اثار سقوط محمود عزت علي الجماعة الإرهابية

الخميس 10/سبتمبر/2020 - 09:00 ص
طباعة اثار سقوط محمود عزت روبير الفارس
 
مازالت أصداء سقوط محمود عزت في قبضة الأمن المصري محل دراسة وتحليل 
وفي هذا الإطار كتب الاستاذ عبد القادر شهيب تحت عنوان ."
خطر الإخوان لا ينتهى بسقوط محمود عزت" 
في تحليل نشرته مجلة المصور وجاء فيه أن 
سقوط محمود عزت يمثل ضربة موجعة جداً لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولى سيكون لها تداعياتها السلبية عليها ، لكنها مع ذلك لا تنهى خطر الإخوان علينا فى مصر أو فى منطقتنا.

هو يمثل ضربة موجعة للإخوان لمكانة الرجل داخل الجماعة ودوره فى التنظيم الدولى .. فهو لم يكن مجرد نائب للمرشد ، وإنما هو كان الرجل الأول فى الجماعة منذ سنوات طويلة منذ أن دانت للقطبيين للسيطرة عليها والتحكم فيها .. فقد كان هو مسؤول تنظيم الجماعة الذى يعلم كل شيء عن أعضائها وخلاياها ومجموعاتها النوعية وأيضاً من يسميهم الإخوان بالعاطفين الذين هم غير منظمين ولم يصبحوا أعضاء بعد.
وقال شهيب 
كان محمود عزت المشرف على التنظيم السرى المسلح للجماعة بمسمياته المختلفة التى أطلقها الإخوان عليه ، أو ماعرف لديهم بالمجموعات النوعية المنوط بها تنفيذ عمليات عنف وإرهاب وتفجير وقتل .. كما كان يشارك خيرت الشاطر النائب الآخر للمرشد إدارة أموال الجماعة وأموال تنظيمها الدولى وتتوزع على العديد من بلاد العالم .. أى كان مع الشاطر أقوى رجلين فى الجماعة ومكانتهما داخلها كانت تسبق مكانة محمد بديع مرشدها الرسمى.

وكان مع الشاطر هما اللذين - عملياً - يديران رئاسة الجمهورية فى السنة التى تولى فيها محمد مرسى رئاسة الجمهورية .. حيث كانت التعليمات تأتيه منهما .. ولم يكن مرسى يقدر على عدم تنفيذ هذه التعليمات والأوامر، حتى وإن كلفه ذلك اهتزاز صورته كرئيس للجمهورية .. ولعلنا نتذكر الآن احتدام أزمة الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى خريف ٢٠١٢ ومنح نفسه فيه صلاحيات شبه إلهية ، كيف استجاب مرسى لدعوة وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى لغذاء يجمعه مع رموز المعارضة ، خاصة جبهة الإنقاذ ، وبعد ساعات تراجع مرسى ورفض الدعوة بعد أن جاءته تعليمات من محمود عزت تأمره بعدم الحضور

وقد زادت مكانة محمود عزت داخل الجماعة بعد الإطاحة بحكم الإخوان عندما تمكن من الإفلات من الملاحقة الأمنية ونجح فى الهروب والاختباء والبقاء خارج السجن ، بينما تم إلقاء القبض على معظم قادة الصف الأول من الجماعة ، خاصة خيرت الشاطر الذى كان يشاطره النفوذ الكبير داخل الجماعة ويتشارك معه فى إدارتها وتسيير أمورها .. وبحكم وجوده خارج السجن دانت لمحمود عزت السيطرة شبه الكاملة على الجماعة وتنظيمها الدولى وإن كان قد واجه من بعض الإخوان الذين هربوا خارج البلاد ، كان من بينهم أمين الجماعة ، محاولات لبعض الوقت للنيل من سطوته وانفراده بالقرارات داخل الجماعة ، ووصلت بعض هذه المحاولات إلى درجة رفض سيطرته بمفرده على أمور الجماعة المالية ، وذلك فى ظل الصعوبات المالية التى واجهت أعداداً من الإخوان الهاربين فى الخارج .

لكن رغم ذلك ظل محمود عزت حتى تم إلقاء القبض عليه قابضاً على ناصية الجماعة وتنظيمها الدولى ويفرض سيطرته وسطوته عليها وعلى أعضائها ، خاصة وأنه كان يدير أهم أنشطة الجماعة السرية ، سواء فى مجال عمليات العنف والإرهاب التى انخرطت الجماعة فيها بعد فض اعتصام رابعة والنهضة وعمليات الاغتيال التى دبرتها أو حاولت القيام بها ، أو فى مجال تدبير التمويل اللازم لأنشطة الجماعة وللإنفاق على أسر أعضائها المحبوسين .. كما أنه كان يعرف بحكم عمله كمسؤول تنظيم الجماعة كل خلايا ومجموعات الأعضاء بها ويملك أيضاً شبكة اتصال معهم ، كما كان يدير أيضاً مجموعاتها المسلحة ويشرف على عمليات العنف التى تقوم بها

ولذلك فإن سقوط محمود عزت فى قبضة رجال الأمن بعد أكثر من سبع سنوات من الاختفاء هو بمثابة ضربة قاسية لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولى .. وستربكها هذه الضربة كثيراً وسيكون لها تداعيات سلبية على أنشطتها وسوف تؤثر بالسلب على معنويات أعضائها سواء الكامنين داخل البلاد أو الهاربين فى الخارج.. وسوف تتزايد وتتضاعف هذه التداعيات السلبية إذا أدركنا أن سقوط محمود عزت فى قبضة الأمن قد أتاح لرجال الأمن كنزاً من المعلومات ، حتى ولو التزم الصمت خلال التحقيقات معه ، وهى المعلومات التى وفرتها المضبوطات التى ضبطت معه وأهمها جهاز تليفونه ومراسلاته الإلكترونية ، خاصة وأن لدى الأمن المصرى خبرات فى استخلاص البيانات من أجهزة التليفونات وأجهزة الكمبيوتر ، وهو ما كشفت عنه ملفات أول قضية حوكم فيها قادة الإخوان ، وهى قضية اختراق الحدود واقتحام السجون ، وقال عبد القادر شهيب  وقد تضمن كتابى ( اغتيال مصر ) الصادر فى جزءين كبيرين ملفاً ضخماً من المعلومات التى توصل إليها الأمن بعد فحص المراسلات الإلكترونية لهم والمكالمات التليفونية التى أجروها . لقد سقط الرجل الأول بالجماعة والتنظيم الدولى لها وبالتأكيد فى هذا السقوط ستكون تداعياته السلبية على الإخوان ضخمة .. فهو أكبر بكثير من قائم بأعمال مرشدها ، ولكنه المتحكم الأول والأهم فيها منذ سنوات ، وزاد تحكمه واتسعت سيطرته على الإخوان بعد الإطاحة بهم من الحكم وحل جماعتهم لأنه أفلت من السجن لأكثر من سبع سنوات ، ظلت اْبواق الإخوان الإعلامية تروج شائعات حول هروبه خارج البلاد بعد يونيو ٢٠١٣ ، وذهابه عبر الأنفاق إلى قطاع غزة ، ثم ذهابه إلى تركيا والمشاركة فى اجتماع لمكتب إرشاد التنظيم الدولى للإخوان ، ثم سفره إلى إحدى الدول الأوربية والإقامة فى إحدى مدنها تحت حماية التنظيم الدولى .

. ومع مرور الوقت سوف نرصد هذه التداعيات السلبية على جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى لسقوط محمود عزت فى قبضة الأمن .. غير أن ذلك لا يعنى أن هذه التداعيات سوف تخلصنا تماماً من شرور تلك الجماعة التى أخرجت لنا كل تنظيمات الاٍرهاب منذ أن أنشأها حسن البنّا عام ١٩٢٨ .. فإن خطر هذه الجماعة علينا مازال موجوداً وماثلاً لأكثر من سبب مهم  رصدها شهيب قائلا 

أولاً: لأنه رغم كل ما قامت به أجهزة الأمن من عمليات استهدفت تقويض الكيان التنظيمى لهذه الجماعة ، ورغم وجود معظم قيادات الصف الأول للإخوان فى السجون ، ورغم الملاحقة المستمرة والتى لا تتوقف للكوادر النشطة ، خاصة فى تنظيمها السرى المسلح أو كتائبها الإلكترونية .. رغم ذلك كله فإنه مازال هناك خلايا نائمة للإخوان منتشرة فى البلاد يتحين أعضاؤها الفرصة لإيذائنا والإضرار بِنَا .. وهذا خطر لا يصح التهوين منه أو التقليل من شأنه .. ولعلنا لم ننس أن مجموعة من شباب الإخوان الذين خرجوا من السجون فى الستينات ، وآخرين ممن لم يدخلوا السجون هم الذين أعادوا إحياء الجماعة تحت إشراف سيد قطب وهو مازال داخل السجن قبل الإفراج عنه ، وتحت رعاية مرشدها المستشار الهضيبى ، وبدعم مباشر من النشطة زينب الغزالى .. وهذا أمر يمكن أن تكرر فعله تلك الخلايا النائمة للإخوان بدعم من إخوان الخارج الذين تمكنوا من الهروب خارج مصر

ثانياً :أن هناك عدداً من قيادات الصف الأول للإخوان لم يتم الإمساك بهم حتى الآن ، وهؤلاء تمكنوا من الهروب خارج البلاد ، ويمكنهم أن ينشطوا أكثر بعد سقوط محمود عزت فى أيدى الأمن لإعادة لملمة الجماعة مجدداً .. وهذا أمر لا يصح تجاهله أو إغفاله .. وحتى لو اعتبر البعض أن أغلب هذه القيادات الهاربة فى الخارج لا تنتمى للجناح القطبى بها مثل عزت وبديع ، فإنها مع ذلك لا تقل رغبة عنه هو والقيادات القطبية من الانتقام منا ، وإيذائنا والأهم استعادة السلطة التى طردوا منها شعبياً .

ثالثاً :هناك حاضنة متاحة ومتوفرة للإخوان خارج مصر وفرت لهم ملاذاً آمناً وغطاء سياسياً .. وهنا يتعين ألا نغفل ما حدث فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى .. فبعد حل الجماعة داخل مصر وملاحقة كوادرها أمنياً فإن الحاضنة التى وفرتها بعض دول الخليج للإخوان الفارين مكنتهم من إعادة إحيائها بسهولة داخل البلاد بعد أن أفرج الرئيس السادات عن قادتها فى السبعينات وسمح لها بالنشاط والعمل مجدداً .. وبالطبع الإخوان يتطلعون إلى تكرار ما قاموا به فى السبعينات من القرن الماضى .. بل إنهم يتطلعون لأكثر من ذلك وهو استعادة الحكم ، وقد رأينا كيف أنهم ظلوا يعملون منذ منتصف السبعينات من القرن الماضى لاختراق المجتمع ومؤسسات الدولة وتحقيق ما يسمونه بالتمكين حتى حانت لهم الفرصة سانحة للوصول إلى حكم البلاد

رابعاً : ولدى الإخوان أيضاً تنظيم دولى ينشر خلاياه فى العديد من الدول فى عدة قارات ، ويملك أموالاً هائلة واستثمارات متنوعة عديدة تدر عليه دخلاً كبيراً وتساعده على تمويل أنشطته المختلفة فى مصر وخارجها أيضاً .. كما أن هذا التنظيم يملك ماكينة إعلامية ضخمة تروج للأكاذيب وتنشر الشائعات على مدار الساعة ، دون كلل .. ولأن إخوان مصر هم المسيطرون على هذا التنظيم الدولى ، فإن إمكانياته المالية والإعلامية واللوجستية مسخرة لخدمتهم ودعم خططهم المعادية لنا والتى تستهدف استعادة حكم البلاد

خامساً :كما أن لدى الإخوان حتى الآن قدرات على إغواء مزيد من الشباب وضمهم إلى جماعتهم ، بل وتوظيفهم فى تنظيمهم السرى الذى يتولى ممارسة العنف والقيام بالأعمال الإرهابية .. وهذا ما تكشف عنه متابعة أعداد الذين يسقطون فى أيدى الأمن من أعضاء الجماعة ، وأيضاً الذين انخرطوا فى عمليات عنف وإرهاب داخل البلاد .. فإن نسبة كبيرة منهم انضموا حديثاً للإخوان .. وتحديداً من خلال اعتصام رابعة والنهضة ، والبعض بعد فض هذا الاعتصام .. وهذا لا معنى له سوى أن ماكينة الإخوان لتجنيد أعضاء جدد من الشباب المصرى مازالت تعمل حتى الآن ، ويساعدها على ذلك أننا لم ننجز مواجهة شاملة للفكر المتطرف دينياً حتى الآن .
وختم شهيب تحليله قائلا 
لذلك رغم سقوط الرجل الأقوى فى جماعة الإخوان فى أيدى الأمن يجب أن ندرك أن معركتنا مع هذه الجماعة الفاشية دينياً لم تنته بعد ومازالت مستمرة ، حتى لا نتعرض لخطرها أو يتعرض لها أبناؤنا وأحفادنا مجدداً .
وفي إطار رصد اثر سقوط محمود عزت نشرت المصور ايضا تقرير تحت عنوان
تصدع فى التنظيم.. وامتناع عن سداد الاشتراكات
الارتباك والخوف يضرب الجماعة الإرهابية كتبته  مـروة سـنبل
جاء فيه
منذ إعلان القبض على الإرهابى محمود عزت تسود حالة من الارتباك الشديد والخوف داخل تنظيم الإخوان الإرهابى، خاصة أن القبض على عزت بكل المعايير ضربة قوية وقاصمة للجماعة الإرهابية، فهو المسؤول عن الكثير من ‏الجرائم الإرهابية التى وقعت فى مصر منذ ثورة الشعب فى ٣٠ يونيو ضد حكم الجماعة الإرهابية وحتى الآن كما أنه العقل المدبر للجماعة الإرهابية.

«عزت» يمتلك «أحشاء الإخوان» على مدار ٣٩ عاما منذ كان عضوا بمكتب الإرشاد عام ١٩٨١، له نفوذ مؤثر داخل الجماعة ويحاط عمله ومهامه داخل التنظيم بالتكتم والغموض والسرية حتى على قيادات الإخوان أنفسهم لذلك يلقبونه بـ «إمام السرداب».

«إنقاذ التنظيم والتمويل» كانت تلك مهمة «عزت» بعد إسقاط الشعب حكم الجماعة الإرهابية عام ٢٠١٣ والقبض على الإرهابى محمد بديع، المرشد العام، ليتولى مهام القائم بأعمال المرشد، وكما أكد الخبراء فمهمة «عزت» الرئيسية كانت لملمة أشلاء التنظيم وتوفير الدعم والتمويل المالى لأنشطة الإخوان، فقد كان هو المسؤول عن الكثير من الجرائم ضد الدولة ومؤسساتها، وأشرف على تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية والتخريبية منذ ثورة ٣٠ يونيو، ‏أبرزها العملية القذرة لاغتيال النائب العام الأسبق الشهيد هشام بركات، والشهيد وائل طاحون والشهيد ‏عادل رجائى بمدينة العبور، ومحاولة اغتيال المستشار زكريا عبدالعزيز النائب العام ‏المساعد الأسبق عام ٢٠١٦ ‏، لذلك فإلقاء القبض عليه أربك تماما حسابات التنظيم داخليا وخارجيا.

هذه الضربة الأمنية القوية كان لها تأثير واضح على منصات التواصل الاجتماعى، التى شهدت سجالا حادا بين عناصر الجماعة الإرهابية حول القبض على محمود عزت، وساد المشهد حالة من الارتباك والحزن الشديد بين عناصر التنظيم الدولى فى قطر وتركيا ولندن والجزائر وتونس والأردن، بل إن بعض عناصر التنظيم بالجزائر ألقوا باللوم القاسى على من وصفوهم بـ«جناح العجائز» من قيادات التنظيم لعدم توفير الحماية الكافية للرجل الأخطر تنظيميا وما آلت إليه الجماعة بسبب سياساتهم، الأمر الذى عكس حالة من الضبابية لدى عدد كبير من قواعد الإخوان حول إلى أين تتجه الجماعة!!

يأتى ذلك فى الوقت الذى يحدث فيه انفصال تنظيمى ضخم داخل الإخوان وفقا لما كشفت عنه مصادر مطلعة لـ«المصور» من أن بعض الشُعب الإخوانية امتنعت عن دفع الاشتراكات المالية للتنظيم بعدما أيقنوا أن الجماعة تدخل مرحلة النهاية، وتشير المصادر إلى أن عدم الالتزام بدفع الاشتراك المالى يعنى انقطاع الصلة بالتنظيم نظرا لأهمية الالتزام بدفع الواجب المالي، فمجرد انقطاع الشُعبة عن دفع الاشتراك المالى يعنى قطع الروابط والصلة التنظيمية، وعلمت «المصور» أن الامتناع عن دفع الاشتراك المالى للتنظيم حدث فى عدة شُعب للجماعة بالإسكندرية، وكذلك فى بعض شُعب قطاع القاهرة الكبرى وبعض الُشعب الإخوانية بالفيوم ودمنهور، مما يدل على أن التنظيم يتجه نحو الانقسام بشكل حقيقى يكشف عمق الأزمة العميقة التى يشهدها التنظيم الإرهابى، الذى تؤكد كل الشواهد أنه يتجه إلى الانهيار.

«إبراهيم ربيع» الإخوانى السابق والخبير فى شؤون الجماعات الإسلامية، يرى أن القبض على محمود عزت الثعلب الإرهابى يعد نهاية تنظيم الإجرام الاخواني، مضيفا بأن إعلان القبض على آخر عنقود الحرس القطبى داخل تنظيم الإخوان بمثابة إعلان الموت السريرى لتنظيم الإخوان الإجرامى فى مصر.. ومنذ إعلان صيد الثعلب من قبل عناصر الأمن المصرى شكل الهاربون خارج مصر «غرفة عمليات» لحصار التداعيات السلبية، التى ترتبت على هذه المهمة وإعادة حقن معنويات قطعان التنظيم وتحسين موقفه فى حسابات أجهزة تمويل الجماعة الإرهابية، ومن خلال إدارة عدد من اللجان الإلكترونية الإخوانية، وهذا ما بدا للعيان خلال الساعات الماضية عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعى وتنفيذ رؤية هذه الغرفة وهى تحييد أصحاب المنطقة الرمادية عبر الترويج لفكرة أن محمود عزت المسن لا يدير تنظيم الإخوان، وأنه منذ القبض على المرشد محمد بديع هناك لجان إخوانية تعمل بشكل منفرد داخل مصر، وتناسوا أن تنظيمهم يعتمد على السمع والطاعة والبيعة بشكل هرمى متتابع، ويجب أن يكون هنالك مرشد أعلى للتنظيم، والتكليف يأتى على حسب الترتيب الهيكلى الداخلى لمكتب الإرشاد.

يكشف «ربيع» خطورة عزت تنظيميا، مشيرًا إلى أنه أُلقى القبض عليه عام ١٩٦٥ مع قائده سيد قطب، ثم خرج من السجن عام ١٩٧٤ إلى أن أصبح عضوًا فى مكتب الإرشاد عام ١٩٨١، وكان يمثل مع محمد بديع ومهدى عاكف آخر رجالات «التيار القطبي» داخل تنظيم الإخوان، وهو اللقب الذى أُطلق على تلاميذ الإرهابى الأكبر سيد قطب داخل الجماعة، وقاد بديع وعزت مع خيرت الشاطر خطة اختطاف التنظيم نحو الإرهاب والعنف. وبعد سقوط بديع والشاطر، أصبح عزت هو أقوى وأقدم قيادة إخوانية خارج أسوار السجن، وقاد التخطيط لاغتيال النائب العام الأسبق الشهيد هشام بركات والشهيد العميد وائل طاحون والشهيد العميد أركان حرب عادل رجائى، وحادث تفجير سيارة مفخخة أمام معهد الأورام الشهيرة، ما أدى إلى استشهاد ٢٠ مواطنا وتحطم مبنى المعهد.

ربيع لفت إلى أن خطورة «عزت» الأهم فى سنوات الهروب هى اتصاله مع التنظيم الدولى للإخوان وهو المسؤول الأول عن تلقى التمويل وتوزيعه عبر خلايا الإخوان والإرهاب فى الداخل المصرى، ورغم أن تنظيم الإخوان هو التنظيم الأم لكافة الجماعات الإرهابية المسلحة، وأن التنظيم الدولى للإخوان هو من يدير وينسق بين تلك الجماعات على مستوى العالم، إلا أن عزت لم يكتف بهذا، بل أراد أن يكون هنالك تنظيم مسلح تحت قيادته المباشرة داخل مصر، وعلى ضوء تعليمات عزت، أسس محمد كمال تنظيم أجناد مصر وتنظيم حسم وتنظيم لواء الثورة.. ولكن الأمن المصرى نجح فى رصد كمال وتصفيته فى أكتوبر ٢٠١٦ ليخسر عزت مساعده الأبرز وجناحه العسكرى الملاكي.

ويؤكد «ربيع» أن محمود عزت كان هو القائد العام لكافة اللجان الإلكترونية الإخوانية العاملة داخل مصر، وإن كانت الإدارة الفنية وإدارة المحتوى الموحد التى تعمل به تلك اللجان تتم فى مطبخ قطر وتركيا، ولكن تأسيس وتمويل وتنظيم تلك اللجان داخل مصر وإدارتها كان يقع تحت إدارة وتوجيه محمود عزت

ويشدد «ربيع» على أن سقوط محمود عزت الذى يصفه بـ»الصيد الثمين» فى قبضة الأمن سيقضى على مفاصل تنظيم الإخوان والكتائب الإلكترونية ونهاية الحرس القديم وجيل الصقور وتنظيم سيد قطب داخل تنظيم الإخوان.

وعن دلالات القبض على «عزت» وأثرها تنظيميا يقول ربيع: قطار التنظيم الإجرامى للإخوان مر بمحطات ويبدو أنه وصل لمحطته قبل الأخيرة، أولى المحطات كانت محطة اغتيال مؤسس التنظيم حسن البنا عام ١٩٤٩ فقد كانت محطة انتهاء تنظيم جيل المؤسسين، الذى تأسس عام ١٩٢٨، والثانية كانت محطة حادث المنشية عام ١٩٥٤ والتى شهدت اختفاء تنظيم التابعين الذى تأسس عام ١٩٥١، بينما كان إعدام سيد قطب عام ١٩٦٦ كان محطة ضياع جيل التنظيم الثالث الذى تأسس عام ١٩٦٤، ومحطة القبض على محمود عزت هى المحطة الحاسمة لوصول تنظيم الإحياء الذى تأسس عام ١٩٧٤ إلى مثواه الأخير.

مشددا على أنه بالقبض على عزت تم قطع التواصل بين إخوان الداخل وإخوان الخارج، وقناة الاتصال بين بقايا وفلول التنظيم المحلى والتنظيم الدولي، وسقوط قائد اللجان الإلكترونية الإخوانية، إضافة إلى تجفيف منبع تمويل العمليات الإرهابية.

ربيع يؤكد أن التنظيم لا يملك الآن قيادات أو جيلا قويا يمكنه أن يشكل التأسيس الخامس لتنظيم الإخوان، وبهذا يمكن القول إنه لا قائمة لتنظيم الإخوان أو التنظيم المحلى مرة أخرى.
من جانبه يشيد منير أديب، الخبير فى الحركات الإسلامية وشؤون الإرهاب، بالضربة الأمنية الناجحة لقوات الأمن التى أصابت العقل المدبر لتنظيم الإخوان، مؤكدا أن تبعاتها خطيرة وكبيرة على التنظيم، بل سيتعرض التنظيم لانتكاسة سوف تجعل منه جزءا من التاريخ، وأضاف: أنه لا يوجد من يحل بديلًا لـ«عزت» فى قيادة التنظيم داخل مصر، مما سيعزز الانقسام داخل التنظيم بصورة كبيرة، خاصة أن التنظيم يعانى من خلافات وانقسامات داخلية جوهرية وجذرية بين عناصره، مشيرا إلى أن الجماعة تعانى حاليا من انهيار فى البناء التنظيمى وأصبحوا فى حالة لا تمنكهم من اختيار مرشد جديد.

وعن حالة الخوف والارتباك التى تسيطر على عناصر الإخوان حاليا قال «أديب»: إلقاء القبض على القائم بأعمال التنظيم له «تأثير نفسي» كبير سوف يظهر على بقية أفراد صف وقواعد الإخوان الذين أصيبوا بحالة رعب شديدة، فإذا كان المتخفى الأول وزعيم العمل السرى تم إلقاء القبض عليه، فما هو مصير بقية الإخوان الهاربين، موضحا أن حالة الخوف والحزن المسيطرة على قواعد وعناصر الإخوان مرتبطة بالواقع الأمنى وقـوته، مشيرا إلى أنه سيكون لذلك تأثيرات على البناء الهيكلى للتنظيم الذى يعانى من انشقاقات طولية وعرضية مما سيعرض التنظيم لانتكاسة سوف تجعله جزء من التاريخ.

شارك