فخ الديمقراطية والإصلاح.. تنظم الاخوان عالق ومعزول ومحظور

الأربعاء 25/يناير/2023 - 01:14 م
طباعة فخ الديمقراطية والإصلاح.. علي رجب- حسام الحداد
 
شهد العالم العربي تغييرات سياسية كبيرة ، بعد حراك الشارع في 2011  في عدة دول عربية ووصول الاسلام السياسي السلطة، وفي مقدمتهم جماعة الاخوان الارهابية، وهو ما ادى إلى لعب دورا سلبيا على المسار الديمقراطي في هذه البلاد، وتهديد الدولة الوطنية مع ارتفع صوت الدولة الدينية ومحاولة تغيير هويات الدول الوطنية الجامعة لكل الطوائف والمذاهب والاعراق، لصالح توجه ضيف من التفسيرات الدينية لهذه الجماعات الدينية.
وتعتبر معظم حركات الإسلام السياسي المنتشرة في العالم فروعًا لجماعة الإخوان الارهابية، لكنها تتمتع باستقلالية قرارها القطري بحسب ظروف الدولة التي تتواجد فيها، لذلك كان هناك تباين واضح من قبل هذه الحركات في التعاطي مع أنظمة الحكم في الدول التي تتواجد فيها.
تنطلق أفكار هذه الجماعة من منظور شمولي وليس ديمقراطي كما حاولت الترويج لها قبل 201، ولكن مع وصولها للسلطة كشفت عن وجهها الحقيقي ان صناديق الاقتراع هي سلم الوصول الى السلطة ومن ثم ممارسة الفاشية الدينية بكل صورها، ورفع وتيرة الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية.
وعقب وصول جماعة الاخوان للسلطة في 2012، فشلت الجماعة في تقديم النموذج الاسلام الديمقراطي، بل تحولت إلى جماعة فاشية ، وأرجع العديد من المحللين و السياسيين فشل تجربة حزب الحرية والعدالة في مصر إلى عدم مرونة الحزب في التعاطي مع القوى السياسية الفاعلة داخل الدولة المصرية، وشكلت تهديدا للدولة والهوية المصرية، ونشر الصراعات الاهلية، وهو ما ادى الى خروج الشعب المصري في 30 يونيو لإسقاط "حكم المرشد" في اشارة الى سيطرة مكتب الارشاد لجماعة الاخوان على السلطة فيما كان محمد مرسي مجرد مندوب للجماعة داخل السلطة.
تجارب الاخوان في تونس والمغرب وليبيا والسودان، واليمن وسوريا ، كشف  عن كيف يشطل الاسلام السياسي تهديدا للدولة الوطنية والهوية التاريخية للأوطان، وأيضا اشعال الصراعات الاهلية بين أبناء الشعب الواححد,
لقد كشفت تجارب الاخوان في مصر وتونس والمغرب عن فشلهم في تقديم النموذج الحقيقي للديمقراطية وكذلك النهضة الاقتصادية والحضارية دخل المجتمع ن رغم خبرتهم الطويلة في المعارضة.
وكان تجارب دموية في اليمن وسوريا وليبيا، والتي هددت هذه التجربة بتقسيم الدولة الوطنيةن وصعود تنظيمات أكثر تشددا كتنظيم داعش في سوريا والعراق.
كما كشفت الأحداث أن الاسلاميين بقوتهم الاقتصادية والاجتماعية وسيطرته على العديد من المجالات الاقتصادية انهم لبعة في  يدي الأنظمة السياسية والقوى الإقليمية المتربصة بالمنطقة، وكانوا ضمن أدوات تكريس الفوضى فيها.
 لقد كشف التحولات في الشارع العربي بعد 2011  عن جملة من الاختبارات التي واجهت الإسلاميين، في ظل تحولات جيوسياسية، تمخضت عنها جملة من التحولات انعكست على الإسلاميين وعلى توجهات الإسلام السياسي، يمكن أن تترتب عليها نتائج مستقبلية، ومن جملة هذه الاختبارات والتحديات يمكن ذكر أهمها:
ويرى المفكر الجزائري عبد القادر عبد العالين في راسة تحليله له بعنون " تحولات الإسلام السياسي في ظل الربيع العربي: نشرتها مؤسسة "مؤمنون بلا حدود: أن  الربيع العربي أدى إلى تحولات في خطاب الإسلاميين، وموقفهم من الديمقراطية؛ فقسم كبير من التيار السلفي الذي كان يرفض مقولة الديمقراطية والحزبية، أصبح يكيف خطابه معها. وهذه الأزمة الهوياتية فرضتها عليهم الاستحقاقات السياسية، وإملاءات الواقع، فهم مخيرون بين أن يندرجوا ضمن التيارات المدنية التي تطالب بالمشاركة السياسية، وتسمح به لغيرها، وبين فرض رؤيتهم المثالية والشمولية والأيديولوجية المحافظة منها والراديكالية.
وأوضح أن الإسلاميون واجهوا معضلة حقيقة في ممارسة الحكم، في بلدان الربيع العربي، فالإخوان المسلمون في مصر، فشلوا في إقناع حلفائهم في الثورة بالمشاركة في الحكم، مما عجل بعزلتهم وإسقاط حكم الرئيس مرسي.
فيما أيضا خرج الشعب التونسي في 25  يوليو 2021 بتحرك الشارع التونسي ضد حركة النهضة، وسيطرتها على القرار السياسي في البلاد طيلة عشر سنوات، فشلت في تقديم نموذج ديمقراطي واقتصادي واجتماعي ينهض بتونس، بل أصبحت تونس في ظل سيطرة النهضة على القرار السياسي إلى صانع الازمات في تونس.
أما في المغرب، فقد استفاد الإسلاميون من أجواء الحراك المطلبي المعروف بحركة عشرين يونيو، وتمكن الإسلاميون لأول مرة من الوصول إلى سدة الحكم، وتولي رئاسة الحكومة، لكن الإسلاميين في المغرب، لم يكن لهم أثر كبير في تحسين الملف الحقوقي والاقتصادي وهو ما ادى خسارتهم للانتخابات 2021.
ويقول مستشار كرسي اليونسكو للحوار بين الأديان في جامعة الكوفة إياد العنبر، في مقال له بعنوان "الإسلام السياسي: نعم للانتخابات، كلا للديمقراطية" نشره موقع الحرة، إنه لا توجد علاقة تربط بين أحزاب الإسلام السياسي والديمقراطية غير الانتخابات، فمنذ تسعينات القرن الماضي كان تعامل الإسلاميين مع الديمقراطية تعاملاً براغماتياً، فهم يؤمنون بالانتخابات فقط. أمّا بقية المبادئ والمرتكزات التي تتعلق بالحقوق والحريّات فهي محلّ نقاش وجدل، وبعضها مرفوض جملةً وتفصيلاً. حتّى الموقف من الانتخابات لم يكن هو نفسه في ستينات القرن الماضي؛ لأنَّ حضورها في الشارع لم يكن يوازي أو ينافس حضور الإيديولوجيات التي كانت تهمين على الساحة السياسية والفكرية والثقافية.
ويضيف أن تاريخياً، لا يوجد ترابط بين النضال من أجل الديمقراطية وأحزاب وتيارات الإسلام السياسي، حتّى على مستوى التنظير والخطاب السياسي لم يكن الإسلاميون يتبنون الديمقراطية ولا يؤمنون بالانتخابات. ومقولات الإسلاميين العَقَدية، كما يلخصها المفكر اللبناني رضوان السيّد تركز على قضيتين: الأولى، الشريعة (وليس الأمّة) هي أساس المشروعية في الدولة والمجتمع. والثانية، الدولة ضروريةٌ لحفظ الدين، ولها مهمة دينية أساسية وهي تطبيق الشريعة.
لا توجد علاقة تربط بين أحزاب الإسلام السياسي والديمقراطية غير الانتخابات، فمنذ تسعينات القرن الماضي كان تعامل الإسلاميين مع الديمقراطية تعاملاً براغماتياً، فهم يؤمنون بالانتخابات فقط. أمّا بقية المبادئ والمرتكزات التي تتعلق بالحقوق والحريّات فهي محلّ نقاش وجدل، وبعضها مرفوض جملةً وتفصيلاً. حتّى الموقف من الانتخابات لم يكن هو نفسه في ستينات القرن الماضي؛ لأنَّ حضورها في الشارع لم يكن يوازي أو ينافس حضور الإيديولوجيات التي كانت تهمين على الساحة السياسية والفكرية والثقافيةن بحسب "العنبر".
يقول (راشد الغنّوشي) زعيم حزب النهضة في كتابه الديمقراطية وحقوق الإنسان: "ليس في الإسلام ما يمنع من الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي." وهنا نحتاج أن نتوقف عند مفردة "الترتيبات"، لأنّها تمثّل الإشكالية الرئيسة في التصور الإسلامي للديمقراطية. فعلى وفق تصور الغنوشي-الذي تتفق معه أغلب الأحزاب الإسلامية- يختزل التعاطي الإسلامي مع الديمقراطية مِن منظور التصور الأداتي.
وفي العراق مع بداية هيمنة تيارات الإسلام السياسي على مقاليد السلطة والحكم، كانت أصدق عبارة توصَف علاقتهم بالديمقراطية، وصفهم التعاطي مع الديمقراطية "كحم أكل الميتة، فمَن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه"!
إذاً، كيف يمكن لمن يدافع عن الديمقراطية أن يقنع الجمهور بأن أحزاب الإسلام السياسي مؤمنة بها، وهي تمارس عملها الحزبي على أساس مبدأ السمع والطاعة! ورأس الهرم التنظيمي إما يكون قد وصل إليه بانتخابات شكلية منذ بداية تأسيسها، أو أنه يستمد زعامته الحزبية باعتبارها من بقايا أرث العائلة الدينية أو السياسية.
لقد انتهت صلاحية التعاطي البراغماتي والتعامل الانتقائي مع الديمقراطية في نموذج حكم الإسلام السياسي، فهم الآن في مواجهة مباشرة مع جمهورهم الذي يطالبهم بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية بعد أن أوصلهم إلى السلطة.
ولذلك عندما باتت شعاراتهم وخطاباتهم التي كانوا يرفعونها في أيام المعارضة أمام اختبار التطبيق العملي، فشلوا فشلاً ذريعاً. ورغم عدم تخليهم عن خطاب الورع والتقوى، لكنّهم باتوا غارقين في نِعَم السلطة ومغانمها.

شارك