"قطرة حظ".. اختراق استخباراتي إسرائيلي يُفقد الحوثيين أبرز قادتهم ويعيد رسم الصراع الإقليمي

السبت 30/أغسطس/2025 - 12:28 م
طباعة قطرة حظ.. اختراق فاطمة عبدالغني
 
في عملية عسكرية استخباراتية معقدة أطلقت عليها تسمية "قطرة حظ"، نفذت القوات الجوية الإسرائيلية ضربة مركزة وعالية الدقة استهدفت البنية القيادية العليا لجماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية، هذه العملية التي وصفتها مصادر عسكرية واستخباراتية بأنها الأكثر جرأة وتعقيدًا منذ بدء المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل والحوثيين، جاءت في توقيت بالغ الحساسية تزامن مع تصعيد حوثي في البحر الأحمر ومضاعفة الهجمات على الملاحة الدولية، فضلًا عن تنامي التنسيق العسكري بين الحوثيين وإيران وحزب الله في مسرح الصراع الإقليمي.
وبحسب مصادر أمنية استهدفت العملية بشكل مباشر اجتماعًا سريًا ضم عشرة من أبرز القيادات الحوثية في مجمع أمني بصنعاء، وأسفرت وفق المصادر عن مقتل رئيس حكومة الانقلاب أحمد غالب الرهوي، والمشرف العسكري البارز أسعد هادي الشرقبي المكنى "أبوصخر" الذي يعد أحد مهندسي الاستراتيجية القتالية للمليشيا وممثل عبد الملك الحوثي، إضافة إلى إصابات مؤكدة بين صفوف قيادات الصف الأول، وسط تضارب المعلومات حول مصير رئيس الأركان محمد عبد الكريم الغماري، كما امتدت الغارات لتشمل مواقع حساسة في محافظتي حجة وعمران، نُفذت عبر أكثر من عشر غارات متزامنة، استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة يُعتقد أنها نتاج عملية اختراق عميقة للبنية الأمنية الحوثية.
وفيما سارعت جماعة الحوثي عبر ناطقها ناصر الدين عامر إلى نفي استهداف أي قيادات ووصف العملية بأنها "عدوان إسرائيلي فاشل"، أكدت تقارير متقاطعة أن الخسائر أصابت بنية القيادة الحوثية في العمق، ما دفع الجماعة إلى اتخاذ سلسلة إجراءات أمنية عاجلة وغير مسبوقة، شملت هذه الإجراءات توجيهات صارمة للقيادات بمغادرة منازلهم والانتقال إلى شقق داخل مجمعات سكنية مشتركة، ومنع استخدام الهواتف المحمولة نهائيًا مع تركها بحوزة المرافقين، والاعتماد على أجهزة اتصال مشفرة، إضافة إلى تقليص فترات الاجتماعات إلى عشر دقائق فقط، وتركيب كاميرات مراقبة في سيارات القيادات تحسبًا لأي عمليات رصد مستقبلي.
التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن اختيار إسرائيل لهذا التوقيت لم يكن عشوائيًا، بل جاء ضمن استراتيجية أوسع لضرب مراكز القرار الحوثية قبل أن تتحول الجماعة إلى ذراع إيراني موازٍ لحزب الله في تهديد المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن. 
ويعتقد مراقبون أن تل أبيب استغلت تراخيًا أمنيًا طارئًا نتج عن انشغال الحوثيين بعملياتهم البحرية، وتزايد الانقسامات الداخلية في صفوفهم عقب الخسائر المتلاحقة في مسرح البحر الأحمر.
كما يرى محللون سياسيون أن العملية تحمل رسائل مزدوجة، أولًا لإيران مفادها أن أي تصعيد عبر وكلائها سيقابل بضربات نوعية تستهدف مفاصل نفوذها الإقليمي، وثانيًا للتحالفات الدولية، بأن إسرائيل باتت لاعبًا فاعلًا ومستعدًا لملء أي فراغ أمني يهدد خطوط الملاحة وممرات الطاقة العالمية.
ويعتقد المراقبون أن "قطرة حظ" ستعيد رسم قواعد الاشتباك في اليمن، حيث تشير المعطيات إلى احتمال توسع دائرة الاستهداف الإسرائيلي لتشمل قيادات حوثية أخرى في حال استمرار التهديدات، كما يُتوقع أن تدفع الجماعة إلى تصعيد انتقامي أكبر ضد الملاحة أو حتى ضد أهداف إسرائيلية مباشرة عبر وسطاء إقليميين.
 وفي الوقت ذاته، قد تفتح هذه العملية نافذة ضغط جديدة تدفع الحوثيين إلى طاولة مفاوضات أكثر براجماتية، أو العكس تمامًا إلى مزيد من التشدد، تبعًا لحجم الدعم الإيراني اللاحق.

شارك