بعد انتخابات الرئاسة التونسية.. الإخوان بين التهميش والصعود

الأحد 23/نوفمبر/2014 - 12:24 م
طباعة انتخابات الرئاسة انتخابات الرئاسة التونسية
 
بدأ التصويت في انتخابات الرئاسة التونسية، صباح اليوم الأحد 23 نوفمبر 2014، آخر الخطوات في الانتقال الديمقراطي للبلاد بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي.
والمرشحان البارزان في السباق من بين ما يقرب من 30 مرشحا هما الباجي قائد السبسي المسئول السابق في نظام بن علي والرئيس الحالي المنصف المرزوقي، حيث يتزعم حزب "نداء تونس" العلماني قائد السبسي.
شهدت مراكز الاقتراع بمدينة القصرين غرب تواجدا أمنيا مكثفا قبل فتح مراكز الاقتراع.
 بعد انتخابات الرئاسة
الجدير بالذكر أن تونس شهدت يوم 26 أكتوبر الماضي أول انتخابات تشريعية عقب الثورة، والذي اكتسحها حزب "نداء تونس"، وأعقبه حركة النهضة الإخوانية بزعامة راشد الغنوشي.
ولم تنته المنافسة عند هذا الحد، حيث إن "نداء تونس" لم يحصل على غالبية الأصوات ٥٠٪ + ١، أي إنه بحاجة للتحالف مع أحزاب أخرى حتى يصل للنسبة المطلوبة.
خلال الأيام التي سبقت الانتخابات البرلمانية ارتفعت أصوات فئة من الإسلاميين في مختلف الدول العربية طالبت الشعب التونسي بالوقوف بجانب حركة النهضة في السباق الانتخابي، بالإضافة لأعداد كبيرة من غير الإسلاميين الداعمين لثورات الربيع العربي الذين طالبوا التونسيين بدعم حزب النهضة أيضًا. 
لم تكن المطالبات بدعم النهضة لكونه حزبًا إسلاميًا، بل لاعتباره من الأحزاب الثورية التي دعمت الثورة التونسية منذ لحظاتها الأولى، بينما نداء تونس، في رأيهم، هو حزب "فلولي" محسوب على نظامي الحبيب بورقيبة وبن علي.
وشهد 21 مركزا في محافظة القصرين تأخير فتح لجانها إلى العاشرة صباحا وغلقها مع الساعة الثالثة لدواع أمنية، حيث إنها مناطق ريفية معزولة وقريبة من الجبال، وتشهد محافظة القصرين أعمالا "إرهابية" منذ ديسمبر 2012 في الجبال المحيطة بها الشعانبي والسلوم وسمامة.
 بعد انتخابات الرئاسة
تأتي هذه الانتخابات بعد نحو أربعة أعوام من الثورة وعامين من التأخير، حيث يسمح هذا الاقتراع باستكمال عملية إقامة مؤسسات دائمة في تونس.
ويتنافس في هذه الانتخابات 27 مرشحا، بينهم الرئيس المؤقت المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي ووزراء من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واليساري البارز حمة همامي ورجل الأعمال الثري سليم رياحي والقاضية كلثوم كنو، المرأة الوحيدة المترشحة في الانتخابات.
ويخوض ستة مرشحين، كانوا محسوبين على نظام زين العابدين بن علي، الانتخابات الرئاسية في تونس، ما يثير الكثير من الجدل في هذا البلد بين مؤيد ومعارض.
 وتقر حركة النهضة الإسلامية، التي حكمت البلاد بعد الثورة، بأنها كانت وراء السماح لهؤلاء بالعودة إلى الحياة السياسية.
ولم يقدم حزب النهضة المحسوب على التيار الإسلامي في تونس، والذي حكم من نهاية 2011 إلى بداية 2014، وحل ثانية في الانتخابات التشريعية- أي مرشح، مؤكدا أنه يترك حرية الخيار لأتباعه لانتخاب رئيس يشكل ضمانة للديمقراطية.
راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
وعلى مدار الأربع سنوات الماضية شهدت تونس في المرحلة الانتقالية، حكم جماعة الإخوان المسلمين بقيادة راشد الغنوشي، والذي أطاح بهم الشعب التونسي في الانتخابات البرلمانية الماضية.
ويعتبر الباجي قائد السبسي هو الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، على الرغم من تقدمه في السن، حسبما أظهرت استطلاعات الرأي.
 وقد ركزت حملته الانتخابية على "إعادة هيبة الدولة" في خطاب لقي صدى لدى تونسيين كثيرين منهكين من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد منذ 2011.
ويقول أنصار قائد السبسي إنه الوحيد الذي تمكن من الوقوف بوجه الإسلاميين لكن خصومه يتهمونه بالسعي إلى إعادة إنتاج النظام السابق، سيما وأن حزبه يضم منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد بن علي.
ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا.
 كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان إذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.
من ناحيته لم يتوقف المرزوقي خلال حملته عن طرح نفسه كسد منيع ضد عودة "السابقين"، مناشدا التونسيين منحه أصواتهم لمواجهة "التهديدات" المحدقة، حسب رأيه، بالحريات التي حصلوا عليها بعد الثورة.
وبينما هزت تونس عمليات اغتيال معارضين في 2013 وهجمات لجماعات جهادية على قوات الأمن خصوصا على الحدود الجزائرية، عبرت السلطات عن تفاؤلها في حسن سير الاقتراع.
الغنوشي يقر أن حزبه كان وراء عودة مسئولي النظام السابق للساحة، وأقرّ مؤخرا في مقابلة مع تلفزيون "البلاد" الجزائري الخاص أن حزبه هو الذي "منع" إصدار قوانين العزل السياسي.
وقال الغنوشي مبررا أسباب هذا المنع "رأينا أين وصلت سياسة الاجتثاث في العراق وأين وصلت سياسة العزل السياسي في ليبيا، وصلت إلى حروب أهلية، ولكن نحن منعنا هذا"، في الوقت الذي لا يمانع فيه تونسيون آخرون عودة "أزلام" نظام بن علي، ويعتبرونهم "أفضل" من "الترويكا" التي حكمت البلاد إثر انتخابات 2011، و"الترويكا" تعني الائتلاف الحكومي الذي شكلته حركة النهضة الإسلامية مع حزبين علمانيين هما "التكتل" بزعامة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر و"المؤتمر" الذي أسسه الرئيس محمد المنصف المرزوقي.
محسن مرزوق
محسن مرزوق
أبرز مؤسسي "حركة نداء تونس" محسن مرزوق ومدير الحملة الدعائية لمرشحها للرئاسة الباجي قائد السبسي، اعتبر أن حزب "نداء تونس" هو أول الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية بـ 86 مقعدا من مجمل 217 مقعدا، والتي التزمت أمام أنصارها بوعودها في عدم التحالف مع التكفيريين ودعاة العنف، وعلاقتها مع ثاني أكبر الأحزاب البرلمانية حركة "النهضة الإسلامية" 69 مقعدا ستكون علاقة تعايش.
محسن مرزوق أعلن تفاؤله بفوز قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية التي قال إنه باستكمالها ستصبح تونس فانوسا مضيئا للثورة بتجربتها الديمقراطية التي أظهرت قدرة في التداول السلمي على السلطة.
وقال: إن الإسلاميين في تونس حصلوا على نتيجة مهمة في البرلمان الجديد، ونحن حصلنا على نتيجة أهم، مؤكدًا على أن النداء والنهضة هما أكبر كتلتين في مجلس الشعب الجديد، وهذه النتيجة ستجعلنا نعمل على التعايش مع الحركة الإسلامية.
وأضاف: بالنظر إلى النتائج الانتخابية، فإننا سنتعامل مع حركة النهضة الإسلامية بمنطق التعايش، مع ما هو موجود لا بمنطق التحالف، وفي نفس الوقت أية خطوة مع أي حزب سياسي لن تكون ممكنة إلا على أساس احترام الثوابت، ولن يكون تحالفا إلا إذا كانت هناك توافقات.
وطالب مرزوق، حركة النهضة الإسلامية أن تثبت أنها أصبحت حزبا سياسيا تونسيا يقطع قطعا تاما مع الشبكات الإرهابية ومع فكرة الدمج بين الدين والسياسة، فعلى الإسلاميين الانخراط في المشروع السياسي والقطع مع أخطاء وأفكار الماضي ومن بينها اعتبار كل تاريخ الدولة العصرية خرابا بمنطق الدمج بين الدين والسياسية.
 بعد انتخابات الرئاسة
يواجه الإسلاميون في المرحلة المقبلة مصيرا قد يؤدي بهم إلى الإقصاء من الحياة السياسية أو الاحتواء من قبل النظام، ففي حين حاولت بعض الأنظمة احتواء الإسلاميين، فالأردن على سبيل المثال سمح للإخوان المسلمين بتكوين حزب سياسي، وسمح لهم بالمشاركة في المشهد السياسي، مع وضع ضوابط سواء كان علنيًّا أو خفيًّا، في حين سعت بعض الأنظمة العربية الأخرى في إقصاء الإسلاميين بالكامل وعدم السماح لهم بالظهور في المشهد السياسي مثل النظام السوري والنظام المصري.
كما أن المغرب احتوت الإسلاميين، حيث تم السماح لهم بتشكيل حكومة تحت المظلة الملكية.
وفيما يبدو أن إخوان تونس يواجهون نفس مصيرهم في الدول العربية الأخرى، كما حدث في دول عربية عدة على رأسها مصر مقر التنظيم الرئيسي، إما استمرارهم في الحياة السياسية أو التهميش نهائيًّا.

شارك