تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 5 - 6 )

الجمعة 23/نوفمبر/2018 - 10:29 ص
طباعة تاريخ العلاقات الإخوانية
 
الإخوان يرفضون العمل العلني في مصر متعللين بالمعوقات
فلماذا رفضوا إذن العمل العلني في أمريكا؟!
ولماذا أقاموا تنظيما برأسين في واشنطن؟
وهل يعني هذا أننا أمام تنظيم بثلاث رءوس في مصر؟
الإخوان يقارنون بين تحسين صورة المسلمين في الغرب
وبين الحفاظ على أمن التنظيم وقياداته فيرجحون أمن التنظيم
الجماعة تؤيد غزو صدام للكويت
لفتح الطريق للأمريكان للقدوم إلى المنطقة
مفوض العلاقات الخارجية للتنظيم
يلتقي بوش الأب وكلينتون ويعرض مساعدة الإخوان
والأمريكان يردون بإرسال مراقبين لحضور جلسات 
محاكمة التنظيم في مصر
تاريخ العلاقات الإخوانية
ونواصل مع مهدي عاكف وتقييمه للأوضاع في فرع الإخوان بأمريكا، ورأي قيادات الجماعة هناك حول موضوع سرية وعلانية الدعوة؛ إذ يكتب عاكف حول لقائه مع الشيخ عبد المتعال الجبري مؤكدا:
حضر الشيخ عبد المتعال الجبري اللقاء مع الدكتور القاضي، واستمع إلى عرضه، لكنه لم يبد رأيًا فيما عرضه الدكتور القاضي في الجلسة إلا مجرد استفسارات، ومن أهمها استفسار عن مدى ولاء الإخوة الذين ذكر الدكتور القاضي أنهم أهل لتحمل مسئولية المؤسسات العامة بجدارة. وقوبل هذا الاستفسار من الدكتور بامتعاض؛ إذ رأى فيه شكا في خبرته وتقويمه للأفراد. 
لكن الشيخ عبد المتعال بعد ذلك أبدى وجهة نظره لي على انفراد وخلاصتها ما يأتي: 
1. أن مجموعة معهد الفكر لا تمثل الدعوة لا شكلاً ولا مضموناً، وأنهم يحاولون احتواء العمل والسيطرة عليه لتوجهه حسب ما يريدون وهم غير مأمونين. 
2. أن الدكتور القاضي مؤازر لهم على طول الخط- حسب قوله- ويتبنى آراءهم، ويستميت في الدفاع عنها. ويتشكك الشيخ فيما ذكره الدكتور القاضي من أنه يعرفهم معرفة تامة ويعلم كل شيء عنهم. 
موسى أبو مرزوق
موسى أبو مرزوق
3. أن الأخ موسى أبو مرزوق ليس محدد الموقف؛ فهو مع الدكتور القاضى يوافقه ومع غيره يعلن رفضه. 
4. أن الأخ موسى يحاول– حسب رأي الشيخ– توجيه التنظيم كله وجهة فلسطينية، بحيث يكون جل النشاط حول قضية فلسطين. 
5. أن من أسباب الخلل تعصب أبناء الخليج والكويت والعراق وكثير من الفلسطينيين لتوجهات الأستاذ "الراشد" في التربية والحركة. وذلك يؤدي بهم إلى التحرر من كثير من قواعد الالتزام الحركي والمنهجي العام. 
6. يرى أنه يجب توجه النظام كله هناك إلى التربية أولا. وبخاصة أن مسئوليته الآن هي التربية. 
تاريخ العلاقات الإخوانية
7. يرى أن توجه الدكتور القاضي يعتمد على كثير من الباكستانيين وهؤلاء- حسب قوله– ليسوا على مستوى فقه الجماعة منهجياً ولا حركياً؛ إذ هم يتبعون توجهات الشيخ أبي الأعلى المودودي ويؤثرون التمايز عن العرب، ويدعون إلى سيطرة الإنجليزية على العربية، وهو ما يراه الشيخ عبد المتعال خطراً جسيماً، يؤدى إلى مزيد من التفكك والخلل في الثقافة والعلاقات. 
وإن كان لي من تعليق فإني أستأذن في طرحه على النحو الآتي: 
1. الوضع هناك يحتاج إلى تدخل حاسم وسريع يراعي التوازن الذي يجمع بين كل التوجهات؛ حتى لا يعتبر فريق أن القرار مؤيد لجانب دون جانب.
2. الواضح من الواقع أن الثقة مفقودة الآن بين الجميع وهو مكمن الخطر.
3. منهج التربية هناك يساعد على وهن الالتزام؛ إذ أن الجانب الإدارى يكاد يسيطر على العلاقات سيطرة شبه كاملة، والجانب التربوي يقوم على أساس المدخل الثقافي وحده والتوسع فيه توسعاً قد يكون في معظمه غير ملائم لمستويات الأخوة الدعوية، بينما جانب التربية الروحية، وإحياء القيم ومعايشتها، وتأصيل الانتماء للدعوة، وتعميق فقه الجندية وضوابط الأداء، كل ذلك يكاد يكون غير موجود، فالمخيمات والدورات تخلو من هذا تماماً. وهو ما رأيته وعايشته. ولعل هذا أحد الأسباب الأساسية في فتح الطريق أمام التعصب للآراء وكثرة المجادلات وحدتها أثناء عرضهما مما قد يصل إلى حد تجريح كل طرف للآخر.
4. إن العمل السريع– في رأيي– يقتضي الوصول إلى قرار حاسم وملزم يفرض تسكين هذه الخلافات، وعدم السماح بالحديث عنها مجرد حديث وتشكيل مجموعة تسوية تنشط في طرح المفاهيم الصحيحة لفقه الدعوة، وتعميق قيم الجندية، والحب، والأخوة، والتجرد وصدق القصد، والذلة على المؤمنين. على أن تكون رسائل الإمام الشهيد مدخلا رأسيا في التربية والتوجيه. وأن نكون الأساس الذي لا ينازعه سواه مهما كانت مصادره. 
5. والأمر يقتضي أن يقوم المسئولون بواجبهم في الاتصال بالقواعد على الأسس السابقة، وأن يتم ذلك بدقة تامة والتزام متين.
6. والوضع أولاً وأخيراً يحتاج إلى تكثيف الزيارات إلى هذه البلاد وبخاصة من مصر. وأن تكون مهمة هذه الزيارات التأصيل التربوي قبل كل شيء. والعمل على توثيق علاقات القيادات بعضها ببعض. 
7. الكل هناك مجمع على ضرورة قيام المسئولين هنا بزيارة قريبة لمعالجة هذه المشكلات. وقد يكون من الموافق ما اقترحه الأخ موسى من موعد انعقاد مجلس الشورى 5، 6 مايو بشرط إخبارهم أولاً.
إلى هنا تنتهي دراسة عاكف التي ترسم بوضوح حجم الجدل الذي أثير في بداية التسعينيات حول سرية وعلانية فرع الجماعة بأمريكا.
ملاحظات مهمة
رأينا كيف أن الأغلب الأعم من قيادات الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية، يرفض فكرة العمل العلني، خشية من عدة مخاوف حصرها عاكف في الآتي:
- أمن التنظيم وقيادته، خاصة هؤلاء القادمين والعائدين من الشرق.
- انخفاض مستوى الالتزام الحركي أو الفكري أو التربوي.
- إحراج تنظيمات الشرق، خاصة مع الدول الصديقة لأمريكا.
- الخوف من الاحتداد مستقبلاً من طوفان الجماهير المقبلة.
- كيفية الجمع بين إخوة سريين وآخرين علنيين في تنظيم واحد.
- قلة الكفاءات القيادية السرية لقيادة تنظيم علني.

وعرض عاكف عدة بدائل للخروج من الأزمة أهمها :

وعرض عاكف عدة بدائل
1. أن تكون الأسنا(ISNA) وهى الإتحاد الإسلامى في أمريكا الشمالية هي الشكل العلنى للعمل الدعوى بإجراء بعض التعديلات في نظامها ولوائحها.
2. أن يكون هناك تنظيم عام وآخر خاص منفصلين تماماً وذات قيادتين منفصلتين.
3. أن يكون هناك تنظيم واحد وقيادة واحدة وذات فرعين أحدهما علنى والآخر سرى.
4. أن يظل الأمر كما هو عليه الآن وأن أى تصرف فيه سرعة يجب الا نقوم به الآن."
ونواصل مع مهدى عاكف عرضه لرؤية القيادات الإخوانية في أمريكا للفكرة ( فكرة العمل العلني )، ولنا على هذا الموضع ثلاث ملاحظات :
الأولى: يشتكي الإخوان دائما من فكرة التضييق عليهم في الدول العربية وبخاصة مصر، ويروجون عبر خطابهم العلني، انهم لا يحبذون أي عمل سري، لولا تلك المعوقات القانونية التي توضع في وجه أي تحرك للجماعة نحو العلانية، والسؤال لماذا رفضوا التوجه للعمل العلني في أم الديمقراطيات ( في أمريكا) وحبذوا العمل السري .
الثانية : إذا كان الإخوان، وفي قلب الولايات المتحدة الأمريكية أقاموا تنظيم برأسين ( عام وسري)، فلماذا دائما ينفون أن لديهم تنظيم سري في مصر، على الرغم من تأكيد عدد من قياداتهم الكبار لوجود مثل هذا التنظيم، في مقدمتهم الدكتور عبد الستار المليجي .
الثالثة :أن الإخوان عندما قارنوا بين محبذات العمل العلني وفي مقدمتها، تحسين صورة المسلمين في الغرب، وبين محبذات العمل السري، وفي مقدمتها الحفاظ على أمن التنظيم وقياداته، رجح الإخوان أمن التنظيم على تحسين صورة المسلمين، فلماذا ينكرون دائما أمام الشاشات البراقة، أنهم دائما ما يقدمون مصلحة التنظيم على مصلحة الأمة، وهو الأمر الذي أكده عددا من قياداتهم أيضا، وفي مقدمتهم أبوالعلا ماضي وثروت الخرباوي ..وآخرين.

حرب الخليج

حرب الخليج
في هذا الوقت كانت الجماعة الأم تعيش أجواء مختلفة، فبعد نهاية حرب أفغانستان وتأكد المخابرات الأمريكية من قدرات الجماعة على الحشد والردع، جاءت حرب الخليج لتصنع المحطة الثانية في التعاون الأمريكي– الإخواني المثمر.
عاودت المخابرات الأمريكية الاستعانة بالإخوان في تهيئة الأجواء بمنطقة الخليج؛ من خلال إظهار دعمهم للرئيس الراحل صدام حسين ومباركتهم لخطته "غزو الكويت". حيث أوفدت الجماعة مجموعة من قياداتها من بينهم أعضاء بارزون بنقابة المحامين بمصر لمقابلة صدام حسين وأقنعوه بوضع لفظ الجلالة‏ (‏ الله أكبر‏)‏ على العلم العراقي، لأهمية إضفاء الصبغة الدينية على خطابه السياسي، وإطلاق مسمى الحرب المقدسة على غزوه الغادر للكويت التي استقبلت أعدادا كبيرة من الإخوان الهاربين والمفرج عنهم من سجون عبد الناصر إبان سنوات محنتهم، واستقروا فيها وأكلوا من خيرها ثم اعتبروها فيما بعد بمثابة "بيت المال" للتنظيم الدولي،‏ فكان رد الجميل هو مساندتهم ومباركتهم ودعمهم لصدام في نهب ثرواتها‏.
نايف بن عبد العزيز
نايف بن عبد العزيز
طبعا جميعنا يذكر تنكرهم لجميل السعودية، التي فتحت لهم ذراعيها إبان محنتهم الأولى مع عبد الناصر، عندما ساندوا إيران في حربها ضد العراق "في حرب الخليج الأولى"، ولكنها الميكافيلية في أبهى صورها، تلك التي دفعت بسمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، إلى التصريح بأن الإخوان كانوا أساس البلاء في المملكة. ‏
محمد حامد أبو النصر
محمد حامد أبو النصر
ووفقا للسيناريو المتفق عليه احتلت القوات العراقية الكويت لإيجاد مبرر لأمريكا للتدخل بدعوى مساندة الكويت وطرد المحتل العراقي وترتب عليها لجوء إخوان الكويت لتجميد عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان، وقيام الدكتور إسماعيل الشطي‏ "المتحدث الرسمي بإسم إخوان الكويت‏" بإجراء محاكمة صورية لمرشده الأعلى في ذلك الوقت "محمد حامد أبو النصر" ردا على تأييد التنظيم لغزو صدام لبلاده‏.
كانت العلاقات الأمريكية الإخوانية في ذلك الوقت في أعلى مستوياتها، وهو ما أكده يوسف ندا مفوض العلاقات الخارجية للجماعة، الذي ذكر"أنه قابل الرئيسين الأمريكيين، بوش الأب وبيل كلينتون، خلال حقبة التسعينيات، وعرض عليهما توسط الإخوان لأمريكا في بعض القضايا المثارة مع دول في العالم الإسلامي، مضيفا أنه اتصل أيضا بمؤسسات داخل الولايات المتحدة- لم يحددها- من أجل ذات الموضوع، وهو ما أقر به مأمون الهضيبي مصدقا على كلام ندا.
هيلاري كيلنتون
هيلاري كيلنتون
ومن الحقائق المؤكدة في هذا الصدد: تمكن الإخوان في ولاية نيوجيرسي أحد معاقل الجماعة بقيادة فؤاد حمودة مسئول الإخوان في الولايات المتحدة من الاتصال بالسيناتور هيلاري كيلنتون "قبل أن تصبح وزيرة للخارجية"، والتي أرسلت للحكومة المصرية– عقب اللقاء- تستفسر عن ملابسات وفاة عبد الحارس مدني "المحامي المصري الذي توفي في أحد السجون المصرية آنذاك"، وهو ما أكد إمكانية وصول الإخوان للبيت الأبيض عن طريق فرع التنظيم الدولي في واشنطن.
عصام العريان-عبد
عصام العريان-عبد المنعم أبوالفتوح-خيرت الشاطر
كان حرص مسئولين في السفارة الأمريكية على حضور جلسات محاكمات الإخوان إبان حقبة التسعينيات واضحا، ولم يقف الأمر عند الحضور وإنما امتد إلى إعداد وكتابة تقارير حول تلك المحاكمات، كما حدث في القضية العسكرية الأولى عام 1995، والتي كانت تضم عددا من المتهمين الرئيسيين، في مقدمتهم: عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح وخيرت الشاطر. فقد حضر جلسات المحاكمة المسئول الثاني بالسفارة الأمريكية، كما حضر الجلسات أيضا وفد من المحامين الإنجليز، واعتبر هذا تدخلا في القضاء المصري.. كما أرسلت هيلاري كلينتون برقيات تأييد للإخوان.. مسجلة اعتراضها على المحاكم العسكرية، وهو ما نشرته صحف تابعة للإخوان في ذلك الوقت، واستمر حضور ممثلين للسفارة الأمريكية في جلسات محاكمات الإخوان حتى عام 1999 الذي شهد قضية النقابيين عام.
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 1 - 6).. اضغط هنا
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 2 - 6).. اضغط هنا
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 3 - 6).. اضغط هنا
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 4 - 6).. اضغط هنا

شارك