دلالات رغبة أردوغان في عودة العلاقات "الحميمية " بين إسرائيل وتركيا

الأربعاء 30/أبريل/2014 - 10:33 م
طباعة دلالات رغبة أردوغان
 
أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أن العلاقات بين بلاده وإسرائيل يمكن أن تطبع خلال الأسابيع القادمة بعد أربع سنوات من الهجوم الإسرائيلي على الأسطول الصغير، الذي كان متجها إلى غزة؛ لكسر حصار القطاع، والذي أثار أزمة دبلوماسية، وقال في حديث لشبكة بي بي إس الأمريكية أذيع الاثنين: "اتفقنا على التعويض وإرسال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين عبر تركيا المرحلة الأخرى من المفاوضات، وبعد نهاية هذه المرحلة قد نمضي قدما نحو عملية تطبيع".
في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر اليوم بأن إسرائيل وافقت على دفع 20 مليون دولار كتعويضات لمتضرري الاعتداء الإسرائيلي على أسطول "الحرية"، والذي كان ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة في مايو 2010، الهجوم الذي أسفر عن مقتل تسعة أتراك آنذاك كانوا على متن السفينة "مرمرة"، وتعد التعويضات شرطا لعودة العلاقات، وأضافت «هآرتس» إن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي كان على استعداد لرفع مبلغ التعويضات إلى 23 مليون دولار، في حال ما إذا تأزمت المفاوضات لإنهاء القضية. 
ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى أنهم في تل أبيب مهتمون أيضاً بأن لا يقتصر «تطبيع» العلاقات على بعد رمزي عبر إعادة السفير التركي إلى تل أبيب والسفير الإسرائيلي إلى أنقرة، حيث تطمع تل أبيب أن توافق تركيا على عودة الحوار السياسي بين الجانبين، واللقاءات بين الوزراء، والزيارات.
احدي سفن اسطول الحرية
احدي سفن اسطول الحرية
على الرغم من أن حديث التطبيع بين البلدين ليس الأول من نوعه، حيث سبقه في مارس من العام الماضي، حديث تقارب إسرائيلي – تركي، بعدما قدم نتنياهو اعتذارا شفهيا لأردوغان، وأن الاثنين كانا قد اتفقا على إعادة التطبيع بين البلدين، وهذا يشمل إعادة السفراء، وإلغاء الإجراءات القانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي.
الأمر الذي أكده داود أوغلو وزير الخارجية التركي مطلع هذا الشهر في لقاء له بنيويورك مع عدد من الصحفيين، حيث أكدد أن تركيا اشترطت ثلاثة أمور لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل؛ الأول هو اعتذار إسرائيل عن مهاجمة أسطول "الحرية" وهو ما حدث العام الماضي؛ والثاني هو تعويض أهالي ضحايا الهجوم وهو الأمر الذي شهد تقدماً كبيراً في الفترة الماضية – وفقاً للوزير التركي – والثالث هو رفع الحصار عن غزة حيث تم عقد لقاءات بهذا الخصوص.
المصالحة التي تمت برعاية الإدارة الأمريكية، في أعقاب زيارة أوباما لتركيا في فبراير العام 2013، الزيارة التي جعلت أردوغان أن يتراجع عن موقفه بعدم الإصرار على مطالبه كاملة، ليتنازل عن مطلبه برفع الحصار البحري عن غزة من على طاولة البحث والاعتذار.
دلالات رغبة أردوغان
على مدار الأربعة أعوام الماضية، ورغم ما تردد عن قطع العلاقات بين البلدين، فالتقارير الاقتصادية تؤكد أن في سنوات انقطاع أو "توقف العلاقات الدبلوماسية" – على حد زعمهم – أن العلاقات التجارية والاقتصادية لم تتأثر على الإطلاق طوال تلك السنوات الأربع، بل على العكس حيث سجلت التجارة بما في ذلك المجال الأمني ارتفاعا ملحوظا، حيث لم تمنع تلك "القطيعة الوهمية" من متابعة المفاوضات والاتفاق على إتمام بيع إسرائيل لتركيا القمر الصناعي الإسرائيلي "أفق"، إلى جانب نظام الدفاع الجوي "أرو" المضاد للصواريخ، وإن كان ما يحتاج إليه هذا الاتفاق هو موافقة أميركا ليصبح ساري المفعول، الصفقة التي ستمنح تركيا – في حال الموافقة عليها – قدرات متقدِّمة سواء في مجال الدفاع ضد الصواريخ أو في مجال الاستعلام الاستراتيجي.
كما لم تمنع الأزمة من وساطة تركيا لإطلاق سراح الجندي" شاليط "، حيث عرض رئيس المخابرات التركية على نظيره الإسرائيلي تقديم العون وذهب حد الوساطة مع حماس ما أعطى انطباعا بأن الحالة الشاذة في العلاقات التركية الإسرائيلية ستجد قريبا طريقها نحو النهاية والتصالح، وإن شهد مجال التبادل السياحي بين البلدين تراجعا نسبيا.
التقرير يؤكد أن مزاعم القطيعة الوهمية، وما أثاره أردوغان من ضجة بعد الاعتداء على أسطول "الحرية"، كان من باب اختلاق عداء وهمي لزيادة مؤيديه، وأن أي فتور في العلاقات ما هو إلا "شو" إعلامي، ففي الوقت الذي وصل فيه حزب "العدالة والتنمية" إلى الحكم بفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في عام 2003، وما نتج عنه من برودة خيَّمت على العلاقات التركية – الإسرائيلية، إلا أن هذا لم يمنع وزير الخارجية الإسرائيلية من وصف العلاقات مع تركيا في بداية العام 2006 بأنها "كاملة ومثالية"، بل على العكس كانت إسرائيل والولايات المتحدة يعتبرا تركيا بـ"النموذج الإسلامي المثالي"، التي يجب أن تحتذي به الدول العربية الأخرى، خاصة وأنها كانت تقف على الحياد من القضايا الشائكة في المنطقة، كما أقامت تركيا منذ عام 2000مع إسرائيل عروضا عسكرية مشتركة، في ظل إزدهار اقتصادي وسياسي انعكس على التبادل التجاري والعسكري بين البلدين، لتعد إسرائيل تركيا حليفا استراتيجيا مهما لها في المنطقة.
على ضوء تلك الحقائق يبقى ما أعلنه أردوغان عن عودة العلاقات الإسرائيلية – التركية إلى طبيعتها، ما هو إلا إقرار بحقيقة ما جرى ويجري على أرض الواقع  تعكس حميمية العلاقة بين البلدين، بعيدا عن مزايدات أردوغان وحزبه.

شارك