الأدوية الإيرانية في اليمن.. استراتيجية خفية لتمويل ميليشيا الحوثي

الجمعة 31/يناير/2025 - 11:42 ص
طباعة الأدوية الإيرانية فاطمة محمد علي
 
ضمن سلسلة تقارير منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.C.O)، التي تركّز على الكيانات المالية السرية لجماعة الحوثي الموالية لإيران، أكدت المنصة في تقرير جديد لها أن إيران استخدمت تجارة الأدوية كسلاح في الصراع الدائر في اليمن، إذ حوّلت تصدير الأدوية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى آلية سرية لتمويل الحرب وتعزيز السيطرة وإدامة الفوضى.
وكشف التقرير الذي حمل عنوان "الأدوية كأسلحة: استراتيجية إيران لتمويل مليشيات الحوثي في اليمن" أن إيران تعمل على استبدال الأدوية ذات التصنيع الجيّد والمأمون ببدائل إيرانية، من خلال منح حقوق الوكالات الحصرية للشركات التابعة لميليشيا الحوثي، محولةً قطاع الأدوية إلى شريان حياة لحلفائها، مما يقوض النظام الصحي اليمني ويزيد من معاناة المجتمع، لا سيّما الفئات الضعيفة، حيث تعمل فقط 50% من المستشفيات بشكل كامل أو جزئي.
وسلّط التقرير الضوء على أهداف تمويل إيران للحوثيين عبر تجارة الأدوية التي تزايدت منذ عام 2015، حيث توفر تدفقًا ماليًا مستقرًا وسريًا يمكن الميليشيا من توسيع عملياتها العسكرية وبسط نفوذها، كما يؤدي إلى إحلال الأدوية الإيرانية محل الموثوقة، مما يحقق أرباحًا عالية للكيانات الحوثية.
ولفت التقرير إلى أنه على المدى الطويل، تسعى إيران إلى ترسيخ الاعتماد على منتجاتها الصيدلانية داخل نظام الرعاية الصحية اليمني، واحتكار سوق الأدوية، ما يمنحها نفوذًا اقتصاديًا مستدامًا. كما تستخدم عائدات تجارة الأدوية في تمويل العمليات العسكرية والتجنيد وشراء الأسلحة، ضمن استراتيجيتها الإقليمية الأوسع لزعزعة الاستقرار وتعزيز نفوذها في اليمن.
واستعرض التقرير شبكات الشركات المتورطة في هذه الأنشطة، ومنها "النجم الأخضر لتجارة الأدوية والمستلزمات الطبية"، و"روناك الإيرانية"، و"تراضي للتجارة والتوكيلات المحدودة"، و"ماجنيكو للتجارة العامة والتوكيلات"، و"مؤسسة الفارس للأدوية"، وجميعها تعمل على تسهيل تدفق الأدوية الإيرانية واستبدالها بالمنتجات الموثوقة.
وأشار التقرير إلى أن تدفق الأدوية الإيرانية منخفضة الجودة يؤثر بشكل مباشر على قطاع الرعاية الصحية اليمني، حيث يؤدي إلى انتشار العلاجات غير الفعالة وتفاقم الأزمات الصحية. كما أن هذه الاستراتيجية تساهم في زعزعة استقرار الخليج وتعميق الأزمة الإنسانية في اليمن، مما يهدد طرق التجارة الدولية.
وأوصى التقرير بفرض عقوبات على الكيانات المتورطة، وتعزيز الرقابة والتنظيم، ودعم سلاسل التوريد البديلة، وزيادة الوعي بالمخاطر، إضافةً إلى تبني سياسات صحية شفافة لضمان توفر الأدوية عالية الجودة ومنع الاحتكار، مما يسهم في الحد من تأثير هذه الممارسات على المجتمع اليمني.
وعلى صعيد متصل، يرى المراقبون أن استغلال إيران لتجارة الأدوية في تمويل ميليشيات الحوثي لا يقتصر على دعم العمليات العسكرية فقط، بل يؤثر بشكل كارثي على النظام الصحي في اليمن، حيث تسببت هذه الممارسات في إغراق السوق اليمنية بأدوية منخفضة الجودة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية. كما أشاروا إلى أن هذا المخطط يعزز سيطرة الحوثيين على القطاع الصحي، مما يحرم المواطنين من حقهم في الحصول على أدوية آمنة وفعالة.
وأكد خبراء في الشأن اليمني أن الحل يكمن في فرض رقابة دولية صارمة على استيراد الأدوية إلى اليمن، وقطع القنوات المالية التي تمكّن الحوثيين من الاستفادة من هذه التجارة. كما دعوا إلى تعزيز سلاسل التوريد البديلة ودعم المستوردين المحليين لتقليل الاعتماد على الأدوية الإيرانية.
كما يرى المراقبون أن المجتمع الدولي يجب أن يتحرك بسرعة لفرض عقوبات على الشركات والكيانات المتورطة، إضافة إلى دعم الجهود الإنسانية لضمان وصول الأدوية ذات الجودة العالية إلى المستشفيات اليمنية بعيداً عن سيطرة الحوثيين.

شارك