الإخوان عباءة التطرف وسلاح الإرهاب

الأربعاء 25/يناير/2023 - 01:21 م
طباعة الإخوان عباءة التطرف روبير الفارس-فاطمة عبدالغنى -وأميرة الشريف
 
شكل صعود جماعة الاخوان الارهابية الى الحكم، بازدهار الجماعات الارهابية وانتشارها في الدول العربية التي شهدت حراك شعبيا في 2011، وأدت الى سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مساحات واسعة في العراق وسوريا وتورط جماعة الاخوان في دعم هذه الجماعات الارهابية بالمقاتلين او ما يسمى "تسفير الشباب" وهي القضية التي يحاكم فيها قادة النهضة الاخوانية في تونس وعلى رأسهم زعيم الحركة راشد الغنوشي.
وأطلق على هذا الزلزال السياسي والجغرافي الذي هزّ المنطقة بدءاً من 2011 اسم "الربيع العربي"، وقد أدى إلى نتائج متفاوتة. فالتظاهرات الشعبية الحاشدة في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا تبعتها وصول جماعة الاخوان للحكم، مما شكل بيئة خصبة لنمو الجماعات الارهابية .
وقد كشفت بيانات المكتب العربي للشرطة الجنائية، في السنوات الأخيرة، عن أنه جرى رصد 76 تنظيما وحركة إرهابية، منها 32 تنظيما عربيا صرفا. لكن حالة الانفلات الأمني التي أعقبت الثورات العربية جعلت الواقع أسوأ بكثير مما رسمته تلك الأرقام، في ظل الإعلان عن وجود ما يقرب من 1700 ميليشيا مسلحة في ليبيا وحدها.
وقد جاء ازدهار الجماعات الارهابية في فترة وصول الاخون الى الحكم ليس مفاجأة وذلك لعلاقات قديمة ووثيقة بين الاخوان والجماعات المتطرفة وهو ما كشفه تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” في عام 1986 والذي أشار إلى صلات جماعة الإخوان المسلمين بتنظيمات إرهابية مثل “الجهاد” و”جيش التحرير الإسلامي”، وإلى كتابات سيد قطب، عضو قيادي في جماعة الإخوان أُعدم في عام 1966 بعد محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصرن وهو ما كشفه  كتاب "فشل الإخوان المسلمين في العالم العربي"، للمؤلف نواف عبيد.
وقد ظهرت على الساحة تنظيمات عدة مسلحة، أعلنت عن نفسها من خلال عمليات إرهابية، أو التهديد بتنفيذ عمليات عنفية، مثل جماعة "أنصار بيت المقدس"، و"جند الإسلام"، و"كتيبة النصرة"، و"التكفير والجهاد" وحركتي "حسم" و" لواء الثورة"  وغيرها من التنظيمات الارهابية في مصر، و"درع ليبيا"، و"ميليشيات الزنتان" ، و"كتائب مصراتة"، و"لواء شهداء 17 فبراير" في ليبيا، بالإضافة إلى تنظيم "داعش"، وجبهة النصرة في سوريا .
وقد أوضح زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني أن التلقين الإيديولوجي لقواته يعتمد جزئيًا على نصوص الإخوان المسلمين، لا سيما كتب سيد قطب، على الرغم من أن النصرة انتقدت جماعة الإخوان المعاصرة لمشاركتها في الانتخابات.
إضافة إلى ما سبق، ساعد التمويل الأجنبي والطبيعة الجغرافية في سوريا في هذه المحصلة: فقد كانت الذراع السياسية للمعارضة متمركزة في تركيا -نقطة الانطلاق الرئيسة- وكانت الحكومة هناك تفضل جماعة الإخوان، وتمكنت من أن تؤمن لها ما يشبه الاحتكار.
ولم تسلم تونس صاحبة "ثورة الياسمين" من تمدد الجماعات المسلحة على أراضيها، وتنتمي إجمالا، للتيار السلفي الجهادي، ومنها تنظيم "أنصار الشريعةط، وبعض من جهاديي سوريا ومالي العائدين.
وفي اليمن انبثقت جماعة "أنصار الشريعة" فرعا لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بالإضافة إلى جماعة الحوثيين.
ويتردد في أوساط الباحثين بشؤون الجماعات الإسلامية وفي إطار التأصيل لثنائية (التطرف والإرهاب)، أن هناك روابط عدة بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية، استنادا إلى مقاربات الإخوان وأفكارهم، وخطاب الجماعة ذو الملامح المتطرفة – دون عتبة العمل الإرهابي – كالذي تمارسه الجماعات المتطرفة الإرهابية.
و كتبت البرلمانية الإيطالية والمُحلّلة السياسية من أصل مغربي سعاد السباعي أن الإخوان يُحافظون خلف ستار التقية، على مواقفهم الراديكالية الواضحة، مضيفة أن هناك خط جهادي دموي يربط  الخوان والجماعات الارهابية، مثل "القاعدة" وتنظيم "داعش"، والمجموعات المُسلّحة على اختلاف أنواعها.
وأوضحت ان كل هذا يندرج في إطار "المشروع السري للاخوان"، وهو وثيقة من 14 صفحة عن خطة مُبرمجة يعود تاريخها إلى 1982، وهي دليل على أن مُخطّطات الإخوان تشمل الغرب، وليس فقط العالم العربي. بعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وُجد "المشروع" في سويسرا أثناء تفتيش منزل المصرفي يوسف ندا، وهو من قيادات جماعة الإخوان في أوروبا، ويُواجه اتهامات بتمويل تنظيم "القاعدة".
و"المشروع" مؤلف من 25 نقطة تُمثّل قواعد وأسس العمل للمنظمات والميليشيات الموجودة في الدول الغربية والمُرتبطة بالإخوان، وتدعو إلى تأسيس شبكة من الإخوان، والمُحافظة على مظهر الاعتدال واختراق المنظّمات الإسلامية الأخرى، لجذبهم نحو هدف "المشروع"، وتجنّب أي نزاع مباشر مع السلطات في الدول الغربية. كما تدعو النقاط الـ25 إلى اعتماد التقية إن دعت الضرورة، وذلك يُبرّر الكذب وحتى التصرّف بالطريقة الغربية ولو كانت تُنافي العقيدة الدينية من أجل القضية الأهم: وهي هزيمة الكفّار.
ويرى الباحثين في الاسلام السياسي أن مرجعيات تأسيس تنظيمات إرهابية سرية تمارس التدريبات العسكرية بما فيها التدريب على الأسلحة وصناعة المتفجرات، ترتبط ارتباطا وثيقا بالإخوان ، منذ أن بدأت على يد مؤسس الجماعة "حسن البنا" حينما أسس ما يعرف بـ "التنظيم الخاص" عام 1937، برئاسة عضو التنظيم عبد الرحمن السندي، وهو تنظيم عسكري سري نفذ العديد من عمليات الاغتيال، من بينها العملية التي استهدفت رئيس الوزراء المصري، محمود النقراشي، والقاضي أحمد الخازندار، بعد حملة تحريض ضدهما من قبل حسن البنا نفسه.
وعليه؛ فإن مقولة أن جماعة الإخوان تقف وراء تشكيل الجماعات الإرهابية قديماً وحديثاً تسندها أدلة تؤكد ذلك، وعنوانها أن غالبية مؤسسي التنظيمات الإرهابية بما فيها القاعدة وداعش، وفروعها المنتشرة حول العالم، كانوا أعضاء وبمراتب قيادية في جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما القيادات التي أسست لفكرة "الجهاد العالمي"، وعلى رأسهم عبدالله عزام الذي كان أحد رموز جماعة الإخوان في الأردن، وكذلك الحال في قيادات تنظيم القاعدة مثل أسامة بن لادن، الذي تؤكد معلومات موثقة انتمائه سابقاً لتنظيم الإخوان، وكذلك أيمن الظواهري الذي لا ينكر انتماءه وانطلاقته مع تنظيم الإخوان في مصر، وإعجابه وقناعته بفكر سيد قطب، وعلى المنوال نفسه كان أبو بكر البغدادي عضوا في جماعة الإخوان المسلمين بالعراق.
وأوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في كتاب اصدره عنوان (التطرف الديني بعد ثورات الربيع العربي)، والذي ساهم فيه عدد من الكُتَّاب، وحرَّره نائب رئيس المركز ومدير برنامج الشرق الأوسط "جون ألترمان" إلى أي مدى ساهمت تداعيات وإفرازات الحالة الثورية في إفساح المجال بشكل كبير لظهور التيارات الدينية المتطرفة التي امتدت على طول الإقليم، مما أنتج تغيرات جيوسياسية يجب فهمها وأخذها بعين الاعتبار من جانب الحكومات من أجل إمكانية التعامل معها بشكل فعال.
وعلى سبيل المثال، مثَّل غياب قوات الأمن في العديد من الدول، إلى جانب تنامي العنف ضد الدولة نفسها في كل من سوريا وليبيا والعراق، عاملاً مساعداً في خلق فرص جديدة لظهور المتطرفين والارهابيين؛ فبصرف النظر عن أصولهم وخلفياتهم، فإنهم وجدوا بيئات وظروف وأسباب كافية للتجمع والقتال على الأرض.
ويشير "ألترمان" إلى أن عام 2014 قد شهد غياب سيطرة المتطرفين سياسياً على دول الإقليم من ناحية، كما أن معظم الحكومات استعادت سيطرتها القديمة على مفاصل الدول من ناحية أخرى؛ وهو ما سيدفع إلى استمرار تمدد الإرهاب، وتعدد آلياته الدينامية والابتكارية، بما يجعل الحكومات في حاجة إلى تطوير أساليبها في التعامل معه.
وفي هذا الإطار، يشير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن تفريغ السجون من السجناء في البلدان التي تأثرت بـ"الربيع العربي"، أدى إلى خروج الكثير من الجهاديين، وتكوينهم لتجمعات جديدة تمثل حركات إرهابية خطيرة.


شارك