تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 5 ديسمبر 2025.
البيان: لبنان.. جمر تحت رماد التفاوض المباشر مع إسرائيل
غداة القرار الاستثنائي الذي اتخذه الرئيس اللبناني، العماد جوزاف عون، بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، وبالتنسيق حياله مع واشنطن، والذي قضى بتعيين السفير السابق، سيمون كرم، رئيساً دبلوماسياً مدنياً للوفد اللبناني إلى اجتماعات «لجنة الميكانيزم»، أجمعت مصادر دبلوماسية عبر «البيان»، على أن لبنان خطا بقوة عبر هذا القرار المفاجئ، في اتجاه محاولة متقدمة جداً لاحتواء، أو تطويق أو منع، تفجر سيل التهديدات الإسرائيلية بحرب واسعة على حزب الله ولبنان.
وبالدبلوماسية الناعمة، وسعياً وراء تفادي حرب إسرائيلية جديدة، أكثر الإسرائيليون من التهديد بها، خطا لبنان خطوته الثالثة وسط حقل الألغام الإسرائيلي.
وبتوقيع ثلاثي الأبعاد، أتى تعيين السفير الأسبق في واشنطن، سيمون كرم، لقيادة التفاوض بعد استحصال الجانب الأمريكي على موافقة الطرف الإسرائيلي بضم عضو غير عسكري إلى وفده المشارك في اللجنة، إذ سحبت تل أبيب دبلوماسياً تخرج من الجيش وعينته في صفوف الاحتياط التفاوضية، وهو يعتبر أحد مهندسي سياستها الخارجية والأمنية.. أما المواجهة الأولى، فكانت في الاجتماع الـ14 للجنة «الميكانيزم» أول من أمس، فيما الاختبار الطارئ لا يزال في بداية رحلته، بما يوجب البقاء على درجة عالية من الحذر، بدليل أن إسرائيل لم تتأخر في إطلاق اجتهاداتها وتفسيراتها الخاصة لتوسيع مستوى المفاوضين في لجنة «الميكانيزم» بإضافة موفدين مدنيين صارا رئيسي الوفدين الأمنيين اللبناني والإسرائيلي.
في المقابل، فإن لبنان لديه مطالبه أيضاً والتي أبلغها للأمريكيين، حول ضرورة وقف الضربات الإسرائيلية، ووضع جدول زمني للانسحاب من النقاط التي تسيطر عليها إسرائيل في الجنوب، بما أن الموقف اللبناني كان واضحاً لجهة تعيين مدني لتمثيله في المفاوضات.
وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن الخطوة لم تكن مفاجئة بالشكل، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها تطعيم الوفود بأسماء من أصحاب الاختصاص.
أما في المضمون، فشكلت الخطوة، وفق قول مصادر متابعة لـ«البيان»، امتداداً للمسار الذي سلكه لبنان بالتزامه باتفاق وقف اتفاق النار، منذ 27 نوفمبر من العام الماضي، وبمبادرة الاستقلال الرئاسية، وذلك نزعاً لفتيل الرسائل النارية التي تلقاها لبنان بتصعيد إسرائيلي، يتجاوز «الستاتيكو» الأمني القائم، إلى توسيع بيكار الاعتداءات وتهديد الدولة.
سير على الجمر
وإذ تقدم لبنان خطوة إلى الأمام، عبر قرار رفع مستوى التمثيل وإعطائه طابعاً دبلوماسياً للتفاوض مع إسرائيل، من ضمن لجنة «الميكانيزم»، فتم تعيين مدني لبناني فيها، إلا أن هذه الخطوة، وبحسب تأكيد مصادر متابعة لـ«البيان»، يشوبها حذر كبير حول المزيد من المطالب الإسرائيلية، خصوصاً أن إسرائيل اعتادت مع رئيس وزرائها، بنيامين نتانياهو، أن تكثر من دفتر شروطها كلما حصلت على تنازل جديد أو ورقة جديدة تحتفظ بها في الجيب، لتبرز مطالب أخرى.
ولذا، ووفق المصادر نفسها، يسجل انتقال «الميكانيزم» من الإطار العسكري الصرف إلى إطار مدني، وهو ما يتماشى مع خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإرساء اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط، في حين سيكون لبنان مضطراً لـ«السير على الجمر» في هذا المسار التفاوضي، ولا بد له من ترقب المزيد من الشروط والمطالب الإسرائيلية.
مرحلة جديدة
وهكذا، فعلها لبنان وذهب إلى التفاوض المباشر مع إسرائيل، وذلك ضمن إطار «الميكانيزم»، برئيس مدني لوفده، هو السفير سيمون كرم، المعروف باستقلاليته ومواقفه الثابتة، والذي سيفاوض مبعوث تل أبيب، يوري رزنيك، المعروف بحنكته في الصياغات التفاوضية.
وهكذا أيضاً، دخل لبنان مرحلة جديدة، قد تستغرق شهوراً أو سنوات، وهو حقق إنجازين حتى الآن، إذ أعطى الأمريكيين السلاح الذين يحتاجونه لتجميد تهديدات نتانياهو بالحروب المدمرة، اعتباراً من نهاية ديسمبر الجاري، ومهد الطريق للبحث في المرحلة التالية من خطة الجيش لحصر سلاح حزب الله خارج جنوب الليطاني، وهذا هو ما ستضغط في اتجاهه واشنطن منطقياً.
الخليج: العراق يحقق في «خطأ» تصنيف «حزب الله» والحوثي بقوائم الإرهاب
قالت الحكومة العراقية إنها لم تصنف «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثيين اليمنية منظمات إرهابية، مؤكدة أن ما تم نشره سابقاً كان نسخة غير منقحة وسيتم تصحيحها، فيما وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بفتح تحقيق في الخطأ، بينما صادق على نتائج التحقيق باستهداف حقل «كورمور» في السليمانية.
وأوضحت لجنة حكومية في العراق أن القائمة تضمنت الإشارة إلى عدد من الأحزاب والكيانات التي لا ترتبط بأي «نشاطات إرهابية» مع تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، و«سيتم التصحيح».
وتابعت أن القرار صدر بناء على طلب من ماليزيا، واستناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1373 لسنة 2001، بتجميد أموال وأصول قائمة من الكيانات والأشخاص المرتبطين ب«داعش» و«القاعدة».
وأضافت اللجنة، أن موافقة الجانب العراقي اقتصرت على «إدراج الكيانات والأفراد المرتبطين بداعش والقاعدة حصراً»، وأن «إدراج أسماء الكيانات الأخرى كان بسبب نشر القائمة قبل التنقيح، وسيتم تصحيح ما نشر في الجريدة الرسمية العراقية، برفع تلك الكيانات والأحزاب من قائمة الكيانات المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة». كما أمر البنك المركزي العراقي بحذف «حزب الله» اللبناني والحوثيين من قائمة «تجميد أموال الإرهابيين» التي نشرت في الجريدة الرسمية، مؤكداً أن ورود الاسمين جاء «سهواً»، وذلك بعد نقد واسع لا سيّما من الأوساط السياسية المقرّبة من إيران.
ووجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال محمّد شياع السوداني «بإجراء تحقيق عاجل وتحديد المسؤولية ومحاسبة المقصرين»، مؤكداً أن «مواقفنا السياسية والإنسانية من العدوان على أهلنا في لبنان أو في فلسطين، هي مواقف مبدئية لا تخضع للمزايدات».
من جهة أخرى، صادق السوداني، على نتائج التحقيق بشأن الاعتداء على حقل كورمور في محافظة السليمانية. وخلُصت السلطات العراقية في تحقيقها بالهجوم الذي طال الأسبوع الماضي حقلًا للغاز بإقليم كردستان في شمال البلاد، إلى أن المنفذين هم «عناصر خارجون عن القانون» لم تُعلِن أسماءهم ولا دوافعهم، مؤكدةً أنها ستزوّد الحقل الذي تعرّض مراراً لهجمات «بمنظومات للدفاع الجوي».
وجاء في نتائج التحقيق أن الهجوم نُفّذ بواسطة «طائرتَين مسيّرتَين» أصابت «إحداهما الحقل فيما سقطت الأخرى خارجه». وأشار بيان رسمي إلى أن المسيّرتَين انطلقتا من «جهة جنوبي الحقل من مناطق شرقي قضاء طوز خورماتو» في محافظة صلاح الدين بشمالي العراق.
ونوّه البيان إلى أنه «تم التوصل إلى أسماء المنفذين لهذا الاعتداء» الحادي عشر على هذا الحقل، وهم «من العناصر الخارجين عن القانون وصادرة بحق البعض منهم مذكرات قبض قضائية». وأكّد أن «هذا العمل الإرهابي لن يمر دون محاسبة الفاعلين».
إلى ذلك، عبر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، خلال لقائه أمس الخميس القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق جوشوا هاريس، عن شكره وتقديره على الرسالة التي بعثها إليه نظيره الأمريكي دونالد ترامب في 21 من الشهر الماضي، والتي تضمنت الامتنان لدعم حملة تعزيز السلام في المناطق المضطربة حول العالم. كما طلب الرئيس ترامب من رشيد استمرار دعمه للمساعدة في ضمان مستقبل أكثر إشراقاً لمواطنينا والعالم». وأكد ترامب في الرسالة «عزمه على إنهاء قرون من الصراعات في الشرق الأوسط»، معرباً عن تطلعه إلى، أن«يتجاوز المجتمع الدولي صراعات الماضي الطويلة الأمد من أجل إنقاذ الأرواح، في كل منطقة، وفي كل قارة».
الشرع يبحث مع وفد مجلس الأمن دعم «سوريا الجديدة»
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع الخميس في قصر الشعب بدمشق، وفد أعضاء مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وعدداً من المسؤولين الأمميين، بحضور وزراء من الحكومة السورية.
وكان ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن وصلوا إلى معبر جديدة يابوس الحدودي بريف دمشق، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها إلى سوريا.
وبعد وصوله دمشق، اطلع وفد مجلس الأمن على حجم الدمار والتخريب الذي طال حي جوبر، كما زار عدداً من الأماكن التراثية بدمشق القديمة برفقة مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي، منها فندق بيت الوالي بباب توما وسوق مدحت باشا والجامع الأموي.
وأكدت إدارة الإعلام في وزارة الخارجية السورية أن زيارة وفد مجلس الأمن تأتي تأكيداً على دعم المجتمع الدولي لسوريا الجديدة ووقوفه إلى جانبها في مرحلة إعادة البناء وترسيخ سيادتها واستقرارها.
الشرق الأوسط: لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام
اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.
وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.
وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».
مرحلة حساسة
وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.
وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».
وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.
وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».
موقف أوجلان
وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.
وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.
وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.
وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.
في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.
براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»
قال السفير الأميركي لدى تركيا، ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.
وأشار في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر في أبوظبي، إلى أن الوقت قد حان لأن يطوي لبنان صفحة الماضي، ويسارع إلى إبرام اتفاق مع إسرائيل، داعياً إلى إجراء محادثات مباشرة بين لبنان و«حزب الله» وإسرائيل.
كما أعرب المبعوث الأميركي عن الأمل في رفع عقوبات «قانون قيصر» عن سوريا، الذي كانت الولايات المتحدة قد فرضته على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل الإطاحة به في العام الماضي.
وكان ترمب أعلن بعد لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرياض في مايو (أيار)، رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا، غير أن العقوبات الأكثر صرامة والتي تقيد الصلات التجارية مع دمشق، المعروفة باسم «قانون قيصر»، لا يمكن رفعها إلا بقرار من الكونغرس الأميركي.
إلى ذلك، قال براك إنه من المستبعد أن تشارك تركيا في قوة الاستقرار الدولية المزمع تشكيلها في قطاع غزة، بسبب ما وصفه بأنه «غياب الثقة المتبادلة».
وذكر براك أن مشاركة تركيا في القوة الدولية بغزة، ستكون جيدة في ضوء علاقتها مع «حماس» والجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لنزع سلاح الحركة الفلسطينية.
وأمس (الخميس)، أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مسؤولين أميركيين اثنين ومصدر غربي، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل عيد الميلاد.
وتسعى إدارة ترمب للمضي قدماً إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، لتجنب العودة إلى الحرب والحفاظ على وقف إطلاق النار الهش. وبات أحد المكونات الرئيسية للمرحلة الأولى من الاتفاق - وهو إفراج «حماس» عن جميع الأسرى الأحياء والقتلى - شبه مكتمل، إذ تتبقى إعادة رفات أسير واحد فقط.
وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً من أجزاء إضافية من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب. وأجاز مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، كلاً من قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام.
تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى
قال شهود وموظفو إغاثة وباحثون إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحتجز ناجين من الحصار بشكل منهجي، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم، وتقتل أو تضرب من لا تستطيع أسرته دفعها، حسب تقرير لوكالة «رويترز».
ولم تحدد «رويترز» عدد المحتجزين لدى «قوات الدعم السريع» والفصائل المسلحة المتحالفة معها في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وفي محيطها، لكن الروايات تشير إلى أن مجموعات كبيرة محتجزة في عدة قرى على بعد 80 كيلومتراً من الفاشر، وأن آخرين أعيدوا إلى المدينة، حيث تطالب «قوات الدعم السريع» بدفع مبالغ مالية تقدر بآلاف الدولارات من أقاربهم.
ويُظهر احتجاز الناجين المخاطر التي يواجهها أولئك الذين لم يتمكنوا من الخروج من الفاشر التي كانت آخر معقل كبير ضد «قوات الدعم السريع» في إقليم دارفور بغرب السودان قبل سقوطها. ووصف الشهود عمليات انتقام جماعية منذ سيطرة «الدعم السريع»، والتي تضمنت الإعدام بإجراءات موجزة والعنف الجنسي.
ويسلط ذلك الضوء أيضاً على محنة بعض من عشرات الآلاف الذين ما زالوا في عداد المفقودين في الوقت الذي تسعى فيه وكالات الإغاثة إلى دخول منطقة الفاشر المنكوبة بالمجاعة وضواحيها، والتي أصبحت نقطة محورية في الحرب المستمرة منذ عامين ونصف عام، بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني.
الدفع أو القتل
وتقول «رويترز» إنها أجرت مقابلات مع 33 محتجزاً سابقاً و10 من موظفي الإغاثة والباحثين الذين قدموا تفاصيل لم يتم الإبلاغ عنها من قبل حول العنف الذي واجهه المحتجزون، والمواقع التي احتُجِزوا فيها، وحجم الاعتقالات.
وتحدث ناجون عن دفع فدى تراوحت بين خمسة ملايين جنيه سوداني (1400 دولار) و60 مليون جنيه سوداني (17 ألف دولار)، وهي مبالغ طائلة بالنسبة لسكان مثل هذه المنطقة الفقيرة.
وقال 11 ناجياً إن عدداً من الذين لم يتمكنوا من الدفع تعرضوا لإطلاق النار من مسافة قريبة أو تم قتلهم في مجموعات، في حين تعرض آخرون منهم للضرب المبرح.
وحسب الوكالة، فقد تم رصد ناجين فروا عبر الحدود إلى تشاد وعلى أجسادهم آثار إصابات بدا أنها ناجمة عن الضرب والطلقات النارية. وأشارت إلى أنها لم يتسن لها التحقق من رواياتهم بالكامل.
وقال محمد إسماعيل، الذي تحدث إلى «رويترز» عبر الهاتف من طويلة، وهي مدينة قريبة من الفاشر لكنها تخضع لسيطرة قوات محايدة، إن «قوات الدعم السريع» تمهل أسرة المحتجز ثلاثة أو أربعة أيام، وإذا لم ترسل تحويلاً مالياً يقتلونه.
وأضاف أنه غادر الفاشر مع سيطرة «قوات الدعم السريع» على المدينة في 26 أكتوبر لكن «قوات الدعم السريع» ألقت القبض عليه في قرية أم جلبخ ضمن مجموعة من 24 رجلاً. وأوضح أنه أُجبر هو وابن شقيقه على جمع 10 ملايين جنيه سوداني من أسرته قبل أن يُطلق سراحهما. وقال إن تسعة رجال آخرين قُتلوا أمامهما.
الدعم ينفي ويحقق
المستشار القانوني لـ«قوات الدعم السريع» محمد مختار، قال لـ«رويترز»، إن معظم حالات الاحتجاز والابتزاز التي تعرض لها أشخاص من الفاشر نفذتها مجموعة منافسة يرتدي أعضاؤها زياً يشبه «قوات الدعم السريع».
وتحقق لجنة من «قوات الدعم السريع» فيما يزيد على 100 حالة انتهاك مزعومة يومياً في الفاشر، حيث تم اعتقال عدد كبير من المشتبه بهم، وأدين تسعة منهم، حسبما قال رئيس اللجنة أحمد النور الحلا لـ«رويترز».
وكانت السيطرة على الفاشر بعد حصار دام 18 شهراً نقطة تحول في الحرب التي اندلعت بسبب صراع على السلطة بين الجيش و«الدعم السريع»، وتسببت فيما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويواجه الطرفان اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وقال ناجون من احتجاز «قوات الدعم السريع» في الفاشر وما حولها لـ«رويترز»، إنهم كثيراً ما سُئلوا عن القبيلة التي ينتمون إليها وهوجموا بألفاظ عنصرية.
وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 100 ألف شخص فروا من الفاشر منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها. وتقول وكالات الإغاثة إن أكثر من 15 ألفاً منهم وصلوا إلى طويلة، ونحو 9500 آخرين عبروا الحدود إلى تشاد، لكن معظمهم ما زالوا في قرى تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في محيط الفاشر، منها قرني وكورما وأم جلبخ وشقرة وحلة الشيخ وجبل وانا وطرة.
ولم يتضح للباحثين عدد من بقوا داخل الفاشر نفسها. وقالت منظمات الإغاثة إن بعض السكان لم يتمكنوا من الفرار لأنهم لم يستطيعوا دفع تكاليف الخروج من المدينة، أو لأنهم مرضى أو مصابون لدرجة لا تسمح لهم بالسفر.
مفاوضات مع أسر المحتجزين
قال ياسر حمد علي (36 عاماً)، وهو متحجز سابق وصل إلى تشاد، إن أفراداً من «قوات الدعم السريع» ألقوا القبض عليه في 29 أكتوبر مع 16 رجلاً آخرين بعد فراره من الفاشر، مضيفاً أنهم أوسعوه ضرباً قبل المطالبة بمبلغ 150 مليون جنيه سوداني للإفراج عنه.
وفي حديثه لـ«رويترز» من مستشفى في طينة بالقرب من حدود تشاد مع السودان، قال إن القوات استخدمت جهازاً للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية من ستارلينك مثبتاً على سيارتهم من طراز «تويوتا لاند كروزر» للاتصال بأسرته عبر «فيسبوك ماسنجر».
وتعاني مساحات شاسعة من الأراضي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» من انقطاع الاتصالات منذ بداية الحرب، مما أدى إلى انتشار أجهزة ستارلينك. ولم ترد «ستارلينك» على طلب للتعليق.
وقال علي إن أسرته تفاوضت معهم حتى وصلوا بالمبلغ إلى خمسة ملايين جنيه قاموا بتحويلها عبر محفظة (بنكك) الافتراضية السودانية، وفقاً لإيصالات تحويل اطلعت عليها «رويترز».
وقال رجل آخر في طينة يدعى إبراهيم كيتر (30 عاماً) إن أسرته اقترضت بضمان منزلها في مدينة عطبرة لدفع فديته التي بلغت 35 مليون جنيه، معبراً عن اعتقاده بأنهم لن يتمكنوا من سداد هذا القرض.
وقال شقيقه الحاج التيجاني كيتر (31 عاماً) إن المقاتلين وضعوا مسدساً على رأسه وضربوه ضرباً مبرحاً في أثناء محادثة فيديو مع أسرته، وهو أسلوب مشابه لما تستخدمه العصابات على طرق تهريب المهاجرين في ليبيا المجاورة، والتي يتصل أفرادها بأقارب المهاجرين المحتجزين ويظهرون إساءة معاملتهم في محاولة لانتزاع فدى أعلى.
وكثيراً ما جندت «قوات الدعم السريع» مقاتلين أو فصائل مسلحة على وعد بالنهب بدلاً من الحصول على راتب ثابت، وتقع عمليات نهب واسعة النطاق في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات الدعم السريع».
غير أن موظفي إغاثة قالوا إن طلب فدى ضخمة مثل تلك التي تُطلب في محيط الفاشر يمثل ظاهرة جديدة.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية لقرية قرني في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) مئات الملاذات المؤقتة الجديدة التي تم تشييدها خلال الشهر الماضي. وقال اثنان من موظفي الإغاثة إن ذلك يشير إلى إمكانية احتجاز الناس هناك لفترة طويلة.
الاحتجاز في الفاشر
ذكرت وكالة «رويترز» أنه كان يتم الفصل بين الرجال والنساء عند وصولهم إلى قرني. لكن النساء يحتجزن هناك أيضاً. وقالت إحدى النساء إنها تعرضت لعصب عينيها واغتصابها هناك لعدة أيام، في حين قالت امرأة أخرى إنها كانت شاهدة على عمليات اغتصاب بهذا الأسلوب.
وقالت المرأة الثانية وهي تبكي خلال حديثها عبر الهاتف من طويلة إن أفراد «قوات الدعم السريع» هددوها بالقتل عندما حاولت التدخل.
وتحدث ثمانية من المحتجزين السابقين عن إعادتهم إلى الفاشر قائلين إنهم احتُجزوا مقابل فدى في مبانٍ من بينها منشآت عسكرية ومساكن جامعية.
وقال رجل يعمل معلماً ويبلغ من العمر 62 عاماً، طالباً عدم الكشف عن هويته، إنه وجد نفسه في مستشفى الفاشر للأطفال مع مئات الرجال الآخرين.
وأوضح أنهم كانوا مكدسين في صفوف، ولم يكن لديهم ما يشربونه، فأخذوا الماء من بركة راكدة في المستشفى واكتشفوا فيما بعد أنها كانت مياه صرف صحي. وقال المعلم إن نحو 300 رجل لقوا حتفهم. وقدم باحثان في مجال حقوق الإنسان، تحدثا إلى شهود، تقديرات مماثلة لـ«رويترز».
وقال مجاهد الطاهر (35 عاماً) الذي كان محتجزاً في الفاشر إنه تم إطلاق سراحه بعد تعرضه للضرب بفدية قدرها 30 مليون جنيه، ليتم احتجازه مرة أخرى في زالنجي، حيث أجبر خاطفوه أسرته على دفع ستة ملايين جنيه أخرى.
وأضاف لـ«رويترز» في نجامينا بتشاد أنه رأى في الطريق جثث سبعة رجال كان قد فرّ معهم، وقد أصيبوا بطلقات نارية في رؤوسهم وصدورهم. وعرض الطاهر صورة لقدميه وقد أصابتهما التقرحات بسبب المشي حافياً بعد أن أخذت «قوات الدعم السريع» حذاءه.
ومنذ سيطرتها على الفاشر، تنشر «قوات الدعم السريع» مقاطع مصورة، وتبث على الهواء لقطات لأشخاص يتلقون الطعام والرعاية الطبية في المدينة.
وقالت ممرضة، قالت إنها كانت محتجزة لدى «قوات الدعم السريع»، لـ«رويترز»، إن أفراد القوات صوروها وهي تتلقى الطعام وتقول إنها تلقى معاملة حسنة. لكنها أضافت أنهم يعذبون الناس ثم يظهرونهم في اللحظة التالية على الهواء.
العين : البرهان والإخوان.. إنكار رسمي وعودة منظّمة لرجال الظل داخل الجيش
في كل مرة يطل فيها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، تتبدل اللغة لكن تظل العقدة ذاتها:نفيٌ قاطع لوجود الإسلاميين داخل الجيش، في وقت تُعاد فيه الوجوه نفسها – بالاسم والصورة – إلى مفاصل القيادة.
هكذا تتجاور روايتان متناقضتان: «الشعب أسقط الإخوان» و«لا وجود لهم داخل الجيش»، بينما تفيض الوقائع بما يعاكس ذلك تمامًا؛ من إعادة الضباط المُبعَدين، وعودة هيئة العمليات والدفاع الشعبي، إلى صعود كوادر تنظيميّة تشكّل اليوم غرفة القرار العسكري.
ومع رفع سقف الخطاب نحو «حسم عسكري أولاً»، يتحول هذا النفي من رسالة دفاعية إلى محاولة هندسة صورة جديدة للجيش أمام المنطقة والعواصم الغربية، صورة «غير أيديولوجية» يمكن التعامل معها بلا حساسية.
لكن الفجوة بين الخطاب والواقع تتّسع: فالمحللون، والوثائق، وسجلّ التعيينات الميدانية، جميعها تشير إلى استمرار النفوذ الإسلامي داخل المؤسسة العسكرية.
وبين سردية تُبنى للاستهلاك الدولي، وحقائق تتكشّف في الميدان، يجد السودان نفسه أمام أزمة مصداقية لا تقلّ خطورة عن الحرب نفسها.
فماذا قال البرهان؟
في تصريحات صحفية، بثت يوم الخميس، قال عبدالفتاح البرهان إن الادعاءات بوجود عناصر من الإخوان ضمن الجيش أو الحكومة، «غير صحيحة»، مضيفًا: «لا علاقة للإخوان بالجيش أو الحكومة».
وحول مطالب الهدنة، قال البرهان، إن «الحل للحرب في البلاد عسكري بالدرجة الأولى، ومن ثم تأتي الحلول الأخرى»، مؤكدًا أنه «لا هدنة قبل استسلام الدعم السريع وتسليم سلاحها».
تصريحات متناقضة
قال سيبويه يوسف المحلل السياسي السوداني في حديث لـ«العين الإخبارية»، إنه بعد تصنيف الإخوان المسلمين في بعض الدول كمنظمات إرهابية، أصبحت قيادة الجيش تحاول تنكر سلطتها بالتنظيم، رغم أنها تتعامل في الداخل مع قيادات التنظيم.
وأوضح المحلل السياسي السوداني، أن تنظيم الإخوان وكتائبه في الداخل هي من يخوض الحرب في الميدان، مشيرًا إلى أن تصريحات البرهان، «روايات للتضليل».
وأشار إلى أنه بينما ينكر البرهان، وجود الإخوان المسلمين في الجيش، يعلم تماماً أن الانتساب للجيش منذ عام 1990 كان يتم عبر قنوات حزب المؤتمر الوطني الإسلامي ذراع الإخوان السياسية في السودان، ما يعني أن كل الرتب الوسيطة، والعليا، لا يستطيع أن تترقى دون إرضاء الإخوان أنفسهم.
ذلك الأمر يعني أن «الجيش الآن هو مؤسسة كيزانية إسلامية كاملة الدسم»، يقول يوسف، مشيرًا إلى أن «الحديث الذي يعني يتحدث عنه البرهان هو يكذبه الواقع، باعتبار أن الإخوان هم حلفاؤه، ويتولون الآن وزارة الخارجية، ويسيطرون على مقاليد السلطة بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021».
خطر كبير
واعتبر المحلل السياسي السوداني، أن من يدير الدولة الآن هم الإخوان المسلمين بكل تنظيماتهم وبكل تسمياتهم؛ محذرًا من أن هناك خطرًا كبيرًا على مستقبل السودان في وجود مثل هذه المجموعات الإرهابية التي تعمل وتقاتل».
وأشار إلى أنه بينما تحدثت واشنطن بكل قوة عن سعيها لتصنيف هذه الجماعات جماعات إرهابية، يحاول الجيش السوداني الآن تقديم خطاب آخر مغاير، لكن العالم كله يفهم الآن العلاقة العضوية ما بين الجيش وتنظيم الجبهة الإسلامية.
تناقضات أخرى
تناقض آخر شاب خطاب البرهان، ففي وقت سابق كان قد قبل بالرباعية كوسيط، إلا أنه عاد ورفض ذلك، محاولا في الوقت نفسه، تصوير الحرب بأنها حرب الدعم السريع وهو الذي أطلقها وهم الآن يدافعون.
وأشار إلى أن الجيش يحاول نفض عباءة الإخوان، لكونه يعلم أنها بمثابة «حمل ثقيل» يتحمله وحده،
ومن الأسباب يعني التي تؤكد أن الإسلاميين هم الذين يديرون المشهد الآن، إطلاق سراح الذين تطالب بهم المحكمة الجنائية الدولية مثل الرئيس المعزول عمر البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين وغيرهم من القوائم الذين كانوا في سجن كوبر، والذين كان تحت سيطرة الجيش.
الأمر نفسه أشار إليه المحلل السياسي السوداني كمال كرار، قائلا في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن تغلغل الإخوان في الجيش السوداني أو اختراقه، موضوع يعود إلى ما قبل انقلاب يونيو/حزيران 1989، مشيرًا إلى أن هذا الاختراق هو سبب نجاح الانقلاب.
وأوضح أنه ما بعد الانقلاب وطوال سنوات النظام البائد والى الآن، فقد تعرض الالاف من الضباط والجنود للإحالة بموجب قوائم يعدها عناصر الحركة الاسلامية المتغلغلين داخل الجيش، مشيرًا إلى أنه حتى الدخول للكلية الحربية كان مرهونا بتزكية من التنظيم الاسلامي أو أحد روافده.
انتهازية الإخوان
وبحسب المحلل السياسي السوداني، فإن تنظيم الإخوان، حاول اللعب على الحبلين، باختيار الشراكة مع قوى الحرية والتغيير، وهي طريقة التنظيم في التعاطي مع المتغيرات السياسية، بمبدأ انتهازي اسمه «الغاية تبرر الوسيلة».
وأشار إلى أن رفض الجيش المطلق للهدن الإنسانية ينطلق أولا من الإخوان، وكأنه توجيه لجماعتهم في الجيش ثم تتبناه القيادة، مؤكدًا أن هامش المناورات بات ضعيفا بعد انزعاج دول إقليمية بما فيها الولايات المتحدة من سيطرة الإخوان.
ورغم نفي الجيش السوداني لوجود الإخوان داخل صفوفه، إلا أن السودانيين والعالم يعرفون الحقائق المؤكدة، يقول كرار، مشيرًا إلى أن تنظيم الإخوان استعاد مواقعه في الدولة والنقابات وتغلغل فيها بقرارات سيادية أو قضائية، ألغي بموجبها قرارات المصادرة وأعيدت ممتلكاتهم، وخرج قادتهم من السجون.
وأشار إلى أن نفي الجيش لن يجدي؛ فهذه الرسائل لن تجد صدى في الخارج أو الداخل؛ لأنها «أسطوانة مشروخة»، على حد قوله.
مفاصل الدولة
وفي السياق نفسه، قال عثمان ميرغني الخبير السياسي السوداني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن تنظيم الإخوان كان يحكم عبر حزب المؤتمر الوطني وكانت الدولة خاضعة لهم، إلى أن أطيح بهم في ثورة ديسمبر/كانون الأول.
وبعد أن دخلوا في فترة كمون مؤقتة، عادوا مرة أخرى إلى الواجهة في انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بحسب الخبير السياسي السوداني، الذي أكد أن «التنظيم يسيطر الآن على القرار السيادي والسياسي والتنفيذي للدولة».
إدراك العالم لـ«إرهاب الإخوان».. كيف دقت الإمارات ناقوس الخطر مبكرا؟
منذ تأسيسه عام 1928، شكّل «الإخوان» مشروعا أيديولوجيا متغلغلا، يسعى لإعادة تشكيل الدولة والمجتمع عبر الولاء التنظيمي، مستفيدا من خطاب مزدوج يظهر الاعتدال ويخفي النزعة الإقصائية، ويستثمر العمل الخيري لبناء نفوذ موازٍ يهدد استقرار البلدان.
هذا الخطر أدركته دولة الإمارات مبكرًا، فصنفت الإخوان جماعة إرهابية عام 2014، ووضعت استراتيجية متكاملة تشمل الجانب الأمني والفكري والمؤسساتي، لتفكيك سرديات الجماعة وتجفيف منابع تمويلها، مستندة إلى شراكات إقليمية ودولية فعّالة.
هذه الرؤية الإماراتية المبكرة والتي تزامنت مع جهود خارجية لكشف مخاطر الإخوان، أسهمت في توجيه الإدراك الغربي، ومهدت الطريق أمام قرار الرئيس دونالد ترامب بوضع فروع الإخوان في مصر والأردن ولبنان على الطريق نحو التصنيف كمنظمات إرهابية، مؤكدة أن الفهم الاستراتيجي المبكر للخطر يمكن أن يحوّل التحديات الإيديولوجية إلى أدوات لحماية الأمن والاستقرار الدولي.
ومنذ أسبوعين، أعلنت ولاية تكساس عن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجموعة مسلمة أمريكية بارزة كمنظمات إرهابية أجنبية. وتبع ذلك قرار للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، حيث أمر إدارته بالنظر في فرض عقوبات على فروع الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان.
ويوم الأربعاء، أقرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مشروع قانون يلزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيفها «تنظيماً إرهابياً عالميا» بكل فروعها.
القرار، الذي اتخذ خلال جلسة تابعتها «العين الإخبارية»، يشكل أقوى خطوة تشريعية منذ عقد على الأقل تجاه التنظيم، ويعيد الولايات المتحدة إلى مسار يتقاطع مع موقف دولة الإمارات والأردن ومصر والسعودية التي سبقت جميعها في حظر التنظيم وتصنيفه إرهابياً.
تحولات تأتي في أعقاب تحركات مماثلة في أوروبا، دفعت دول عدة إلى حظر بعض فروع الإخوان، وفرض عقوبات على أخرى، ووضع الكيان على طريق الحظر.
فكيف ساهمت رؤية الإمارات في الدفع نحو تصنيف «الإخوان المسلمين» كجماعة إرهابية؟
يقول موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكي، إن الفضل في إدراك واشنطن ودول أوروبا لخطر الإخوان يعود إلى دولة الإمارات، والتي كشفت للإدارة الأمريكية وغيرها من الحكومات الأوروبية، كيف أن جماعة الإخوان المسلمين قد دعمت بشكل منهجي ومتسلل منظمات إرهابية في الشرق الأوسط.
ليس هذا فحسب، بل إن دولة الإمارات، حاولت عبر لاعبين رئيسيين؛ بينهم «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، والتي تربطها بها علاقة وثيقة، كشف فوائد تصنيف الإخوان وفروعها العنيفة إرهابية وكيف أن ذلك يعد «الخطوة الأولى لمواجهة التهديد المتنامي الذي تشكله توجهاتهم الراديكالية»، مضيفاً أن الولايات المتحدة يجب أن «تعمل بالتعاون مع الحكومات الإقليمية التي سبق أن حظرت الجماعة».
جهود تناغمت مع أكثر «معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسات»، تحليلا مكونا من 265 صفحة، أشار إلى زعم وجود مؤامرة طويلة الأمد للإخوان للتسلل إلى الغرب وتقويض مؤسساته من الداخل.
ويعتمد التقرير بشكل كبير على وثيقتين تزعم إظهار الخطط بعيدة المدى للإخوان للهيمنة العالمية، بحسب الموقع الأمريكي.
وبحسب موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكي، فإن هذين المركزين البحثيين، يرتبطان بعلاقة وثيقة مع دولة الإمارات.
وقال خالد الجندي، زميل كبير في معهد كوينسي، إن دولة الإمارات أدرك خطر الإخوان بشكل خاص.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن دولة الإمارات حاولت بثقلها دفع جهود تصنيف الإخوان إرهابية، ففي 2014 لوحت بالانسحاب من صفقة أسلحة مع المملكة المتحدة إذا لم تتحرك لندن لحظر الجماعة.
هذه الجهود الخارجية وجدت صدى واسعا في أروقة السلطة الأمريكية، خصوصاً مع توسع إدارة ترامب في تعريف الإرهاب ليشمل جماعات مثل عصابات المخدرات.
وقال أحد الحلفاء الرئيسيين في البيت الأبيض سيباستيان غوركا، وهو مدير لمكافحة الإرهاب بإدارة ترامب، إن الإخوان «الأصل لجميع الجماعات الإرهابية»، مشيدًا بجهود كشف «حقيقة الإخوان».
جهود في الميزان
يقول الدكتور خلفان سلطان كندي، في مقال له بـ«العين الإخبارية»، إن دولة الإمارات أدركت خطر تنظيم الإخوان مبكرًا، وتمكنت من بلورة مقاربة شاملة ومتكاملة للتصدي له، شكّلت نموذجًا في الحزم والوعي والفاعلية.
وأوضح الدكتور كندي، أن دولة الإمارات كانت من أولى الدول التي أعلنت، بوضوح وجرأة، تصنيف تنظيم الإخوان جماعة إرهابية عام 2014، واضعة بذلك حدًا فاصلًا بين منطق المهادنة والانخراط الجاد في مجابهة هذا التهديد.
فلم تقتصر جهودها على المجال الأمني، بل دشّنت مسارًا فكريًا ومؤسساتيًا غير مسبوق، تمثّل في تأسيس عدد من المراكز البحثية والفكرية التي اضطلعت بدور محوري في تفكيك سرديات الجماعة، وكشف زيفها الأيديولوجي، وإبراز تناقضاتها الفكرية والسياسية، بحسب المفكر الإماراتي.
بالموازاة مع ذلك، عملت دولة الإمارات على تجفيف منابع التمويل التي يستخدمها التنظيم للتمدّد، من خلال ضبط الجمعيات الوهمية، ومراقبة تدفقات الأموال، ومنع استغلال الفضاءين الخيري والدعوي لأغراض حزبية متطرفة، بحسب كندي، الذي أشار إلى أن هذه الجهود من خلال شراكات دولية فعالة، جعلت من دولة الإمارات شريكًا محوريًا في الجهود العالمية لمكافحة التطرف، سواء عبر التحالفات الأمنية، أو من خلال المنصات الفكرية التي تسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الدين والدولة على أسس عقلانية وحداثية.
وأكد أن التجربة الإماراتية في مواجهة تنظيم الإخوان تُمثّل نموذجًا متقدّمًا يجمع بين الحزم السياسي والعمق الفكري، وبين الاستراتيجية الأمنية والرؤية الثقافية، وبين تمكين الدولة وتحصين المجتمع. وهي بذلك لا تكتفي بحماية حدودها من خطر التطرف، بل تسهم في إعادة صياغة الخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وبلورة مشروع حضاري يقوم على المواطنة، والانتماء الوطني، وسيادة الدولة، في مواجهة كل المشاريع الأيديولوجية العابرة التي أثبتت كل التجارب أنها مدمرة للمجتمعات، والأوطان، والإطار الأخلاقي والقيمي للدين.