عبد الرحيم علي في حواره مع مجلة الدبلوماسية العالمية السويسرية: والبرلمان الأوروبي أخطأ عندما استجاب لمناقشة تقارير إخوانية مغلوطة

الأربعاء 14/ديسمبر/2022 - 11:06 ص
طباعة عبد الرحيم علي في
 
لا يمكن الحديث عن الحريات في بلد ما دون الوعي بما يواجهه من معارك مصيرية
مصر واجهت محنة السقوط والتفتت بعد يناير 2012
التوازن بين ثقافة المجتمعات وقضايا حقوق الإنسان ضرورة ملحة
لا يمكن أن يتحول العالم إلى نسخ طبق الأصل من بعضنا البعض

لا تتاح للقارئ الفرصة كل يوم لمقابلة رجل متعدد الملكات؛ دعنا نقول بإيجاز إنه كاتب وصحفي انتُخب عضوًا بمجلس النواب المصري السابق، وهو باحث متخصص في الحركات الإسلامية، وله العديد من الكتب في هذا الميدان.
وهو أيضًا المدير المؤسس لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، وكذلك المركز العربي للصحافة، ناهيك عن كونه رئيس تحرير صحيفة "البوابة " المصرية اليومية والموقع  "البوابة نيوز".
لقد أتيحت لنا فرصة اللقاء معه في باريس؛ حيث -على الرغم من جدول أعماله المزدحم- فإنه أعطانا الوقت الكافي للإجابة عن أسئلتنا العديدة.
دكتور علي: هل يمكن أن تخبرنا عن مسيرتك الفكرية؟
أنا بدأت العمل الصحفي في عام ١٩٨٧ في جريدة الأهالي، وكان الإرهابيون وقتها قد نفذوا حادث اغتيال السادات عام ١٩٨١ وكنت مهتما منذ ذلك التاريخ بدراسة أفكارهم وتاريخهم وجذور الجماعات المماثلة لهم في التاريخ الإسلامي، الأمر الذي جعلني أتخصص في هذا المجال وهو مجال دراسة الإرهاب وحركات الإسلام السياسي، أنشأت المركز العربي للبحوث والدراسات في مصر وهو مركز متخصص في دراسة الإرهاب، ثم أنشأت جريدة وموقع البوابة نيوز، أنتجت خلال مسيرتي البحثية عشرين كتابًا حول تاريخ وأفكار تلك الجماعات منها: الملفات السرية لتنظيم الإخوان وتنظيم القاعدة، عشرون عامًا والغزو مستمر، وأسامة بن لادن الشبح الذي صنعته أمريكا، والإسلام وحرية الرأي والتعبير.. ترجم منها ثلاثة كتب إلى اللغة الفرنسية وهي: دولة الإخوان، وداعش في منطقة مضطربة، والأفكار الشيطانية للإخوان، ونشرتها دار لارماتان. انتُخبت نائبًا في البرلمان المصري في برلمان ٢٠١٥. وبعدها أنشأت مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس، وموقع ديالوج للحوار بين الشرق والغرب.
 أنت رجل متعدد المواهب، وتُدير مجموعة إعلامية كبيرة في بلدك، ونحن عندما نتحدث عن الصحافة فإننا نفكر بشكل أساسي في حرية الصحافة، فماذا عن الصحافة والإعلام وحرية التعبير في بلدك؟
لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة والإعلام في أي بلد بمعزل عما دار ويدور به من أحداث، فنحن بلد واجه محنة السقوط والتفتُّت بعد أحداث يناير ٢٠١١، ثم واجه الإرهاب المدعوم إقليميًا ودوليًا بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣؛ حيث سقط أكثر من 3500 شهيد من رجال الجيش والشرطة بخلاف عشرات المدنيين من المسلمين والمسيحيين على السواء في أكثر من 1200 عملية إرهابية مدعومة ماديًا ومعنويًا من دول إقليمية ودولية ويقف وراءها تنظيما الإخوان المسلمين وتنظيم داعش.. لا يمكن الحديث عن حرية التعبير إلا بدراسة هذه الفترة؛ ففي بعض الدول الأوروبية فرنسا على سبيل المثال، مجرد عمليات محدودة دفعتهم إلى إصدار قانون للطوارئ والإرهاب.. مصر واجهت الإرهاب نيابة عن العالم، ولا تلك المعركة التي خضناها بشرف، ودفعنا فيها من دمنا وأرواح أولادنا لكان الإرهاب قد طرق أبواب أوروبا بمطارق من حديد ونار.. بالطبع تم تنظيم العمل في مجال الصحافة والإعلام في هذه المرحلة بما يتوافق مع المعركة الكبرى التي يخوضها مجتمع عانى من ثورتين متتاليتين، ومن صراع مُدمِّر مع قوى الإرهاب والتطرف فسنَّ البرلمان قوانين تحافظ على الأمن القومي ووحدة المجتمع من انتشار الشائعات والتحريض ضد الجيش والشرطة والأقباط.. واعتبر البعض أن ذلك تضييق على حرية الإعلام والصحافة.. ولكن ماذا عن الآن فبعد أن زال كابوس الإرهاب الذي جثم على صدور المصريين لأعوام عشرية من السنوات بدأنا الحوار الوطني وفي القلب منه فتح المجال لحرية الصحافة والإعلام، وبدأ الجميع (جميع التيارات السياسية) في الحديث بحرية ووضع التصورات المستقبلية لإعلام حُر، وصحافة حرة، وهو ما نأمله خلال الحقبة القادمة.
 لقد انتُقِدَت مصر مؤخرًا من قِبل المجتمع الدولي وخاصة من قبل البرلمان الأوروبي؛ لأنها لم ترفع حالة الطوارئ السارية في مصر منذ عام 2017، لماذا برأيك لم تفعل السلطات المصرية ذلك حتى الآن؟
لقد أخطأ البرلمان الأوروبي في إطلاق هذا الاتهام؛ لأن حالة الطوارئ تم رفعها بالفعل في مصر في الخامس والعشرين من أكتوبر عام ٢٠٢٠، ولكن لأن البرلمان الأوروبي يستقي معلوماته من تنظيم الإخوان الذي يخوض حربًا ضروسًا ضد مصر والمصريين وليس ضد النظام في محاولة للعودة إلى سدة الحكم في مصر فقد خانته الدقة. أيضًا جاء هجوم البرلمان الأوروبي في توقيت غريب بعد أن نجحت مصر في تنظيم مؤتمر المناخ وأصبحت حديث العالم. على الرغم من محاولات تنظيم الإخوان وحلفائه إفشال المؤتمر بالدعوة إلى ما أسموه ثورة 11 -11، الأمر الذي لم يستجب إليه أي مصري على الإطلاق فلجؤوا إلى محاولة حرف المؤتمر عن مقرراته الأساسية في مساعدة الدول النامية وتعويضها عن الانبعاثات السامة والضارة التي تسببت فيها الدول الغنية، فراحوا يتحدثون عن ما سموهم سجناء الرأي، وطرحوا أسماء وعقدوا مؤتمرات صحفية بداخل المؤتمر، ولكن كل ذلك لم يأتِ بنتيجة حتى رؤساء الدول كالرئيس الأمريكي، ورئيس الوزاراء البريطاني، والمستشار الألماني الذين رددوا كلامهم تفهموا الموقف المصري عندما تم مناقشتهم في المؤتمر عندما فشلت كل تلك التحركات في إفشال المؤتمر وحرفه عن مساره، راحوا يلعبون لعبتهم مع البرلمان الأوروبي الذي ردَّد مزاعمهم دون تدقيق في أي منها، فجاءت مزاعمه كافة غير دقيقة، أو مخالفة -على الأقل- لما يحدث الآن في الحوار الوطني في مصر.

شارك