أفريكوم تستهدف قيادات "داعش" في الصومال.. كم تبقى من مقاتلي التنظيم في كالمسكاد؟

السبت 27/سبتمبر/2025 - 05:29 م
طباعة أفريكوم تستهدف قيادات علي رجب
 
تواصل القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) تصعيد عملياتها الجوية في الصومال، مؤكدة التزامها بمكافحة التطرف في القرن الأفريقي. أحدث هذه العمليات كانت غارة دقيقة نفذت الأسبوع الماضي استهدفت مسلحي تنظيم "داعش في الصومال" (ISS) المتحصنين في كهوف جبال كالمسكاد جنوب شرق بوساسو.

وتأتي هذه الضربات، التي يعتقد أنها استهدفت كبار عناصر التنظيم الفارين منذ بدء العملية الواسعة أواخر العام الماضي، لتدعم جهود قوات بونتلاند الأمنية. ويوضح هذا التقرير السياق العملياتي لهذه الغارات، ويركز بشكل خاص على الهوية والنفوذ المتزايد لتنظيم داعش في الصومال، وعلاقته بالشبكة العالمية لتنظيم الدولة الإسلامية.

الغارة الأخيرة والجدل المحيط بالعمليات
أكدت أفريكوم أن هدف الغارة الأخيرة هو إضعاف قدرة التنظيم على تهديد الولايات المتحدة وحلفائها وقوات الأمن الصومالية، مشددة على دورها كشريك يعتمد عليه. ويأتي هذا النشاط المكثف بعد أيام من مقتل الجنرال عبدي علي قلاري، قائد كتيبة درويش الثانية في بونتلاند، في انفجار قنبلة على جانب الطريق، مما يشير إلى استمرار التهديد حتى داخل صفوف القوات الأمنية.

وفي سياق العمليات، أثارت غارة سابقة في 13 سبتمبر/أيلول 2025، لغطا بعد مقتل رجل قيل إنه كان ينقل أسلحة لحركة الشباب في منطقة سناج. لكن السكان المحليين نفوا الادعاء بشدة، مؤكدين أن الضحية كان شيخ عشيرة معروفا لا صلة له بالجماعات المسلحة، وهو نفي لم تدحضه القيادة الأمريكية بعد. ومع الغارة الأخيرة، يرتفع إجمالي الغارات الجوية التي نفذتها أفريكوم في الصومال ضد حركتي الشباب وداعش إلى ما يقرب من 79 غارة جوية.

من هو "داعش في الصومال"؟ النفوذ المحلي والعالمي
تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (ISS)، الذي يعمل في البلاد منذ عقد من الزمان، نشأ كفصيل منشق عن حركة الشباب، التنظيم المسلح الأكبر والأكثر هيمنة في الصومال والتابع لتنظيم القاعدة.

النفوذ المحلي المحدود وحجم القوة:
الحجم: يقدر حجم قوات حركة الشباب بما بين 7,000 و12,000 مقاتل. في المقابل، تشير التقديرات التقليدية إلى أن أعداد مقاتلي داعش في الصومال تتراوح بين 600 و700 مقاتل. ومع ذلك، تشير تقييمات استخباراتية حديثة إلى أن المجموعة ربما تضاعف حجمها خلال العام الماضي لتصل إلى ما يصل إلى 1,600 مقاتل.

السيطرة الجغرافية: يتفوق تنظيم الشباب بكثير في السيطرة الإقليمية على أجزاء واسعة من جنوب ووسط الصومال. بينما يقتصر الوجود الجغرافي لداعش في الصومال بشكل أساسي على شمال شرق الصومال، وتحديدا في المنطقة المحيطة بـجبال كال-مسكاد في بونتلاند، حيث يقدر الجنرال عبدي حسن حسين (قائد شرطة بونتلاند السابق) وجود حوالي 200 مقاتل حاليا، من بينهم مدربون أجانب.
 الدور العالمي المتنامي ومكتب "الكرار":
على الرغم من محدودية نفوذها المحلي مقارنة بحركة الشباب، برز تنظيم داعش في الصومال كـلاعب رئيسي في الشبكة العالمية لتنظيم الدولة الإسلامية، خاصة من خلال مكتب التنسيق الإقليمي التابع له والمعروف باسم "الكرار".

التمويل العالمي: اكتسبت المجموعة أهمية من خلال الإشراف على تمويل فروع داعش الأخرى حول العالم وتوجيه الأموال لدعم عملياتها.

الدعم اللوجستي: سهل مكتب الكرار حركة المدربين، بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي والتكتيكي لفروع داعش في جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق.

الامتداد الآسيوي: أرسل مكتب الكرار أموالا إلى عملاء لداعش في اليمن وتركيا والإمارات العربية المتحدة وأفغانستان، بما في ذلك فرع "ولاية خراسان".

تدفق المقاتلين والأسلحة: شهد التنظيم تدفقا للمقاتلين الأجانب من دول مثل إثيوبيا والمغرب وليبيا والجزائر وتونس والسودان وسوريا وغيرها. كما تشير تقييمات إلى احتمال حصول المجموعة على أسلحة وتدريب من الحوثيين في اليمن، وبدء المسلحين في استخدام طائرات بدون طيار انتحارية ضد القوات الإقليمية.

القائد "عبد القادر مؤمن":
ظل القائد الرئيسي للتنظيم، عبد القادر مؤمن، شخصية محورية، وتشير بعض التقييمات إلى أنه قد يكون أو كان قائدا عالميا لتنظيم الدولة الإسلامية، رغم عدم وضوح مصيره بعد أنباء عن استهدافه في غارة جوية أمريكية العام الماضي.

إن الدور المتزايد الذي يلعبه تنظيم داعش في الصومال في تسهيل العمليات والتمويل العالمي هو السبب الرئيسي وراء استمرار استهدافه من قبل أفريكوم، لما يشكله من خطر محتمل على المصالح الغربية والدولية.

الغارة الأخيرة في جبال كالمسكاد تمثل استمرارا في سياسة "الضغط المستمر" التي تعتمدها واشنطن ضد التنظيمات المتطرفة في القرن الأفريقي. 
وبينما يظل تهديد "داعش" في الصومال أقل من "الشباب"، فإن ارتباطه الدولي، واستخدامه للتكنولوجيا المتقدمة، وبقاؤه في ملاذات وعرة، يجعله تهديدا استراتيجيا لا يمكن تجاهله.

ومع تصاعد وتيرة الغارات، يبقى التحدي الأكبر هو حقيق استقرار طويل الأمد في الصومال، عبر دعم المؤسسات المحلية، ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف.

شارك