واشنطن تصنف ميليشيات موالية لإيران كمنظمات إرهابية ..تصعيد استراتيجي يغيّر معادلة النفوذ في المنطقة
الجمعة 19/سبتمبر/2025 - 11:24 ص
طباعة

في خطوة جديدة تؤكد استمرار السياسة الأمريكية الرامية إلى مواجهة النفوذ الإيراني ووكلائه في المنطقة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن تصنيف 4 ميليشيات موالية لإيران في العراق كمنظمات إرهابية أجنبية، وتشمل هذه الجماعات "حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي"، ويأتي هذا التصنيف في إطار الجهود الأمريكية المستمرة لمكافحة الإرهاب وحرمان هذه الميليشيات من الموارد المالية واللوجستية التي تمكّنها من تنفيذ هجمات تستهدف القوات والمنشآت الأمريكية وقوات التحالف في العراق والمنطقة.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها على أن هذه الميليشيات الأربع سبق إدراجها على قوائم الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص، إلا أن القرار الجديد يعزز من القيود المفروضة عليها، ويُخضعها لعقوبات مالية وقانونية أشد، وقد شنت هذه الميليشيات بحسب واشنطن، هجمات متكررة على السفارة الأمريكية في بغداد وعلى قواعد عسكرية تستضيف قوات أمريكية ودولية، مستخدمةً أسماء جماعات واجهة لإخفاء ضلوعها المباشر.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أنها ستواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لحماية الأمن القومي الأمريكي، ومنع أي تمويل أو موارد عن الجماعات المصنفة إرهابية، مؤكدةً التزامها بمواجهة إيران وميليشياتها ومنعها من شن هجمات ضد الأفراد والمنشآت الأمريكية في المنطقة.
تفاصيل الميليشيات المصنفة إرهابية:
- حركة النجباء: تأسست عام 2013 وأعلنت ولاءها العلني لإيران وللمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وهي عضو قيادي في المقاومة الإسلامية في العراق، وتعد من أبرز فصائل "محور المقاومة" الموالي لطهران، وقد صنفت وزارة الخارجية الأمريكية هذه الحركة وأمينها العام أكرم الكعبي كإرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص في عام 2019، بعد تهديدات علنية ضد القواعد والأفراد الأميركيين، وترتبط الحركة بعلاقات وثيقة مع حزب الله اللبناني وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني.
- كتائب سيد الشهداء: صنفت الوزارة هذه الكتائب وأمينها العام هاشم فنيان رحيم السراجي كإرهابيين عالميين مصنفين في عام 2023، وهددت أنشطتها الإرهابية القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق وسوريا، وتلقت تدريبًا وتمويلًا وأسلحة متطورة من طهران.
- حركة أنصار الله الأوفياء: صنفت الحركة وأمينها العام حيدر مزهر مالك السعيدي كإرهابيين عالميين في عام 2024، شاركت في هجوم بطائرة مسيّرة على برج 22 في الأردن في يناير 2024، أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية، وهددت علنًا بمواصلة استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.
- كتائب الإمام علي: صنفت كمنظمة إرهابية أجنبية عام 2025، وهي مرتبطة بشكل مباشر بطهران، وسبق وخططت بالتنسيق مع جماعات إرهابية دولية أخرى لهجمات ضد منشآت عسكرية ودبلوماسية أمريكية. كما سهّلت عمليات حركية ضد القوات الأمريكية في العراق، وتلقى عناصرها تدريبًا في إيران ومع حزب الله في لبنان.
وشغل أمينها العام شبل الزيدي المُصنّف كإرهابي بشكل خاص في 2018 منصب المنسق المالي بين فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والجماعات المسلحة في العراق، وساعد في تسهيل الاستثمارات العراقية نيابةً عن قاسم سليماني.
وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإجراءات الأمريكية السابقة التي شملت جماعات مشابهة مثل كتائب حزب الله (المصنفة منذ 2009) وعصائب أهل الحق (المصنفة منذ 2020)، ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية تسهم هذه التصنيفات في تجفيف منابع التمويل ومنع الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، ما يزيد من عزل هذه الجماعات دوليًا.
تعليق "النجباء" وكتائب "الإمام علي" على القرار الأمريكية
علقت حركة "النجباء"، التي تقع ضمن الفصائل الأربعة التي صنفتها الخارجية الأمريكية كمنظمات إرهابية، حيث قال المعاون العسكري للحركة عبد القادر الكربلائي، في تدوينة على حسابة بموقع "إكس": "صنفونا ما شئتم، وقولوا عنا ما أردتم، فوالله لن نتخلى عن طريق الحق والعدل والعزة والكرامة، وستبقى القدس رمز مقاومتنا".
وأضاف، "لن نهادن ونساوم، ولن نتراجع ونحيد عن طريق إمامنا الحسين سيد الشهداء، طريق التضحية والثبات طريق انتصار الدم على السيف".
وختم تدوينته بالقول: "كيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، وكل قراراتكم تحت أقدامنا، لا قيمة لها".
كما علقت "كتائب الإمام علي"، على قرار وزارة الخارجية الأمريكية، وقال المعاون الجهادي للكتائب أبو علي الكروي، في تدوينة له: "تستمر الولايات المتحدة الأمريكية كعادتها وبنفس نهجها العدائي الإجرامي المتكرر بتصنيف جبهة الحق والكرامة المدافعة عن قضايا الأمة الإسلامية وحقوقها للتخلص من الهيمنة (الصهيوأمركية) على المنطقة، على أنها منظمات (إرهابية)، وكأن أمريكا أصيبت بالعمى عن الإرهاب الصهيوني اليومي والممنهج الذي يذبح ويزهق أرواح آلاف الأبرياء المدنيين العزل في غزة ولبنان واليمن وغيرها من الدول، فضلاً عن سياسية التجويع التي تمارس من قبل النتن وترامب".
وأضاف، "فنقول لهم بضرس قاطع، إننا بنهج علي، وثبات الحسين، وشجاعة وبصيرة العباس، وبعزيمة قادة النصر المهندس وسليماني، منتصرون".
ويرى مراقبون أن هذا التصنيف الجديد يعكس تصعيدًا أمريكيًا ممنهجًا ضد وكلاء إيران في العراق والمنطقة، في وقت تتزايد فيه الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على المصالح الأمريكية، ويؤكد هؤلاء أن الخطوة تحمل رسائل سياسية وأمنية مزدوجة: الأولى لإيران بأن الولايات المتحدة جادة في كبح نفوذها الإقليمي، والثانية للحكومة العراقية بضرورة ضبط أنشطة الميليشيات على أراضيها، غير أن بعض المحللين يشيرون إلى أن فعالية هذه التصنيفات تبقى محدودة إذا لم تترافق مع آليات تنفيذ قوية ودعم دولي أوسع لعزل هذه المجموعات، ومع ذلك يتفق معظم المراقبين على أن التصنيف يساهم في تقييد حركة هذه الميليشيات ماليًا وسياسيًا، ويزيد من كلفة ارتباطها بإيران، ما قد يؤدي إلى إعادة رسم المشهد الأمني في العراق والمنطقة خلال المرحلة المقبلة.