تقرير أمني: الإرهاب ينسج خيوطه المرعبة على بريطانيا

الإثنين 04/يونيو/2018 - 12:34 م
طباعة نهلة عبدالمنعم
 
تواجه المملكة المتحدة مخاطر عديدة تحدق بها، وتصرع شعبها فهي ما بين أرض شاسعة للجمعيات ذات التوجه الإرهابي وذئاب منفردة تعتبرها فريسة؛ استنادًا على عقيدة فاسدة تدفعها نحو مزيد من العنف.

تقرير أمني: الإرهاب
حذر وزير الداخلية البريطانية، «ساجد جافيد»، امس الأحد 3 يونيو 2018، من أن بريطانيا ستواجه عامين آخرين -على الأقل- من التهديد الإرهابي الشديد، مشيرًا إلى تزايد الخطر من المجموعات الإرهابية الراديكالية، إضافة إلى الجماعات اليمينية المتطرفة، ما سيجعل المصادر المحتملة للهجمات أكثر تنوعًا، ويضع بريطانيا فريسة لخيوط الإرهاب المرعبة التي تنسج لها. 

وقال الوزير في بيان رسمي: «باختصار نحن نتوقع أن يظل التهديد من الإرهاب على مستواه الحالي المتصاعد على الأقل خلال العامين المقبلين، وأنه قد يزداد أكثر». 

وأشار ساجد إلى اعتزام الحكومة اتخاذ حزمة من الآليات والتدابير من شأنها الحد من سطوة العمليات الإرهابية المحتملة، كما كشف عن اعتماد استراتيجية قوية لمكافحة الإرهاب، تتضمن مشاركة المعلومات على نطاق أوسع بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وخاصة المخابرات الحربية أو ما يطلق عليها «المكتب الخامس».

أما على الصعيد العالمي، فأعرب عن قلقه من تواصل التطور للجماعات والشبكات الإرهابية من جميع الأيديولوجيات، مستغلة في ذلك وسائل الإعلام الاجتماعية والتكنولوجيا والعلوم لتعزيز أهدافها وطموحاتها.

تقرير أمني: الإرهاب
ذكريات أليمة
ويتزامن بيان وزارة الداخلية مع ذكرى الهجمات الإرهابية التي ضربت وسط العاصمة لندن في 3 يونيو 2017، بعدما قام أحد الإرهابيين بتنفيذ عملية دهس استهدفت مجموعة من المارة على جسر لندن، وراح ضحيتها عشرة أشخاص من بينهم ثلاثة من المنفذين الذين ادعت داعش انتسابهم إليها.

ويذكر أن عام 2017 كان داميًّا في بريطانيا؛ حيث نفذ الإرهابيون عشرات الهجمات كان أكثرها حوادث دهس، مثلما حدث في 19 يونيو 2017 داخل منطقة «فينسبرى بارك» بالعاصمة ما أسفر عن ثلاثة قتلى، ويتبنى التنظيم تكتيك الدهس بناء على دعوة من المتحدث الرسمي أبومحمد العدناني، الذي حث أتباعه باستخدام هذا المنهج لقتل الأبرياء باعتباره وسيلة سهلة لحصد العدد الأكبر من الأرواح، وذلك قبل إعلان مقتله على وكالة أعماق -الجهة الإعلامية للتنظيم- في 30 أغسطس 2016 في معارك حلب السورية.

وفي دراسة بعنوان «الإرهاب في بريطانيا العظمى»، نشرتها مكتبة مجلس العموم تم رصد نحو 54 حالة وفاة (باستثناء الجناة) كنتيجة مباشرة لأعمال إرهابية وذلك خلال الفترة بين 11 سبتمبر 2001 إلى 31 مارس 2016.

كما صنفت الدراسة العمليات الإرهابية حسب مناطق ارتباطها كالتالي: عمليات إرهابية ينفذها أفراد ينتمون لمنظمات دولية، أو منظمات تابعة لأيرلندا الشمالية (وذلك على خلفية الصراعات الحدودية بينهم على الرغم من اعتبارها جزءًا من المملكة المتحدة)، أو نشاط خلايا محلية.

ووفقًا للإحصائية فأغلبية من تم القبض عليهم لصلة إرهابية كانوا من الرجال، 52% منهم أقل من 30 عامًا، ما يشير إلى أهمية اعتماد المجتمعات لأساليب من شأنها توجيه الآباء والمراهقين على حد سواء لخطورة التطرف وتفنيد معتقداته.

أما عن أصحاب الأصل الآسيوي فيمثلون حوالي 40% من مجموع المتهمين بالتطرف، وأغلبهم يمتلكون الجنسية البريطانية، وذلك وفقًا للدراسة.

وأدانت المحاكم في الفترة بين 2016 إلى 2017، 31 شخصًا بجرائم تطرف من أصل 91 متهمًا جار التحقيق معهم، فضلًا عن إحصاءات أخرى تقدر عددهم بنحو 300 شخص.

تقرير أمني: الإرهاب
خيوط مرعبة
على ما يبدو أن المخاوف التي تساور أجهزة الأمن لم تنشأ من العدم، فقط كشفت صحفٌ عن وجود علاقة ما كانت تربط بين أحد منفذي هجوم جسر لندن -في 3 يونيو 2017- وهو خورام بت، وشاب ثلاثيني يدعى ريكاردو مكفارلين قد ظهر له مقطع فيديو في الآونة الأخيرة، وهو يدعو البريطانيين إلى اتباع عقيدة الإسلام الراديكالي.

ويذكر أن منفذي هجوم 3 يونيو 2017 هم ثلاثة أشخاص تبنوا الفكر الداعشي، وهم: خورام بت باكستاني الأصل، ورشيد رضوان ذو الأصول المغربية الليبية، ويوسف زغبة مغربي المولد وإيطالي الجنسية.

كما سبق وأشارت أجهزة الإعلام البريطانية إلى اكتشافها خلية إرهابية مكونة من 18 شخصًا يدينون بالولاء لتنظيم داعش الإرهابي، وكلهم من مواطني بريطانيا وتجمعهم أواصر صداقة مشبوهة، وكان من أهم أعضائها الإرهابي سلمان عبيدي، الذي لقى حتفه بعد ارتدائه حزامًا ناسفًا لتنفيذ عملية انتحارية في مدينة مانشستر استهدفت حفلًا غنائيًّا، للمغنية الأمريكية أريانا جراندي، في 22 مايو من العام الماضي؛ ما أسفر عن مقتل 22 شخصًا بينهم أطفال.

تقرير أمني: الإرهاب
لماذا بريطانيا؟
سُجلت بريطانيا في دراسة نشرها مركز الاقتصاد والسلام البريطاني تحت عنوان «الإرهاب الدولي» رقم 28 على مستوى العالم في ترتيب الدول التي تشهد نشاطًا إرهابيًّا، وهي بذلك الدولة الثالثة أوروبيًّا بعد أوكرانيا وتركيا.

وتعزي الدراسة أسباب تركز الهجمات الإرهابية في بريطانيا إلى المشاكل التي يواجهها اللاجئون في الدولة التي تلقي بظلالها على تشكيل الهوية المضطربة لأغلبهم؛ فضلًا عن الجمعيات ذات الرجعية الأصولية المنتشرة في البلاد التي قد تتبنى بعضهم مستغلة ظروفهم.

وترى الدراسة أن منهج الجماعات في تربية ذئاب منفردة، ولاؤها الأول لتلك الجماعات فكريًّا، تزامنًا مع وجود اللاجئين، قد يعد من أهم أسباب زيادة الهجمات، حيث تمثل 70% من مجموع العمليات الإرهابية في الغرب من عام 2006 إلى عام 2014.

وعن التكاليف الاقتصادية العالمية للإرهاب، فقدرت الدراسة التكاليف في عام 2014، بنحو 52.9 مليار دولار.

كما تعد المواقع الإلكترونية في بريطانيا من أهم أهداف داعش والجماعات الإرهابية؛ حيث سجلت الجامعات أعلى نسبة اختراق لمواقعها، وقد روج التنظيم لهذه الأفعال؛ وذلك في إحصائية شائنة نشرها بالمواقع التابعة له على التيليجرام. 

وتكثف الأجهزة الأمنية أنشطتها محاولة إيقاف خطر الإرهاب بعيدًا عن مواطنيها، إضافة إلى مشاركتها في الحرب على داعش في معقله على الأراضي السورية والعراقية فقد استطاعت إحباط أكثر من 12 عملية إرهابية قبل تنفيذها.

جدير بالذكر أن السلطات قد نجحت في توجيه ضربات استباقية إلى العناصر شديدة الخطورة مثل القبض على الفتاة المراهقة صفاء بولار التي كانت تجمعها علاقة بالعقل الإلكتروني لداعش حسين جنيد، إضافة إلى الداعشي المختل، حسنين رشيد الداعي إلى تسميم الأمير جورج حفيد الملكة إليزابيث.

شارك