صعدة في مرمى "عاصفة الحزم".. وموقف الحوثيون على الأرض

السبت 18/أبريل/2015 - 07:37 م
طباعة صعدة في مرمى عاصفة
 
مع استمرار "عاصفة الحزم" في قصف معاقل الحوثيون و منذ بدء العمليات العسكرية، وضعت محافظة صعدة، معقل جماعة الحوثيين، في أعلى قائمة أهداف التحالف، بالإضافة إلى المعسكرات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والمسؤولة عن الإمدادات والتحركات في عدن وما حولها.
وكانت صعدة هدفاً للعدد الأكبر من الضربات، في أكثر من يوم. وركزت الغارات على مخازن الأسلحة ومعسكرات التدريب التابعة للجماعة والتجمعات، بالإضافة إلى معسكرات الجيش التي باتت تحت سيطرة وسلطة الجماعة منذ عام 2011. وكذلك بعض المنازل والمقار الحكومية ومقار المؤسسات التابعة للجماعة، وصولاً إلى شبكات الاتصالات الخاصة بالحوثيين والعامة وأخيراً محطات الوقود، سعياً لشل تواصل الجماعة وقطع حركتها وكذلك التأثير على مدى قدرتها على الصمود.
فقد كثّفت قوات تحالف "عاصفة الحزم"، منذ أيام، ضرباتها الجوية في المحافظة على نحو غير مسبوق، ما يبعث تساؤلات عن مدى الأضرار المحتملة التي لحقت بالحوثيين في معقلهم الأساسي، مع دخول العمليات أسبوعها الرابع واستمرار تركيزها على صعدة، وهل لا يزالون قادرين على تهديد الحدود السعودية، في ظل الأنباء عن محاولاتهم القيام بعمليات نوعية على الحدود.
فإلى جانب الغارات الجوية، كانت سلسلة المناطق الحدودية تتعرض لقصف مدفعي وصاروخي من قبل القوات البرية السعودية، حيث يتم استهداف الأهداف الثابتة أو المتحركة التي تضم مسلحين يحاولون فتح جبهات قتال في المناطق الحدودية، فضلاً عن محاولة اختراق الحدود رداً على الضربات الجوية. وحسب المتحدث باسم تحالف "عاصفة الحزم" ، أحمد عسيري، فإن الحوثيين حاولوا استدراج التحالف لمعارك برية على الحدود، وهو ما تتجنبه القوات السعودية بسبب وعورة المناطق الحدودية التي يتحصن بها الحوثيون. ومن شأن المواجهات البرية أن تصب بمصلحة الحوثيين وتلحق بالقوات المهاجمة الخسائر، كما كان يحدث أثناء الحروب بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية على مدى السنوات الماضية.
وبالنظر إلى نوعية وحجم الضربات في صعدة، وخصوصاً تلك التي تستهدف الاتصالات ومخازن الوقود، من الواضح أن الحركة الحوثية أصبحت في وضع لا تُحسد عليه، خصوصاً إذا ما كان هناك خسائر بشرية في صفوف مقاتليها وقياداتها، الأمر الذي يجعل من الصعب عليها أن تصمد معه فترة طويلة. لكن الأرجح أن الخسائر، نتيجة الضربات الجوية، لا تقطع أمام الحوثيين السيطرة الميدانية والقدرة على استعادة التنظيم.
ومع ذلك، يرى أحد أبناء صعدة، الذين خبروا الحروب الستة، أن الأمر مرتبط بما سيرافق الحرب. فإذا ما تزامن مع عمل سياسي وأمني يعيد الأجهزة الحكومية إلى صعدة، لتتابع باستمرار النشاط الحوثيين وتمنع وصول الأسلحة أو إعادة ترتيب الجماعة نفسها كقوة مسلحة، فإن النتيجة على الأرجح ستكون مختلفة وتدفع بالحوثيين إلى العمل السياسي بعيداً عن السلاح.
صعدة في مرمى عاصفة
وسبق أن دارت في صعدة ست حروب بين الحوثيين وبين الحكومة، اكتسبوا منها الخبرات وحصنوا الكهوف. ومنذ العام 2011 أصبحت المحافظة تحت سيطرتهم حصرياً، وبسبب الاضطرابات في البلاد والصراع السياسي الذي انشغلت في ظلّه الحكومة والأطراف السياسية في صنعاء، تمكن الحوثيون خلال هذه الفترة من الحصول على كميات كبيرة ونوعية من الأسلحة، وبناء التحصينات والمعسكرات، فضلاً عن استيلائهم على ما قوامه خمسة ألوية عسكرية كانت تتبع الفرقة الأولى المدرع، لكنها أصبحت بحكم المُحاصرة والمسيطر عليها من قبل الجماعة. وكانت موارد المحافظة وميزانيتها الممنوحة من الحكومة، تحت تصرف الجماعة خلال الأربع سنوات الماضية.
وتمتاز صعدة التي تزيد مساحتها عن 11 ألف كيلومتر، بجغرافيا وعرة، خصوصاً في المناطق الحدودية مع السعودية، وهي معقل عقائدي، بالنسبة للتيار السياسي الزيدي، إذ بدأ فيها الحوثيون بالنشاط الفكري التنظيمي منذ تسعينيات القرن الماضي، وتطور النشاط إلى "تنظيم الشباب المؤمن"، الذي تسلح لتبدأ الحرب الأولى عام 2004، تلتها خمس حروب حتى العام 2010، في كل حرب كانوا يكسبون خبرات وأسلحة. ومن الطبيعي بعد كل ذلك، أن الجماعة كانت تتوقع حرباً سابعةً أو حملة سعودية عليها بعد أن شاركت المملكة جزئيا في الحرب السادسة ضد االحوثيين. وقامت الجماعة ببناء وتطوير قدراتها خلال الأربع سنوات الماضية، على هذا الأساس. وهو ما يمكن تلمسه من خلال حرص زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، على عدم مغادرة صعدة إلى أي محافظة أخرى على الرغم من توسع جماعته إلى صنعاء والعديد من المدن.
يُوصف الحوثيون في المحافظات التي توسعت إليها الجماعة، مثل عمران وصنعاء بأنهم "متحوثون" (أي ليسوا جزءاً أصيلاً عقدياً من الجماعة)، مع وجود حوثيين تنظيميين من صلب الحركة سياسياً وعقائدياً في مختلف المحافظات، غير أن "صعدة" كانت مجالاً للتحرك التنظيمي العقائدي وموطن القوة العسكرية الحوثية، خلافاً للقوات النظامية الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أو المعسكرات التي سيطر عليها الحوثيون وعينوا عليها قادة للجماعة، لكنها ليست مضمونة تماماً للحوثيين.

غلق منافذ عدن

غلق منافذ عدن
أما خارج حدود صعدة  فإن مسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح أغلقت اليوم السبت 18 ابريل 2015 منافذ مدينة عدن وأطلقت النار على المواطنين، كما تخوض تلك القوات معارك مع المقاومة الشعبية في أبين، في حين يجدد تحالف عاصفة الحزم غاراته على صنعاء ومأرب.
من جهة ثانية، قالت مصادر صحفية إن قتيلا وستة جرحى من المقاومة الشعبية سقطوا خلال مواجهات مع قوات اللواء 15 من المشاة الموالي لجماعة الحوثي في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين بجنوب البلاد.
وفي مدينة تعز وسط البلاد، قالت مصادر محلية إن أربعة مدنيين أصيبوا في ساعة متأخرة من مساء أمس جراء انفجار قذيفة مجهولة المصدر في شارع المغتربين.
وفي غرب اليمن، قال مصدر أمني لوكالة الأناضول إن مسلحين مجهولين هاجموا القلعة التاريخية التي يتخذها مسلحون حوثيون مقرا لهم بمدينة الحديدة في وقت مبكر اليوم، مضيفا أن اشتباكات استمرت مدة قصيرة بين الطرفين قبل الهجوم، من دون معرفة الخسائر الناجمة عن ذلك.
وفي الوقت نفسه، أفاد مراسلون صحفيون بتجدد غارات تحالف عاصفة الحزم على صنعاء، وذلك بعد أن بث ناشطون صورا قالوا إنها لمخازن أسلحة في معسكر الحفا في صنعاء وهي تتعرض لانفجارات قوية وتتصاعد منها أعمدة الدخان، بعدما قصفتها طائرات عاصفة الحزم أمس.
وفي صنعاء أيضا، بث ناشطون صورا قالوا إنها لقصف استهدف معسكر الجوازات، حيث استهدفت مقاتلات عاصفة الحزم المعسكر بأربع قذائف مما أدى إلى حدوث انفجارات ودمار جزء من المبنى.
وأن طائرات عاصفة الحزم شنت غارات على مخازن أسلحة تابعة لوزارة الدفاع في جبل نقم بصنعاء.
ومن ناحيتها، نقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان أن طائرات عاصفة الحزم قصفت فجر اليوم معسكر ماس بمنطقة مجزر شمالي مأرب، ولم تُعرف بعد نتائج تلك الغارات. وأن طائرات عاصفة الحزم شنت ثلاث غارات ليلية استهدفت اللواء 22 المدرع الموالي للرئيس المخلوع بمنطقة الجند في تعز، كما استهدفت غارات سابقة تجمعات للحوثيين وقوات موالية لصالح بالقصر الجمهوري في تعز، ومقر قوات الأمن الخاصة الموالية لصالح.

الموقف الايراني

الموقف الايراني
وفي رد الفعل الايراني على استمرار "عاصفة الحزم" في دك معاقل الحوثيون، وصف نائب رئيس الحرس الثوري في إيران العميد حسين سلامي، تحالف عاصفة الحزم الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن بأنه “ضعيف على المستوى السياسي”، مؤكداً أن الحوثيين أصبحوا يسيطرون على 90 بالمئة من الأراضي اليمنية.
وقال العميد سلامي في مقابلة تلفزيونية، إن “الحوثيين قبل الهجوم على اليمن كانوا يسيطرون على خمسين بالمئة من الأرض واليوم يسيطرون على تسعين بالمئة”، مضيفاً أن الضربات الجوية ضد اليمن لم تحقق نتائج سياسية. واعتبر المسؤول الإيراني أن ما حدث في اليمن هو نتيجة لإخفاق المشاريع الأمريكية في المنطقة، مبيناً أن الحرب على اليمن لديها آفاق مستقبلية طويلة. ولفت نائب رئيس الحرس الثوري إلى أن الحرب على اليمن ستقود المنطقة نحو خلل أمني إقليمي.
وعن قدرة الحوثيين في الرد، قال سلامي “الخيارات في اليمن لمواجهة السعودية مفتوحة والحوثيون لديهم قدرات صاروخية بعيدة المدى”.

المجتمع المدني

المجتمع المدني
وفي تدخل غير مسبوق طالبت منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في عدن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالتحقيق في عملية استغلال الحصانة الدبلوماسية للقنصلية الروسية في عدن لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل الحوثيين وقوات المخلوع صالح، كما طالبت روسيا بتحديد موقفها من هذا الانتهاك.
وقالت لجنة الطوارئ للمنظمات، في بيان لها، مساء الجمعة 17 ابريل 2015: إنه "في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يتعرض لها المواطن في عدن، على خلفية المواجهات المسلحة، فإننا ندين ما تتعرض له عدن من قصف عشوائي وتدمير للمنازل واستهداف آبار وأنابيب المياه، فضلاً عن استهداف محطات ومولّدات الكهرباء، من قبل الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي صالح، بالإضافة إلى منع دخول المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية، فضلاً عن قطع الوقود والغاز المنزلي.
ويضيف البيان: "لكن المؤسف أيضاً لنا، في منظمات حقوق الإنسان في عدن، هو أن تستغل الحصانة التي تتمتع فيها مباني السفارات والقنصليات لارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كحال ما يحدث مع القنصلية الروسية في عدن، والتي يتمركز بداخلها المسلحون الحوثيون ويقومون بقصف الأحياء السكنية في مدينة خور مكسر، وسط عدن، من داخل القنصلية، وسقط جراء ذلك العشرات من القتلى والجرحى من المدنيين، بينما لم تحرك الدولة صاحبة القنصلية، والتي هي روسيا، ساكناً، أو تنطق بكلمة، لا سيما أنها القنصلية الوحيدة التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون، والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح".
وجاء في البيان كذلك: "وإننا إذ ندين هذا الاستغلال وندين الصمت الروسي حيال ذلك، فإننا في الوقت نفسه نطالب المنظمات الدولية، بما فيها التابعة للأمم المتحدة، كما نطالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، شخصياً، بالتدخل السريع لوقف هذا الاستغلال، والتحقيق في موضوع كيفية فتح الأبواب لاستغلال مبنى لديه حصانة دبلوماسية ليكون منطلقاً لانتهاكات حقوق الإنسان".
كما طالب البيان "روسيا نفسها بتحديد موقفها من استغلال قنصليتها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان".

شارك