الإخوان فى باراجواى.. من التسلل والتمكين إلى الحظر

الإثنين 27/فبراير/2023 - 10:16 م
طباعة الإخوان فى باراجواى.. حسام الحداد
 
انشغل الرأي العام المصري والعربي بقرار كونجرس باراجواى الخميس ٢٣ فبراير ٢٠٢٣، باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لتنضم بذلك إلى عدد من الدول اتخذت نفس الموقف في أوقات سابقة مثل روسيا ومصر والسعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب عدد من الدول صنفت بعض أذرع الجماعة كمنظمات إرهابية مثل حماس ولواء الثورة وحسم وغيرها.
وقد أدرج كونغرس الباراجواي وضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب، بسبب دورها في تهديد الأمن والاستقرار على مستوى العالم.
وقالت مصادر صحفية عدة، إن اللجنة الدائمة في الكونجرس وافقت على مشروع القرار بعد أن تقدمت رئيسة لجنة الشئون الخارجية بالمجلس المكون من 45 عضواً.
جاء في القرار، أن "جماعة الإخوان التي تأسست في ١٩٢٨ بمصر، تقدم المساعدة الأيديولوجية لمن يستخدم العنف ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب، وأن دولة باراجواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية".
ورغم أن باراجواي مكان غير مرجح أن تقيم جماعة الإخوان المسلمين موطنًا، حيث لا يوجد سوى ٣٥٫٠٠٠ مسلم في باراجواي، معظمهم من سوريا ولبنان، من أصل أكثر من سبعة ملايين نسمة (أي أقل بكثير من ٠.١ في المائة)، لكن من ناحيةٍ أخرى، تقع باراجواي في وسط الحدود الثلاثية، حيث تتقاطع حدودها غير الواضحة مع الأرجنتين والبرازيل. هذه المنطقة التي تعاني من غياب القانون هي مركز نشاط للعديد من الشبكات الإجرامية، ما جعلها خيارًا مثاليًا لإيران عندما بدأت في إنشاء شبكاتها في أمريكا اللاتينية بعد الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩: في ظل ضعف رقابة الدولة، يستطيع نظام الملالي العمل مع العصابات الإجرامية، ومن خلالها، لنقل الأفراد والأسلحة والمال عبر الحدود وحول العالم أثناء تقدمه نحو الولايات المتحدة القارية. الجماعات الإسلاموية الأخرى، مثل جماعة الإخوان، التي حذَت حذو حزب الله، وجدت أيضًا المنطقة بيئة ملائمة للأسباب ذاتها.
وفي الآونة الأخيرة، أظهرت البيئة الجيوسياسية في أمريكا الجنوبية بعض الاتجاهات السلبية للغاية. لطالما انتهجت الحكومات الاشتراكية القديمة في نصف الكرة الغربي - فنزويلا وكوبا وبوليفيا ونيكاراجوا- سياساتٍ مؤيدة للإسلامويين، لا سيّما تجاه إيران، وشهدت حركة “المد الوردي” الأخيرة تولي حكومات مماثلة مقاليد السلطة في كولومبيا وتشيلي والبرازيل والأرجنتين والمكسيك. وهكذا، تقف باراجواي الآن كجزيرة في خضم هذا المدِّ الوردي. ويؤمَل أن يصبح قرارها المتمثل في اتخاذ إجراءاتٍ صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين، ووكلاء عدم الاستقرار المتطرفين المماثلين، نموذجًا يحتذي به الآخرون. 
والسؤال الذي يطرح نفسه بشكل ملح على القارئ ما هو حجم تواجد الإخوان المسلمين في دولة مثل البارجواي وكيف انتشروا هناك وما هو مدى تأثيرهم في صنع القرار هناك.. أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها في هذا التقرير.
البدايات
تتشابه المنظمات الإخوانية في أمريكا اللاتينية مع مثيلاتها في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث يعتمد الوجود الإخواني على منظمات أو جمعيات عامة تتولى الأنشطة الدينية والاجتماعية والتعليمية، وتربطها علاقات تختلف في قوتها بجماعة الإخوان، فهي إما جمعيات متعاطفة، أو جمعيات منتمية بشكل رسمي للجماعة، أو في صورة كيانات أخرى، أكثر تخصصاً مكملة للشبكة الدعوية الإخوانية؛ مثل جمعيات الشباب والطلاب، وجمعيات المرأة، والجمعيات الإنسانية، وجمعيات دعم القضية الفلسطينية، والجمعيات الطبية.
وتبدأ قصة الإخوان المسلمين في الباراجواي عام 1987، حيث جاء على لسان واحد من قياداتهم: لقد كان وصولي لدولة الباراجواي نهاية عام ١٩٨٧م بتكليف من الندوة العالمية للشباب الإسلامي والتوافق مع الدكتور أحمد توتونجي والذي كان يرعى مشروعا دعويا ضخما لتأسيس العمل الإسلامي في أمريكا اللاتينية بدعم من الشيخ سليمان الراجحي، وقد طلب من السيد أحمد الصيفي في ذلك الوقت متابعة العمل على أرض الواقع.
وقام أولا بتأسيس مسجد التوبة في مدينة (بورتو ستروسنر) والتي سميت فيما بعد (ثيوداد ديل ايستي) كان ذلك نهاية عام ١٩٨٧م، وبعد زيارات متتالية قام بها لعاصمة الباراجواي «أسونسيون» ورفع بها تقارير للندوة العالمية للشباب الإسلامي عن وضع المسلمين هناك وحاجتهم لوجود مركز إسلامي، قرر المتابعون لأمور الدعوة في الباراجواي تعجيل الطلب بتكليف وفد لمعاينة مكان صالح لأن يكون مركزا إسلاميا في العاصمة وقد تم ذلك بالفعل، ومن باب الاستفادة الدعوية نشر هذا التقرير التاريخي الذي يعين المؤسسات الدعوية والدعاة في العصر الحديث وكذلك الباحثون في أمور الأقليات المسلمة، والتقرير تم إرساله للدكتور أحمد توتونجي برقم ٢٤١/٢ بتاريخ ١٩٨٩/١١/٣م، حيث كان حريصا على متابعة أوضاع الدعاة وتبادل التقارير في ما بينهم لتعم الفائدة.
المركز الإسلامي في أسونسيون
بناء على طلب أحمد علي الصيفي رئيس مركز الدعوة الإسلامية بأمريكا اللاتينية، لأمين الكرم (مبعوث وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمركز الإسلامي لمدينة «فلوريانا بوليس» بولاية سانتا كاتارينا بدولة البرازيل) وأحمد محايري (عميد الدعاة في دولة البرازيل وصل إليها عام ١٩٧٤م وكان إمام مسجد الملك فيصل بمدينة لوندرينا بولاية بارانا) للتوجه إلى (أسونسيون) عاصمة الباراجواي، برفقة (معد التقرير) ومحمد حسان عجاج (يعمل حاليا في مكتب الندوة العالمية للشباب المسلم فرع المدينة المنورة) ليتعاونوا على تأسيس مركز إسلامي في العاصمة، والتحضير له ودعوة المسلمين للتباحث من أجله في المنطقة، وتنفيذا لذلك فقد سافر كل داعية من منطقة عمله، حيث اجتمعوا في المدينة الحدودية (فوز دو إيغواسو) صباح يوم الثلاثاء ١٩٨٩/١٠/٢٤، فاستقبلهم إمام المنطقة ، حيث سافر الجميع إلى الباراجواي، في نفس اليوم وفي مدينة (بورتو ستروسنر) أدى الوفد صلاة الظهر في مسجد التوبة، واطلع الوفد على سير العمل فيه، وأعجبوا لما رأوا فيه من نشاط بجهود إمامه ، ثم سيرهم برا إلى العاصمة (أسونسيون) حيث وصلوها فجر يوم الأربعاء ١٩٨٩/١٠/٢٥، وهناك بدأوا بالاتصال بوجهاء المسلمين ودعوهم لاجتماع يعقد في مساء نفس اليوم بالفندق الذي نزل فيه الوفد.
في نهار اليوم التالي الخميس، قام الوفد بإجراء الاتصالات اللازمة للبحث عن دار لاستئجارها، واطلع على دار مناسبة معروضة للإيجار، مكونة من طابقين ذي مدخل ومخرج مستقلين، فيها اربعة صالونات، تصلح لمصلى ومكتبة وفصلا دراسيا وإلى جانبها دار متكاملة لسكن الإمام، مع غرف إضافية للمستخدمين وجراج للسيارة وكلها بحالة جيدة بنيت بالاسمنت المسلح، وتقع في وسط المدينة ذات شرفة عريضة مطلة على الشارع الرئيسي، فقرر الوفد استئجارها خاصة وأن إيجارها نحو (٣٥٠) دولارا شهريا، وهو مبلغ زهيد مقارنة بغيره.
وفي مساء يوم الخميس ١٩٨٩/١٠/٢٦ عقد الوفد اجتماعا في الفندق، حضره معظم الفاعلين في الجالية الإسلامية، ثلاثة عشر رجلا فيهم التاجر الباكستاني شيخ محمد إسحاق، والمهندس الكهربائي السوري ممدوح العظم، وغيرهما. وأثير في الاجتماع ضرورة استصدار رخصة قانونية لهذا المركز الإسلامي فكلف الدكتور مصطفى الضحاك، بما لديه من نفوذ خاص في وزارة الخارجية، والأستاذ أليخندرو حامد، لتقديم طلب للمسؤولين في حكومة البراجواي للحصول على الرخصة المذكورة، وأبديا عائقا وهو أن كل طلب لابد له من مبررات تشفع به، فاقترحوا اتخاذ محضر يشير إلى تأسيس مركز إسلامي يكون الموقعون عليه أعضاء الهيئة التأسيسية لهذا المركز، واختصارا للوقت وخروجا من كل خلاف فقد أبدى عضو الوفد الشيخ المحايري استعداده لإرسال دستور باللغة البرتغالية معمول به في عدد من جمعيات البرازيل، وذلك للاستنارة به عند صياغة نظام المركز المقترح، وفعلا وفي الاجتماع نفسه اتخذ الحضور بتوقيعاتهم وأسمائهم الصريحة، محضرا باللغة الإسبانية طيه صورته، يشير إلى أن المجتمعين قرروا إقامة مركز إسلامي في العاصمة، يهدف إلى إحياء الشعائر الإسلامية وتعليم الذرية، وحل المشاكل الاجتماعية لدى الجالية الإسلامية حسب الشريعة الإسلامية، وأن الموقعين على المحضر هم أعضاء المركز بإمامة إمام المركز، على ألا يكون لهذا المركز أي صفة سياسية. وأثيرت في نفس هذا الاجتماع ضرورة وجود داعية إمام لهذا المركز مقيم فيه فاقترح الوفد على الحضور أن يطلبوا خطيا إماما لهذا المركز، وفعلا كتب في نفس الاجتماع الطلب المرفق طيه صورته بتوقيعهم، وكان الشيخ المحايري قد تفاهم مسبقا مع الأخ أحمد الصيفي لترشيح الشيخ محمد حسان، لإمامة هذا المركز المزمع إقامته ، وأعلن المذكور عجاج أمام أعضاء هذا الوفد موافقته على هذا التعيين الجديد في إطار ما وعد به الصيفي من تغطية نفقات المركز، والمصاريف المستجدة التي يقتضيها العمل في المركز، كل ذلك إشارة لموافقة سعادة السفير السعودي (كان سفير السعودية في ذلك الوقت الأستاذ عبده صالح حبابي وكان من المتعاونين والمتفاعلين مع الدعاة) في البرازيل على هذا النقل المقترح بخطاب سعادته الموجه إلى الشيخ محمد حسان عجاج بهذا الصدد طيه صورة الخطاب فلهذه الاعتبارات أعلن الوفد للحضور ترشيحهم للشيخ محمد حسان عجاج فقابلوا ذلك بالترحاب والشكر، قام على إثرها الشيخ محمد حسان بإلقاء كلمة باللغة العربية شكر فيها ثقة الجالية به ووعدهم بالتعاون المثمر في ما يرضي الله سبحانه وتعالى وتعليم الذرية قام بعده الأخ الشيخ أمين الكرم، وترجم باللغة البرتغالية ماقاله الشيخ عجاج في كلمته.
بناء على المفاهمة المسبقة بين أمير الوفد وزملائه أعضاء الوفد الذين اتفقوا على ضرورة تعاون الجالية الإسلامية في نفقات هذا المركز، لإشعارهم بمسئوليتهم تجاهه فقد بين الشيخ المحايري للحاضرين ثواب العمل الصالح، والجهاد بالنفس والمال في سبيل الله، وقال: إن هذا المركز بحاجة ليتعاون الجميع كل حسب طاقته بتأثيث المصلى بفرشه بالسجاد والفصل الدراسي بالمقاعد ونحوه، فقام أحدهم أكرم سلوم ووعد بفرش جزء من المصلى، ووعد آخر عبد العزيز الحاج أحمد بتقديم طاولة وكراسي، وقال ثالث غذا تم فرش بيت الشيخ من قبله فربما نقدم بعض الأدوات التي يتطلبها المركز.
في يوم الجمعة ١٩٨٩/١٠/٢٧ تجمع المصلون في الفندق لأداء صلاة الجمعة معلنين أنهم يصلون الجمعة لأول مرة في المنطقة، قام بأداء خطبتي وصلاة الجمعة الشيخ محمد حسان وعقب الصلاة ترجم الشيخ المحايري ملخص الخطبة ودعا الجميع للمواظبة على صلاة الجمعة في المركز، وفي عصر نفس اليوم جرى التوقيع على عقد استئجار الدار المذكورة، واستلم أمير الوفد مفاتيح المركز، وتقرر عودة الوفد بعد منتصف الليل من ليلة السبت ١٩٨٩/١٠/٢٨م.
تجمعات المسلمين
يتجمع المسلمون في دولة الباراجواي في بعض المدن على النحو التالي:
١ - مدينة «ثيوداد ديل ايستي»
وتقع في الجنوب الشرقي لدولة الباراجواي على حدود دولتي البرازيل والأرجنتين ويفصلها عنهما نهر بارانا، وترجع أهمية المدينة لوجود سد «إيتايبو» وهو من أضخم المشاريع العمرانية العالمية، وشهرتها التجارية حيث تعتبر قلب الباراجواي التجاري.
يسيطر المسلمون على معظم الحياة التجارية في المدينة فغالبية البنايات الضخمة الموجودة هي لأبناء المسلمين، وكذلك المحلات المشهورة، ورئيس الغرفة التجارية السابق السيد حسين طيجن هو أحد أبناء المسلمين، ويرتبط المسلمون بعلاقات قوية مع القيادات السياسية والدينية والعلمية فى المدينة والدولة، ويوجد في المدينة مسجد التوبة.
٢ - مدينة أسونسيون
العاصمة وتقع على حدود الأرجنتين « وهي العاصمة الوحيدة التي تقع على حدود دولة أخرى، ويوجد بها حوالي سبعون عائلة من أصول عربية ومسلمة، وتأسس المركز الإسلامي بها في أكتوبر ١٩٨٩م، وتلقى الكثير من أبناء الباراجواي العلوم العربية والإسلامية داخل المركز، وتم إيصال صوت المسلمين إلى كثير من الجهات المعنية، وعمل على شراء مقر دائم للمركز مما دفع العديد من الجهات والهيئات الإسلامية للمشاركة في هذا العمل، وقد خلف الشيخ محمد حسان الشيخ السعيد متولي مبعوث وزارة الأوقاف المصرية، ثم توالى مبعوثو وزارة الأوقاف المصرية على المركز الإسلامي هناك، وقد تعاقب على رئاسة المركز عدة رؤساء هم بالتتالي مهدي صفوان، أكرم سلوم، أحمد رحال، ومحمد أبو عرابي وقد تسلم رئاسة المركز في ديسمبر ١٩٩٦م، ويتولى الرئاسة الآن السيد يونس عواض.
في ٢٢ أكتوبر ٢٠٠٩م، قامت الجالية المسلمة في عاصمة الباراجواي بوضع حجر الأساس للمركز الثقافي الخيري الإسلامي.
٣ - مدينة أنكارنسيون
وهي مدينة تجارية، تقع على حدود الأرجنتين وتبعد عن العاصمة ٤٠٠كم، ويوجد بها نحو مئة عائلة مسلمة، يوجد بها مركز إسلامي الآن تابع للمركز الإسلامي بالعاصمة وتتولى وزارة الأوقاف المصرية إرسال أحد الدعاة للعمل بين أبناء الجالية.
٤ - مدينة بيدرو خوان كاباليرو
وهي مدينة تجارية تقع على حدود دولة البرازيل ويفصلها عن مدينة «Ponta Pora» البرازيلية شارع طويل، ويوجد بها حوالي أربعين عائلة مسلمة هجرتهم حديثة للمدينة، ويعملون بأنواع التجارة المختلفة، ولا يوجد بها أي نشاط إسلامي نظرا لقربها من بعض المساجد داخل دولة البرازيل فإن المسلمين يكتفون بأداء الشعائر والمناسبات الإسلامية.
الأنشطة المالية
في دراسة بعنوان: "الإسلام الراديكالي في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، التداعيات على الأمن القومي الأمريكي"، يرى الباحث الاستراتيجي الأمريكي، الدكتور إيفان إليس، أنّ المؤسّسات الإخوانية في أمريكا اللاتينية تقوم بجمع أموال الزكاة من المجتمع الإسلامي هناك، وخاصّة من كبار رجال الأعمال من اللبنانيين، ثمّ تقوم بضخ تلك الأموال ضمن مشروعات استثمارية في الشرق الأوسط، ويتم جمع جزء كبير من هذه الأموال، تحت غطاء دعم القضية الفلسطينية.
وبحسب الدراسة نفسها، فإنّ حصيلة أموال الزكاة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، أو أكثر سنوياً من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، والغالبية العظمى من هذه الأموال، تتدفق ضمن حزم مالية وأوعية ادخارية، تحت مظلّة الأعمال الخيرية، وتجد هذه الأموال طريقها في النهاية إلى الإخوان.
مع الوقت تضخمت موارد مركز الدعوة الإسلامية وتجاوزت ميزانيته المعلنة في آخر التقارير الملياري دولار
ويمكن القول إنّ بنوك ومصارف أمريكا اللاتينية، أصبحت الباب الخلفي لدعم قدرة جماعة الإخوان وتحريك وإيواء أموالها، يضاف إلى ذلك الشركات الخارجية المتعددة، ومنها الوهمية، خاصّة في بنما، والجماعة على دراية كاملة بمعطيات العمل بهذا النصف من الكرة الأرضية، وترغب في استخدام ظروفه دوماً لأسباب مالية.
الارتباط بالتنظيم الدولي
يسعى رجل الأعمال أحمد الصيفي، أحد أعضاء التنظيم الدولي للجماعة، إلى التوغل في المجتمعات اللاتينية، خاصة في البرازيل، حيث أسس هناك عام ١٩٨٧ «مركز الدعوة الإسلامية في أمريكا اللاتينية». وهو الذي أشرف منذ البداية على تأسيس العمل الإخواني في الباراجواي وكان مسئول تمويل المركز الإسلامي بها منذ البداية. 
ويستغل «الصيفي» المركز في الترويج لأفكار الجماعة، عبر سلسلة طويلة من الأنشطة، التي مَكَّنته من التوغل في أعماق المجتمعات بتلك الدول، والسيطرة على المسلمين هناك، عبر امتلاكه صلاحية إصدار شهادات الذبح الحلال، وإقامة المخيمات الترفيهية، وإصدار المطبوعات والمشاركة في معارض الكتاب، وعقد مؤتمر سنوي للمسلمين في أمريكا اللاتينية، وهي أنشطة تساعده على استقطاب الكثير من الشباب، وإخضاعهم لأفكاره المتطرفة.
ويحظى المركز الإسلامي بدعم غير مسبوق من المؤسسات الخيرية وبعض رجال الأعمال في دول العالم الإسلامي التابعين لـ«الإخوان»، ورغم عدم وجود حصر دقيق لهذه المبالغ، فإن المتابعين يؤكدون أنها تتجاوز الملياري دولار كل عام؛ للإنفاق على أنشطة المركز، وزيادة شعبيته في هذه الدول.
وتستخدم «الإخوان» مركز الدعوة الإسلامية في أمريكا اللاتينية، للإبقاء على فكرها وأتباعها، في ظلِّ عملية التضييق الأمني والنفور الاجتماعي، التي تتعرض لهما الجماعة في معظم دول الشرق الأوسط، باستثناء تركيا وقطر. ولكي يتفادى «الصيفي» الصدام مع السلطات البرازيلية، سعى خلال السنوات الماضية، إلى الدفع بابنه وشقيقه للعمل كواجهة سياسية، بعيدًا عن النشاط الدعوي، وفتح له التنظيم الدولي أبوابه، وعمل على دعمه داخل البرازيل وخارجها، خاصة في تركيا والمغرب. ويعتمد «الصيفي» في الترويج لنشاطه على عدد من الفقهاء المشهورين في البرازيل، كما يستغل علاقاتهم الممتدة مع ممثلي عدد من المنظمات الإسلامية الدولية، مثل: منظمة «إيسيسكو»، وممثلها في مصر الدكتور صلاح الجعفراوي، لتبييض سمعته واستغلال مصداقية هؤلاء الأشخاص.
ولمزيد من التمويه، لجأ «الصيفي» إلى إنشاء عدد من مراكز الدعوة الوهمية، بزعم دعم العمل الخيري في العالم، ومنها: «الهيئة الإسلامية للإغاثة - جاسيب»، التي سعى مركز الدعوة الإسلامية في أمريكا اللاتينية، إلى استغلالها لنقل ملكية الكثير من المساجد باسمها للسيطرة عليها، وعلى الجاليات الإسلامية، التي ترتادها؛ للتواصل معهم في خدمة أغراض التنظيم.

شارك