خطر قادم من البحر: ما الذي يجمع الحوثيين بالشباب؟
الإثنين 08/سبتمبر/2025 - 05:09 م
طباعة


حذر الجنرال داغفين أندرسون، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، من أن منطقة القرن الإفريقي تواجه تحديات أمنية شديدة التعقيد، أبرزها تصاعد التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، والتعاون المتزايد بين جماعات مسلحة مثل حركة الشباب والحوثيين.
وفي حوار خاص مع التلفزيون الوطني الصومالي (SNTV)، شدد الجنرال أندرسون على أن هذه التحالفات لا تهدد الصومال وحده، بل تمتد آثارها لزعزعة استقرار المنطقة برمتها، بما في ذلك دول شرق إفريقيا والممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي.
وقال "تواجه الصومال والمنطقة تهديدات متزامنة من حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، وتنظيم داعش شمالا، إلى جانب تعاون مقلق مع الحوثيين عبر البحر الأحمر"، قال أندرسون.
تحالف الحوثيين حركة الشباب
وحسب تقارير استخباراتية إن الأدلة على التعاون المتزايد بين حركة الشباب في الصومال والحوثيين في اليمن تعمل على زيادة المخاطر التي تهدد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي، في حين تعمل على تعزيز القدرة التخريبية لكلا المجموعتين
زفي فبراير/شباط 2025، أفادت الأمم المتحدة بوجود أدلة على تواصل ليس فقط بين الحوثيين وحركة الشباب، بل أيضا لقاءات شخصية في عام 2024 تتعلق بنقل المعدات والتدريب من الحوثيين إلى الشباب مقابل زيادة القرصنة وتهريب الأسلحة.
وفي السابق، كان معظم المراقبين يعتقدون أن حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة لا تتعاون مع الحوثيين، وهم جماعة ذات أيديولوجية وأجندة مختلفة تستفيد من دعم ومساعدة إيران.
الحوثيون (المعروفون أيضا باسم أنصار الله أو أنصار الله) هم حركة شيعية زيدية تقاتل الحكومة ذات الأغلبية السنية المعترف بها دوليا في اليمن منذ عام 2004. وتقوم إيران بشحن الأسلحة إلى الحوثيين منذ أبريل 2015. وفي عام 2017، صعد الحوثيون نطاق هجومهم بإطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية، وفي عام 2022، على الإمارات العربية المتحدة، وكلاهما من مؤيدي الحكومة اليمنية.
ورغم قدرتها على تصنيع العبوات الناسفة، وسرقة الأسلحة من الجيش الوطني الصومالي وقوات الاتحاد الأفريقي، والحفاظ على تجارة تهريب الأسلحة (مثل قاذفات الصواريخ والرشاشات وبنادق القنص )، إلا أن حركة الشباب واجهت صعوبة في الحصول على أسلحة متطورة. ومن خلال مساعدتها في إبقاء طرق التجارة الحوثية مفتوحة وزيادة القرصنة قبالة الصومال، تلقت حركة الشباب أسلحة متطورة وتدريبا من الحوثيين، بما في ذلك طائرات مسيرة مسلحة.
تهريب الأسلحة بين الشباب والحوثي
وجدت الأمم المتحدة أن حركة الشباب تلقت تعليمات تقنية من الحوثيين وشحنات أسلحة من اليمن بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2024. واستخدمت هذه الأسلحة في هجمات الشباب ضد قوات الاتحاد الأفريقي في سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني. كما اكتشفت الأمم المتحدة أن حركة الشباب أرسلت أكثر من اثني عشر عنصرا إلى اليمن لتلقي تدريب من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك على تكنولوجيا الطائرات المسيرة.
وفي أغسطس/آب 2024، اعتقلت سلطات بونتلاند سبعة أشخاص يشتبه بانتمائهم إلى حركة الشباب، وصادرت خمس طائرات مسيرة انتحارية. استخدمت حركة الشباب الطائرات المسيرة لسنوات لجمع المعلومات الاستخبارية، وإجراء الاستطلاع، وإنتاج أفلام دعائية، لكنها لم تستخدمها بعد. يعتقد الخبراء أن هذه مجرد بداية لأسلحة أكثر تطورا قد تأتي بعد تدريب الحوثيين.
وقد أظهرت حركة الشباب قدرات أكبر واستخداما للطائرات المسيرة في هجومها عام 2025، حيث تمكنت من استعادة مساحات واسعة من الأراضي التي سيطرت عليها الحكومة الصومالية في السنوات السابقة.
وحركة الشباب (المعروفة أيضا باسم حركة الشباب المجاهدين) هي جماعة إسلامية سنية مسلحة تأسست عام 2006، وشكلت التهديد الرئيسي للحكومة الصومالية، حيث سعت إلى إقامة دولة إسلامية في المناطق ذات الأغلبية الصومالية في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا. حركة الشباب جزء من شبكة القاعدة، وقد استهدفت دولا في المنطقة تدعم قوة الاتحاد الأفريقي لتحقيق الاستقرار في الصومال، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. تعد حركة الشباب من أكثر الجماعات الإسلامية المسلحة امتلاكا للموارد في أفريقيا
قرصنة البحر الأحمر.. ارتفاع عوائد المادية
وفي إظهار لدعم حماس في صراعها مع إسرائيل، استخدم الحوثيون طائرات بدون طيار وصواريخ وقوارب صغيرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لاستهداف أكثر من 100 سفينة تجارية (ضربوا 48 منها، بما في ذلك 6 سفن أصبحت عاجزة) تحاول عبور مضيق باب المندب الذي يبلغ طوله 70 ميلا وعرضه 20 ميلا (في أضيق نقطة) والذي يفصل أفريقيا عن شبه الجزيرة العربية.
كما شهدت أعمال القرصنة في المنطقة ارتفاعا حادا. وكان نشاط القرصنة محدودا منذ عام 2015، وكانت آخر عملية اختطاف في عام 2019. ومع ذلك، منذ نوفمبر 2023، سجل 47 حادثا متعلقا بالقرصنة في خليج عدن وغرب المحيط الهندي.
وزاد تحويل مسار السفن التجارية حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا بنسبة 420%. وقد أضاف هذا ما يصل إلى أسبوعين و6000 ميل بحري إلى رحلاتها. وارتفعت تكلفة الشحن في عام 2024 إلى ما يقرب من 6000 دولار للحاوية الواحدة، من 1660 دولارا في عام 2023، مما زاد التكاليف على المستهلكين. وشهدت مصر انخفاضا في إيراداتها السنوية من حركة مرور قناة السويس، والتي تبلغ قرابة 10 مليارات دولار، بأكثر من 70%، متكبدة خسارة شهرية قدرها 800 مليون دولار.
وتكتسب حركة الشباب من هذه العلاقة معدات محسنة (طائرات مسيرة مسلحة، صواريخ باليستية) وتدريبا محسنا. وفي الوقت نفسه، تصبح الحركة قادرة على توسيع وترسيخ المؤسسات الإجرامية التي تمول عملياتها.
ويساهم هذا التعاون في توسيع القدرات المزعزعة للاستقرار لهذه الجماعات المسلحة على جانبي مضيق باب المندب.
ويستفيد الحوثيون من دعم حركة الشباب لأنشطة القرصنة التخريبية في خليج عدن وغرب المحيط الهندي، بالإضافة إلى تنوع شرايين الإمداد. وهذا يعزز قدرة الحوثيين على تهديد حركة الملاحة البحرية في المنطقة، ويعزز نفوذهم في مواجهة الحكومة اليمنية المدعومة من الأمم المتحدة.
ويساهم هذا التعاون في توسيع القدرات المزعزعة للاستقرار لهذه الجماعات المسلحة على جانبي مضيق باب المندب، في حين يعمل على تعقيد تحديات مراقبة 1800 ميل من السواحل المعرضة للخطر على طول البحر الأحمر وخليج عدن وغرب المحيط الهندي.