تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 28 ديسمبر 2024.
الخليج: لبنان 2024.. ارتباك وانقسام بين الأزمة السياسية وتداعيات الحرب
لم يكن لبنان بحاجة إلى أزمات جديدة تضاف إلى قائمة أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية الممتدة منذ سنوات، وسط جمود يغلف المشهد البيروتي على وقع فراغ رئاسي تجاوز العامين، ووجود حكومة تصريف أعمال يحيط بها العديد من التحديات، فيما ينصرف لبنان إلى معالجة ذيول وتداعيات الحرب الإسرائيلية عليه بعد وقف إطلاق النار الهش بسبب الخروقات الإسرائيلية اليومية التي تنذر بالعودة إلى المربع الأول. وهكذا يقف لبنان، في أواخر 2024، مرتبكاً عند مفترق طرق حرج يتطلب جهوداً تعاونية من أجل إنهاء الأزمة السياسية وتداعيات الحرب للبدء في بناء مستقبل أكثر استقراراً وأكثر استدامة.
وغني عن القول بأن لبنان يشهد في الأصل أزمة غير مسبوقة تتمثل في تحديات اقتصادية وسياسية مصحوبة باضطرابات اجتماعية وأمنية، فضلا عن الانقسام السياسي والطائفي. ومن الواضح، حتى الآن، أن الفرقاء السياسيين لا يملكون أي تصور عن احتمال الخروج من هذه الأزمات المتراكبة، في ظل التطورات المتسارعة التي نشهد فصلاً جديداً من فصولها المفاجئة، جراء حرب الجنوب، وما يحدث في دول الجوار والإقليم، خصوصاً في سوريا، وما لذلك من تأثير وانعكاسات مباشرة على الواقع اللبناني.
الاستحقاق الرئاسيمن المعروف أن المشهد السياسي اللبناني مصمم على توزيع السلطة بين مختلف الطوائف الدينية، وعلى الرغم مما يعتقده بعضهم بشأن وجود إيجابيات للتقاسم الديني والطائفي، فإنه أدى إلى الجمود السياسي الذي وصلت إليه البلاد، وهناك من يعتقد أن التأخير المطول في انتخاب رئيس جديد للبلاد يزيد من الاستقطاب ويعقد الأمر كثيراً. ومع ذلك، فقد أحدثت الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما تبعها من تداعيات، حراكاً مكثفاً للخروج من هذا الجمود، حيث تقاطع الحراك الداخلي مع مساعٍ دولية، تدفع نحو انتخاب رئيس جديد يعيد التوازن لمؤسسات الدولة.
ومع استمرار سريان وقف إطلاق النار، حدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل، موعداً لعقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية. وبينما دعا بري السفراء إلى حضور جلسة انتخاب الرئيس، أوضح أن مهلة الشهر هي للتوافق الداخلي.
وتأتي هذه الخطوة انسجاماً مع التعهد الذي قطعه بري للمبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين خلال زياراته الأخيرة إلى لبنان، بإنجاز هذا الاستحقاق فور الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار.
حظوظ قائد الجيشوبالتزامن مع تحديد موعد انتخاب رئيس للجمهورية، جدّد مجلس النواب تمديد مهام قائد الجيش جوزيف عون، والذي يعد أحد أبرز المرشحين لشغل منصب الرئاسة حالياً، والذي تزداد حظوظه يوماً بعد يوم، بعد أن أعطى «حزب الله» موافقته، متخلياً ضمناً عن مرشحه السابق سليمان فرنجية، نظراً لتغير الظروف ولأهمية دور الجيش في هذه المرحلة. لكن ترشيح قائد الجيش لا يزال يواجه بمعارضة مسيحية، ممثلة أساساً في حزب «القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع، و«التيار الوطني الحر» بزعامة جبران باسيل. وكانت الجلسة الرابعة عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية قبيل هجوم السابع من أكتوبر عام 2023، قد شهدت منافسة شرسة بين سليمان فرنجية المدعوم من «حزب الله» آنذاك، وجهاد أزعور المدعوم من القوى المسيحية والمعارضين. إلا أن الأمين العام الجديد ل«حزب الله» نعيم قاسم أكد في خطابه الأخير، أن «الحزب سيشارك في انتخاب رئيس جديد، وسيمد يده إلى اللبنانيين»، في دلالة على أن الحزب لن يعرقل انتخاب الرئيس.
حراك دبلوماسي فرنسيوفي محاولة لتزخيم هذا الحراك وإعادة الحياة للمسار السياسي، تسعى باريس لانتهاز ما تراه فرصة سانحة لتغير المعادلة السياسية اللبنانية في أعقاب الحرب الإسرائيلية لاعتقادها بتراجع نفوذ «حزب الله»، الذي طالما حمّلته أطراف دولية وداخلية مسؤولية هذا الجمود السياسي. وقامت فرنسا، التي تتمتع بعلاقات خاصة مع لبنان، بإرسال العديد من المبعوثين إلى بيروت في محاولة للدفع باتجاه حل الأزمة السياسية اللبنانية، مع إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة وسد الفراغ في معظم المؤسسات، وضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة. ويرى بعض المحللين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعتقد أن هناك أهدافاً أخرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد استهدافه المناطق المدنية اللبنانية، وهو ما دفع باريس إلى التفكير في إحداث تحول جذري في المشهد يفضي إلى إنهاء الفراغ الرئاسي، باستضافة مؤتمر دولي في 24 من أكتوبر الماضي لحشد الدعم للبنان، رغم الإدراك بأن هذه المساعي قد تواجه بعائق الانقسام السياسي الحاد، مع إصرار بعض القوى اللبنانية على ضرورة التعامل مع واقع جديد يفترض أن «حزب الله» قد أصبح في موقف ضعيف ومنهك جراء الحرب، وبالتالي لم يعد صاحب الكلمة العليا في تقرير من سيشغل المنصب الرئاسي. ومن هنا أيضاً، يرى المراقبون أن التطورات اللبنانية المعطوفة على التقلبات الكارثية للأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية، وما يسببه ذلك من اضطراب اجتماعي وحياتي، يُفترض أن تكون حافزاً للقيادات السياسية كي تتوصل إلى اتفاق يملأ الفراغ الرئاسي ويحل أزمة الحكم. لكن حتى الآن لا تفيد المعطيات السياسية الداخلية بأن هناك تواصلاً له مغزى على هذا الصعيد بين الفرقاء المعنيين. وعلى العكس فإن كل الشواهد تشير إلى أن الأزمة لا تزال محتدمة بانتظار ما ستفرزه جلسة الانتخابات المقررة في التاسع من الشهر المقبل، أو ما تفرضه التطورات الناشئة في المرحلة المقبلة.
تداعيات الحرب الإسرائيليةومن جهة أخرى، فإن كل هذه التطورات ستبقى مرهونة بنجاح وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي يحتلها في الجنوب، ومعالجة ذيول وتداعيات هذه الحرب على الداخل اللبناني، بما في ذلك أزمة النزوح وإعادة الإعمار لتحقيق أكبر قدر من الأمن والاستقرار والانتقال إلى مرحلة جديدة. ومن الواضح أن لبنان بعد الحرب ليس كما قبله، وخصوصاً «حزب الله»، بعدما فقد زعيمه حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل مع قادة الصف الأول للحزب. كما أن حادثة أجهزة الاتصال «البيجر» التي استهدفت نحو أربعة آلاف من عناصر وقيادات «حزب الله»، رسمت منعرجاً خطراً في وقتها لما كان بعدها من تطورات. أما الآن فإن الأنظار تنصبّ على جهود إنهاء التصعيد، الذي يفترض أن يبدأ بتطبيق القرار الأممي رقم 1701، في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، بكل مندرجاته التي تقضي بنزع السلاح ونشر الجيش اللبناني، وبسط سلطة الدولة على تلك المناطق، وهو ما يتطلب راهناً وقف الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وضمان عدم عرقلة تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك إجبار إسرائيل على التخلي عن غطرستها في استخدام ما تسميه «حرية التحرك» براً وبحراً وجواً، وهو نهج إسرائيلي خارج عن اتفاق وقف إطلاق النار. وهي مهمة تقع على عاتق اللجنة الخماسية للإشراف والمراقبة، والمؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب قوات «اليونيفيل» ولبنان وإسرائيل. ومن المعروف أن القرار 1701 الذي أنهى حرب عام 2006، نصّ على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة «اليونيفيل»، بحيث يكون جنوب لبنان خالياً من أي قوات أو أسلحة غير تلك التابعة للدولة اللبنانية والقوة الدولية، لكن إسرائيل لم تلتزم بالقرار وقامت بعشرات آلاف الخروقات والانتهاكات للسيادة اللبنانية، فيما لم يُنهِ «حزب الله» وجوده بالكامل، لاستحالة ذلك كون الأغلبية العظمى من أبناء الجنوب هم من أنصاره ومؤيديه، بينما ظل موقف لبنان الرسمي يواصل تمسكه بتطبيق القرار واستعداده فرض سيادته على كامل أراضيه. وعلى الرغم من وجود لمحة أمل في المساعي الجارية لإنهاء الحرب وتداعياتها فعلياً، فإن لبنان يبقى مرهوناً بالالتزام الإسرائيلي الكامل بتنفيذ الاتفاق، كي يتفرغ لمعالجة الملفات الأخرى، بدءاً من حسم الاستحقاق الرئاسي، والانطلاق نحو معالجة الأزمات المتراكمة الأخرى، وعلى رأسها الاقتصاد، لانتشال البلاد من الهوة العميقة الغارقة فيها منذ سنوات، وإعادة دوران عجلة الحياة الطبيعية إلى البلاد، رغم المخاوف والقلق مما هو آتٍ إذا لم تعالج كل الأزمات.
هــدنــة هشـــة بعد مواجهة مكلفة بين «حزب الله» وإسرائيل
في 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2024 دخل حيز التنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» اللبناني والجيش الإسرائيلي بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بين الطرفين بسبب إسناد «حزب الله» لجبهة غزة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023.
وتم الاتفاق المذكور بوساطة أمريكية قدمت فيها الولايات المتحدة مقترحاً ينص على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرت لأكثر من عام.
وأعلن الرئيس الأمريكي جـــــو بايدن الاتفــــاق قائلاً: إنه يهدف إلى وقــــــف العمليات القتالية بشكل دائم.
ووافق عليه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وكذلك قيادة «حزب الله»، كما رحبت به حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي.
ومن الواضح أن هذه الحرب قد ألقحت أضراراً مادية وبشرية فادحة بلبنان كما كلفت إسرائيل خسائر أفدح مما شهدته في السابق، وبحسب ما أعلنته وزارة الصحة اللبنانية يوم 24 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، فإن الحرب أدت إلى مقتل 3768 شخصاً وجرح 15 ألفاً و699 آخرين منذ الثامن من أكتوبر / تشرين الأول 2023.
لبنان ينفي تبلّغه بتأخير الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب
تصاعدت وتيرة الخروقات الإسرائيلية اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، فيما نفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما يتم تداوله من أن لبنان تبلّغ بالواسطة أن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب بعد انقضاء مهلة الستين يوماً من الهدنة، في وقت أغار الطيران الإسرائيلي على عدد من المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، في حين أكدت «اليونفيل» أن المدنيين يجب أن يتمتعوا بالحماية، رافضة أي أعمال تؤذيهم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار أمس الجمعة على «بنى تحتية» عند نقطة جنتا الحدودية بين سوريا ولبنان، زعم أنها تستخدم لتمرير أسلحة إلى «حزب الله». وادّعى قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال تومر بار، أنه جرى استهداف ثمانية معابر الليلة قبل الماضية على الحدود السورية اللبنانية بعد أن أدركنا أن «حزب الله» يحاول تجربتنا وإدخال مجدداً وسائل قتالية عبرها.
من جهتها، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان أن ضربات إسرائيلية استهدفت قوسايا في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا.
من جهة أخرى، قصفت القوات الإسرائيلية أطراف بلدة عيتا الشعب بعدد من القذائف. وعثر فريق من الصليب الأحمر اللبناني و«اليونيفيل»على اللبنانية نجوى غشام متوفاة في منزلها في بلدة يارون الحدودية، وتبيّن إصابتها بطلقات نارية أدت إلى مقتلها.
وكانت قوة تابعة للجيش الإسرائيلي قد انسحبت من القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير في الجنوب بعد توغلها أمس الأول الخميس، وذلك على إثر سلسلة اتصالات أجرتها اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، فيما عمل الجيش اللبناني على إزالة سواتر ترابية كانت قد أقامتها لإغلاق إحدى الطرق في وادي الحجير، وأعاد فتح الطريق.
وقد تلقى رئيس اللجنة الخماسية الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز، اتصالاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي احتج فيه على التوغل الإسرائيلي، فوعد بأنّ الإسرائيليين سينسحبون خلال 5 ساعات بعد تنفيذ مهمّة عسكرية تمّت إضافتها على لائحة الخروقات الإسرائيلية، مؤكّداً أنّ الجانب الأمريكي تعهّد بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها والانسحاب من كل الأراضي اللبنانية مع نفاذ مهلة ال60 يوماً.
كما كشفت مصادر مواكبة ان لبنان سيتحرّك باتجاه مجلس الأمن الدولي الذي سيُصدر بياناً يؤيّد فيه التفاهم ويطلب الالتزام بتطبيق القرار الدولي 1701.
وفي هذا الاطار، نفى المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي في بيان، ما يتم تداوله من معلومات صحافية مفادها أن «لبنان تبلغ بالواسطة أن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب بعد انقضاء مهلة الستين يوماً من الهدنة»، وقال البيان «إن هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، والموقف الثابت الذي أبلغه الرئيس ميقاتي إلى جميع المعنيين، وفي مقدمهم الولايات المتحدة وفرنسا، وهما راعيتا تفاهم وقف إطلاق النار، ينصَّ على ضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها، ووقف خروقاتها وأعماله العدائية.
محافظ دمشق: لا مشكلة لنا مع إسرائيل ولا نسعى للنزاع
أكد ماهر مروان محافظ دمشق الجديد، أن بلاده «ليست مشكلتها مع إسرائيل» ولا تسعى إلى النزاع معها، معتبراً أن مخاوف إسرائيل الأمنية بعد تغير النظام في سوريا كانت «طبيعية»، في وقت أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس الجمعة، دعم بلاده لسوريا في بناء دولة حرة مستقلة ذات سيادة كاملة، تلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، بينما حذرت إيران مما سمته بـ«التدخل المدمّر» في مستقبل سوريا، في حين ذكر مصدر روسي وصف بأنه مطلع، أن الحكومة الانتقالية في سوريا لا تنوي خرق اتفاقيات القواعد الروسية في البلاد.
وقال مروان، الذي عينه قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في حديث مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية «إن بي آر» إنه «في الفترات الأخيرة إسرائيل قد تكون شعرت بالخوف» بسبب «فصائل» معينة، «فتقدمت قليلاً (في المنطقة العازلة) وقصفت قليلاً، مشيراً إلى أن هذه المخاوف كانت «طبيعية». وأكد أنه ليس لدى الحكومة السورية الجديدة «أي خوف تجاه إسرائيل وأن «مشكلتنا ليست مع إسرائيل»، وقال: «لا نريد أن نعبث بما يهدد أمن إسرائيل أو أمن أي دولة»، ودعا الولايات المتحدة، حسب التقرير، للمساعدة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، وقال: «يوجد هناك أناس يريدون التعايش ويريدون السلام، ولا يريدون النزاعات».
ورداً على ذلك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس الجمعة: «إن الحكومة الجديدة في سوريا هي عصابة إرهابية كانت في إدلب وسيطرت على العاصمة دمشق، وليست حكومة مستقرة».
وقال ساعر في اجتماع عمل عقده مع مسؤولين مدنيين في وزارة الخارجية، «يتحدث العالم عن تغيير منظومة الحكم في سوريا، ولكن ليس الأمر أن الحكومة الجديدة التي تسيطر اليوم على كامل سوريا قــد تـــم انتخابها ديمقراطياً إنـها عــصــابة إرهــابــيـــة كانـت موجودة سابقاً في إدلب وسيطرت على العاصمة ومــنــاطق أخرى».
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني لنظيره الأفغاني مولوي أمير خان متقي خلال اتصال هاتفي أهمية تعزيز العلاقات بين الشعبين السوري والأفغاني، وذكرت وكالة «سانا» على قناتها في «تلغرام» أن الوزير متقي أكد دعم بلاده للخطوات الحكيمة التي اتخذتها إدارة سوريا الجديدة، والتي تصب في مصالح السوريين.
من جهة أخرى، جدد الملك عبد الله، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التأكيد على أن أمن سوريا واستقرارها أساسيان لاستقرار المنطقة، مشدداً على رفض الأردن لأي اعتداء على أراضي سوريا وسيادتها.
إلى ذلك، نقلت وكالة «تاس» الروسية عن مصدر مطلع، قوله: إن السلطات السورية الانتقالية لا تخطط لخرق الاتفاقات التي تستخدم بموجبها روسيا القواعد العسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، في المستقبل القريب.
ووفقاً لنفس المصدر، فإن الأطراف تتفاوض حتى لا تكون الظروف القاهرة (الأعمال العسكرية والتغيير المفاجئ للسلطة في سوريا) سبباً لإنهاء الاتفاقيات، كما أشار محاور الوكالة أيضاً إلى أن المشاركين في المشاورات يناقشون تعداد الوجود الروسي. وتابع: «تسعى روسيا إلى الحفاظ على الوضع القانوني لقواعدها».
البيان: سوريا.. سياسيون بلا أحزاب وغموض في شأن المرحلة الانتقالية
لم تتضح ملامح مسار الانتقال السياسي في سوريا بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على سقوط النظام السابق، وتولي هيئة تحرير الشام إدارة مرحلة انتقالية بحكم الأمر الواقع لمدة ثلاثة أشهر.
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن دعا في 18 ديسمبر خلال زيارته دمشق إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» مع انتهاء المرحلة الانتقالية في البلاد بعد نحو ثلاثة أشهر. بيدرسن ينطلق من القرار الأممي كأساس للحل.
في الأسبوعين الأولين، توافدت وفود غربية وإقليمية للقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وأظهرت غالبية هذه الوفود دعمها للعملية السياسية في سوريا استناداً للقرار الأممي 2254، الذي يعني عملية انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لا يريده الشرع، الذي صرح أن هذا القرار يحتاج إلى تحديث ليتلاءم مع المرحلة الجديدة.
أحزاب
رغم ذلك، فإن الذي يثير قلق أوساط نخب سورية هو غياب الأحزاب السياسية عن مشهد التطورات في دمشق، وضعف الحراك السياسي بشكل عام. وتتشكل في أفق هذه المرحلة ظاهرة ازدحام البلاد بـ«سياسيين بلا أحزاب سياسية».
وتكاد تتلاشى التشكيلات السياسية التي كانت قائمة ضد النظام، ولم يعد لها وجود فعلي وحتى إعلامي، وهي تتفكك وينخرط أعضاؤها في إطلاق تيارات جديدة تعاني معظمها من ضعف تمثيل المجتمع وغياب تأثيرها السياسي.
الفراغ الدستوري
وتخشى أوساط سورية واسعة من تمدد فترة «الفراغ الدستوري» إلى شهور عديدة بعد الموعد المحدد للمرحلة الانتقالية، وهو مارس المقبل. ويلاحظ تراجع الزيارات الدولية لدمشق في الأيام الأخيرة، حيث رسمت معظم الدول مواقفها وتنتظر الخطوة التالية من حكومة تسيير الأعمال في دمشق.
غياب الأحزاب السياسية الجماهيرية هو في الواقع نتاج تاريخ من تجفيف النظام السابق للمشاركة الشعبية في الحياة السياسية. وفي ظل الواقع الحالي، فإن الكتل السياسية الرئيسية هي عبارة عن تمثيل لقوى عسكرية، فبقايا الائتلاف الوطني هي تمثيل للقوى العسكرية في الجيش الوطني السوري وفصائل أخرى في شمال سوريا، وحكومة تسيير الأعمال في دمشق جاءت من هيئة تحرير الشام.
وفي شمال شرق سوريا هناك مجلس سوريا الديمقراطية، وهو الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو حالياً بمثابة الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية، ومن غير المرجح مشاركته في المؤتمر الوطني وفق المؤشرات الحالية.
أول من أمس، أكدت الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي أن الأزمة السورية تكمن في ماهية شكل الدولة القادمة، وأن أولى الخطوات التي يجب أن يقوم بها أحمد الشرع هي الدعوة لمؤتمر وطني جامع لكل السوريين.
أما في أوساط المكونات السورية الأخرى فإن المرجعيات الدينية هي التي تمثل الحالة السياسية.
مؤتمر وطني
رغم ذلك، حتى لو عقد المؤتمر الوطني بعد مارس، فإن هناك العديد من الحسابات الإقليمية حول هوية مشاركة أطراف داخلية سورية، الأمر الذي يهدد مرة أخرى بمصادرة القرار السيادي السوري إذا لم تكن هناك ضوابط دولية صارمة لتطبيق كل مراحل عملية الانتقال السياسي، تضع مصلحة سوريا على رأس أولوياتها وتمهد لعودتها الفاعلة إلى محيطها العربي.
لبنان يسير في توقيتين..جلسة الرئاسة ومهلة «وقف النار»
لم تحجب الساعات الأخيرة تشابكاً متصاعداً بين أولويات استحقاقين متعاقبين ينتظرهما اللبنانيون لتبيّن الوجهة التي سيفضي الاستحقاقان إلى وضع لبنان على سكّتها المقبلة؛ الأول يتصل بالاستعدادات لانعقاد الجلسة الانتخابية الرئاسية في 9 يناير المقبل.
والثاني يتمثل في ضرورة إنجاز الإجراءات التي تكفل انسحاب القوات الإسرائيلية من القرى والمواقع الحدودية التي تحتلها في الجنوب قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً التي حددها اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقّع بين لبنان وإسرائيل.
ولم يطرأ على المشهد السياسي ما يبدّل صورة الغموض الذي يكتنف السيناريوهات المطروحة المتصلة باستحقاق الجلسة الانتخابية الرئاسية، علماً أن ثمّة معطيات تشير إلى أن الأيام الأولى من السنة الجديدة قد تشهد ذروة المساعي من أجل تضييق جدّي نهائي لدائرة المرشحين.
وحصرهم بعدد محدود، يمكن على أساسه اتضاح خيارات القوى السياسية على اختلافها ورسم سيناريو الجلسة الانتخابية بكل فصولها. أما مسار السباق مع الشهر المتبقي من نفاد مهلة الـ60 يوماً التي لحظها اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، التي تنتهي في 27 يناير المقبل، فبدا كأنه الاستحقاق الضاغط الثاني على لبنان، بعد استحقاق موعد 9 يناير لانتخاب رئيس الجمهورية، إذ إن المخاوف لا تزال ماثلة من الاستمرار في الخروقات والانتهاكات الجارية للاتفاق.
وعلى مشارف دخول اتفاق وقف إطلاق النار شهره الثاني، أمعن الجيش الإسرائيلي في انتهاكه، ضارباً بعرض الحائط طلب لبنان تدخل الأمم المتحدة ولجنة المراقبة لوقف الخروقات الإسرائيلية، التي سجلت خلال الأيام الأخيرة فصلاً جديداً في منحيين؛ عسكري - ميداني، وسياسي - إعلامي.
في المنحى الأول توغلت القوات الإسرائيلية إلى وادي الحجير، ونفذت غارات في مناطق عدة، كان آخرها في بلدة قوسايا البقاعية أمس. وفي المنحى السياسي - الإعلامي، ضخّت إسرائيل معلومات عن نيّة قواتها الإبقاء على احتلال المناطق الجنوبية الواقعة تحت سيطرتها، بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
وعليه، بدا أن خطراً طارئاً وبالغ الجدية ارتسمت معالمه من خلال الوقائع التصعيدية التي تشهدها المنطقة الحدودية، حيث تضاعف إسرائيل انتهاكاتها لاتفاق وقف الأعمال العدائية.
وتتذرّع ببطء انتشار الجيش اللبناني في مجمل جنوب الليطاني، في حين يعمد الجيش الإسرائيلي، يومياً، إلى توجيه تحذيرات إلى أهالي أكثر من 60 بلدة وقرية جنوبية يحظر عليهم عبرها العودة راهناً إلى بلداتهم وقراهم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي أغار، فجر أول من أمس (الأربعاء)، على المنطقة الواقعة بين بلدتَي طليا وحزين في البقاع الشرقي، في أول خرق بهذا الحجم، نظراً لموقعه الجغرافي، لاتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل.
وترافقت الغارة مع تحليق مكثف للطيران المسيّر فوق المنطقة المستهدفة وصولاً إلى محيط مدينة بعلبك. أما جنوباً، فإن شهراً بقي تقريباً من المهلة التي أعطيت لإنجاز الخروج الإسرائيلي ومعه الدخول العسكري.
ووفق المعطيات المتوافرة في هذا السياق فإن ثمّة ريبة وشبهات كبيرة تكتنف الجانب اللبناني الرسمي من إمكان أن تكون هناك نيّات مبيّتة لدى إسرائيل لتمديد بقائها في مواقع وقرى جنوبية.
وربما التخطيط لتوسيعها بعد 27 يناير المقبل، وهو موعد انتهاء مهلة الشهرين، إذا تذرّعت بأن الجانب اللبناني الرسمي أخفق في استكمال تنفيذ التزاماته، لجهة الانسحاب التام الجذري لـ«حزب الله» من جنوب الليطاني، وانتشار الجيش إلى جانب «اليونيفيل» في كامل المنطقة.
أما على المقلب الآخر من الصورة، فلم يتأكد بعد ما تردّد عن احتمال قيام الموفد الأمريكي الذي لعب دوراً كبيراً في التوصل إلى اتفاق وقف النار، آموس هوكشتاين، بزيارة جديدة لبيروت، ولكن مجرد إثارة هذا الاحتمال بدا بمثابة مؤشر إلى خطورة ما يترتّب على تعثر اتفاق وقف النار.
الشرق الأوسط: انقسام مجتمعي وسياسي عراقي حول زيارة الوفد الأمني إلى دمشق
أحدثت الزيارة التي بدت مفاجئة، وإن كانت متوقعة، والتي قام بها وفد عراقي رفيع المستوى إلى دمشق انقساماً حاداً في العراق. فالوفد الذي ترأسه مدير جهاز المخابرات حميد الشطري كان قد تردّد في الأوساط العراقية أن وفدَيْن غير رسميين سبقاه إلى زيارة سوريا ولقاء القيادة الجديدة.
الانقسام العراقي الحاد مجتمعي وسياسي حول أحمد الشرع، المعروف سابقاً بـ«أبو محمد الجولاني»، ونشاطه في العراق حينما كان منخرطاً في تنظيمات أصولية، نفّذت أعمالاً إرهابية على مدار سنوات.
وحيث يتداخل في العراق الانقسام السياسي بالمجتمعي بسبب الانحيازات الآيديولوجية المسبقة، فإن المشهد العام انقسم بين رؤيتين، سنية متساهلة مع الحكم الجديد في سوريا، وشيعية ترى فيه خطراً قادماً؛ نظراً إلى ماضي الشرع «الجهادي».
الجولاني حتى قبل أن يكشف عن اسمه الحقيقي «أحمد الشرع» كان قد خاطب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عبر رسالة هاتفية دعاه فيها إلى فتح صفحة جديدة مع الثوار الجدد، مبيناً أن جبهته «هيئة تحرير الشام» ليست لديها مطامع في العراق.
السوداني الذي تحدث في البرلمان العراقي عن رؤيته لتطورات الأحداث في سوريا قبل سقوط العاصمة الأموية دمشق بيد الجولاني بيومين تقريباً تجاهل رسالة قائد «هيئة تحرير الشام» إليه.
المتحدثون باسم السوداني انقسموا بين رأي عسكري حاد عبَّر عنه الناطق العسكري باسم القائد العام اللواء يحيى رسول الذي قال إن العراق لا يتواصل مع «إرهابي»، وبين رأي سياسي أقل حدة، وهو رأي أحد المستشارين السياسيين للسوداني الذي قال إن العراق «ينتظر دولة لكي يتفاهم معها».
لكن تطورات الأحداث المتسارعة لم تدع مجالاً للترقب والانتظار. فعلى الفور تحرّك العراق بسرعة سياسياً وأمنياً. أمنياً، عمل على تحصين حدوده لكي لا يتكرر سيناريو 2014 عندما دخل تنظيم «داعش» من الأراضي السورية ليحتل ثلث الأراضي العراقية، وسياسياً عبر زيارات سريعة قام بها السوداني إلى كل من السعودية والأردن، فضلاً عن مشاركته في مؤتمر الدوحة لمجموعة الاتصال العربية.
نذهب أم ننتظر؟
وفي وقت بدأت فيه الوفود العربية والأجنبية تتدفق على سوريا الشرع، فإن العراق المجاور والأكثر اهتماماً بالوضع السوري لم يرسل وفداً إلى دمشق مع أن دمشق وطبقاً لكل المؤشرات كانت تنتظر الوفد العراقي ربما أكثر من بقية الوفود. المعلومات شبه المؤكدة تشير إلى حصول لقاءات سرية مع الشرع من قِبل شخصيات عراقية، لكن لم يعرف فيما إذا كانت هذه الشخصيات قد أُرسلت من قِبل السوداني شخصياً أم هي من تبرّعت لجس النبض نتيجة علاقات لبعض هذه الشخصيات مع الطرف القوي الحالي في المعادلة السورية وهم الأتراك. السوداني وفريقه السياسي يراقبون التطورات والتحديات والانقسامات في الرأي العام العراقي السياسي والمجتمعي. ولذلك؛ فإن إرسال وفد في وقت مبكر بدا نوعاً من الاستعجال الذي لم يرد من خلاله السوداني زيادة شرخ الانقسام المجتمعي داخل العراق. وبين الترقب والانتظار من جهة وحسم الموقف من الوضع الجديد في سوريا جاءت زيارة الوفد العراقي رفيع المستوى.
أمني أم سياسي؟
الطريقة التي استقبل بها الشرع رئيس الوفد العراقي مدير جهاز المخابرات حميد الشطري بدت لافتة. فالاستقبال بدا تجاوزاً للبروتوكول سواء لجهة خروج الشرع خارج المكتب واستقباله الشطري عند بوابة القصر، فضلاً عن وضع العَلم العراقي إلى جانب العَلم السوري، بينما الشطري ليس نظيراً للشرع بروتوكولياً، لكن ذلك كله يعكس طريقة اهتمام سوري بالزائر العراقي الغامض؛ كونه مديراً لجهاز المخابرات، وكان سيتحدث بما يتجاوز دوره طبقاً للرسالة التي حملها من رئيسه السوداني إلى الشرع.
ومع أن العراقيين عبّروا عن ارتياحهم لطريقة وأسلوب الاستقبال، لكنهم في النهاية وجدوا ما ينقسمون بشأنه مرة أخرى. ففي حين بدا الشطري رابط الجأش وهو يمدّ يده لمصافحة الشرع في وقت لم يكتفِ فيه الشرع بالمصافحة، بل هو من بادر بتقبيل الشطري، فإن اللقطة التي ظهر فيها الشرع وهو ينحني مقبلاً الشطري وهو يحمل مسدساً بكاتم للصوت على ظهره تحت السترة فتحت باب الجدل من جديد. فهناك من عدّ أن «أبو طبع ما يغير طبعه»؛ نظراً إلى خلفية الشرع في التنظيمات المسلحة، وهنا من رأى أنها في كل الأحوال رسالة سلبية ليست في وقتها ولا محلها. وبين هذا وذاك، فإن الانقسام الآخر بين العراقيين هو قول البعض إن الوفد أمني فقط، في حين هناك من رأى أن الوفد سياسي. وبين ما هو أمني وسياسي سوف يستمر الجدل العراقي لفترة مقبلة حتى يحسم الأمر خطوة أخرى بين دمشق وبغداد.
ضغوط أميركية
وفي وقت التزمت فيه القيادات السنية والكردية الصمت حيال زيارة الوفد العراقي إلى دمشق؛ مما يفسّر أنه رضا فإن الشيعة انقسموا بين مؤيد صامت للزيارة ورافض معلن لها حتى ضمن قوى «الإطار التنسيقي الشيعي». فطبقاً لتصريحات أدلى بها، الجمعة، قياديون من منظمة «بدر» بزعامة هادي العامري و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، تمت الزيارة بناءً على ضغوط أميركية.
مسؤول القاطع الشمالي في منظمة «بدر» محمد مهدي البياتي، قال في تصريح، أمس، إن «لقاء وفد العراقي مع الشرع يأتي في سياق الضغوط الأميركية الرامية إلى تبييض صفحته وتبرئته من الجرائم التي ارتكبها في العراق والمنطقة؛ بهدف فرض أمر واقع جديد»، واصفاً الشرع بأنه «إرهابي».
وأضاف البياتي، أن «سياسة فرض المجرمين وأصحاب السوابق على الشعوب ليست بالأمر الجديد في الاستراتيجية الأميركية، بل تمثل نهجاً قديماً ومستمراً يعكس سعيها الدائم إلى دعم شخصيات تتماشى مع تاريخها الحافل بالجرائم». وانتقد البياتي، اللقاء الذي وصفه بأنه «يشكّل وصمة عار جديدة تُضاف إلى سجل الولايات المتحدة المظلم ومن يسايرها من الحكومات».
أما القيادي في ائتلاف دولة القانون عصام الكريطي، فقد أكد من جانبه أن إرسال الحكومة العراقية وفداً رسمياً يمثّلها إلى دمشق واجتماعه مع الإدارة السورية الجديدة، جاء بضغوطات أميركية.
مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم
حسم مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، الجدل حول موقفهم بشأن المشاورات التي تجريها بعض الأطراف السياسية والمدنية لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم، مؤكداً أنها «ستجد كامل الدعم والحماية» منهم، في مقابل السلطة التي يتزعمها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان شرق البلاد.
وجرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية في العاصمة الكينية نيروبي بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت تشكيل «حكومة سلام» على الأرض داخل السودان، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في غرب السودان ووسطه.
وقال مخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى قناعة بالطرح المقدم من السياسيين المدنيين ونياتهم الحقيقية تجاه تحقيق السلام في البلاد». وأضاف أن «أهم الأسباب التي تدفعنا لدعم تكوين حكومة في البلاد، هو فشل كل المؤسسات القائمة في النظر إلى السودانيين كشعب واحد متساوٍ في المواطنة والحقوق والواجبات».
ترقب لإعلان الحكومة
ويسود جوّ من الترقب لإعلان الحكومة في الأيام المقبلة، بمشاركة بعض الفصائل من «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) التي ترفض بشدة هذه الخطوة، باعتبارها تكرس الانقسام في البلاد. كما تهدد الخطوة بحدوث انقسام في أكبر تحالف سياسي مناهض للحرب في البلاد.
وقال مستشار «حميدتي» إن «البلاد تمضي بشكل متسارع نحو التقسيم، في ظل الممارسات الانفصالية التي تنتهجها حكومة بورتسودان بإصدار عملة جديدة، وتنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وحرمان المواطنين في مناطق سيطرة (الدعم السريع) من هذه الحقوق». وأضاف: «أمام كل ذلك لا خيار أمامنا سوى دعم قيام حكومة شرعية قومية تمارس سلطاتها على أراضي البلاد كافة، والقيام بدورها في حماية المدنيين وتقديم العون لهم، فضلاً عن فتح الأبواب أمام كل الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف لوقف الحرب وتحقيق السلام».
وفي وقت سابق هدد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بإعلان سلطة مستقلة في مناطق سيطرته، عاصمتها الخرطوم، حال أقدم قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان شرق البلاد.
وجرت في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأسابيع الماضية نقاشات مكثفة بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت نزع الشرعية من حكومة بورتسودان، وتشكيل حكومة على الأرض داخل السودان.
وأكد رئيس الجبهة الثورية، العضو السابق في «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، في تصريحات الخميس الماضي، أن قرار تشكيل الحكومة لا رجعة فيه، مشدداً على أنهم لن يتخلوا عن تشكيل الحكومة إلّا إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.
نزع الشرعية من بورتسودان
وقال إدريس، وهو نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، إن الهدف من تشكيل «حكومة مدنية موازية هو نزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وقطع الطريق أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب». وأشار إدريس في الوقت ذاته إلى تمسكه بوحدة الصف المدني.
وترى المجموعة الداعية إلى تشكيل الحكومة الموازية أهمية التشاور مع «قوات الدعم السريع» حول الأمر، والاتفاق على ميثاق سياسي يكون مرجعية للحكم، متوقعة أن تجد هذه الخطوة اعترافاً من بعض الدول.
وشهد مؤتمر «تقدم» التأسيسي الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، تداول فكرة تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان التي يترأسها البرهان، لكن المقترح لم يحظَ بالقبول الكافي، ثم أعيد طرحه مجدداً في اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم» في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأحيل إلى لجنة سياسية لمزيد من التشاور.
وترفض العديد من القوى السياسية في «تنسيقية تقدم» مثل حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، ومكونات مدنية مهنية ونقابية، بشدة، فكرة تشكيل حكومة «موازية»، خوفاً من تكريس الانقسام في البلاد.
تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا
دأب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على التلميح إلى غياب «الرقابة والشفافية» عن مشروعات إعادة الإعمار بشرق البلاد، التي يديرها «صندوق» يشرف عليه بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».
وقال الدبيبة أكثر من مرة، إن أجهزة «تبني مشروعات في بعض مدن ليبيا دون أن تمر على الأجهزة الرقابية»، وهو ما عدّه محللون إشارة ضمنية إلى مشروعات إعمار شرق ليبيا. وسبق ذلك تصريح آخر للدبيبة ضمن فعاليات أقيمت في 9 ديسمبر (كانون الأول)، قدر فيه حجم الإنفاق في هذه المشروعات بأكثر من 40 مليار دينار خلال العام الحالي (الدولار يساوي 4.91 دينار).
وفي حين تجنب الدبيبة توجيه اتهامات مباشرة للصندوق والقائمين عليه، آثر الحديث عما «خصص لإحدى الجهات، غير الخاضعة للرقابة، في دفعة واحدة، ما يتجاوز ميزانية التنمية في ليبيا لأكثر من 4 سنوات». ويأتي حديث الدبيبة في أجواء تتصاعد فيها الاتهامات بـ«الفساد» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها.
في هذا السياق، عدّ أستاذ القانون بجامعة طرابلس، فرج حمودة، عدم إخضاع «جهاز الإعمار» في شرق ليبيا لأجهزة الرقابة، «تصرفاً خارج نطاق القانون؛ حتى إن صدر عن جهة تشريعية»، متسائلاً عن سبب عدم اللجوء إلى القضاء الدستوري.
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.
ويترأس بلقاسم حفتر «صندوق إعمار ليبيا» منذ بداية عام 2024، بتكليف من مجلس النواب الذي مُنح امتيازات واسعة، وفق قانون سنّه البرلمان يستثني كل الإجراءات، والتعاقدات من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة؛ وهما أرفع جهازين رقابيين سياديين في ليبيا.
ويتمسك فرج حمودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن الأجهزة الرقابية تفرض رقابة سابقة ولاحقة على هذه المشروعات، حفاظاً على المال العام، محذراً مما يعتقد أنه «باب مفتوح على مصراعيه لمزيد من التجاوزات المالية، خصوصاً مع الإنفاق عالي التكلفة».
ولا توجد أرقام مفصلة لميزانية إعادة إعمار المنطقة الشرقية، التي ينفذها «الصندوق» بتعاون مع شركات عربية وأجنبية، لكن التكلفة الاستثمارية بلغت نحو 950 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، وفق آخر أرقام مصرف ليبيا المركزي.
وفي مقابل ما ذهب إليه حمودة، يعتقد المحلل الاقتصادي الليبي، علي الصلح، أن إنشاء صندوق إعمار ليبيا «جاء متماشياً مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطنين، وفي ظل منافسة باتت واضحة، في مقارنة ما يبدو مع مشروعات تنفذها حكومة الدبيبة في العاصمة».
ورغم أن الصلح يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إصدار قانون خاص للصندوق واستثناءه من الرقابة أصبحا محل جدل»، إلا أنه «تخلص من قيود ومراجعات قد تكون دون جدوى، وسرّع وتيرة جهود البناء والإعمار، بما لقي ارتياح المواطنين»، وفق اعتقاده.
وذهب الصلح إلى القول إن أهمية «تحديد حجم نفقات المال العام وغرضها يأتيان أولوية قبل الرقابة، دون مساءلة ومحاسبة حقيقيتين»، متسائلاً في المقابل عما رآها «نفقات عامة لحكومة (الوحدة) لا تخضع لمعايير واضحة».
ومؤخراً، ذكرت وكالة التحقيق الأميركية «سنتري» أن تكلفة إعادة الإعمار أثقلت كاهل الميزانية العامة، مما تسبب في أزمة لمصرف ليبيا المركزي.
لكن، وعلى نحو أبعد من الحديث عن الأرقام والشفافية، تبدو «المناكفة» تفسيراً مرجحاً لتلميحات الدبيبة، وفق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، الذي أشار إلى «غياب تام للرقابة والشفافية في ليبيا».
ويبدو أن الهدف من هذه التلميحات، حسب تصريح قزيط لـ«الشرق الأوسط»، هو «حشد خصوم حفتر في غرب البلاد»، متوقعاً «تبخر هذه الاتهامات حال إتمام صفقة توحيد». كما تحدث عما قال إنه «تواصل لم ينقطع بين رئيس حكومة (الوحدة) وقائد الجيش الوطني وصفقات أنجزت بينهما».
ومن بين عدة مدن بشرق ليبيا، كانت مدينة درنة هي الأكثر في تكبد فاتورة الخسائر البشرية والمادية جراء فيضانات سبتمبر 2023، إذ اختفت أحياء بكاملها، ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة؛ إلى جانب آلاف الوفيات، ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.
لكن درنة شهدت مؤخراً افتتاح عدد من المشروعات، التي يشرف عليها «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، من بينها «جسر وادي الناقة»، ومقرّ مديرية أمن درنة، بالإضافة إلى مسجد الصحابة.