إسرائيل في فعاليات المؤتمر العالمي لنصرة القدس خلال الشهر الماضي يناير 2018، وخلال زيارتهم لمصر التي استغرقت أسبوعين كان لبوابة الحركات الإسلامية حوارًا مطولًا مع الحاخام ديفيد إسرائيل المتحدث الإعلامي للحركة، في حوار عن اليهود ودولتهم المزعومة، وعن الحركة الصهيونية.
هل هذه هي المرة الأولى التي تأتي فيها هنا لحضور مؤتمر الأزهر؟
لا ليست هذه المرة الأولى التي أزور فيها مصر، فلقد جئت مرات عديدة من قبل، وتستغرق كل مرة الزيارة ما يقرب من الأسبوعين، ونحن نسافر كأعضاء لحركة ناطوري كارتا معًا، ولكن مجيئنا هنا لنعلن تضامنا ودعمنا الكاملين لقضية القدس، ولقد أجريت العديد من المقابلات الصحفية في عدد من وسائل الإعلام المصرية، ولكنها في الحقيقة المرة الأولى التي يتم فيها دعوتنا كجركة للمشاركة في مؤتمر للأزهر الشريف.

كيف ترى المؤتمر وردود الفعل تجاهه والتوصيات التي خرجت منه؟
أولًا على أن أوضح أن أحد أسباب مشاركتنا في المؤتمر هو إيجاد وسيلة وطريقة فاعلة لندعم بها القضية الفلسطينية مع المجتمع الدولي بقيادة الأزهر، لأنه للأسف أصبح العالم يرى أن اليهودية والصهيونية وجهان لعملة واحدة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، وأن الديانة اليهودية تدعم الاحتلال، والاستيلاء على أراضي الغير، وأن كل الممارسات البشعة والفظيعة والعنف الذي يحدث هي من التعاليم اليهودية، على الرغم من علمنا أن الأزهر يفرق بين الحركة الصهيونية والدين اليهودي ولكن للآسف فإن الصورة الغالبة عن اليهودية هي أنه دين عنيف، لذلك يقع على عاتقنا نحن كحركة ناطوري كارتا المسؤولية أن نساهم بأقصى طاقتنا لكي يفرق الناس بين الدين اليهودي والحركة الصهيونية.
أما ما الذي سيخرج عنه المؤتمر فنحن ندعو من الله أن يكون ذا رسالة سلام للعالم لمناصرة قضية القدس، وأن تلقى رد فعل دولي لتتحرك المجتمعات وتنهي قضية الاحتلال الإسرائيلي، لأننا كيهود فإن موقفنا معادي تمامًا للاحتلال ولا أتحدث هنا عن قضية القدس، بل أتحدث عن القضية الفلسطينية ككل، وأود أن أوضح أن العمل من خلال مجموعات داعمة للقضية الفلسطينية مع بعضها البعض وتوسيع دائرة عملها ممكن أن يساهم في وضع حل حقيقي للقضية، ولهذا نحن هنا.

أرى من كلامك إنكم تعارضون قيام دولة باسم اليهود؟
نعم، نحن في المؤتمر جئنا لنعلن موقفنا كاملًا من إعلان ترامب،  ونحن ندعو ونصلي ولكن عمل الشيطان وقوى الشر أحيانًا يبدو الأقوى وهو خلق دولة إسرائيل، والتي تم الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة، إن مبدأ تقسيم الأرض هو مبدأ مرفوض بالنسبة لنا، ولا أعرف أية ديمقراطية تريد الأمم المتحدة أن تفرضها في إيجاد دولتين في بلاد أغلبيتها من المسلمين، الديمقراطية ليست إقامة وطن على أساس ديني، فلا يجب أن يكون هناك وطن لليهود ووطن للمسلمين، لأنه هذا يكرس لنظام الأبارتهيد الذي كان موجودًا في جنوب أفريقيا، الديمقراطية هي وجود وطن به أشخاص ينتمون لأديان مختلفة.
ولذلك فإن اعتراف الأمم المتحدة بدولة إسرائيل هو بمثابة إقامة دولة أبارتهيد، ثم بعد ذلك هي تريد إحلال السلام والحرية؟!!

ما دوركم الذي تقوم به الحركة في دعم القضية الفلسطينية؟
هناك أدلة دينية وتاريخية تثبت أن قيام دولة إسرائيل مخالف لتعاليم التوراة، نحن كيهود نقوم بعمل تحالفات مع مجموعات مناهضة لقيام دولة على أساس ديني، ومناهضة للفكر الصهيوني وذلك بالأدلة، فاليهودية تدعو لعبادة الله، والمفترض أن كل ما يقوم به اليهودي هو أعمال تبشيرية وخدمة الرب، والتعريف به لمن لا يؤمنون به، أما الحركة الصهيونية هي حركة فكرية ومنهج فكري لإقامة دولة إسرائيل، وهذه في حد ذاتها فكرة قومية وليست دينية، واليهودي عليه الالتزام بتعاليم التوراة مثل عدم أكل لحم الخنزير، وعندما تقوم بعمل دولة لليهود، فهي كمثل من قام بضرب تعاليم التوراة وكلام وتكاليف الله لنا بعرض الحائط، الله قال لنا أنه عندما نختلف نحن اليهود حول قضية ما علينا أن نحتكم إلى كلامه لا إلى المحاكم والقوانين البشرية، لأنه إذا احتكمنا إلى القوانين البشرية، فهو اعتراف ضمني بأن كلام البشر أفضل من كلام الله، وهذا غير حقيقي، عندما قامت حركة صهيون، انقسم اليهود ما بين مؤيد وما بين معارض لفكرة قيام دولة أو وطن قومي لليهود، كان علينا أن نحتكم إلى التوراة والتي هي كلام وتعاليم الله لنا، ولكنهم ذهبوا إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ولهذا تعاليم الله لنا منذ أكثر من ثلاث آلاف سنة لم تتغير، الله حكم على اليهود بالخروج والشتات من الأرض منذ 3 آلاف عام، وجاءت الصهيونية لتضرب بحكم الله علينا عرض الحائط وتقول أنه حان الوقت لإقامة وطن لليهود!!
كل الأدلة التاريخية لزعماء الحركة الصهيونية ليسوا يهود متدينين، اليهودي المتدين عليه أن يرتدي اليارمولكا وهي القبعة الصغيرة على الرأس، وهي تتكون من كلمتين يار ومولكا، ومعناه الخوف من الله، وعلى كل يهودي ذكر أن يرتديها، لتذكرنا بأن هناك من هو أعلى مننا، الصور الخاصة باجتماع زعماء الحركة الصهيونية في الأمم المتحدة لم يرتدي أي واحد ممن حضروا الاجتماع هذه القبعة، وهو دليل على أنهم ليسوا حاخامات، ولا هم من اليهود المتدينين، بل هم أصحاب فكر سياسي في المقام الأول، ويطالبون بإقامة دولة لليهود، لا أعرف من أين جاءوا بهذه الجرأة لفعل ذلك؟، كل ما فعلوه أنهم استخدموا الدين اليهودي كذريعة وحجة لأغراضهم السياسية، وكان اختيارهم لاسم "إسرائيل" كاسم للدولة لغرض سياسي وليس لغرض ديني، كل من أقابلهم في الولايات المتحدة من المسيحيين يعربون عن دعمهم من أجل الحصول على أرضنا، هم ليسوا بعلم كاف، لأن اليهود المتدينون حقًا يعرفون أنه لا يحق لنا إقامة وطن باسم إسرائيل.

أليس من الغريب أن تظلوا على موقفكم حتى اليوم؟
هناك حكمة كان على اليهود أن يستوعبوها هو أن الخروج الذي أمرنا الله به كان بهدف خدمته، الله منعنا من إقامة دولة على الأراضي المقدسة في فلسطين، وإذا أردنا أن نعيش هناك، علينا أن نعيش كجزء من النسيج الشعبي هناك، وقد حذرنا الله بألا نبتعد عن تعاليم الخروج، "كان خروجنا لذنوبنا التي اقترفناها منذ أكثر من 2000 عامًا"، ورغم أنه تم هدم حائط سليمان منذ أكثر من 1500 عام إلا أنه لم يحاول اليهود وقتها بناء هيكل بديل، وأغلب اليهود والحاخامات في تلك الفترة، لا سيما يهود اليمن، مروا بفترات عصيبة من تاريخهم، مما دفع جزء كبير جدًا منهم للهجرة والقدوم إلى مصر، وعاشوا كجزء من الشعب المصري، جزء من معتقداتنا أن الله سيأتي بمعجزة إلهية بعيدًا عن التدخل البشري، ولهذا السبب نحن نعيش في معظم الدول الإسلامية، والتي سمحت لنا بالعيش فيها، إلى جانب أن أغلب معابدنا الدينية كان المسؤول عن حمايتها هم مسلمون، ولم نتلق أية تهديدات ونحن بها، لأننا لم نحاول أو يكن نيتنا الاستيلاء على الأراضي المقدسة، يجب أن نكون مواطنون صالحون في أي دولة نعيش بها.
في العهود السابقة عندما كنا فقط يهود لا نطالب بأي دولة لم يكن مسموح لنا بالدخول في أي نشاطك سياسي، لكن ومع ظهور حركة صهيون ومخالفاتها لتعاليم التوراة، وقفنا لنقاوم حركة صهيون، وهذا لا يعني أننا حركة سياسية.
عندما ظهرت الصهيونية منذ أكثر من 300 عام، منادية بوجوب وجود وطن قومي لليهود، لم ينتبه لها أحد، كما أنها استخدمت عدة أساليب مقنعة، وإن طالبت اليهود في الأول بترك أوطانهم الأصلية والانتقال للعيش في فلسطين، ولكن في عام 1890 عندما طالبوا بشكل علني ورسمي بأنهم يريدون فلسطين وطنًا لهم، وأنهم ورثوها، هنا وقفت طائفة الحريديم ورفضت هذه الدعاوي، عقاب الله لليهود بالخروج كان لكسر غرورهم، وكان هو الدواء الرباني الذي على اليهود تقبله، المريض عليه أخذ الدواء رغم مرارته، وهكذا كان الخروج، رغم مرارته إلا أنه يظل دواء الله لنا في الحياة، وعلينا ألا نوقفه من أنفسنا أو نعترض، .

إذن أنت ترى أن حركة الصهيونية هي حركة مخالفة لتعاليم اليهودية، وتحدي لإرادة الله؟
بالتأكيد كان عليهم أن يعرفوا أن الحكمة من النفي والشتات في العالم، كان بهدف أن نظل كشعب نخدم الله في كل مكان، والمطالبة بالعودة لأرض فلسطين هو تحدي لإرادة الله لنا بالخروج، وفي نفس الوقت الشتات هو نعمة مباركة من الله لأنه يريدنا أن نعلم الناس تعاليم اليهودية ، وأن هناك إله واحد، وهو المبدأ الذي تدور حوله فكرة الشتات، ويجب أن أكرر أن معظم من تزعموا حركة صهيون ليسوا بمؤمنين، ولا هم يهود متدينون، المشكلة الحقيقية أن أغلب اليهود اليوم ليسوا متدينين، أحد فوائد الخروج هو أن نظل ملتزمون بتعاليم التوراة، ماذا سيحدث إذا ظل اليهود في بريطانيا مثلا؟!، أن يجتمع كل اليهود في وطن واحد، سنفقد ذلك الالتزام والقرب من الله.
نحن لم نكن يوما مصدر تهديد للشعوب المسلمة، ولذلك استطعنا أن نعيش بينهم وأن نحظى بحمايتهم لنا، ولكن مع الحركة الصهيونية أصبح ينظر لكل يهودي على أنه صهيوني، وإننا مصدر تهديد، أنا أعرف أن تعاليم الإسلام تحرم على المسلمين المساس بأماكن العبادة لغير المسلمين، وهو الأمر الذي جعلنا نستطيع العيش طوال ألف عام دون قلق، بل أؤكد لكي أن المسلمين كانوا أكثر حرصًا على مقدساتنا أكثر من اليهود أنفسهم، في إسرائيل عندما أرادوا بناء طريق كان هناك تعترضهم مقابر فماذا فعلوا، قاموا بهدمها بينما هنا في مصر مازالت معابدنا والمقابر الخاصة بنا كما هي.

إذا كان أغلب اليهود متدينين لماذا هاجرت أعداد كبيرة من اليهود حول العالم إلى إسرائيل تاركين أوطانهم الأساسية؟
المشكلة أن ليس أغلب اليهود متدينون، قليلون هم الملتزمون بتعاليم التوراة، لذلك تجد في الأسرة الأب متدين ولكن الأبناء، أو من يتزوجوهم من غير اليهود ليسوا على علم كامل بتعاليم اليهودية، حتى أولئك الذين يقررون الدخول في اليهودية ليسوا كلهم على علم بتعاليمها، أحد الأمور الأساسية التي تعرفين بها اليهودي الملتزم أن يكون على علم كامل بتعاليم النبي نوح السبعة، وهي تختلف عن الوصايا العشر.

هل تعتقد أن الصهيونية تسببت في كراهية العالم لليهود؟
بلا أدنى شك، منذ إعلان دولة إسرائيل لم تنعم شعوب المنطقة بالسلام، كيف سيتحقق السلام وهناك جزء من الأراضي المقدسة مأخوذة بالقوة، كيف يكون هناك سلام، وأنت حرمت شعبًا مسلمًا من أرضه؟، أنت عاديت أكثر من ملياري مسلم حول العالم باسم اليهودية.

ولكن زعماء صهيون اعتمدوا في رواياتهم وقرائنهم بحقهم في أرض فلسطين على الإرث التاريخي، حيث كانوا يعيشون فيها قبل ظهور المسيحية، وأنهم أجبروا على الخروج، ولكن هذا لا يمنع بأنهم أصل أهل تلك المنطقة؟
حسنًا على كل يهودي أن يدرك أن الخروج والنفي من فلسطين هو عقاب رباني، وأمر لا علاقة له بالبشر، وأن سبب هذا العقاب هو كثرة ذنوبنا التي اقترفناها، فإذا آمننا بهذا سيأتي اليوم الذي تتحقق فيها وعد الله لنا ونعود لأرض فلسطين دون تدخل بشري، بل لأن الله غفر لنا خطايانا التي اقترفناها منذ ألفين عامين، حركة الصهيونية يقولون أن هذه الأرض ملكهم هم كاذبون ويعلمون أنهم كذلك، ويلقون دعمًا من المجتمع الدولي على كذبهم، هم يعلمون الحقيقة وأن كل ما هم فيه من نفي وشتات هو من أمر الله، لم يطردهم أحد، ولكن العودة بهذا الشكل أمر مخزي، بسرقة حقوق الآخرين، بقتلهم المتعمد بدعاوى الدفاع عن النفس كل هذه أكاذيب، هم يسرقون من قام بحمايتهم عبر التاريخ، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق لأن هذه الأفعال المشينة للآسف في النهاية تنسب على اليهودية وليس على عصابة استغلت الدين اليهودي.

أنتم من طائفة الحريديم، لماذا بدل أغلب أعضاء هذه الطائفة موقفهم من إقامة دولة لليهود من الرفض إلى السفر لها وترك حركة "ناطوري كارتا"؟
لم تجر الأمور على هذا النحو، عندما اعترفت الأمم المتحدة بدولة إسرائيل قام جميع حاخامات الحريديم بالتظاهر ضد القرار وحركة الصهيونية، ولكن تمت ملاحقة عدد كبير، وهذا المجتمع اليهودي لم يختف وإنما تعرضوا لملاحقات ومضايقات من زعماء حركة صهيون، نحن منشغلون بالدين اليهودي بينما كانوا هم منشغلون بالسياسة أكثر من الدين، لذلك فأننا لسنا منخرطين في العمل السياسي، ولكن في عام 1924 قام الحاخام يوسف حاييم يسرويل ديهان، رئيس الحاخامات لطائفة الحريديم في فلسطين ببعث رسالة للملك حسين ملك الأردن، يقدم فيها دعمه له، معلنًا رفضه لما يتم تداوله باسم اليهودية، وعندما ذهب إلى بريطانيا قامت الحركة الصهيونية باغتياله، الحركة قامت بتصفية الحاخامات التي وقفوا في وجهها وعارضوها.

ولكن هل كل الحاخامات انتقلوا لإسرائيل وأصبحوا أعضاء في الحركة الصهيونية بسبب الملاحقات؟
في حقيقة الأمر لا هناك جزء آخر من الحاخامات سافروا وأصبحوا أعضاء في الحركة الصهيونية بسبب الدعاية الهائلة التي اتبعتها الحركة لحث اليهود في السفر إلى فلسطين، قاموا بتوظيف شركات دعاية ضخمة لعمل حملات دعائية للسفر إلى إسرائيل، وكانت ترفع شعار انقذوا شعب اليهود، إنهم يتعرضون للاضطهاد في أرض الميعاد ... إلى آخر هذه الشعارات، فيما يشبه بعمل غسيل للمخ، هما استخدموا سلاح التهديد والدعاية لتخويف معارضيهم، وحث المتعاطفين معهم.

أيام الرئيس ياسر عرفات كنتم على علاقة وطيدة معه كما أنه عين الحاخام موشيه هيرش رئيس الحركة مستشارًا لشئون اليهود، هل هناك بينكم وبين الرئيس محمود عباس نفس هذا التعاون؟
كان هناك تعاون بيننا وبين الرئيس ياسر عرفات علاقات صداقة قوية، ولكن بالنسبة للرئيس محمود عباس لا أعتقد ولا أعرف لماذا؟

شارك