مقتل 100 إرهابي بعملية للجيش الصومالي/60 نائباً: البعثة الأممية تعمل ضد «التوافق الليبي»/تصاعد الاشتباكات بين القوات التركية و«قسد» شمال سوريا

الأحد 30/يوليو/2023 - 08:54 ص
طباعة مقتل 100 إرهابي بعملية إعداد: فاطمة عبدالغني- هند الضوي
 
تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العالمية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات)  اليوم 30 يوليو 2023.

الاتحاد: مقتل 100 إرهابي بعملية للجيش الصومالي

أعلنت السلطات الصومالية، أمس، مقتل 100 من عناصر ميليشيات حركة «الشباب» الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بينهم قيادات بارزة في عملية عسكرية. 
ونقلت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية «صونا» عن نائب وزير الإعلام عبد الرحمن العدالة قوله، إن «العملية العسكرية جرت بالتعاون بين الجيش الوطني والشركاء الدوليين في الحد بين محافظتي شبيلى الوسطى وغلغدود». 
وذكر العدالة، أن العملية العسكرية أسفرت عن تدمير 14 مركبة عسكرية تابعة لمليشيات «الشباب» وقاعدة كان يجتمع فيها الإرهابيين.
وحذر خبراء في الإرهاب الدولي والشأن الأفريقي من تنافس وتنامي التنظيمات الإرهابية في أفريقيا وخصوصاً بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا.
ودخلت التنظيمات الإرهابية في صراعات ضد بعضها، ويواجه تنظيم «داعش» صعوبة أمام الجماعات التابعة لـ«القاعدة» في الحفاظ على وجوده في منطقة الساحل وغرب أفريقيا خاصة في بوركينا فاسو ومالي، لذا يحاول مدّ نفوذه في مناطق أخرى، منها بنين ونيجيريا، وضم جماعات الجريمة المنظمة المحلية بجانبه.
ووقعت خلال يوليو الجاري معارك بين «داعش» وجماعة إرهابية أخرى مكوّنة من اندماج 5 جماعات محلية تابعة لـ«القاعدة»، ومن المتوقع المزيد من المواجهات في المناطق التي يوجد بها التنظيمان، حتى يتوصلا إلى اتفاق على تقسيم الأراضي، أو يضعف أحدهما بشكل يجبره على الخروج من منطقة لصالح الآخر.
وأوضح نائب المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، أن الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي وخاصة في بوركينا فاسو ومالي شديدة التعقيد بعد انسحاب القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عدم الاستقرار، معتبراً أن الصراع بين التنظيمات الإرهابية هو صراع على النفوذ والسلطة.
وقال حليمة، في تصريح لـ «الاتحاد»، إنه أصبح هناك فراغ أمني كبير بعد انسحاب القوات الأجنبية، وأصبح هناك رغبة في ملء هذا الفراغ، وزيادة النفوذ والسيطرة، ولا شك في أن الصراع بين هذه التنظيمات يُضعفها، ويجعل الأوضاع في تلك المنطقة هشة ويعرض المؤسسات للانهيار.
وشدد على أهمية التعاون بين الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
وتعتمد الجماعات الإرهابية على العديد من مصادر التمويل المشبوهة والمجرمة دولياً، وتأتي على رأسها المناجم غير الرسمية التي لا تخضع لسيطرة الحكومات، وتدر على الإرهابيين ملايين الدولارات سنوياً.
جهود مواجهة التطرف
قال الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، إن الجهود المبذولة في مواجهة التنظيمات المتطرفة في قارة أفريقيا عموماً، وفي منطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص، دون المستوى، ولا يمكن لها أن تقضي على هذه التنظيمات بشكل كامل.
وأوضح أديب لـ«الاتحاد» أن هناك تنافساً شرساً بين تنظيمين كبيرين، وهو ما يشير إلى أنه مازال هناك متسع داخل القارة السمراء لهذه التنظيمات المتطرفة.
ولفت الباحث المتخصص إلى أن الصراع بين التنظيمين دليل أيضاً على أن الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب ضعيفة وغير كافية، ولا تفي بما تشكله هذه التنظيمات من خطر على القارة السمراء.
وشدد أديب على أنه إذا ظلت الجهود الدولية والمحلية والإقليمية في مكافحة الإرهاب في أفريقيا دون المستوى، أو لا تواجه الخطر الذي تمثله هذه التنظيمات، فسوف يؤدي ذلك إلى المزيد من الانتشار والتنامي لها داخل القارة.
وشدد على أهمية الدور الذي تقوم به الدول الأفريقية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى الجهود الإقليمية والمتمثلة في الاتحاد الأفريقي مع الجهود الدولية في أن يتنبه إلى أن خطر التنظيمات في أفريقيا كبير.

نواب لـ «الاتحاد»: المصالح الشخصية تعرقل الحوار السياسي في لبنان

استبعد نواب لبنانيون إمكانية نجاح محاولات الحوار بين الفرقاء السياسيين بالتوصل لاتفاق أو حل يساعد على إخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدين ضرورة تغليب المصلحة العامة على الأهداف الشخصية عبر إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة والقضاء على الفساد. وطرح مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان خلال الأيام الماضية على الفرقاء السياسيين، عقد لقاء في سبتمبر يهدف إلى توافق ينهي الشغور الرئاسي المستمر منذ نحو 9 أشهر. وتراوح الأزمة السياسية في لبنان مكانها مع تمسك كل طرف بموقفه الرافض لأي حلول أو تقديم تنازلات، إذ فشل البرلمان على مدار 12 جلسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفاً لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر 2022. واعتبرت النائبة بالبرلمان اللبناني الدكتورة نجاة صليبة، أن المنظومة الحالية لا تنتج رئيساً إلا عند تقاسم الحصص، وأنهم لم يتفقوا على كل الحصص بعد لوجود خلافات حول المصالح الخاصة التي تهمل مصالح الشعب.وقالت صليبة لـ«الاتحاد»، إنه يجب على النواب تحمل مسؤولياتهم لإنهاء الأزمة الحالية، خاصة إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ومن ثم معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المنهار.
وسبق للمسؤول الفرنسي أن زار لبنان في 21 يونيو الماضي، بعد أن عينه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممثلاً شخصياً له في لبنان، والتقى ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب اللبناني، كما التقى مسؤولين سياسيين ودينيين وعسكريين، للمساهمة في إيجاد حلّ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
من جانبه، قال البرلماني اللبناني السابق مصطفى علوش، إن مشكلة لبنان ليست فقط داخلية ليحلها حوار داخلي، لكن الأزمة متشابكة مع الواقع الإقليمي المحيط والذي يشهد تحولات وتغيرات كبيرة. وبين علوش في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الحوار الداخلي تمت تجربته على مدار 17 عاماً دون نتيجة إلا المزيد من التأزم، مؤكداً أن الواقع الحالي يتم تسييره من قبل ميليشيات «حزب الله» الإرهابية بأوامر خارجية و«مستوردة». وإلى جانب الأزمة السياسية، يعاني لبنان منذ 2019 أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، صنفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق وتدهور الأوضاع المعيشية.
ويعاني اللبنانيون منذ 2019 أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة الليرة، فضلاً عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية.
واتفق النائب في البرلمان اللبناني نبيل نقولا حول عدم صلاحية الحوار الداخلي لسيطرة المصلحة الشخصية والفساد، ويرى أن الحل الوحيد هو تغيير النظام لأنه يهيء كل 10 سنوات لحرب جديدة ويهجر الشباب. وقال نقولا، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن وجود نظام سياسي لكل اللبنانيين وليس للطوائف سيكون بداية حلحلة الأزمة.
ورغم ذلك، أشار سياسيون لبنانيون إلى ضرورة الاعتكاف عن الجلوس إلى طاولة واحدة والبحث عن مخرج للأزمة من دون أي خلفية لإلغاء الآخر، ويتوقعون أن تطول فترة الأزمة الرئاسية في حال عدم وجود إرادة لانتخاب رئيس جديد.  

15 يوماً مهلة «أفريقية» لإعادة السلطة الدستورية في النيجر

أعلن الاتحاد الأفريقي إمهال قادة الانقلاب في النيجر 15 يوماً من أجل التخلي عن السلطة والعودة إلى الثكنات العسكرية والسماح للرئيس المنتخب محمد بازوم بمزاولة مهامه، فيما قطع الاتحاد الأوروبي الدعم المالي عن النيجر، بينما هددت الولايات المتحدة باتخاذ الإجراء نفسه.
وأعلن مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، أمس، إمهال قادة الانقلاب في النيجر 15 يوماً من أجل التخلي عن السلطة والعودة إلى الثكنات العسكرية والسماح للرئيس المنتخب محمد بازوم بمزاولة مهامه. 
ودان المجلس في بيان بأشد العبارات، الانقلاب وما أعقبه من الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم، مطالباً بإطلاق سراح الرئيس بشكل فوري وغير مشروط وغيره من المحتجزين السياسيين. 
وتوعد باتخاذ كل الإجراءات الضرورية، بما في ذلك الإجراءات العقابية ضد مرتكبي الانتهاكات، كما هدد بمعاقبة الجناة في حال عدم احترام حقوق المعتقلين. 
وأعرب المجلس عن «قلق العميق إزاء العودة المقلقة للانقلابات العسكرية التي تقوض الديمقراطية والأمن والسلام والاستقرار في أفريقيا»، مشدداً في الوقت نفسه على عدم تسامحه مطلقاً مع التغييرات غير الدستورية للحكومات في القارة السمراء. 
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس، وقف جميع المساعدات الاقتصادية وتعليق التعاون الأمني مع النيجر، مديناً عملية الانقلاب وتغيير السلطة في النيجر.
 وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان: إن «الاتحاد الأوروبي لن يعترف أبداً بسلطة الانقلاب في النيجر»، داعياً في الوقت نفسه الانقلابيين للمحافظة على سلامة الرئيس المنتخب محمد بازوم وسرعة الإفراج عنه بدون أي شرط.
 وأضاف: «هذا الاعتداء غير المقبول على سلامة المؤسسات الجمهورية في النيجر لن يستمر دون عائق على الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والنيجر في جميع الجوانب المختلفة»، مشيراً إلى أنه تم إيقاف الدعم للميزانية وتعليق جميع أشكال التعاون في المجال الأمني إلى أجل غير مسمى بشكل فوري.
 وأوضح بوريل، أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم القرارات المستقبلية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بما في ذلك تبني العقوبات.
وتمتلك الولايات المتحدة قاعدتين عسكريتين في النيجر تضمان حوالي 1100 جندي، وتقدم واشنطن مئات الملايين من الدولارات للبلاد، كمساعدات أمنية وتنموية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: «من الواضح أن المساعدة الكبيرة للغاية التي نقدمها للأشخاص في النيجر معرضة للخطر»، مشيراً إلى أن «دعم الولايات المتحدة يعتمد على استمرار الحكم الديمقراطي».
ودعا بلينكن إلى الإفراج الفوري عن الرئيس بازوم، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إن بلينكن تحدث هاتفياً مع كل من الرئيس محمد بازوم، والرئيس السابق محمد يوسفو.
وأكد بلينكن للرئيس بازوم دعم الولايات المتحدة الثابت، وشدد على أهمية استمرار قيادته في نيامي، مشيداً بدوره في «تعزيز الأمن ليس فقط في النيجر، ولكن في منطقة غرب أفريقيا بشكل عام». 
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن فرنسا تعلق كل أنشطتها لتقديم مساعدة تنموية ودعم للموازنة للنيجر.
وأكدت الوزارة في بيان «تطالب باريس بالعودة دون تأخير إلى النظام الدستوري في النيجر حول شخص الرئيس بازوم المنتخب من الشعب النيجيري».
وفي السياق، أدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب في النيجر، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرئيس وأكدوا ضرورة حمايته هو وعائلته وأفراد حكومته. 
وأعرب أعضاء المجلس عن قلقهم إزاء التأثير السلبي للتغييرات غير الدستورية للحكومات في المنطقة وزيادة الأنشطة الإرهابية والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور. 
كما أعربوا عن أسفهم للتطورات في النيجر والتي تقوض جهود تعزيز مؤسسات الحكم والسلام في البلاد. 
وأكد أعضاء المجلس دعمهم لجهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وشددوا على أهمية استعادة النظام الدستوري في النيجر.
وكان قائد الانقلاب في النيجر عبد الرحمن تشياني، وهو أيضاً قائد الحرس الرئاسي أعلن أمس الأول، عبر التلفزيون الرسمي عزل بازوم وإغلاق الحدود وفرض حظر التجوال، مؤكداً أنه سيترأس المجلس العسكري الانتقالي في البلاد.

الخليج: 60 نائباً: البعثة الأممية تعمل ضد «التوافق الليبي»

أعرب 60 نائباً في البرلمان الليبي عن استنكارهم ما تضمّنه بيان البعثة الأممية في ليبيا بشأن اعتماد مجلس النواب خريطة طريق المسار التنفيذي، فيما دخل هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في مرحلة الخطر بعد تدهور جديد طرأ على وضعه الصحي في ظل إضرابه عن الطعام.

وأكد النواب في بيان لهم أن ما في هذا الأمر من تضليل للرأي العام يهدف إلى تفريغ توافق مجلسي «النواب والدولة» من محتواه والتقليل من أهميته من خلال وصفه بالأحادي.

وأضاف النواب أن توافق المجلسين يُعد أساساً لتوافق عريض بين الليبيين من أجل الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وذكّر النواب رئيس البعثة في ليبيا عبد الله باتيلي أن هذا التوافق بين المجلسين كان مطلباً أساسياً لكل من سبقه في رئاسة البعثة، كونه يأتي تنفيذاً لنصوص الاتفاق السياسي الليبي الذي جاء نتيجة عمل مضنٍ وشاق أشرفت عليه البعثة آنذاك، وأصبح اليوم وثيقة دستورية مهمة.

وأشاروا إلى أن ممارسات بعثة الأمم في ليبيا وعلى رأسها باتيلي أصبحت في الفترة الأخيرة مشوبة بنوع من الغموض وكأنما باتت تعمل ضد التوافق الليبي، وليس ببعيد ملاحظاتها حول قوانين الانتخابات الصادرة عن لجنة «6+6» وغيرها من القضايا.

وحذّر النواب البعثة من مغبة هذه المواقف، ودعوها للالتزام بمهامها الموكلة إليها وفق قرار إنشائها رقم 2009 - 2011، الذي حصر مهامها في دعم المؤسسات السياسية الليبية، ولم يفوضها في الشأن الليبي كما هو حاصل الآن.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند: «الولايات المتحدة تنضم إلى الشركاء الدوليين في دعم وساطة الأمم المتحدة في ليبيا». حسب تغريدته على موقع تويتر.

وأعاد نورلاند نشر البيان المشترك الذي أصدرته أمريكا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، لتأكيد دعمها جهود البعثة الأممية في إشراك جميع الأطراف الليبية، والبناء على أعمال لجنة 6+6 لإعداد القوانين الانتخابية، ومعالجة النقاط المتخالف عليها لإجراء الانتخابات.

من جهة أخرى، دخل هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي المحتجز في لبنان منذ 8 سنوات في مرحلة الخطر بعد تدهور جديد طرأ على وضعه الصحي في ظل إضرابه عن الطعام.

وأكدت محاميته ريم الدبري في تصريحات تلفزيونية أن هانيبال في وضع صحي حرج، بعد رصد انخفاض حاد في نبضات قلبه تفاقم بسبب رفضه الانتقال إلى العناية المركزة.

وجاء التدهور الحاد في صحة هانيبال بعد إصراره على مواصلة إضرابه عن الطعام الذي بدأه في 3 يونيو/ حزيران الماضي حتى الإفراج عنه، وحمّل دفاعه الجهات المختصة المسؤولة الكاملة عن سلامته في ظل ما يعانيه بسبب ظروف اعتقاله المأساوية منذ 2015، دون محاكمة. 

الجيش السوداني يصد هجوم «الدعم» على سلاح المدرعات

قال الجيش السوداني، أمس السبت، إن قواته صدت هجوماً شنته قوات الدعم السريع بهدف السيطرة على سلاح المدرعات، وقتلت 20 من عناصر القوات المهاجمة، وذلك بعد ساعات من ظهور نادر لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي»، فيما اشترطت الخارجية السودانية، تذليل العقبات لعودة وفد الجيش التفاوضي إلى جدة، لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع قوات «الدعم السريع»، في حين حذر حاكم ولاية شمال دارفور نمر محمد عبد الرحمن، من تدهور الوضع الإنساني بالولاية، موضحاً أن ما تبقي من مخزون الغذاء يكفي لمدة 3 أسابيع فقط. وقالت مصادر الجيش، أمس السبت، إن 20 عنصراً من الدعم السريع قتلوا خلال محاولة للهجوم على سلاح المدرعات، وأضافت أن الدعم السريع، هاجمت أهم قواتنا بسلاح المدرعات بالتزامن مع ظهور «حميدتي».

وأفاد شهود عيان بسماع دوي انفجارات عنيفة في محيط سلاح المدرعات بالخرطوم وفي أحياء جنوبي الخرطوم، أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وأضافوا أن الطيران الحربي، قصف أحياء «الصحافة» و«جبرة» و«الشجرة» جنوبي الخرطوم، ومنطقة الثورة شمالي أم درمان، ما أدى إلى تدمير منازل، وسقوط قتلى وجرحى.

وأشار الشهود، إلى أن أم درمان، شهدت قصفاً مدفعياً، وتبادلاً لإطلاق لنيران فيما حلق الطيران العسكري بكثافة في سماء المدينة، مع سماع أصوات مضادات الطيران التابعة لقوات الدعم السريع.

رسالة قوية

وأكدت قوات الدعم السريع، أن ظهور قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أمس الأول الجمعة، رسالة قوية للشعب السوداني. وقال المستشار السياسي لـ(حميدتي) يوسف عزت: إن «ظهور القائد حميدتي رسالة قوية مفادها بأن هزيمة الدعم السريع لن تحدث».

وفيما لم يصدر تعليق رسمي للجيش حول «فيديو حميدتي»، كتب العميد ركن الطاهر أبوهاجة مستشار الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة: لن يصدق الناس فيديو قائد التمرد حتى وإن جاءهم وهو يعرض في الدارة.

وأضاف أن المقطع جاء بعد هزائم الكدرو، والمدرعات، وأم درمان، وأكد أن التمرد فى الرمق الأخير، ولن يشفع له ظهور حميدتي الحقيقي أو المصنوع. ومع اشتعال المعارك، اشترطت الخارجية السودانية، أمس، تذليل العقبات لعودة وفد الجيش التفاوضي إلى جدة، لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع قوات الدعم السريع.

وقالت الخارجية إن عدم احترام الدعم السريع للالتزامات التي وقعت عليها في جدة ومواصلتها للانتهاكات واحتلال منازل المواطنين والمرافق العامة وتعطيل الخدمات الأساسية والسلب والنهب والاعتداء على دور العبادة وتخريب الطرق والمطارات، وراء تعثر مفاوضات جدة ما حدا بوفد الجيش العودة إلى البلاد.

وثمن بيان الخارجية الجهود التي تبذلها السعودية والولايات المتحدة في رعاية وتسهيل جولات مباحثات جدة وحرصهما على إنجاحها، وبينت أن السبب وراء تعثر المباحثات يتمثل في تعنت قوات التمرد وعدم انصياعها لتنفيذ التزاماتها الموقعة عليها.

وأكد البيان جاهزية الوفد للعودة إلى منبر جدة متى ما تمكن الوسيطان السعودي والأمريكي من تذليل العقبات والمعوقات التي حالت دون مواصلة المباحثات.

حصيلة الصراع مروعة

إلى ذلك،وصفت السفارة الأمريكية في الخرطوم حصيلة الصراع بـ«المروعة»، وقالت في بيان أن التقارير الواردة عن سقوط مزيد من الضحايا المدنيين بسبب القصف المكثف من الجانبين مفزعة.

وطالبت السفارة الجيش وقوات الدعم السريع بضمان احترام قواتهما لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والتمييز بين المدنيين والمقاتلين، وتجنب الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.

مخزون الغذاء يكفي لثلاثة أسابيع

على صعيد آخر، حذر حاكم ولاية شمال دارفور نمر محمد عبد الرحمن، أمس، من تدهور الوضع الإنساني بالولاية، موضحاً أن ما تبقي من مخزون الغذاء يكفي لمدة 3 أسابيع فقط.

وقال نمر: إن «الوضع بالولاية بات ينزلق إلى الأسوأ وما تبقى من مخزون الغذاء يكفي لمدة ثلاثة أسابيع فقط، نتيجة لاستنفاد المخزون الاستراتيجي من الغذاء وغياب الاستجابة الدولية».

ولفت إلى أن السلطات المحلية غير قادرة على احتواء الأزمة أكثر من ذلك، مناشداً وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني بمسارعة الخطى في تقديم المساعدات للمتضررين.

ودعا نمر إلى وقف القتال والعمل على فتح مطارات إقليم دارفور لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية.


البيان: رفض ليبي لتوطين المهاجرين «غير النظاميين»

تحول توطين المهاجرين «غير النظاميين» في ليبيا إلى قضية ساخنة تثير جدلاً واسعاً على جميع المستويات السياسية والاجتماعية، ولا سيما في الجنوب الذي يرى بعضهم أنه قد يكون مؤهلاً لاحتضان المهاجرين غير النظاميين المعرضين للطرد من الضفة الشمالية للمتوسط أو المحاصرين أمنياً في سواحل الضفة الجنوبية والممنوعين من الإبحار على متن قوارب الموت نحو الدول الأوروبية.

وأكدت القوى الوطنية والكيانات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في إقليم فزان، رفضها التام توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا تحت أي تسمية ولأي سبب. وقالت في بيان: إن ليبيا ضحية جغرافياً وهي دولة عبور وليست دولة مصدر ولا مقصد، مشيرة إلى أن «ما يجرى من محاولات للتوطين تحت شعار الإنسانية وحقوق الإنسان ما هو إلا محاولات مكشوفة وسنواجهها بكل الوسائل المشروعة»، وفق بيان صادر عن القوى.

حلول تلفيقية

بدورها، أعلنت الهيئة الوطنية لمشايخ وأعيان ومؤسسات المجتمع المدني فرع فزان، رفضها أي حلول تلفيقية لمشكلة الهجرة غير الشرعية، ونادت بتفعيل اتفاقية الصداقة الإيطالية الليبية، الموقعة في سنة 2008، وبنقل إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية وقوات حرس الحدود، إلى المناطق الحدودية الجنوبية، مشدداً على ضرورة أن تنفذ الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي، مشروعات تحد من الهجرة في أراضي المصدر، وتفعيل اتفاقية الصداقة الإيطالية الليبية.

تهديد الاستقرار

وجدد تجمع «من أجلك فزان» رفضه أي مشروع أو اتفاقية تسعى إلى توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا لما فيه من تهديد للاستقرار والأمن في البلاد. وقال في بيان، إن التعامل مع مسألة المهاجرين يكون بشكل إنساني ومنطقي وحل هذه المسألة بالتعاون مع الجهات الدولية، عادّاً أن العمل على توطين المهاجرين يمس السيادة الوطنية ويشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد.

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، أكد الأسبوع الماضي، أن رؤية ليبيا لا تتضمن أي اقتراح لتوطين المهاجرين في مناطق العبور، لافتاً إلى أن «بلاده ستطالب بحق ليبيا في الحصول على الدعم الدولي في ملف الهجرة أمنياً وسياسياً ومادياً».

دولة عبور

كما حذرت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، من توطين المهاجرين في ليبيا تحت أي تسمية، وأكدت أنها «ستتصدى لأي محاولات في هذا الشأن، وستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال أي طرف يثبت تورطه في أي ترتيبات خاصة بهذا الملف».

ورفضت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب خطط توطين المهاجرين غير النظاميين، مؤكدة أن ليبيا دولة عبور وليست مقصداً للمهاجرين، ولا يمكن لها أن تحل أزمة المهاجرين نيابة عن العالم وعلى الاتحاد الأوروبي أن يتحمل المسؤولية.

سودانيون في الأردن: الصراع شائك.. والعودة معلقة

أصبحت الشابة السودانية ستنا أحمد تقف في منتصف الطريق، فهي لم تعد تعرف أي وجهة ستسلك ، فحين قررت حمل أحلامها والتوجه إلى الأردن كانت تظن أن الطريق سهل، وأنها لن تجد صعوبات تعرقل مسيرها، في وقت تتابع أخبار الحرب في بلدها، وتتساءل: كيف لها أن تعود، في ظل ما يحدث من قتل وتشريد وهدم وجوع؟

منذ عام 2019 ما زالت هذه العشرينية تنتظر بطاقة اللجوء من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وما زالت إجابة المفوضية معلقة، وتشير المعطيات إلى أن الاستجابة لطلب هذه الفتاة ستكون على الأرجح بالرفض، حيث تعاني المفوضية من أزمة مالية، ما انعكس بشكل مباشر على تعاطيها مع الطلبات المقدمة لها.

قبل مجيئها إلى الأردن كانت الفتاة تدرس علم النفس في جامعة السودان، وقطعت في هذا التخصص شوطاً كبيراً، ولم يتبق لها إلا سنة واحدة للتخرج.

وثائق ضائعة

بعد أن وقعت الحرب في السودان علمت ستنا أحمد أن وثائقها الثبوتية في الجامعة لم تعد موجودة، وليس بإمكانها الحصول عليها، ما يعني أنها لن تستطيع استكمال دراستها سواء في بلدها أو في أي بلد آخر، وبالتالي عليها أن تبدأ من الصفر. تقول: «ما يحصل في السودان أمر في غاية التعقيد، وجميعنا نعلم أن هذه الأزمة سوف تطول، ولن يكون الفرج قريباً، فالصراع القبلي شائك، ولن تكون هناك تنازلات من أي طرف، وعلى أرض الواقع فإن منازلنا، وكل ما نملك احترق، حتى الأراضي التي كنا نزرعها بالقمح في منطقة دارفور باتت سوداء جراء القذائف، وأغلب أهالينا إما قتلوا وإما نزحوا إلى مناطق مجاورة حفاظاً على حياتهم».

فرص عمل

وحول مصيرها في الأردن تقول ستنا: إن حالها صعبة جداً، وهي الآن تقيم مع أختها وعائلتها، حيث يقطن في المنزل الصغير أكثر من 10 أشخاص بأعمار متفاوتة، وأحوال أسرة أختها المادية لا تسر، مشيرة إلى أن إيجاد فرصة عمل في الأردن في غاية الصعوبة، وإن وجدت هذه الفرصة فإن الأجر متدنٍ، ولا يتناسب مع تكاليف الحياة الباهظة.

توضح ستنا أن أعداد اللاجئين السودانيين في الأردن ليست قليلة، وهم يشعرون بالقلق على بلدهم، وهناك عدد منهم ألغى فكرة العودة إلى السودان، وقرر البقاء تحت مظلة اللجوء، بالرغم من أن المفوضية في الآونة الأخيرة قطعت عن جزء كبير منهم المساعدات النقدية، التي تقدم لهم، وتسعفهم في توفير الغذاء وغيره من الأساسيات، وهم على يقين بأن حلمهم في الهجرة إلى بلد أوروبي أصبح من المستحيلات، نتيجة الحرب الأوكرانية.

الشرق الأوسط: فيدراليّة اللبنانيّين بين دعاتها ومعارضيها

منذ سنة ونيّف بات الكلام عن الفيدراليّة حدثاً يوميّاً في لبنان. لكنْ كائناً ما كان الموقف منها، فإنّ معظم الذين ناقشوها ناقشوا شيئاً آخر. هكذا قُرنت بالتقسيم، وهي تعريفاً ليست كذلك، وعلى جاري العادة نُسبت إلى «المؤامرة» الشهيرة التي لا تكلّ ولا تتعب.

ما يُسجّل للفيدراليّين، على عكس باقي الجماعات السياسيّة في لبنان، أمران: أنّهم قالوا إنّ ثمّة عطباً عميقاً وبنيويّاً في التركيب المركزيّ اللبنانيّ، وهو ما نراه بأمّ العين على الأصعدة جميعاً، وأنّهم قدّموا بديلهم عن ذاك الكائن الذي يموت، وتكريمُ الميّت، كما نعلم، دفنه.

الذين يهاجمون الفيدراليّين هم، ما خلا استثناءات قليلة، كمثل من يحبّ النوم مع جثّة. لهذا نراهم ينكرون الموت والتحلّل بألسنة سياسيّة كثيرة. وفي هذا الصفّ يقف عبّاد الأوطان والوحدات ممّن يعطونها الأولويّة على البشر وإرادتهم وحرّيّاتهم، مردّدين أناشيد مضجرة تعود إلى القرن التاسع عشر، ويقف النوستالجيّون الذين يرون أنّ الماضي أفضل مستقبل، ويقف العاجزون المُستكينون الذين يخافون أن تؤدّي إعادة النظر بالتركيبة الحاليّة إلى تركهم وحيدين في مواجهة مكروهيهم، من دون أن يحرّكوا ساكناً، كما يقف الموهومون بأنّ معالجة النتائج في تركيبة النظام أو في اقتصاده أو ثقافته، هي معالجة كافية للأسباب. لكنْ إلى هؤلاء جميعاً يقف في الصفّ نفسه الخبثاء، وهم وحدهم القادرون على الإفادة من سياسة الإنكار التي يعتمدها الأبرياء. والخبثاء هؤلاء ذوو لغة برأسين، رأس معلن مفاده الحفاظ على لبنان إيّاه، ورأس مضمر هو تحويل لبنان كلّه إلى خندق. وهي مهمّة تتطلّب توسيع المظلّة «الوحدويّة» التي تغطّي هذا الخندق المفتوح، بحيث نحميه جميعاً بدل أن يحمينا.
وحدة زائفة

والحقّ أنّ هذه الوحدة الزائفة، التي يئنّ اللبنانيّون تحت وطأتها، ليست حكراً عليهم وحدهم، إذ نعرفها بأسماء وعناوين مختلفة في سائر المشرق العربيّ. فهناك، وفي ظلّ شعارات الوطنيّة والقوميّة والتوحّد ضدّ «العدوّ المصيريّ»، تكشّفت المركزيّة السلطويّة عن قهر لأجزاء واسعة من السكّان وضيق بهم. وما بين حلبجة العراقيّة ودوما السوريّة، اتّخذ القهر والضيق أشكالاً إباديّة صريحة.

لكنْ أسمَّينا البديل فيدراليّة أو أيّ شيء آخر، فالمؤكّد أنّه لا بدّ من التفكير ببديل تُستأنف معه لبنانيّة اللبنانيّين بأكلاف أقلّ وحرّيّات أكثر. ولا بأس، هنا، باستعادة سريعة لبعض ما نعرفه جميعاً ممّا يقطع بأنّ تمادي الانهيار هو الأفق الوحيد المتاح لوحدة «الشعوب» اللبنانيّة: فالدولة تضمر، والمناطق تزداد تباعداً واختلافاً، والجريمة تمضي بلا عقاب، 14 فبراير (شباط) 2005 أو بلا محاكمة ومقاضاة (المرفأ)، والسلاح غير الشرعيّ يستمرّ في حكم البلد فعليّاً وفي جرّه إلى أوضاع لم يُطلب رأي السكّان فيها، ولا يُطلب، والفساد والكارثة الاقتصاديّة ينامان على زند المحاصصة الطائفيّة (المركزيّة) والسلاح غير الشرعيّ. ولئن فشلت في 2019 المحاولة التي شكّلت آخر الآمال بتوليد وطنيّة لبنانيّة جامعة وإنقاذيّة، فإنّ ضعف الاكتراث الدوليّ بلبنان، بل بالمنطقة، يضيف سبباً آخر لليأس من فولكلور «القيامة اللبنانيّة»...

فوق هذا، فالظاهرات المذكورة وسواها تستند إلى خلاف عميق بين مكوّنات البلد حول سائر المنعطفات الكبرى في تاريخه الحديث كما في راهنه: من انهيار السلطنة العثمانيّة وقيام الانتداب الفرنسيّ إلى مقاومة «حزب الله»، وبينهما تأسيس «لبنان الكبير» في 1920 واستقلال 1943 وحرب 1958 والتنازع حول سلاح المقاومة الفلسطينيّة ثمّ حرب 1975 فالاحتلالات التي تلتها، ثمّ اغتيال رفيق الحريري... عند كلّ حدث من تلك الأحداث الضخمة، هناك على الأقلّ تأويلان وذاكرتان واستنتاجان. أمّا سنوات الاستقرار والوفاق اللبنانيّين في الستينات الشهابيّة، التي تطاولت حتّى منتصف عهد شارل حلو، فكانت أثمانها باهظة: من التنازل عن السياسة الخارجيّة لجمال عبد الناصر، إلى إسقاط بعض أبرز الزعامات المارونيّة (كميل شمعون، ريمون إدّه) في انتخابات 1964، (تماماً كما أسقط كميل شمعون في 1957 بعض أبرز الزعامات المسلمة)، ومن غضّ النظر عن اغتيال الصحافيّ كامل مروّة إلى قضم «المكتب الثاني» بعض الحرّيّات العامّة والخاصّة. وفي النهاية كوفئت الشهابيّة بأن دقّ صعود المقاومة الفلسطينيّة المسمار الأخير في نعشها.

إنّ خلافاً بهذا الحجم، وهذا العمق، وهذا الامتداد في الزمن، ليس تعدّديّة تنطوي على مصدر للغنى. إنّه، بمحموله الدمويّ، صراع ضارٍ ومصدر لحروب لا تنضب. وفي الحساب الأخير، يحقّ لأيّة مجموعة من السكّان أن تعلن رأيها في أحوالها وفي تصوّرها لمستقبلها. أمّا الموقف الطبيعيّ والسويّ لمن يرى شخصين متقاتلين فأن يسعى إلى الفصل بينهما وإبعاد واحدهما، ولو قليلاً، عن الآخر.

مع هذا كان يمكن لرافضي الفيدراليّة أن يحدّوا من وهجها على المسيحيّين لو فعلوا شيئاً يخدم هدفهم: لو فرزت الطائفة الشيعيّة كتلة وازنة ترفض «حزب الله»، أو لو اعتمدت الطائفة السنّيّة مواقف صلبة وعريضة في مواجهته. لا هذا حصل ولا ذاك، بحيث بتنا أقرب إلى زواج قهريّ تُعنَّف فيه الزوجة ويعلو صراخها الذي لا يُستخدَم إلاّ مُستَمسكاً ضدّها: أنتِ تهدمين البيت الزوجيّ السعيد!
استعجال إرادويّ وهويّة مغلقة

يبقى أنّ الانحياز الذي تعبّر عنه هذه الأسطر إلى كسر وحدة ميّتة، لا يعفي من تناول القائلين بكسرها، بالاستراتيجيّات التي يطوّرونها وبالقيم التي يحملونها، وتالياً بالاحتمالات التي يفتحونها لأنفسهم قبل سواهم، وهذا ما يستدعي كلاماً آخر.

فإذا كانت الدعوة إلى مغادرة الوحدة الحاليّة بنظامها المركزيّ مفهومة ومبرّرة، فهذا ما يرافقه شعور بغَصّة مبعثُها الإقرار بفشلنا في بناء وطن تُحفظ فيه الحرّيّات والتعدّد. فالأمر بالتالي عمليّ أكثر منه مناسبة انتصاريّة، واضطراريٌّ أملاه انسداد الواقع الوحدويّ وتصدّعه ممّا تتعدّد المسؤوليّات عنه.

والحال أنّ الإقرار بضرورة كسر تلك الوحدة يعقّد المسائل أكثر ممّا يبسّطها. فالقول إنّ الوحدة الراهنة باتت حلّاً مستحيلاً لا يعني بالضرورة أنّ بديلها المطروح حلّ سهل.

ولا بدّ، بادىء بدء، من توضيح أساسيّ يعرفه المتابعون: إنّ الفيدراليّة بذاتها لا تتناول لبّ النزاعات اللبنانيّة – اللبنانيّة، ممّا يتّصل بالسياسات الخارجيّة والدفاعيّة. وهذا ما يجعل علاجيّة الاقتراح الفيدراليّ مرهونة بمزاوجته مع مبدأ الحياد، وهو ما يبدو أنّ الفيدراليّين، أو بعضهم، على بيّنة منه إذ جمعوا المطلبين، على نحو أو آخر، في دعوة واحدة.

ومن جهة أخرى، سيبقى أمراً مطروحاً على التفكير التغلّبُ على فسيفساء التفتّت اللبنانيّ الهائل ممّا لا يذلّله القول المريح، والصحيح، من أنّ الفيدراليّة مصنوعة لحالات الاختلاف. ذاك أنّ صيغة كاتّفاقيّتي واشنطن ودايتون مثلاً (اللتين حاولتا بصعوبة ضبط التفتّت البوسنيّ وإعادة صياغته فيدراليّاً) ستبدوان فقيرتين جدّاً وعاجزتين أمام درجة التداخل الهائل في المناطق اللبنانيّة.

في المقابل، وما دامت المشاريع الفيدراليّة المطروحة تعامل اللبنانيّين بوصفهم مساوين آليّين لولادتهم في طائفة ما، ولحملهم ثقافتها الفرعيّة، فهذا ما يثير المخاوف المشروعة من الفلسفة التي تسند هذه المشاريع. ذاك أنّها لا تأخذ بتاتاً في اعتبارها وجود من لا يريدون أن يكونوا أبناء طوائفهم، ولا أن يعبّروا عن ثقافتها. وأبعد من ذلك هنا أنّ ما هو حتميّ ومسبق يُعدمان كلّ ما هو اختيار حرّ للأفراد. وهذه، بطبيعة الحال، نظرة خطيرة يصعب نعتها بالحرّيّة والليبراليّة والتقدّم. ولسوف يكون من المشكوك فيه أن تستطيع التراكيب الفيدراليّة، ما دامت تعبّر عن هويّات طائفيّة حصريّة، احتضان سياسات تحرّريّة وعلمانيّة تُنكرها المؤسّسات الطائفيّة التي تشكّل تلك الهويّات المياه الملائمة لسباحة أسماكها.

وبعيداً من الروحيّة الابتزازيّة التي يقول أصحابها إنّ الكيان الفيدراليّ لا يعصم من نزاعات مذهبيّة ومناطقيّة داخله، فاحتمال كهذا ينبغي التعامل معه بجدّ بعد تخليصه من الروحيّة الابتزازيّة. فنظام القرابة العصبيّ الموسّع ليس حكراً على جماعة دون أخرى، ويُخشى أن يتأدّى عن ردّ العالم إلى مجرّد هويّات دينيّة تخصيب هذه الأخيرة بهويّات مذهبيّة ومناطقيّة قد لا يكون ضبطها سهلاً دائماً.

أمّا إيراد هذه التحفّظات فليس هدفه التيئيس والإحباط، إنّما الهدف التنبيه إلى خطورة إطلاق عفاريت الهويّة المطلقة والمغلقة. وتنبيهٌ كهذا إنّما يستند إلى مسوّغ آخر: فأغلب الظنّ أنّ ما من فيدراليّ يتوهّم أنّه بالعنف، والعنف كريه بذاته، يحرز أيّاً من الفيدراليّة والحياد، ناهيك عن إحرازهما معاً. وهذا ما يفرض على حركة الفيدراليّين وعلى خطابهم أن يكونا دقيقين ومرِنين، أكثر سياسيّة وإنصاتاً إلى توازنات القوى، وهو ما لا يُبدونه دائماً. ويُخشى، هنا، بدل المرونة، وهْم التعويض عن نقص الشروط الموضوعيّة بتعويل مبالغ فيه على الإرادويّة وما تستجرّه من فولكلوريّات الهويّة.

فما دام أنّ مطلب الفيدراليّين لا يتحقّق بمحض الإرادة الذاتيّة لصاحب المطلب، وما دام أنّ موافقة أكثر من طرف عليه شرط قاهر لوضعه موضع التنفيذ، بات لا بدّ من مخاطبتين لا تحظيان اليوم بعناية الفيدراليّين المطلوبة: واحدة تستهدف القوى الخارجيّة المؤثّرة في محاولة مُلحّة ومنتظمة لإقناعها بالفيدراليّة والحياد للبنان، والأخرى تستهدف المسلمين الناشطين في الرأي العامّ ممّن يجمعهم بالفيدراليّين حدّ معقول من الاتّفاق، ولو كانوا متحفّظين على الفيدراليّة نفسها. وما يضاعف أهميّة البند الأخير أنّ القوى الخارجيّة المؤثّرة تُبدي، في الوقت الراهن، نقصاً ملحوظاً في الاهتمام وتراجعاً في التأثير.

هكذا فمحاورة هذه البيئات المسلمة، التي لا تربطها إلاّ الخصومة بـ»حزب الله»، وكائناً ما كان ضعفها الراهن، مهمّةٌ لا بدّ منها في سياق عمليّة تأتي متواصلةً ومتصاعدةً لتوسيع قاعدة الأصدقاء وبناء قاعدة متفهّمة عريضة. فالذي لا يستطيع التفاهم مع هؤلاء، ومعظمهم شركاء سابقون في 14 مارس (آذار) ثمّ في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، لن يستطيع التفاهم مع أيّ مسلم، ما لا يترك عمليّاً سوى الحرب وسيلةً للتبادل.

وإذا كان التعويل على العصبيّة المغلقة والمطلقة مدخلاً إلى استفزاز حلفاء محتملين، فإنّ التعويل على القيم مدخل لتطوير الحوار معهم. ذاك أنّ الفيدراليّة والحياد لا ينبغي تحويلهما بديلاً عن مواقف لا يكاد يُسمع للفيدراليّين صوت بشأنها، كالمصالح والحرّيّات والعدالة وما يتعلّق بالعنصريّة أو بالمساواة الجندريّة.

وإذ يزكّي هذا التمركزُ حول «التناقض الرئيسيّ»، بل «التناقض الأوحد»، مبدأ الهويّة المطلقة، فإنّه يهدّد، حتّى لو لم يُرد الفيدراليّون ذلك، بتحويلهم فصيلاً آخر من فصائل اليمين الشعبويّ الرومنطيقيّ المتطرّف، فصيلاً يقرن صرخاته الريفيّة حول «جبلنا» و»صليبنا» و»أجراس كنائسنا» بصورة قديمة، دينيّة وكولونياليّة، عن الغرب و»الحضارة».

ومثل هذا الخطاب لا ينفّر ويستفزّ لبنانيّين كثيرين فحسب، بعضُهم يمكن، ببعض الجهد، كسبه صديقاً متفهّماً لدعوة الحياد والفيدراليّة، بل هو أيضاً منفّر ومستفزّ للعالم العربيّ الذي يرتبط مستقبل لبنان الاقتصاديّ، فيدراليّاً كان أم غير فيدراليّ، بعلاقات جيّدة معه ومع أسواقه، كما يستفزّ قطاعات غربيّة عريضة ومؤثّرة لم يعد الخطاب الدينيّ والكولونياليّ القديم يخاطبها.

لهذا لن يكون مفيداً، فضلاً عن ضعفه الأخلاقيّ، ترداد لازمة: «هذه أمور لا تعنينا». فكلّ مسائل الحقوق والحرّيّات تعني المنشغل بالشأن العامّ، خصوصاً في بلد كلبنان تحكم عليه جغرافيّته بتأثيرات الخارج. ولئن بدا مفهوماً رفض استخدام الموضوع الفلسطينيّ (أو السوريّ أو الأرمنيّ...) لزجّ لبنان في صراعات مسلّحة، فإنّ المواضيع هذه «تعنينا» جميعاً. لا بل يمكن لمُركَّب الفيدراليّة والحياد أن يدشّن حالة قيميّة جديدة تنطوي على طريقة خاصّة في التعامل مع تلك المسائل والحقوق.

وقد يقول فيدراليّ متحمّس إنّ تلك أمور من طبيعة كماليّة، والوفاء بها يستغرق مرحلة زمنيّة أطول، فيما الوضع قاهر يحكمه تمدّد «حزب الله» وتوالي الكوارث وتنامي هجرة المسيحيّين، على غرار ما هو حاصل في لبنان كما في سائر المشرق العربيّ. لهذا، ومنعاً للأسوأ، تكفينا الإرادة الذاتيّة وتعبئة جمهورنا الطائفيّ. لكنْ ألم يكن هذا التغليب الإرادويّ ما حكمَ السياسة في العقود الماضية، وما واكب تحوّلها إلى حروب سبّبت الموت والهجرة والتهجير والاحتلال؟

أغلب الظنّ أنّنا، كأحد الشعوب الملعونة، محكومون للأسف بالخطى البطيئة. وهذا سيّء ومؤلم بما فيه الكفاية، لكنّ أيّة سرعة تكرّر سرعات الماضي ستكون أسوأ وأشدّ إيلاماً.

تصاعد الاشتباكات بين القوات التركية و«قسد» شمال سوريا

تصاعدت الاشتباكات والهجمات المتبادلة بين القوات التركية وما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة من جانب، و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من جانب آخر، على عديد من المحاور في شمال سوريا بعد فترة قصيرة من الهدوء.

وقُتل 5 عناصر من فصائل «الجيش الوطني» وأُصيب آخرون، السبت، في هجوم نفذته مجموعة من «قسد» تسللت إلى مناطق سيطرة الفصائل على محور كلجبرين قرب مدينة مارع الواقعة ضمن مناطق «درع الفرات» في شمال حلب، التي تسيطر عليها القوات التركية و«الجيش الوطني». وعلى الأثر، اندلعت اشتباكات وتبادل للقصف المدفعي بين الطرفين، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وكان طفل أُصيب بجروح، ليل الجمعة - السبت، خلال استهداف فصائل «الجيش الوطني»، بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة، قرية الذوق الكبير، التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين شمال غربي حلب، والخاضعة لسيطرة «قسد» والقوات الحكومية السورية. وجاءت هذه التطورات، بعدما قُتل 4 عناصر من «قسد» في هجوم شنته طائرة مسيّرة تركية على منطقة عامودا في محافظة الحسكة. وبحسب ما أفاد «المرصد» وكذلك المركز الإعلامي لـ«قسد»، استهدفت مسيرّة تركية قرية «خربة خوي» في منطقة عامودا، وأسفر الاستهداف عن مقتل 4 من مقاتلي «قسد». وقال «المرصد» إن المسيّرة هاجمت معسكر تدريب تابعاً لـ«قسد»، التي تشكّل «وحدات حماية الشعب الكردية» غالبية قوامها، في محافظة الحسكة، ما أسفر عن مقتل 4 من عناصر «قسد» وإصابة 8 آخرين. وبحسب المرصد، يعد هذا هو الاستهداف الثاني بالطائرات المسيّرة التركية لمناطق ريف الحسكة خلال يومين. وكشف المرصد عن مقتل 45 شخصاً منذ بداية العام الحالي بضربات جوية تركية، بينهم 10 مدنيين و35 عنصراً من «قسد» أو قوات حليفة لها.
في غضون ذلك، أعلنت إدارة معبر «باب السلامة» الحدودي مع تركيا استئناف حركة عودة السوريين الذين دخلوا بلادهم لقضاء العطلة المخصصة للسوريين المقيمين في الولايات التركية الإحدى عشرة المنكوبة جراء زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، الذي أصاب مناطق في شمال غربي سوريا أيضاً. وقالت إدارة المعبر، في بيان، (السبت)، إنه سيسمح بعودة السوريين إلى داخل تركيا اعتباراً من يوم الاثنين. وسمحت السلطات التركية لآلاف السوريين في مناطق الزلزال الذي خلّف أكثر من 50 ألف قتيل من الأتراك والسوريين، بالسفر لزيارة ذويهم في سوريا. بالتزامن، أعلنت دائرة الهجرة في ولاية إسطنبول التركية أن على السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة، المخالفين لمناطق صدور بطاقات الحماية (كيملك) الخاصة بهم، العودة إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها، وذلك حتى تاريخ 24 سبتمبر (أيلول) المقبل. وجاء في بيان لدائرة الهجرة، تم نشره على الصفحة الرسمية لولاية إسطنبول، (السبت): «يجب على الأجانب الحاملين للجنسية السورية، الخاضعين للحماية المؤقتة، والمسجلين خارج إسطنبول ولكنهم يقيمون حالياً فيها، العودة إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها... في حال تقدم الخاضعون للحماية المؤقتة والمقيمون في المدينة بطلب إلى مديرية إدارة الهجرة في إسطنبول حتى موعد 24 سبتمبر، سيتم إصدار تصريح لهم للعودة إلى الولايات المسجلين فيها». وأضاف البيان أنه سيتم السماح للمواطنين السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، الذين قدموا من الولايات المتضررة من زلزال 6 فبراير، وحصلوا سابقاً على تصريح مغادرة، بالبقاء في إسطنبول حتى إشعار آخر. جاء ذلك وسط تقارير عن عمليات ترحيل قسري واسعة للسوريين من تركيا إلى بلادهم؛ بسبب مخالفة شروط الحماية المؤقتة، أو الإقامة في ولايات غير المسجلين فيها.
ونفى وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، وجود حالات ترحيل لسوريين من حملة بطاقات الحماية المؤقتة (كيملك) بسبب الإقامة في ولاية غير الولاية الصادرة منها بطاقاتهم. وقال يرلي كايا، (الأربعاء)، إن مَن يُضبط تتم إعادته إلى ولايته وليس ترحيله، مضيفاً: «لا توجد مشكلة بالنسبة للسوري الذي يحمل (كيملك) المقيم في الولاية التي أصدرت بطاقته».

وشدد الوزير التركي على أنهم يعملون بـ«حساسية بالغة» حيال مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي باتت مشكلة عالمية، وأنهم لا يتهاونون فيها ويعملون على إخلاء المدن، خصوصاً إسطنبول، من المهاجرين غير الشرعيين، مشيراً إلى أنه تم ترحيل 16 ألفاً منهم خلال الشهرين الأخيرين. وقال إنه يوجد في تركيا حالياً 4 ملايين و888 ألفاً و286 مهاجراً شرعياً، وتم وقف منح تصاريح الإقامة للأجانب في الأحياء التي تزيد نسبتهم فيها على 20 في المائة من السكان. وأضاف أنه بالنسبة للسوريين، ونتيجة الخدمات التي وفرتها تركيا في الشمال السوري، عاد أكثر من 500 ألف سوري إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، لافتاً إلى أن «عدد سكان مدينة جرابلس بلغ مئات الآلاف بسبب العودة الطوعية بفضل الخدمات التي نقدمها هناك».

ماذا تستهدف حكومة الدبيبة من فتح قنوات مع طهران؟

تصدّرت الزيارة الرسمية، التي قامت بها نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، للعاصمة الإيرانية، طهران، اهتمامات وسائل الإعلام المحلية والإقليمية خلال الأسبوع الماضي، ويأتي ذلك لكونها أول زيارة دبلوماسية لوفد ليبي رفيع المستوى، بعد قرابة 17 عاماً.

زيارة المنقوش، التي جاءت بناء على دعوة من نظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان، طرحت تساؤلات عدة حول الاستفادة التي قد تحققها حكومة الدبيبة من ورائها، في ظل وجود مَن يعتقد بأنها ربما استهدفت بحث ملف هانيبال القذافي، المعتقل في لبنان.

ورأت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو راص، أن حكومة الدبيبة «تحاول بناء تحالفات مع أطراف وقوى عديدة بالمنطقة وخارجها»، وأنها «تسعى لتكون طرفاً فاعلاً في السياسات الإقليمية الجديدة؛ بهدف تعزيز وضعها السياسي بالداخل الليبي، وقدرتها على الاحتفاظ بالسلطة لمدة أطول».

وبينما لفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود مكاسب محتملة» لحكومة الدبيبة من وراء هذه الزيارة، استبعدت ما يطرحه البعض من قيام تركيا بدور الوسيط لإتمام هذه الزيارة. وعدّت الزيارة مجرد «اجتهاد خاص بالمنقوش، ربما تم التمهيد له خلال جولتها الخليجية في شهر مايو (أيار) الماضي، التي شملت الكويت ومملكة البحرين وسلطة عمان والمملكة العربية السعودية».

وتوافَق الباحث المصري بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور محمد ناجي عباس، مع النظرية القائلة إن زيارة المنقوش، قد تمكّن حكومة الدبيبة بالفعل من «توسيع هامش علاقاتها الخارجية»، مستفيدة من تحسّن العلاقات بين طهران ودول المنطقة العربية، مع تركيزها على إمكانية لعب دور بشأن رغبة إيران في الانفتاح على دول شمال أفريقيا.

وأوضح عباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إدارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، حريصة على معالجة الاتهامات التي كانت توجه لسلفه حسن روحاني، بعدم الاهتمام بمنطقة شمال أفريقيا والمنطقة العربية، والتعويل على الغرب فقط».

واستبعد الباحث المصري، المتخصص بالشأن الإيراني، ما يطرحه البعض من إمكانية وجود شراكات وعلاقات اقتصادية، أو أي دور لإيران في حل الأزمة السياسية في ليبيا، وقال بهذا الخصوص: «مَن يمارس التأثير في الساحة السياسية الليبية هو مَن يملك وجوداً واضحاً بها، مثل واشنطن والقاهرة وأنقرة، وباقي دول الجوار الليبي، وبالتالي لا يمكن تصور أن تقفز طهران على كل هؤلاء».

وأضاف الباحث المصري، موضحاً: «نعم، الإعلام الإيراني أشار إلى إبداء عبداللهيان خلال محادثاته مع المنقوش رغبة بلاده في المشاركة في جهود إعادة الإعمار في ليبيا؛ لكن هذا الأمر- وإن لم يكن مستبعداً - فهو سابق لأوانه بدرجة كبيرة، في ظل استمرار تعقد المشهد السياسي الليبي، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران».

من جهته، يعتقد رئيس حزب «الائتلاف الجمهوري»، المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، أن دوافع زيارة المنقوش إلى طهران «تستهدف نقل اقتراحات أميركية للجانب الإيراني، ومناقشة قضية هانيبال القذافي، لما تملكه طهران من نفوذ قوي لدى بعض القوى اللبنانية، التي تصر على استمرار اعتقال الأخير لديها منذ عام 2015».

وقال عقيل إن الدبيبة «إذا تمكن فعلاً في إعادة هانيبال إلى ليبيا، فسيضمن بذلك أصوات أنصار النظام السابق، والمحسوبين عليه، في السباق الرئاسي متى حل موعد إجراء الانتخابات»، بالإضافة إلى «تعزيز موقفه في مواجهة خصومه السياسيين، (مجلسي النواب والأعلى للدولة)».

ويرى عقيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «طهران ترغب في تصفير أزماتها، والانفتاح على الجميع بالمنطقة العربية، والزيارة حققت جزءاً من هذا الهدف، وبما تملكه من خبرة دبلوماسية فإنها لن تتردد في البناء على الزيارة، ومحاولة توطيد العلاقات بالمستقبل بين البلدين بشتى السبل».

وقلل رئيس حزب «الائتلاف الجمهوري» مما يطرحه البعض من وجود اعتراضات داخل ليبيا على الزيارة، جراء التخوف من انتشار «التشييع»، وقال بهذا الخصوص: «على العكس من ذلك، فربما يؤدي انفتاح العلاقة مع طهران إلى التزامها بالابتعاد عن أي محاولة بهذا الصدد، في ظل حرصها على استدامة العلاقات».

وانضم الكاتب الليبي عبدالله الكبير، للطرح السابق، بأن الزيارة قد تتعلق بقضية هانيبال القذافي، واحتمال استفادة الدبيبة من أي تقدم إيجابي بها في استقطاب أنصار النظام السابق.

وأرجع الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «كثرة علامات الاستفهام حول الزيارة لانقطاع العلاقات مدة طويلة بين البلدين، مقارنة بالعلاقة القوية بين البلدين في عهد القذافي». وقال إن «إيران دولة إقليمية كبرى، وقد يكون من المفيد بدء صفحة جديدة معها، وإعادة فتح الأبواب المغلقة بين طرابلس وطهران، أما التخوفات من التشييع فهي مبالغة من قبل البعض في ظل رسوخ المذهب المالكي السُّني بين الليبيين».

شارك