هدنة الظواهري بين "داعش" و"النصرة" .. مناورة احتواء .. أم سعياً لإسقاط الأسد؟!

الخميس 08/مايو/2014 - 10:32 م
طباعة هدنة الظواهري بين
 
أعلنت «جبهة النصرة» مطلع هذا الاسبوع، التزامها بأوامر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بالتوقف عن مقاتلة «داعش»، مؤكدة في الوقت نفسه أنها لن توقف القتال حتى يوقفه «داعش»، إذ لم يؤثر إعلان «الجبهة» في سير المعارك المستمرة بعنف في ريف دير الزور الشرقي، جاء ذلك وفقا لبيان نشر الأحد على مواقع الكترونية جهادية.
وجاء في البيان الموقع من “جبهة النصرة” : "إننا نعلن الامتثال لأمر الشيخ الدكتور أيمن الظواهري بإيقاف أي اعتداء من طرفنا على جماعة الدولة مع الاستمرار في دفع صيالهم حيثما اعتدوا على المسلمين وحرماتهم".
كما أعلن البيان الامتثال لأمر الظواهري في شأن إنشاء محكمة شرعية لبت الخلافات بين الطرفين اللذين يخوضان قتالا بينهما منذ أشهر في مناطق سورية عدة. وأضاف “نعلن عن رضوخنا لها (المحكمة) فور تشكيلها". وذلك بعدما وجه الظواهري نداءً لأبو بكر البغدادي يطالبه فيه بالتفرغ للقتال في العراق، وطالب جبهة النصرة بوقف قتال من سماهم المجاهدين.
ولكن يبدو صوت المعارك الدائرة بين "داعش" وجبهة النصرة أقوى من مناشدات الظواهري المتكررة، لتتجدد المعارك بين التنظيمين، في محيط بلدة البصيرة في ريف دير الزور الجنوبي، قرب نهر الفرات، ودارات اشتباكات عنيف استخدم فيها الطرفان المدفعية والدبابات، لتعلن فيها جبهة النصرة سيطرتها الكاملة على أبريهة، وتستعيد مع مجموعاتٌ إسلامية متحالفة معها بعضا من المكاسب من الصور إلى الشمال الشرقي من دير الزور.
هذه ليست الهدنة الأولى بين التنظيمين، ففي مطلع العام الماضي، طالبت داعش بهدنة فورية في شمال سوريا، مع عدد من فصائل المعارضة المسلحة السورية، وذلك بعد تكبدها خسائر فادحة في القتال، بعدما قادت كل من جبهة النصرة ولواء أحرار الشام هدنة طرحها وسطاء، تقضي بوضع حد للاشتباكات في ريف حلب، للتخفيف من المشكلات في الريف الشمالي، ليقوموا بفك الحصار عن مقرات (داعش) في الريف الشمالي في مارع وتل رفعت، وتسلموا مقرات تنظيم الدولة.
حيث قام أبو محمد الجولاني، قائد جبهة النصرة في الشام، بتقديم مبادرة من أجل احتواء الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية المسلحة، والجيش الحر من جهة، وبين تنظيم "داعش" من جهة أخرى، تضمنت "تشكيل لجنة شرعية من كافة الفصائل المعتبرة، وبمرجح مستقل، ووقف إطلاق النار".
كما تضمنت المبادرة القضاء في الدماء والأموال المغتصبة، كما تنص على وقوف الجماعات صفا واحدا، وبالقوة، أمام كل من لا يلتزم بقرارت اللجنة الشرعية، بعد إقرارهم فيها، حتى تفئ إلى أمر الله"، على حد تعبيره، وذلك وفقا لرسالة بثها الجولاني عبر الانترنت، هذا إلى جانب تبادل المحتجزين.
وعلى الرغم من أن كلا التنظيمين يحاربان نظام الأسد السوري ويسعى لإسقاطه، إلا أن هناك ثمة خلافات بينهما ترجع بداياتها، إلى إبريل عام 2013، مع اعلان «أبو بكر البغدادي» الأحادي بحل جبهة النصرة، ودمجها في تنظيم «دولة العراق الإسلامية» ليطلق عليه اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أو ما يعرف بـ«داعش».
وعلى الرغم من هذا الصراع المحتدم بين التنظيمين عبر مجموعة من الرسائل الصوتية المتبادلة منذ اعلان البغدادي للاندماج ورفض الجولاني له، ألا أن العديد من المراقبين- ذهبوا أن هذه خلافات تنافسية شكلية على من يمثل تنظيم القاعدة في العراق، ولكنهما أي 'الدولة' و'الجبهة' في حقيقة الأمر اشتركتا في جبهات عدة ومعاركك عدة ضد نظام بشار، وهو ما يؤكد وجود اتفاق غير معلن بين الطرفين لتحييد الخلاف على التبعية بينهما عن القتال لإسقاط النظام السوري.
ولكن ومع اعلان الظواهري بأن جبهة النصرة هي ذراع القاعدة في سوريا قبل نهاية العام، وأيضا اعلانه أن داعش لم تعد تمثل القاعدة في العراق، أعطى للمشهد المحتدم منحنى أكثر دموية، لتكون الاشتباكات الدائرة بين التنظيمين في شمال سوريا هو صراع على قيادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. 
استطاعت جبهة النصرة في تلك الفترة من استقطاب عدد كبير من فصائل المعارضة المسلحة، لتكون "تحالف الجبهة الإسلامية" ويضم ثماني جماعات مقاتلة ، هي "صقور الشام"، و"أحرار الشام"، و"جيش الإسلام"، و"هيئة دروع الثورة"، و"هيئة حماية المدنيين"، و"لواء الأمة"، و"جند الأقصى"، و"مجاهدو الشام"، التحالف الذي عضد من قوة النصرة في قتالها ضد داعش، فاستولت على نقاط تفتيش وقواعد وأسلحة من الأخيرة في حلب وإدلب.
مع استمرار القتال واهتزاز موقف داعش في سوريا، انسحب عدد من عناصرها من معاقلها في بلدتي الدانة وأطمة دون قتال، الأمر الذي جعل داعش توافق على مصالحة بينها وبين ألوية «صقور الشام»، التي يقودها أبو عيسى الشيخ، والذي يرأس منصب مجلس شورى «الجبهة الإسلامية»؛ يقضي الاتفاق بوقف الاقتتال الدائر في شمال حلب، بين التنظيمين منذ بداية يناير الماضي 2014، كما يقضي الاتفاق بإحالة الخصومات "إذا وقع اعتداء من طرف على طرف الى محكمة شرعية مشتركة بين الطرفين".
صدق على الاتفاق أمير منطقة تدمر عن «الدولة الاسلامية» ، وعن «صقور الشام»، نائب قائدها، وفيما حاولت بعض القوى السورية البناء على هذا الاتفاق للقول إن المعارضة عادت لتتوحد ضد النظام.
حتى الآن لم تعلن داعش موقفها من هدنة "الظواهري"، ولكن وفقا لأحد المصادر الجهادية المرتبطة بداعش رأوا أن دعوة الظواهري إلى التحكيم هي محاولة للوقيعة بينهم من خلال ما يسمى " اللجنة الشرعية لمقاتلي المعارضة"، معتبرين الهدنة مقدمةً لحشد رأي إسلامي عام ضدّ داعش"، تمهيدا للدعوة إلى التحكيم بين النصرة و«داعش» بين الفصائل المقاتلة كافة.
في الوقت الحالي تراهن داعش على تقوية حضورها العسكري في المنطقة، عبر استقطاب المزيد من العشائر إلى صفوفه، وبطريقة تتناسب طرداً مع توسع مناطق النفوذ، وذلك بعد أن قام مؤخرا بإنشاء «جيش الأنصار» في الرقة، وهو جيش عشائري.
تشهد سورية حاليا بدء عملية إخراج مقاتلي المعارضة المسلحين من أحياء حمص القديمة، بعد حصار استمر لقرابة عامين، وذلك بموجب اتفاق مع الحكومة السورية يتيح لمقاتلي المعارضة والمدنيين في المنطقة الخروج الآمن منها بأسلحتهم، في تطور ربطه البعض بقرب موعد الانتخابات الرئاسية ورغبة النظام في إثبات إمساكه بالمدينة، في الوقت الذي من المقرر أن تبدأ عملية تسوية ومصالحة لجعل مدينة حمص خالية من السلاح والمسلحين، وذلك ليثبت النظام السوري قدرته على التفاوض وكسب معقل "النصرة" لتكون تحت سيطرته.
أما حديث الهدنة والمصالحة بين النصرة وداعش، هو حديث مرهون بقوة القاعدة في حسم الصراع بين قائدي التنظيم، البغدادي والجولاني، في نهاية الأمر الصراع أو الاتفاق بين الطرفين هو صراع مناطق نفوذ، ولكنه اتفاق على إسقاط نظام بشار وإعلان سورية إمارة إسلامية.

شارك

موضوعات ذات صلة