أبواب الفوضى.. دراسة في مقدمات انهيار الدولة المدنية في مصر

الثلاثاء 04/نوفمبر/2014 - 08:14 م
طباعة أبواب الفوضى.. دراسة
 
• اسم الكتاب – أبواب الفوضى 
• الكاتب – محمد فرج 
• الناشر – دار العالم الثالث – القاهرة - 2006
رغم عدد صفحاته التي لم تتجاوز 76 صفحة من الحجم الصغير، إلا أن هذا الكتاب يمثل جرس إنذار يدق بشدة قبل انهيار الدول المدنية في مصر، حيث يتناول الكاتب محمد فرج الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية التي أطلق عليها أوضاع اللبنة الأساسية للفوضى، لأنها تتفاعل مع الأزمة الشاملة في المجتمع المصري كسيناريو انفجار لعناصر التكوين الاجتماعي وعناصر البناء السياسي، فتحدث الكاتب عن الأوضاع المنتجة للبنية الأساسية للفوضى التي تصنع البيئة الملائمة لإنتاج العنف والتعصب، البيئة الملائمة لتراجع النظم السياسية وتصاعد الفساد، وإنتاج الفقر والبطالة وتراجع الفكر والثقافة، وتصاعد حالات الدروشة والشعوذة والخرافة وتراجع التفكير العلمي والقيم العقلانية.
فئات المهمشين
تمت الإشارة إلى خطورة اتساع فئات المهمشين كنتاج لفوضى التكوين الاجتماعي واتجاهات تفكيكه وتفتيته، واتساع شبكات الفساد وتعميم قيمها وإفساد للمجتمع كنتاج لتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي  ارتبط بهذه الفئات والشبكات من قيم وسلوك يتصلان بالعشوائية والفوضى والبلطجة والعنف. 
الاستغلال
أما نتاج فوضى التكوين الثقافي فقد ظهر في خلط الدين بالسياسة، ويقول محمد فرج إن الخطر الأول من ذلك يكون على الدين نفسه، حيث يتحول الدين إلى موضوع للصراع وتستخدم الفرق المتصارعة عبارات وأدوات الإيمان في الصراع، وتسعى الفرق الحاكمة للاستبداد السياسي باسم الدين والفرق المعارضة تسعى للحكم باسم الدين ؟! والخطر الثاني لهذا الاستغلال يكون على المجتمع حيث تقوم هذه الفرق المتصارعة على السلطة بإخفاء الصراع على المصالح باسم الدين.
أما الخطر الثالث فهو على العمل السياسي والبناء الفكري والثقافي للمجتمع، فكل فريق متصارع يرى أنه يحافظ على الدين، ويرى في الآخر خروجًا على الدين، فقد تحول العمل السياسي هنا إلى صراع ديني وتمييز للمواطنين على أساس طائفي وتكفير وعنف مسلح، وقد عشنا كل هذا. 
ويضيف الكاتب: "ومن المؤسف حقا أننا لم نشهد في بلادنا لاهوتا للتحرير يقوم على تحالف رجال الدين مع قوى التقدم والديمقراطية، كما كان لاهوت تحرير أمريكا اللاتينية، بما أنتجه ذلك اللاهوت التحرري من فكر يقوم على تحالف القوى الوطنية بتنوع مصادرها الفكرية والسياسية كتحالف وطني شعبي مضاد للاستبداد والاستعمار، بل وجدنا تكفير الدولة والمجتمع والمعارضة السياسية تحت تهمة تهمة العلمانية أو الدنيوية. 
لقد شخّص الكاتب بمهارة فيروسات ضعف المناعة التي تصنع مقدمات انهيار او تآكل الدولة المدنية في مصر، مؤكدًا – عام 2006 – أنه من المستحيل أن تصمد أي دولة مدنية ديمقراطية على قواعد من الفوضى الاجتماعية والسياسية والثقافية ولا يمكن أن تصمد على قاعدة اجتماعية تتزايد فيها باستمرار فئات المهمشين وتتفاقم أوضاع البطالة وتتسع معدلات الفقر وشبكات الفساد وثقافيا تتآكل قيم المواطنة والعدل والمساواة وتتزايد قيم ودعاوى الطائفية والتمييز على أساس الدين والجنس، وتنهار أي دولة مدنية تتزايد فيها القوى التقليدية وعلاقاتها قائمة على التعصب وتتراجع القوى المدنية والحريات، فالدولة ليست مجرد شعارات ولا صندوق انتخابات، فإذا كانت الرسالة لم تصل فإنها مازالت صالحة الآن للقراءة.

شارك