الفرقاء في العراق يتفقون على رحيل "المالكي"

السبت 19/يوليو/2014 - 09:00 م
طباعة رحيل المالكي رحيل "المالكي"
 
بعد ثماني سنوات قضاها في السلطة، يواجه اليوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تهديدا لم يواجه مثله طيلة فترة حكمه، فقد سيطر مسلحو "داعش" على مساحات كبيرة من البلاد، فيما يسعى خصوم المالكي لإسقاطه. كما أصبح التحفظ في تأييده أو ما هو أسوأ منه طابع واشنطن وطهران أكبر أنصاره في الخارج، بل إن أصدقاءه بدءوا يفكرون صراحة في احتمال خروجه من ساحة العمل السياسي.
وفيما يعتبر بوادر لوصول العراق إلى انتخاب رئيس حكومة جديد، أشارت تقارير إعلامية إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أبدى مرونة في ترك منصبه وعدم الترشح لولاية ثالثة، وسط مطالب سياسية وإقليمية برحيله، والذي أصبح مرفوضا من الجميع.
وأوضحت التقارير الإعلامية أن  نوري المالكي وافق بصورة مبدئية على ترك منصبه؛ شريطة عدم ملاحقته قضائياً، واختيار رئيس حكومة بديل من داخل حزب "الدعوة".
كثيرة الفرص التي ضيعتها الحكومة العراقية، في ظل رئاسة نوري المالكي. بل طوال فترة توليه السلطة، كان يضيع الفرص، بإصراره على تفرده الأوحد بالقرار، وإحكامه على مفاصل الدولة من دون الاستماع إلى أحد، وهذا جعله يوغل في ديكتاتوريته المغلفة بالديمقراطية الزائفة، المستوردة بطائرات الاحتلال الأمريكي.

طهران توافق على رحيل المالكي

طهران توافق على رحيل
وفيما يعتبر تغيرا في الموقف الإيراني تجاه رئيس الوزراء العراقي وفي ظل الأوضاع الأمنية السيئة التي يشهدها العراق وسيطرة  تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على مساحات واسعة من الأراضي العراقية ، أبدت طهران موافقتها على رحيل المالكي.
فقد قال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن بلاده تدعم ترشح رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي لولاية إضافية في العراق، لكنها لا تمانع في وصول أي شخصية أخرى يختارها البرلمان العراقي، مضيفا أنه "في حال طرح المالكي رئيسًا للوزراء فسندعمه بقوة، وإذا اختار البرلمان شخصًا آخر فالجمهورية الإسلامية في إيران ستدعمه كذلك، إنه شأن داخلي عراقي"، موضحًا أن قائمة المالكي التي تصدرت نتائج انتخابات أبريل التشريعية لديها "حقوق" بحسب المنطق البرلماني في البلاد. 
وهاجم رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس الحكومة العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، وحمّله مسئولية سقوط الموصل بأيدي المسلحين، معتبراً أن المالكي مرفوض شعبياً.
وحذّر رفسنجاني المالكي من خطورة التفرّد بالسلطة؛ لأن الحكم يجب أن يكون بالتوافق بين الطوائف العراقية المختلفة، مشدداً على أن وحدة وتلاحم الشعب مع الحكومة سيوفران الأرضية لحل الأزمة وخروج قوات "الدولة الإسلامية" والانفصاليين من العراق.
ويُعتبر كلام رفسنجاني المرة الأولى التي ينتقد فيها مسئول إيراني كبير سياسات الإقصاء والتهميش التي تمارسها حكومة المالكي تجاه مكونات الشعب العراقي، وتحمّله مسئولية الهزائم التي لحقت بالجيش.

واشنطن لن نتدخل

واشنطن لن نتدخل
فيما اعتبر موقف الولايات المتحدة الأمريكية أشبه بالضوء الأخضر لرحيل رئس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، فقد أجرت الولايات المتحدة محاولات «جس نبض» لقادة الكتل السياسية العراقية المشاركة في الانتخابات واستكشاف مواقفها من إمكان بقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في منصبه لولاية ثالثة خصوصاً مع وجود مؤشرات إلى انفتاح المالكي على بعض أعضاء الكتل المنافسة له لضمان جذبهم إلى جانبه في مقابل مغريات سياسية ومالية.
وتفصح جولات مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون العراق وإيران بريت ماكجورك خلال الأيام المنصرمة على أقطاب العملية السياسية- عن وجود رغبة غير معلنة وميل لدى بعض الجهات الأمريكية باتجاه ولاية المالكي الثالثة لا سيما أن ماكغورك يعد من أحد أبرز مهندسي الولاية الثانية للمالكي.
وقالت واشنطن علانية إنها ليس لديها أي نية لاختيار حكام العراق، لكنها أوضحت أنها تريد قيادة أكثر تمثيلا للعراقيين في بغداد.
وقال العضو الكبير في ائتلاف المالكي: إن الدبلوماسيين الأمريكيين أبلغوه فعلا أن عليه أن يتنحى إذا اتضح أن السنة والأكراد والتكتلات الشيعية المنافسة في البرلمان لن يؤيدوه لفترة ولاية ثالثة.
وأضاف: "هم يعتقدون حسب الوضع السياسي في البلاد وما يحدث في المناطق السنية من البلاد أن المالكي لا يمكنه أن يضغط على الأحزاب الأخرى لتولي الحكم لولاية ثالثة. فقد أصبح المالكي رمزا للاستقطاب في نظر الآخرين، بغض النظر عن أدائه".
وقبل عدة أسابيع بدا المالكي أكثر استقرارا في السلطة من ذي قبل. فقد خرج ائتلاف دولة القانون كأكبر حزب فائز في الانتخابات وحصل على 94 مقعدا في البرلمان المؤلف من 325 مقعدا. وفازت كتلتان شيعيتان كانتا تسعيان لإسقاطه بنحو 30 مقعدا لكل منهما.

المراجع الشيعية ترفض المالكي

السيستاني - المالكي
السيستاني - المالكي
ونفى مكتب المرجع السيستاني في النجف تقارير أشارت الى «أن المرجعية العليا ستوجه الدعوة لزعماء القوى السياسية لبحث تشكيل الحكومة معهم». وقال المكتب في بيان نشر على موقع المرجع: «إن هذا الخبر عارٍ عن الصحة تماماً».
وأاشار إلى أنه «لا صحة للأنباء حول وجود نية للمرجع باستئناف استقباله السياسيين لبحث تشكيل الحكومة المقبلة». وكشف مصدر في مكتب المرجع الديني، علي السيستاني، عن رسالة جديدة بعثها الأخير للمالكي يدعوه فيها لسحب ترشيحه لرئاسة الوزراء؛ كي لا يشكل عائقاً أمام المرشحين الآخرين. 
وكانت المراجع الشيعية في النجف قررت عدم استقبال السياسيين تأكيداً لاستيائها من أدائهم وعدم التزامهم بوعودهم التي قطعوها لتحسين الوضع المعيشي في البلاد.
وقال الشيخ علي النجفي نجل بشير النجفي أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف: «قررت المرجعيات الدينية عدم استقبال أي سياسي في مكاتبها بالنجف». وأوضح أن هذا الموقف جاء بسبب عدم التزام السياسيين بالوعود التي قطعوها من أجل تحسين الواقع المعيشي في العراق، وعدم التزامهم بتوصيات المرجعية الدينية. وأضاف أن المرجعيات الدينية عبرت عن امتعاضها من تصرفات السياسيين.

السنة يرفضون المالكي

السنة يرفضون المالكي
أنهت نحو 150 شخصية عراقية، تمثل فصائل مسلحة وشخصيات ونخباً، وشيوخ عشائر، وقوى وطنية وإسلامية، الأربعاء الماضي،، مؤتمراً عقد على مدار يومين، في العاصمة عمّان. وتوجه المؤتمرون، في ختام مؤتمرهم، بالطلب من المجتمع الدولي "إسناد ثورتهم بالشرعية الهادفة إلى إنقاذ العراق والمنطقة من مستقبل مجهول، ومآلات لا تحمد عقباها"، حسب نص البيان الختامي. 
ووضع المؤتمرون رحيل رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، كمقدمة لأي عملية سياسية مستقبلية تنقذ العراق، محملين إياه مسئولية المجازر المرتكبة بحق المتظاهرين السلميين، الذين أجبروا على الدفاع عن أنفسهم بالسلاح. 
وأكد رئيس البرلمان العراقي السابق، أسامة النجيفي أن كتلته السياسية لن تقبل باستمرار رئاسة المالكي للحكومة، وأضاف النجيفي أن الوضع في العراق، لا يحتمل حكومة أحادية. 

الأكراد يرفضون المالكي

بارزاني - المالكي
بارزاني - المالكي
كشف قيادي كردي رفيع في بغداد أن كتلة التحالف الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني أبلغت كتلة "التحالف الوطني" العراقي وأطرافاً إيرانية نافذة بشكل رسمي، معارضتها التامة لتولي رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ولاية ثالثة في الحكم.
وفي تصريح صحافي للقيادي الكردي، القريب من بارزاني، قال: "إن الأخير أوصل رسائل واضحة وحاسمة للقيادات العراقية في مقدمها رئيس "المجلس الأعلى" الإسلامي عمار الحكيم، بأن الأكراد لن يكونوا جزءاً من حكومة يرأسها المالكي في المستقبل، وبالتالي على أطراف التحالف الشيعي أن تحسم أمرها بشأن الشخصية البديلة من الآن، وأضاف أن على حزب "الدعوة" أن يبحث عن شخص آخر غير المالكي لترشيحه لرئاسة مجلس الوزراء، مضيفاً أن "بارزاني كان صريحاً للغاية مع قيادات عراقية وإيرانية زارته في الفترة القريبة الماضية، وقد أبلغهم بحزم أن القيادة الكردية ستفكر بشكل استثنائي في الذهاب إلى الانفصال عن العراق وإنشاء دولة كردية مستقلة إذا أصرت الأطراف المعنية ببقاء المالكي لولاية ثالثة في السلطة".

عشرة أسباب للرحيل

نوري المالكي
نوري المالكي
وعلى الصعيد نفسه، رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن هناك عشرة أسباب لعدم فوز نوري المالكي بولاية ثالثة لمنصب رئيس الوزراء، وقالت: إن أول هذه الأسباب خسران المالكي دعم المؤسسة الدينية الشيعية في النجف بسبب فشل الحكومة في إيقاف العنف وتصديرها أزمات سياسية متتالية، وثانيها رجوع المالكي إلى سدة الحكم سيزيد من التوتر الطائفي، وثالثها أن هذا الرجوع سيرفع احتمالات الحرب الأهلية، والسبب الرابع هو أن تشبث المالكي بالسلطة تجعل تحالفاته مربكة وغير واثقة به. 
والسبب الخامس أن رجوعه يعني ازدياد التدهور في علاقة الحكومة بالمكونات الأخرى الكردية والسنية، وسادساً أن بقاء المالكي يعني استمراره في قمع معارضيه، وسابعاً، تقارير منظمات حقوق الإنسان حول انتهاك حكومة المالكي للحقوق الأساسية بسبب ارتفاع نسبة التعذيب في السجون، والإعتقالات العشوائية، والطائفية. وثامناً بسبب مستوى فساد حكومة المالكي والذي وصل إلى إطلاق سراح إرهابيين في مقابل رشاوى وأموال، وتاسعاً عدم تمسك إيران بشخص المالكي بل تمسكها بقوة الشيعة في العراق، وفي السبب العاشر قالت إنه يعود لوجود قائمة طويلة من البدائل في قائمة المالكي وقوائم خصومه. وأشارت الصحيفة إلى أن المالكي عجز عن تمرير نفسه بطلاً شيعياً رغم دخوله في الأنبار، وقد بدأ نجمه يأفل بسبب عدم وجود إنجازات حقيقية لحكومته.

ابرز خلفاء المالكي

ابرز خلفاء المالكي
أبرز الأسماء البديلة عن المالكي لا يمكن تجاهلهم، وهم حسين الشهرستاني وطارق النجم وهادي العامري، وهناك أيضا ثلاثة أسماء أخرى مرشحة عن باقي كتل التحالف، وهم أحمد الجلبي وعادل عبد المهدي وبيان جبر الزبيدي.
وأصبح الآن رحيل المالكي وعدم التجديد له هو الحل الأفضل لاستمرار مصالح جميع الخصوم في العراق، وبقاء العراق كدولة تستطيع أن تواجه التحديات والمخاطر، في ظل توسع داعش وتراجع المستوى الأمني، وارتفاع المطالب برحيل "المالكي" من قبل السنة والأكراد وعدد من القوى الشيعية.

شارك