وثائق جديدة تثبت تورط محاكم إردوغان في تحصين الإرهابيين

الأربعاء 22/مايو/2019 - 02:26 م
طباعة وثائق جديدة تثبت حسام الحداد
 
كثيرا ما تنشر تقارير هنا وهناك حول علاقة النظام التركي بالجماعات الإرهابية من القاعدة إلى داعش وأخيرا حركة الشباب الصومالية، رغم محاولات الإعلام التركي ممثلا في وكالة الأناضول التعتيم على حقيقة مساعدات ودعم أردوغان لهذه الجماعات ففي 13 مايو الجاري، نشرت وكالة الأناضول الرسمية، خبر يفيد استهداف حركة الشباب الصومالية، مسؤولا عسكريًا تركيًا في العاصمة مقديشو، ما بدا أنه محاولة من الوكالة الرسمية لغض الطرف عن الاتهامات الشديدة التي يوجهها الغرب دائمًا لنظام رجب إردوغان بدعم الحركة الصومالية المتطرفة بالسلاح والمال.
لم يمر أكثر من أسبوع إلا ونشرت شبكة "نورديك مونيتور" السويدية للأبحاث والرصد المتخصصة في تتبع الحركات المتطرفة، وثائق تؤكد من جديد تورط حكومة إردوغان في الدفاع عن الجماعات الإرهابية المتطرفة حول العالم، ومنها حركة الشباب الصومالية التي تمارس الإجرام في شرق إفريقيا. 
وثائق "نورديك" أكدت تورط إردوغان في وقف عملية ترحيل الإرهابي "أحمد ديني" الذي يحمل الجنسيتين الهولندية والصومالية، وطلبت الولايات المتحدة الأمريكية تسليمه بتهمة التورط في جرائم إرهاب، غير أن إحدى المحاكم التركية قضت برفض تسليمه إلى هولندا ومن ثم إلى واشنطن، حتى أنها اعتبرت حقوقه الشخصية "انتهكت".
اعتُقِل ديني، وهو حفيد الرئيس الصومالي الأسبق محمد سياد بري والذي حكم البلاد بقبضة حديدية في الفترة ما بين عامي 1961 و1991، في مطار إسطنبول يوم 23 مارس 2014 حيث كان في رحلة "ترانزيت"، قادمًا من مصر وفي طريقه هو وزوجته الألمانية إلى هولندا، وقبل ترحيله كان ديني معتقلا في مصر منذ 13 أغسطس 2013 بعد الإطاحة بالرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي.
السلطات التركية اعتقلت الإرهابي الصومالي بعد إدراجه على قوائم المطلوبين بسبب صلاته بحركة "الشباب" الإرهابية وكان مطلوبا بموجب أمر اعتقال صادر من جانب الولايات المتحدة، وسارع جهاديون أتراك مقربون من إردوغان إلى مساعدته وقاموا بتوكيل محامٍ للدفاع عنه، كما حشدت جماعة مشبوهة تزعم العمل الخيري تابعة للحكومة التركية لإطلاق سراحه.
وخلال محاكمته، عارض المدعي العام التركي تسليم ديني إلى هولندا ومن ثم إلى واشنطن، وزعم أنه سيتعرض للتعذيب إذا تم تسليمه للولايات المتحدة وفي نهاية الإجراءات في 23 من مايو 2014 توافق رأي القضاة مع رأي المدعي التركي وقضوا برفض دعوى تسليمه استنادا لأنه "قد يتعرض للتعذيب بسبب آرائه السياسية في حال تم تسليمه"، ومن ثم تم إطلاق سراحه.
أقوال الإرهابي مزدوج الجنسية خلال محاكمته في تركيا جاء فيها أنه رفض العمل لصالح جهاز المخابرات الحربية البريطانية (MI5) في عام 2008 حيث كان يعيش في برمنجهام في الفترة ما بين عامي 2006 و2011 ، ثم انتقل إلى ألمانيا للزواج في 2011 لكنه لم يستطع العودة لبريطانيا لصدور أوامر ضده بعدم دخول البلاد أو التواصل مع أي شخص داخلها لاتهامه بالتطرف.
ديني أوضح أنه استقر هو وزوجته في مصر بسبب انخفاض تكاليف المعيشة بها ورغبته في إكمال دراسته، لكن السلطات المصرية ألقت القبض عليه وقامت بسجنه لمدة 7 أشهر في سجن ليمان طرة المشدد، وزعم أن عميلا بريطانيا التقاه في 17 فبراير 2014 أثناء وجوده بالسجن في محاولة جديدة لإقناعه بالعمل لصالح المخابرات البريطانية.
عقب إطلاق سراحه في القاهرة، قال ديني إن السفير الهولندي ومكتب القنصلية تواصلا معه لإعادته إلى هولندا حيث كان يعيش هناك منذ سن الثالثة لكنه أخطِر بأنه لم يكن هناك طيران مباشر في هذا اليوم وعرضوا عليه رحلة "ترانزيت" عبر إسطنبول، زاعما أن ذلك كان جزءا من مخطط لإلقاء القبض عليه في تركيا وتسليمه للولايات المتحدة نظرا لوجود طيران مباشر إلى هولندا في اليوم ذاته.
بالفعل، استقل الطائرة المتجهة إلى إسطنبول وأجبِر على دخول تركيا رغم أنه كان مفترضا أن يستقل طائرة أخرى متجهة إلى أمستردام، على أن تكون إسطنبول محطة "ترانزيت"، ورغم الإفراج عن ديني من جانب المحكمة التي رفضت أمر تسليمه، فإنه قد وضِع تحت رقابة إدارية وتم فحص بياناته من أجل تسليمه لأنه يشكل تهديدا على النظام العام.
ديني زعم أن عملاء أمريكيين أجروا مقابلة معه في القنصلية الهولندية بتركيا حيث تم استدعاؤه لتجهيز جواز سفره بينما كان تحت المراقبة. وعندما استقل الرحلة في 8 يونيو 2014 رفض التعاون مع السلطات وقام بتمزيق بطاقة صعود الطائرة وأوراق السفر واضطرت السلطات لاستبعاده من على متن الطائرة لأسباب تتعلق بالسلامة.
قضاء بأمر إردوغان
وفي 7 من أغسطس 2014، قضت إحدى محاكم مدينة إسطنبول التركية برفع إجراءات الاعتقال الإداري لكن لم يتم إطلاق سراحه حتى قضت محكمة أخرى بإسطنبول بذلك.
وقال ديني: "إن هولندا قامت في السابق بترحيل مواطنين هولنديين إلى الولايات المتحدة" وعبر عن قلقه من احتمالية تعرضه للمعاملة السيئة في حال تم تسليمه للسلطات الأمريكية وقضت المحكمة الإدارية الأولى بإسطنبول في 21 أكتوبر 2004 بأن قرار تسليمه جاء متماشيا مع القانون.
لاحقا قدم ديني شكوى إلى المحكمة الدستورية في 15 ديسمبر عام 2014 زاعما انتهاك حقوقه الأساسية، في بجاحة يحسد عليها، لكن الغريب أن المحكمة  اطلعت على القضية في 3  أبريل الماضي وقضت بإجماع الآراء بانتهاك حقوق ديني، لذا أمرت بإعادة محاكمته فيما يتعلق بأمر تسليمه في المحكمة الإدارية وقضت بعدم تسليمه خلال سير المحاكمة.
وفقا للقانون التركي، ففي حالات استثنائية مثل تهديد الأمن القومي أو النظام العام، قد يتم أمر التسليم بينما تكون إجراءات المحاكمة قيد النظر، لكن المحكمة قضت بأن ذلك الخيار لا يمكن اللجوء إليه من جانب السلطات التركية حتى إتمام إعادة المحاكمة، كما طُلِب من حكومة أنقرة تعويض ديني عن الأضرار التي لحقت به ودفع مبلغ 10 آلاف ليرة تركية.
عندما كان ديني في تركيا، أدين صديقه أنس عبدالله الذي عاد إلى بريطانيا، بالتخطيط للالتحاق بتنظيم "داعش" في سورية في أكتوبر عام 2016 وبرز في دائرة اهتمام الشرطة البريطانية عندما تم توقيفه بينما كان يحمل حاسوبا مملوكا لديني.
وعُثِر لاحقا على أنس عبدالله مختبئا داخل شاحنة حيث كان يحاول الهرب خارج بريطانيا في أبريل 2015 كما زعم أن المخابرات الحربية البريطانية حاولت التواصل معه ليصبح مخبرا لكنه استطاع الفرار بعد أعوام من المضايقة من جانب ضباط مكافحة الإرهاب. 
أما شقيق ديني، فقد سبق وحوكم في بريطانيا لمحاولته السفر إلى سورية لكن تمت تبرئته، ثم اعتقِل لاحقا مع أنس عبد الله أثناء محاولته مغادرة البلاد سرا.
 المحامي التركي بوراك توران مثّل ديني أمام القضاء التركي، وهذا المحامي يعمل لدى هيئة "الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات"، وهي منظمة تزعم أنها تمارس العمل الخيري، ومرتبطة بشكل وثيق بجماعات جهادية مسلحة حيث سبق وتم رصد تعاونها مع تنظيم القاعدة في عام 2014 خلال تحقيق أجري بتركيا تكتمت عليه حكومة إردوغان.
وتعمل الهيئة الداعمة للإرهاب مع جهاز الاستخبارات الوطنية التركي، وقالت روسيا إن المنظمة تقوم بتهريب أسلحة إلى جماعات جهادية في سورية وذلك من خلال وثائق استخباراتية قدمتها لمجلس الأمن الدولي في 10 فبراير 2016. وفي تغريدة على حسابه بموقع تويتر في 27 مايو 2014، احتفل المحامي توران بنجاحه في تبرئة ديني وقال إن موكله "قد تحرر من أيدي الأمريكيين"، ليؤكد رعاية تركيا بقيادة إردوغان للإرهابيين من شتى الجنسيات.

شارك