النمسا تطارد الإرهاب بسجل لخطباء الكراهية
الإثنين 22/سبتمبر/2025 - 10:47 ص
طباعة

تتجه الحكومة النمساوية نحو خطوات حاسمة في محاولة للحد من نفوذ الإسلام السياسي المتنامي داخل المجتمع، عبر التخطيط لإنشاء ما يعرف بـ"سجل لخطباء الكراهية"، الذي يهدف إلى رصد وحظر الحسابات الإلكترونية التي تنشر محتويات متطرفة على الإنترنت وتعكس هذه الخطوة إدراكًا متزايدًا للمخاطر التي تشكلها المنصات الرقمية في نشر أيديولوجيات متطرفة بين الشباب والقاصرين، خصوصًا في ظل انتشار مؤثرين رقميين يستخدمون الشبكة لاستقطاب الفئات العمرية المبكرة.
كما تأتي تصريحات وزيرة الاندماج كلاوديا بلاكولم لتوضح نطاق هذه السياسة، حيث أشارت إلى أن الإجراء قد يشمل حتى الدعوات التي تحث الأطفال على ارتداء الحجاب، معتبرة أن هذه الممارسات تشكل جزءًا من استراتيجية أوسع للإسلام السياسي، تهدف إلى تشكيل نمط اجتماعي ديني متطرف من خلال التوجيه المبكر للأطفال، وتعميق التأثير الأيديولوجي على المجتمع.
أبعاد الأزمة والضغط على الحكومة
تتصاعد الضغوط على الحكومة النمساوية لاتخاذ إجراءات منسقة ضد الجهات الفاعلة في الإسلام السياسي، وفقًا لتقارير محلية، طالب النشطاء وزارات الاندماج والداخلية والخارجية والتعليم بالتحرك بشكل متكامل لمواجهة أنشطة الإسلام السياسي على جميع المستويات.
وأكد النشطاء ضرورة تعزيز التشريعات المتعلقة بالجمعيات، وإعداد قائمة بالمنظمات المتطرفة، مع الإشارة إلى وجود فجوة واضحة في تنفيذ هذه السياسات، إذ لم تقم وزارة الداخلية بعد بإصدار مثل هذه القائمة أو تقديم إجابات حول أنشطة هذه المنظمات، ما يعكس نقصًا في التنسيق وإجراءات الرقابة القانونية.
تزايد النفوذ الإسلامي السياسي
كما كشف تقرير حديث صادر عن مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا عن استغلال الجماعات الإسلاموية للصراعات الجيوسياسية لتعزيز نفوذها خلال السنوات الاثني عشر الماضية، عبر نشر أيديولوجياتها المتطرفة، وتقويض القيم الديمقراطية التعددية، وتوسيع حضورها في المجتمع.
وأظهر التقرير أن رفض النموذج العلماني أصبح واضحًا في أجزاء من المجتمع، فيما تعتمد التنظيمات الإسلاموية على استراتيجية متعددة الأبعاد، تشمل التواجد في الشوارع والمساجد والمدارس، إلى جانب استخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ولفت التقرير إلى دور مؤثرين محليين ودوليين في استقطاب الشباب نحو أنماط حياة أصولية، ما يمثل تهديدًا مباشرًا للتماسك الاجتماعي والثقة في المؤسسات الديمقراطية. ويعكس ظهور الرموز والرسائل الإسلامية في الأحياء الحضرية عبر الرسومات والملصقات والأزياء مدى اتساع نطاق التأثير المجتمعي لهذه الجماعات، كما يحذر من شبكات سياسية إسلامية عابرة للحدود تستهدف نشر خطاب عدائي ضد الغرب والعلمانية، وتعزيز نموذج مجتمعي بديل، ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية وإضعاف الثقافة الديمقراطية في النمسا.
تداعيات محتملة
يمثل إنشاء سجل لخطباء الكراهية خطوة استباقية لمحاصرة التطرف الرقمي، لكنه يفتح أيضًا جدلًا حول حدود الحرية الدينية وحق التعبير، خاصة إذا ما شمل التدخل في الممارسات الدينية للأطفال.
وفي الوقت ذاته، تشير المؤشرات إلى أن الإسلام السياسي يعتمد على استراتيجيات مزدوجة، تجمع بين النفوذ الرقمي والتربوي والاجتماعي، ما يستلزم ردًا شاملًا يجمع بين الجوانب الأمنية والقانونية والتعليمية والمجتمعية.
ويبرز التحدي الأكبر في قدرة السلطات على متابعة نشاطات الجماعات العابرة للحدود، ومواجهة تأثيراتها على الشباب، في ظل محدودية الأدوات الرقابية وعدم توافر برامج فعالة للتأهيل والاندماج، ما يجعل المجتمع النمساوي معرضًا لموجات جديدة من الانقسام، ويطرح أسئلة حول فاعلية السياسات الحكومية في الحفاظ على التوازن بين حماية الديمقراطية وحريات الأفراد من جهة، واحتواء نفوذ التطرف من جهة أخرى.