خيارات العنف ترسم خريطة ميليشيات «الإخوان» في ليبيا

الأربعاء 29/يناير/2020 - 07:39 م
طباعة خيارات العنف ترسم نهلة عبدالمنعم
 
تُمثل ليبيا نموذجًا لدول الجوار العربي المنزلقة في أزمة الشرق الأوسط الجديد، من حيث الميليشيات الإرهابية المنتشرة بالداخل والقوى المتصارعة على ثرواتها من الخارج. 
ولفهم أقرب للواقع الليبي أصدرت «دار العربي للنشر والتوزيع» كتابًا جديدًا بعنوان «ليبيا بعد القذافي.. أزمة القوى الإسلامية وخيارات العنف» للباحث محمد عبدالكريم أحمد، ويتناول الكتاب المنشور في عام 2019 مراحل الأزمات التي مرت بالبلاد حتى إتمام «اتفاق الصخيرات» في ديسمبر 2015، إلى جانب تداعيات انتشار المجموعات الإرهابية المسلحة، وما تطمع إليه جماعة الإخوان ودورها في زعزعة الاستقرار الداخلي والسيناريوهات المحتملة للإطار السياسي للدولة في ظل أنشطة التنظيم الدولي بها.

تغيرات مشهدية
يبدأ الكاتب مطبوعته بالحديث عن الاختلافات المتعددة التي أصابت المشهد السياسي الداخلي فى ليبيا منذ 2011 وحتى 2015 حيث اتفاق الصخيرات، قائلًا إن الصراع في بدايته كان بين الأحزاب التي تشكلت بعد سقوط نظام معمر القذافي والتي بلغت نحو 130، وبالأخص بين الإسلاموية منها وفي مقدمتهم جماعة الإخوان الممثلة في حزب «العدالة والبناء» وبين الكتلة الليبرالية، وظهر الصراع جليًا في تكوين المؤتمر الوطني العام في 2012.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر أوضح تفوق الكتلة الليبرالية على الأحزاب ذات البعد الإسلاموي فيما يخص نظام التكتلات الواضحة أما التحالفات الخفية بين الأفراد المستقلين والإسلامويين وما خلف ذلك من دعم للميليشيات المسلحة صاغ الأمور على الواقع بصورة أكثر عنفًا واستقطابًا جغرافيًّا وعسكريًّا منها سياسيًّا.
ومن وجهة نظر الباحث أفرز هذا الوضع رغبة ضرورية لدى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، لبداية عملية تطهير للبلاد من الأذرع العسكرية المنتشرة في البلاد في 2014 مطلقًا حينها «عملية الكرامة».

تدخلات خارجية مربكة
وفي ظل سعي «حفتر» لتصفية البلاد من الميليشيات الإرهابية، لفت الكاتب إلى دور الحكومة التركية في نقل مرتزقة وأسلحة ومعدات عسكرية للداخل لتعزيز حلفائها السياسيين الممثلين للتنظيم الدولي للإخوان، وهو ذات الدور الذي لعبته قطر لدعم الحليف الإخواني، وبناء عليه يدفع عبدالكريم بأن الجيش الوطني الليبي يضع وجود «دولة ليبية موحدة ومستقلة» على رأس أولوياته، ولذلك يجتهد لدحر الميليشيات، ومن ثم إعادة ترتيب البيت من الداخل، مشيرًا إلى أن سيطرة الجيش الوطني القريبة على طرابلس ستفرض بقوة خيار التوحيد.

خريطة الميليشيات واستقطاب القبائل
يؤكد الكاتب وفقًا لرؤيته الداخلية أن إدعاءات بعض الساسة والمحللين بشأن تأثير القبلية الليبية على تشكل خريطة الميليشيات في البلاد أو حتى دعمهم للجماعات الإسلاموية بأجنحتها السياسية، مغايرة للواقع، لافتًا إلى أن خريطة الميليشيات جاءت مرهونة بالظرف السياسي والتاريخي للمنطقة، فبعد سقوط نظام القذافي استغلت بعض القوى التحلل الأمني بالبلاد لإرسال ميليشيات للداخل بلغ عدد أفرادها في 2015 نحو 120 ألفًا أو أكثر من العناصر المسلحة.
ومن أبرز هذه الميليشيات «مصراتة» المرتبطة بجماعة الإخوان وفق توجهات سياسية متصلة، إلى جانب «فرقة شهداء 17 فبراير» المرتبطة بالتنظيم الدولي أيضًا ولكنها تنشط في شرق البلاد، فيما تتصل فرقة «أنصار الشريعة» ببنغازي ودرنة وسرت بتنظيم «القاعدة» مباشرة وتأسست في 2012 على يد أبو سفيان بن قمو.
واعتبر «عبدالكريم» أن «أنصار الشريعة» الممثلة لـ«القاعدة» والميليشيات الممثلة للتنظيم الدولي للإخوان، هم أخطر التكتلات المسلحة بالبلاد، وفي ظل تلك الفوضى التي خلقتها التنظيمات الإسلاموية وجد تنظيم «داعش» الإرهابي موطئ قدم لنفسه في البلاد، للتمدد وتلقي الدعم لنشر المزيد من التوتر لصالح أجندات خارجية متعددة.

التمدد الإرهابي في الجنوب
ويرى الباحث محمد عبدالكريم أحمد، أنه نتيجة انتشار الأسلحة والمرتزقة بالبلاد خلال لحظة فارقة من تاريخها، كان الجنوب الليبي أبرز الجغرافيات المستقطبة للإرهاب بالمنطقة عبر الحدود المتهالكة مع تشاد التي ينتشر بها «داعش».
وإزاء هذا الوضع قرر المشير خليفة حفتر في 2018 بداية عمليته العسكرية «غضب الصحراء» لتطهير المنطقة من الميليشيات التي زرعت بداخلها للتلاعب بإمدادات النفط، وفي هذا الصدد شدد «عبدالكريم» على دور الجماعات الإسلاموية وبالأخص الإخوان في تمهيد الأوضاع المضطربة.

شارك