"العليمي" يدعو لتحالف دولي يفرض السلام وينهي الانقلاب الحوثي

الجمعة 26/سبتمبر/2025 - 12:36 م
طباعة العليمي يدعو لتحالف فاطمة عبدالغني
 
في سياق تصاعد التحديات الأمنية والسياسية في اليمن، ألقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي كلمة بالغة الأهمية أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حملت في طياتها رسائل سياسية وإنسانية واضحة تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني منذ أكثر من عقد من الزمن، وتكشف في الوقت ذاته عن رؤية الحكومة اليمنية لكيفية استعادة الدولة وتحقيق السلام.
 فقد شدد العليمي خلال كلمته على أن الأزمة اليمنية لم تعد شأناً داخلياً، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لمصداقية النظام الدولي، خاصة بعد أن أصبحت مليشيات الحوثي تنظيماً إرهابياً عابراً للحدود، يمتلك ترسانة إيرانية متطورة تشمل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والزوارق المفخخة والألغام البحرية والأسلحة المحرمة دولياً.
ولفت العليمي إلى أن هذه الجماعة المارقة لم تكتفِ بتعميق المأساة الإنسانية داخل اليمن، بل انخرطت في شبكات تهريب المخدرات والكبتاجون ونقل تكنولوجيا التشويش والتوجيه لتحويل اليمن إلى مختبر لتجريب الأسلحة الإيرانية. 
وحذر العليمي من أن التهاون الدولي مع الحوثيين يعني تحويل البحر الأحمر والممرات البحرية إلى رهائن دائمة للإرهاب، مشيراً إلى أن سياسات "إدارة الصراع" ومنح الحوافز لم تجلب سوى المزيد من الدمار، وأن سياسة الاحتواء منحت المليشيات الوقت والموارد لتوسيع ترسانتها، وأكد أن السلام في اليمن لا يمكن أن يُستجدى بل يجب أن يُفرض بالقوة إذا اقتضى الأمر.
كما أشار العليمي إلى وجود جبهة وطنية واسعة تؤمن بالشرعية الدولية والديمقراطية والشراكة وتحافظ على التنوع المحلي والمشاركة الشعبية وتعمل على بناء مؤسسات الدولة، في مقابل تنظيم طائفي إقصائي يتبنى نموذجاً ثيوقراطياً معادياً لحقوق الإنسان، هو جماعة الحوثي المدعومة من النظام الإيراني. 
وأكد استعداد الحكومة اليمنية لمد يدها للسلام الشامل حتى لو اضطرت لتقديم تنازلات مؤلمة، لكن بعد فشل مساعي حفظ السلام أصبح من الضروري التحرك الجماعي والحاسم من أجل "فرض السلام".
ودعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى تشكيل تحالف دولي فعّال من أجل استعادة أمن واستقرار اليمن، وإعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية وتحرير البلاد من قبضة المليشيات والجماعات الإرهابية بكافة أشكالها، مشيراً إلى أن الجمعية العامة في دورتها الحالية مطالبة بإثبات أن القانون الدولي ليس مجرد شعار وأن النظام العالمي القائم على القواعد ليس دعوة انتقائية، معتبراً اليمن وغزة ساحة اختبار أخلاقي لهذه المؤسسة العريقة. 
وفي سياق موازٍ، جدد العليمي دعم اليمن الكامل للقضية الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية وحل الدولتين، مشيداً بجهود المملكة العربية السعودية وشركائها الفرنسيين في انتزاع مكاسب سياسية غير مسبوقة لصالح القضية الفلسطينية، ومجدداً رفض المتاجرة بهذه القضية من قبل المليشيات المارقة وداعميها.
كما ثمّن العليمي دعم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لليمن على مدى سنوات الحرب، مشيراً إلى أن هذا الدعم لم يحمِ الدولة اليمنية فقط من الانهيار، بل المنطقة كلها من السقوط في قبضة المشروع الإيراني، داعياً العالم إلى تبني هذا النموذج العملي للشراكة الاستراتيجية القائمة على التنمية وعدم الاكتفاء بمراقبته.
ويرى المراقبون أن كلمة العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حملت لهجة غير مسبوقة من حيث الوضوح والصراحة، إذ وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية حيال الأزمة اليمنية، وطرحت رؤية شاملة للتحرك في المرحلة المقبلة تقوم على الانتقال من إدارة الصراع إلى فرض السلام من خلال تحالف دولي فاعل. 
ويعتقد هؤلاء أن الخطاب يعبّر عن تحوّل نوعي في مقاربة الحكومة اليمنية للعلاقة مع المجتمع الدولي، حيث لم يعد التركيز على الاستجداء أو التذكير بالمأساة الإنسانية، بل على دعوة مباشرة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء الانقلاب الحوثي وإعادة بناء الدولة، في وقت باتت فيه الأزمة اليمنية بالفعل اختباراً حقيقياً لمصداقية النظام الدولي وقدرته على مواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود.

شارك