اليمن يتحول إلى مركز لصناعة المخدرات.. استنساخ حوثي للنموذج السوري – اللبناني يهدد الأمن الإقليم

الأحد 21/سبتمبر/2025 - 12:30 م
طباعة اليمن يتحول إلى مركز فاطمة عبدالغني
 
تشهد اليمن منذ أشهر تحولات خطيرة في أنشطة تهريب وتصنيع المخدرات، حيث لم يعد الأمر يقتصر على حوادث متفرقة أو شحنات عابرة، بل أصبح أقرب إلى منظومة منظمة تهدد الأمن القومي للبلاد والمنطقة. الكميات الضخمة المضبوطة، واكتشاف أول مصنع متكامل لإنتاج الكبتاجون والشبو داخل الأراضي اليمنية، تشير إلى تحوّل اليمن إلى مركز ناشئ لصناعة وتوزيع المخدرات في المنطقة، في مشهد يوازي التجربة التي أرساها النظام السوري وحزب الله في سوريا ولبنان خلال العقد الماضي قبل أن تتعرض منظومتهما الأمنية واللوجستية لضربات حدّت من قدرتهما على الاستمرار. 
هذه الظاهرة، بما تحمله من مخاطر اقتصادية واجتماعية وأمنية، تنذر بتداعيات واسعة النطاق على الاستقرار الداخلي والإقليمي، خصوصًا في محافظات الجنوب ومحيط البحر الأحمر وخليج عدن.
فقد تزايدت الأدلة خلال الأشهر الماضية على تورط جماعة الحوثيين في هذه الأنشطة، وسط تساؤلات استراتيجية حول طبيعة المشروع القائم وأهدافه. فالتقارير الأمنية تشير إلى أن هذه الأنشطة تجاوزت البعد الاقتصادي السريع المتمثل في تمويل الحرب، لتتحول إلى أداة سياسية وأمنية تهدف إلى إغراق المجتمعات بالمخدرات، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وإنشاء شبكات نفوذ جديدة على غرار النموذج السوري – اللبناني.
الضبطيات الأمنية الأخيرة في محافظات الجنوب بين يونيو وسبتمبر 2025 تمثل أبرز الشواهد على هذا التحول، فقد ضبطت السلطات كميات غير مسبوقة من الكبتاجون والشبو والكوكايين والحشيش، بعضها مخبأ بطرق معقدة وأخرى منتجة محليًا داخل معامل مرتبطة بالحوثيين. 
وفي الرابع من سبتمبر أعلنت الأجهزة الأمنية في المهرة ضبط أول مصنع متكامل لإنتاج الكبتاجون والشبو بقدرة إنتاجية تُقدّر بعشرات آلاف الحبوب في الساعة، تديره شبكة تضم يمنيين وأجانب.
وفي أواخر أغسطس ضبطت السلطات في عدن مئات الكيلوغرامات من الكوكايين النقي مخبأة في شحنة سكر قادمة من الخارج ومتجهة إلى مناطق الحوثيين، فيما أتلفت النيابة الجزائية خلال الفترة ذاتها أكثر من نصف طن من المواد المخدرة المضبوطة في عمليات متفرقة. 
أما في يونيو فقد أحبطت سلطات الحدود محاولة تهريب نحو 1.5 مليون قرص مخدر من صنعاء باتجاه السعودية عبر منفذ الوديعة البري، بينما شهدت محافظات لحج وعدن والبحر الأحمر ضبطيات أخرى شملت كميات كبيرة من الحشيش والشبو والهيروين.
التقارير الأمنية تؤكد أن هذه العمليات ليست مجرد حوادث معزولة، بل تكشف عن تحول نوعي في مشهد المخدرات داخل اليمن، حيث تحولت البلاد إلى بيئة مثالية لإعادة توطين صناعة المخدرات بعد انهيار منظومتها في سوريا ولبنان، هشاشة الوضع الأمني والموقع الجغرافي المطل على البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب جعلا اليمن نقطة ارتكاز لشبكات تهريب وإنتاج المخدرات، بما يهدد الاستقرار الداخلي ويضرب الأمن القومي العربي.
وتشير التقديرات إلى أن أغلب هذه الكميات كانت موجهة إلى دول الجوار، خصوصًا السعودية ومصر، وأن اليمن أصبح ممرًا ومصنعًا لهذه المواد السامة، وتتنوع طرق التهريب بين الشحنات القادمة من الخارج عبر الموانئ والمنافذ البحرية، والإنتاج المحلي في مصانع داخلية تديرها شبكات مرتبطة بالحوثيين، مع استخدام وسائل معقدة للتمويه والتخزين في قواطر مدنية أو قوارب صيد.
الخبراء في شؤون الجماعات المسلحة يرون أن ارتباط الحوثيين بشبكات المخدرات أصبح حقيقة ملموسة، وأن الجماعة تستخدم هذه التجارة كمصدر تمويل رئيسي، وأداة سياسية وأمنية لإغراق المجتمعات اليمنية والخليجية بالمخدرات، وتسهيل تجنيد الشباب في جبهات القتال، فضلًا عن تعزيز نفوذها الإقليمي ضمن محور إيران.
ويرى المراقبون أن هذه التطورات تشكل إنذارًا خطيرًا، إذ إن استنساخ جماعة الحوثيين للنموذج السوري – اللبناني في اليمن يفتح الباب أمام تهديدات مباشرة للأمن القومي في الجنوب وعدن ودول الجوار، بما في ذلك السعودية ومصر، ويعتبر هؤلاء أن اليمن إذا لم يُحتوَ هذا المشروع مبكرًا فسيصبح مركزًا إقليميًا لصناعة وتهريب المخدرات، ما يعزز شبكة نفوذ مرتبطة بإيران على حساب استقرار المنطقة.
ويؤكد المراقبون أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا شاملًا، يتجاوز الإجراءات الأمنية إلى خطط مجتمعية وإعلامية وقانونية، وأن ترك الملف دون معالجة جذرية سيجعل اليمن رهينة لشبكة دولية معقدة، تموّل النزاعات وتغذي الإرهاب والجريمة المنظمة على المدى الطويل.

شارك