هل تشكل عناصر المخيمات الصفوف الجديدة لـ«داعش»؟

الأحد 29/سبتمبر/2019 - 10:28 ص
طباعة هل تشكل عناصر المخيمات نهلة عبدالمنعم
 
في ورقة بحثية حديثة، ناقش مركز «راند» لـلأبحاث والدراسات تأثيرات الإهمال واللامبالاة على انتشار الإرهاب في الدول التي لا تحترم مسؤوليتها تجاه مواطنيها ممن انزلقوا في غياهب الجماعات المتطرفة، إذ أشار إلى أن تنظيم «داعش» لا يزال  يمثل تهديدًا حقيقيًّا للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي، على الرغم من انهيار خلافته الجغرافية في سوريا والعراق. 

وقالت الورقة: إن الإشكالية تكمن في  زعيم التنظيم، أبي بكر البغدادي وبقائه على قيد الحياة، وجهده المتواصل من أجل إعادة بناء شبكات التنظيم وشن حملة الاغتيالات السياسية، ومهاجمة الكمائن، واتباع استراتيجية «حرب العصابات»، ومن شأن ذلك أن يتيح فرصة جديدة لـ«داعش» في العودة مرة أخرى وجني الأموال عن طريق متابعة العمليات القذرة من تحت الأنفاق؛ إذ لايزال بإمكانه الوصول إلى مئات الملايين من الدولارات التي ستساعد في إعادة بنائه.



ومن المتغيرات التي إعتمدت عليها الدراسة لتعضض فرضيتها هو «مخيم الهول»؛ إذ ذكرت أن المخيم يشمل آلاف العناصر الداعشية ممن رفضت دولهم استلامهم أو عودتهم لبلادهم، وإلى جانب مشاعر التخلي والإهمال، تظل الظروف القاسية بالمخيم عامل ضاغط يدفع الكثيرين للارتباط بشكل أكبر بالتنظيم باعتباره الملاذ الأوحد. 



ويعيش في المخيم حوالي 70.000 شخص أكثرهم من النساء والأطفال الذي ازداد معدل وفياتهم خلال الفترة الماضية؛ نتيجة الظروف المعيشية القاسية والرعاية الطبية المتدنية، طبقًا للدراسة.



وأدت هذه الظروف السائدة في المخيمات إلى تغذية التطرف؛ إذ تقوم النساء المتشددات بتنظيم دوريات تشبه ما كان يتم العمل به في النسخة الداعشية وقت السيطرة على أراضي سوريا والعراق.



وبناءً على ماسبق، تقول «راند» بأن العوامل المتشابكة حول قضية رفض العائدين وتنامي التشدد بالمخيمات وتحريض «البغدادي» ستدفع «داعش»؛ لإعادة ترتيب صفوفه. 



وتستطرد، بأن فرنسا وهولندا استعادتا عددًا صغيرًا من الأيتام فقط، في حين رفضت أغلب الدول الأوروبية إعادة مواطنيها، مشيرة إلى أنه من السهل فهم سببية إحجام السياسيين الذين يترددون في التعبير عن تأييدهم للعودة إلى الوطن، ولكن من المهم أن تظل الدول متيقظة حيال التهديد الأمني ​​المحتمل الذي قد يشكله هؤلاء الأفراد، لاسيما إذا كانت حكوماتهم غير قادرة على إدانتهم قانونيًّا.

وفي هذا السيناريو سيتم فرض ضغوط أكبر على أجهزة إنفاذ القانون والأمن؛ للحصول على موارد لرصدها ومسحها، بينما إذا تم نسيان الرعايا الأوروبيين وتجاهلهم في معسكرات الاعتقال، فإن هذا من شأنه أن يعزز رسالة مفادها، أن الغرب في حالة حرب مع الإسلام ويضفي الشرعية على الروايات التي طرحها داعش، فمن خلال إعادة المواطنين إلى بلدانهم الأصلية ومحاسبتهم على جرائمهم، يمكن للدول الأوروبية إثبات القيم التي تفصل بين الدول التي تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون عن الجماعات الإرهابية مثل «داعش»، فالدول الأوروبية معرضة بالفعل للتهديد الذي يمثله المتطرفون المحليون، إذا تم نسيانهم وتجاهلهم في معسكرات الاعتقال.



وأحرز الاتحاد الأوروبي مؤخرًا تقدمًا في إنشاء قاعدة بيانات مشتركة تتيح لجميع الدول الأعضاء البالغ عددهم 28 دولة الوصول إلى البيانات من الحالات الراهنة، بما في ذلك التحقيقات والملاحقات القضائية للمتشددين المزعومين،  لكن ما زال هناك الكثير مما يجب القيام به.



ويمكن لدول الاتحاد الأوروبي، أن تبدي إحساسًا أكبر بالإلحاح في وضع طريق نحو حل قضية تقديم مواطنيها إلى العدالة في بلدانهم الأصلية، فيما تهدف قاعدة البيانات إلى مساعدة المسؤولين عن إنفاذ القانون والمسؤولين الحكوميين في توثيق الأدلة اللازمة لمقاضاة العناصر الأجنبية ومؤيديهم.



وإضافةً إلى مقاضاة الأفراد ممن يثبت أنهم مذنبون بارتكاب جرائم، يمكن أن يكون هناك مجموعة شاملة من مبادرات السياسة المتاحة؛ للتعامل مع مجموعة متنوعة من العائدين المحتملين، بما فيهم النساء والأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة بعد أن شهدوا أو شاركوا في بعض الأعمال الشنيعة للجريمة والإرهاب، بحسب الورقة البحثية.



ولكن الاستمرار في تجاهل التهديد وترك العراقيين والأكراد السوريين للتعامل مع المواطنين الأوروبيين، سيساعد أيديولوجية داعش على الاستمرار، والتي يغذيها الجيل القادم من المؤيدين.



وتختم الورقة البحثية لمركز «راند» بأنه ما لم ينفِّذ المجتمع الدولي استراتيجية شاملة للتعامل مع مخيم الهول وغيره من المعسكرات المشابهة، فإن أولئك الذين أصبحوا عديمي الجنسية سيكون لديهم عدد قليل من البدائل وسيبقى «داعش» البديل الأوحد لهم، ما سيوفر للتنظيم عدد أكبر من المؤيدين والموالين.

شارك