أنصار الشريعة في مصر.. البدايات والمآلات

الأربعاء 14/ديسمبر/2016 - 08:12 م
طباعة أنصار الشريعة في
 

مدخل:

على خلاف الجماعات السلفية الجهادية  في اليمن وتونس وليبيا لم تعلن "أنصار الشريعة في مصر" عن نفسها كجماعة منظمة على الأرض إلا بعد 30 يونيو 2013 وما قام به الشعب المصري بثورة شعبية على جماعة الإخوان ومساندة القوات المسلحة وعزل محمد مرسي وجماعته من السلطة، هذا ما يعطينا دلالةً قويةً على ارتباط هذه الجماعة بالتنظيم الأم للجماعات الإرهابية وهو "جماعة الإخوان بتنظيمها الدولي". وقد استخدمت جماعة "أنصار الشريعة في مصر" اسم "أنصار الشريعة" فقط على الانترنت عندما قدمت بيانات لـ "مؤسسة البيان الإعلامية" المرتبطة بالمُنظر الجهادي الشيخ أحمد عشوش الذي أصدر مؤخراً فتوى تدعو إلى قتل أولئك المتورطين في إنتاج فيلم "براءة المسلمين". ولعشوش تاريخ عميق في الحركة الجهادية؛ حيث انخرط في الجهاد ضد السوفيت في الثمانينيات، وكذلك هو عضو في "جماعة الجهاد الإسلامية المصرية". وقد تم القبض عليه في أوائل التسعينيات في حملة ضد الإرهاب شنتها الحكومة ضد 150 عضواً في "جماعة الجهاد الإسلامية المصرية" وتم الإفراج عنه فقط بعد سقوط نظام مبارك. وبناء على المعلومات التي تحت أيدينا، فلا تعد جماعة "أنصار الشريعة في مصر" جماعةً مكتملة الأركان.
يتناول الباحث في هذه الورقة تقديمًا لبدايات الجماعة ومطالبها ورؤاها الفكرية، وأشهر عملياتها الإرهابية ،ومن ثم وقائع القبض على عناصرها، وبياناتهم وأسمائهم الحركية، وقياداتها، وأدلة الإدانة.
 والانتقادات الموجهة لها، وأهم الاستخلاصات التي خرج بها الباحث من هذه القراءة.

البدايات:

يرجع البعض بدايات تأسيس تنظيم أنصار الشريعة إلى شهر يوليو 2013 بعد عزل محمد مرسي وجماعة الإخوان من السلطة في مصر؛ حيث نشرت جريدة البوابة على صفحاتها بتاريخ 06 - 08 – 2013، شهر واحد فقط مر على تأسيس جماعة أنصار الشريعة التي أعلنت عن تأسيسها بعد أحداث الحرس الجمهوري ومقتل 24 شخصاً من أعضاء التيار الإسلامي خلال محاولتهم اقتحام الدار لتأتي بقائمة، قوامها 83 شخصاً تطلب اغتيالهم، باعتبار أنهم كانوا وراء سقوط محمد مرسي ممثل الشريعة من وجهة نظرهم.
أعضاء التنظيم الذين قالوا في بيانهم التأسيسي: إن محمد مرسي جاء على أكتاف حكم تكفيري قائم على الديمقراطية الغربية التي تعاكس أحكام الشريعة، ودعت الجماعة خلال البيان إلى محاربة تحالف الجيش والشرطة والتيار المدني .
وكشفت التحقيقات عن أن الجماعة تعتبر المصريين كفرة يجب استتابتهم وأن نظام مرسي جاء على أكتاف "نظام كُفرى"، قائم على الديمقراطية الغربية، ومعاكس للشريعة، ودعا معتصمي مسجد رابعة العدوية إلى توحيد مطلبهم، ليكون "تحكيم الشريعة أولا، والتصدي لتحالف الجيش مع التيار المدني والشرطة".
كما كشفت التحقيقات عن أن فكرة التنظيم تقوم على عدد من الأفكار المرجعية، من بينها مبدأ العزلة طالما رفض المصريون تمكين الشريعة الممثلة في الدكتور محمد مرسي من الوصول إلى الحكم من وجهة نظرهم، وتطبيق مبدأ العزلة، والإقامة في معسكرات يحصلون من خلالها على أسباب القوة المتمثلة في السلاح والتدريب للتمكن من ردع المعتدين على الدين والتمكين لشريعة الله.
وطالب بيان التنظيم الجديد المصريين بالاستتابة عن نصرة الديمقراطية على حساب الشريعة، وتحصيل أسباب القوة من السلاح والتدريب، للتمكن من ردع المعتدين، وحفظ الدين، والتمكين لشريعة رب العالمين. (1)
وقال مصدر قضائي حينها: إن تحقيقات نيابة أكتوبر قد أكدت أن هناك العديد من أصحاب الفكر التكفيري الذين يشاركون المتواجدين في رابعة العدوية ويندسون بينهم، وإنهم كانوا وراء الاشتباكات الأخيرة مع الشرطة في طريق النصر؛ لأنهم لا يعترفون بالشرطة والجيش باعتبارهم أجزاءً من الدولة الكافرة التي لا تطبق شرع الله.
وحول رأيهم في الرئيس المؤقت عدلي منصور قال المصدر القضائي: إن منصور بالنسبة لهم هو مغتصب للسلطة وإنه شخص يحارب الدين، وبالتالي فهو من وجهة نظرهم يجب أن يستتاب ويترك السلطة وإن لم يفعل يقتل.
وحول فقهاء التنظيم قال المصدر القضائي: إن التنظيم يعتنق عددًا من المبادئ التي تنبثق من فكر الشيخ سيد قطب مفتي جماعة الإخوان المسلمين في الخمسينيات القائم على مبادئ العزلة والحاكمية وتكفير المجتمع ووجوب عدم طاعة الحاكم الذي لا يطبق صحيح الشريعة، وإن من يطيعه فهو كافر مثله، ووجوب الانعزال عن المجتمع وعدم اللجوء إليه في الاختلافات والمشاكل.
وكتائب أنصار الشريعة بأرض الكنانة ينتمي معظم عناصرها التي تشكلت من التكفيريين والعائدين من سوريا، وكانت كامنةً إلى ما قبل 30 يونيو، واتخذت من بعض المحافظات كالشرقية والدقهلية ودمياط والبحيرة والإسكندرية أماكن تمركز لها، حتى سقط الإخوان، فبدأت العمل في مجموعات عنقودية لاغتيال الشرطة.
وأنصار الشريعة التي تتبعها الكتائب، هي تنظيم إقليمي أسسه في مصر القيادي الجهادي أحمد عشوش الذي قال في تصريحات صحفية لـ"البوابة نيوز".: إن الإسلاميين الذين يمارسون السياسة كاذبون ومشركون سياسيًا؛ لأنهم تعاملوا مع الديمقراطية الكافرة، والجماعة الإسلامية باعت القضية.. وإنه لن يعذر الإخوان؛ لأنهم يتطلعون للسلطة المجردة عن الدين، كما أن الإسلاميين ركبوا السلطة ليحصلوا المكاسب، وهذه أغرب ثورة في التاريخ وضياعها كان على يد الإخوان. (2)
وعاد ليؤكد أن كل من لا يحكم بالشريعة فهو كافر.. ولا بد من إزاحته بأي شكل، والفكر الجهادي وحده من يقاتل، والقرضاوي لا يعبر عن المسلمين وقد تنازل عن أشياء كثيرة، وكبر سنه، كما أن الإعلاميين والصحفيين يجمعون بين الجهل والخيانة، ولا صناعة لهم إلا حرب الله ورسوله.
وعلى أرض الواقع فعشوش هو من القيادات التكفيرية لأنصار الشريعة في مصر وشمال إفريقيا التي تتخذ من بنغازي مركزًا لها.
وأنصار الشريعة تحمل فكرًا جهاديًّا يقترب من فكر القاعدة، وهي جماعة ترفض العملية الديمقراطية والانتخابات ولا تعترف بالدولة وتدعو إلى إقامة الخلافة، يقودها عشوش إقليمياً؛ حيث توجد له أفرع بقيادة أبو عياض في تونس، وفرعين بمدينة بنغازي وسرت وإجدابيا.
وكانت الجماعة في العام 2008 ظهرت أولاً في اليمن، بعد دعوة الفقيه الجهادي أبو المنذر الشنقيطي لحمل تنظيم القاعدة لذات الاسم، ومنذ ذلك التاريخ أصبح تنظيم القاعدة بمئات الأوجه، لكن الوجه الخطير منه هو ذلك التنظيم الذي يحمل وجهاً خدمياً في مصر تحت قيادة السلفي الجهادي سيد أبو خضره، ووجه مسلح يقوده عشوش، تحت اسم "أنصار الشريعة الطليعة المقاتلة" وهو إلى حد ما متواجد أيضًا في ليبيا وتونس واليمن بشكل هو الأكبر من ناحية الضخامة وممارسة العنف.
وتنظيم "أنصار الشريعة" المتطرف نظم في سبتمبر 2012، في ليبيا اجتماعا سريا مع تنظيمات "أنصار بيت المقدس" و"أنصار الشريعة" في تونس والمغرب ومصر وممثلين جزائريين عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
ومن المؤكد أن تنظيم أنصار الشريعة متورط في تهريب الرجال والسلاح إلى سيناء، وفي عدد من الهجمات على الجيش والشرطة المصرية، فمنذ ظهور هذه الجماعة انخرطت في أنشطة سرية وكانت أكثر غموضاً من الجماعات الموجودة في سيناء، ولعل تأكيدات بعض الجهات الأمنية أن كتيبة الفرقان أسسها أحمد عشوش تشير لذلك.
و"أنصار الشريعة في مصر" تشبه "نسيج العنكبوت"، لكنهم يعرفون بعضهم البعض، عن طريق تلك المعسكرات التي اعترف قوادهم أنهم تلقوا تدريبات فيها في بنغازي وفي غزة، وفي سوريا.

أنصار الشريعة إقليميًّا:

في الأسبوع الثاني سبتمبر 2012، تناقلت الأخبار اسم "أنصار الشريعة" في أعقاب الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في ليبيا، وذلك بعد اتهام تنظيم محلي اسمه "كتيبة أنصار الشريعة" بارتكاب الهجوم، وهي التهم التي أنكرتها الجماعة. ويبدو أن الكثير من التقارير قد خلط بين "أنصار الشريعة" في بنغازي وجماعة ليبية أخرى مقرها في درنة.
وفي الواقع بدأ اتجاه التسمية هذا في اليمن عندما أسس "تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية" - وهو الفرع المحلي القوي والطموح لـ تنظيم «القاعدة» - جماعة وكيلة عنه في أبريل 2011 تسمى "أنصار الشريعة في اليمن". وربما كان هذا قد تولد عن قريحة أسامة بن لادن فيما يخص إعادة تسمية تنظيم «القاعدة». وعلى الرغم من ذلك فلا شيء من الأسماء الواردة في المستندات التي تم العثور عليها في مسكن زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل قد ذكر اسم "أنصار الشريعة" كمثال محتمل. ومؤخراً وضع أحد أبرز المنظرين الجهاديين العالميين وهو الشيخ أبو المنذر الشنقيطي ختم موافقته على الموجة الجديدة لجماعات "أنصار الشريعة".
وكان الشنقيطي ذو الأصل الموريتاني قد نشر مقالة في منتصف يونيو 2012، بعنوان "نحن أنصار الشريعة" داعياً فيها المسلمين إلى إقامة جماعاتهم الدعوية المسماة بـ "أنصار الشريعة" كلٌ في دولته ثم الاتحاد في كتلة واحدة. وتجدر الإشارة إلى أن معظم جماعات "أنصار الشريعة" قد تم إنشاؤها بالفعل مسبقاً، وأبرز هذه التنظيمات تلك التي في اليمن وتونس وليبيا إلى جانب النسخ الأحدث في مصر والمغرب على مدى أقل.
ويؤشر صعود تلك الجماعات التي تسمى "أنصار الشريعة "على نهاية الجهاد العالمي الأحادي القطب لـ تنظيم «القاعدة» على مدار العقد الماضي والعودة إلى نطاق جهادي متعدد الأقطاب بما يشبه فترة التسعينيات مع اختلاف واحد رئيسي هو أن الجماعات الجهادية هي الآن أكثر تجانساً من الناحية الفكرية. ففي التسعينيات كان الجهاديون يفكرون محلياً وينفذون محلياً بينما الكثير منهم الآن يتحدثون عالمياً وينفذون محلياً. وتلك الجماعات الأحدث هي أيضاً أكثر اهتماماً بتقديم خدمات وحوكمة لرفاقها المسلمين.
والتفريق بين تلك الجماعات المختلفة أمر حاسم للتوصل إلى فهم أفضل للمعالم الجديدة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك مسار الجماعات الجهادية السلفية التي لا تنتمي بالضرورة إلى استراتيجيات أو تكتيكات تنظيم «القاعدة». ورغم أنه لم تُعرف روابط رسمية أو عملياتية بين هذه المنظمات المختلفة إلا أنها قد تحاول الاتصال في المستقبل على أساس تقاربها الفكري أو غاياتها المشتركة. ومع ذلك ففي الوقت الراهن سيكون دمجها معاً أمراً سابقاً لأوانه. وفيما يلي دليلاً عن الجماعات الرئيسية التي تستخدم نفس الاسم.

أنصار الشريعة في اليمن:

في حين أن جماعات "أنصار الشريعة" الأخرى ليست لديها روابط عملياتية معروفة بـ تنظيم «القاعدة» إلا أن "جماعة أنصار الشريعة في اليمن" تعتبر جزء من إعادة صياغة "تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية". وقد عبر الشيخ أبو زبير عادل بن عبد الله العباب - الرمز الديني الرئيسي في "تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية" - عن هذا التغيير في أبريل 2011 بقوله: "إن اسم «أنصار الشريعة» هو ما نستخدمه لتقديم أنفسنا في المناطق التي نعمل بها لتعريف الناس بما نفعله وبأهدافنا." ومنذ ذلك الحين أصبحت الجماعة لاعباً محلياً رئيسياً في جنوب اليمن بعد أن استولت على أجزاء من المحافظات اليمنية الجنوبية - أبين وشبوة - في أواخر ربيع 2011، بل ولم تتخل عن إمارتها في يونيو 2012 إلا بعد هجوم مضاد شنته عليها الحكومة اليمنية والميليشيات المحلية المدعومة بهجمات جوية أمريكية. ورغم أن تنظيم "أنصار الشريعة في اليمن" قد تم إخراجه من المدن إلا أنه لم ينته بعد بل وعلى الأرجح سينبعث من جديد.
وقد كان من النجاحات الكبيرة لتنظيم "أنصار الشريعة في اليمن" قدرته على توفير الخدمات مما جعله يسد الفراغ الذي خلفه عجز الحكومة المركزية أو عدم رغبتها في فعل ذلك. وقد تفاخر "أنصار الشريعة في اليمن" بما وفره من كهرباء ومياه وأمن وعدالة وتعليم في نشرته وسلسلة من الفيديوهات التي عرضها بعنوان "عيون على الأحداث" والتي أصدرها عبر "وكالة مدد الإخبارية" التابعة له. ورغم أن طريقة الحكم لدى تنظيم "أنصار الشريعة في اليمن" كانت مرتكزة على فهمه الضيق والمتشدد للشريعة إلا أن توفيره الحوكمة قد لقي ترحيباً شعبياً. وفي حين أن رسالته المتطرفة ربما لا يكون لها دوي دائماً في مدن مثل عزان أو زنجبار إلا أن مواطنين يائسين ربما يرحبون بالجماعة.(3)

أنصار الشريعة في تونس:

في مارس 2011 وبعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن على تم الإفراج عن مجموعة متنوعة من المساجين السياسيين وآخرين مدانين بتهم الإرهاب بعفو من الحكومة الانتقالية التونسية. وكان من بين أولئك الأفراد سيف الله بن حسين (المعروف باسم أبو عياض التونسي)، المشارك سابقاً في تأسيس "الجماعة التونسية المقاتلة في أفغانستان" والتي ساعدت على تسهيل اغتيال أحمد شاه مسعود قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر. وبعد إطلاق سراحه من السجن نظم أبو عياض أول ما يُعتبر الآن بأنه المؤتمر السنوي الذي أسس "أنصار الشريعة في تونس" في أبريل 2011 حيث زاد حضور المؤتمر من بضعة مئات في 2011 إلى ما يصل إلى 10,000 شخص في 2012 مما أكد تزايد شعبية التنظيم رغم أنه ما يزال على الهامش.
ومنذ تأسيسه و"أنصار الشريعة في تونس" لديه أيديولوجية انفصامية وهي دعوة الناس إلى طريق الإسلام "القويم" في تونس وتحريض الأفراد على الانضمام إلى الجهاد في أراضي أجنبية. ويبدو أن عدم اتخاذ "أنصار الشريعة في تونس" المسئولية عن الهجمات على السفارة يوم الجمعة الرابع عشر من سبتمبر، إلا أن الكثير من أعضاء التنظيم كانوا على أقل تقدير مشاركين في الاحتجاجات. وقد تورط "أنصار الشريعة في تونس" في بعض التصرفات السلفية الأكثر عدوانية في تونس على مدار العام ونصف الماضي بما في ذلك "يوم الغضب" الذي جاء عقب قرار قناة محلية بث فيلم "برسيبوليس"، كما تورط بعض أعضاء "أنصار الشريعة في تونس" في هجمات ضد السفارة الأمريكية في تونس ومدرسة أمريكية بجوارها. وقد قدم "أنصار الشريعة في تونس" أيضاً خدمات في العديد من المدن التونسية من المياه إلى الملابس إلى هدايا رمضان.

أنصار الشريعة في ليبيا:

في ليبيا تستخدم عدد من الجماعات مجموعة متنوعة من اسم "أنصار الشريعة". وثمة اثنتان من أبرز الجماعات هما "كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي" التي يُنظر إليها على أنها المشتبه بها الرئيسي في الهجوم الأخير على القنصلية وأخرى أقل بروزاً وهي "أنصار الشريعة في درنة" بقيادة سجين غوانتانامو السابق أبو سفيان بن قومو. وكلتا الجماعتين قد تم تأسيسهما عقب موت الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لكنهما غير مرتبطتين ببعضهما البعض. وقد أعلنت "أنصار الشريعة في بنغازي" عن نفسها للمرة الأولى في فبراير 2012 بقيادة محمد الزهاوي الذي كان في السابق سجيناً في سجن سيئ الصيت يدعى "أبو سليم" في زمن القذافي. وقد استضافت الجماعة ما تمنت أن يكون أول مؤتمر سنوي في حزيران/يونيو حضره ما يقرب من ألف شخص من بينهم عدد من الميليشيات الأصغر كلهم يدعون الدولة الليبية إلى تطبيق الشريعة. والأرجح أن بضعة مئات من أولئك المشاركين كانوا من أعضاء "أنصار الشريعة في بنغازي". (4)
ومثل "أنصار الشريعة التونسيين" كان "أنصار الشريعة في بنغازي" يقدمون أيضاً خدمات اجتماعية؛ حيث قام أفرادها بتنظيف الطرق وإصلاحها وقدموا صدقات خلال شهر رمضان، وكانوا مؤخراً يساعدون في توفير الأمن في مستشفى بنغازي. ورغم أن الجماعة تقر بأنها هدمت الأضرحة والمقابر الصوفية في بنغازي إلا أنها حاولت أن تصوغ لنفسها توصيفاً محلياً بأنها مدافعة عن تفسير صارم للإسلام مع المساعدة في ذات الوقت على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع. وبناءً على تصريحاتها - التي تطورت من تأكيدات أن أفراداً منها كانوا متورطين بشكل فردي في الهجوم إلى إنكار صريح لأي تورط - يبدو أن تنظيم "أنصار الشريعة في بنغازي" قد فهم أنه تخطى الحدود؛ ولذا فهو يحاول إنقاذ سمعته.

أهداف التنظيم ومرجعيته الفكرية:

تتمثل أهداف التنظيم ومرجعيته الفكرية في كتاب لقائد التنظيم أحمد عشوش عنوانه "الحصاد المر للإخوان والسلفيين"؛ حيث يؤكد على رفضه لحكم محمد مرسي وكفر الديمقراطية؛ حيث يقول: 
أولًا: الانتخابات من حيث المبدأ محرمة ولا تجوز المشاركة فيها لأنها قامت عل أساس شك فصلت القول فيه في رسالة "حزب النور بين السلم والجاهلية الأوروبية"، وكذلك رسالة "هداية الحيان لحرمة سلوك طريق الدستور والبرلمان"، ونقلت أقوال العلماء في رسالة "الحجة والبهتان عل حرمة دخول البرلمان".
ثانيًا: وأما فيما يخص انتخابات رئيس الجمهورية فقد بينت من قبل أنها شر لا يمكن أن يأت بخير وأن أي رئيس مسلم مهما كانت نيته خالصة لن يستطيع أن يزيح شرك التشريع والقوانين وتغيير النظام السياس القائم عل مفهوم العقد الاجتماعي وذلك للعوائق الدستورية والقانونية القائمة والتي لا يمكن تغييرها في أي تعديل دستوري وقد فصلت القول في ذلك في رسالة "هداية الحيران" فليراجعها من شاء.
ثالثًا: طريق الديمقراطية والانتخابات طريق مسدود في وجه الإسلام ولا يأتي إلا بنتائج شركية لا يمكن أن يقرها الإسلام حتى يلج الجمل في سم الخياط هذا قلناه سابقا وهو اليوم حقيقة الواقع هذه الحقيقة التي أبى أن يسلم لها الإخوان والسلفيون؛ حيث استبدت بهم شهوة الحكم فسوقوا هذا الواقع الشركي على أنه مصلحة الإسلام ،ونستطيع أن نتهم بذلك نفرا بأعينهم استغلوا نفوذهم الديني وثقة شباب الحركة السلمية بهم لكونهم يحسنون الظن بهم ولا يتصورون أنهم يجتمعون على غلط ، إلا أن الواقع والتاريخ يشهد بأن هذا النفر من الدعاة والقادة قد قبلوا العمل السياسي على شروط العلمانية اللأدينية وأنهم من روج للدستور والقانون ويشهد التاريخ أنهم هم من دعوا الناس إلى التصويت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية والتي كانت وبالًا عليهم ولم يدركوا ذلك إلا بعد فوات الأوان، وما المادة 28 ولجنة الانتخابات الرئاسية إلى حصاد ما زرعت أيدي هذا النفر . لقد فوت هذا النفر من الدعاة والقادة الفرصة في تحكيم الشريعة الإسلامية وإسقاط النظام العلماني وقيام دولة الإسلام.(5)
ومما تقدم يتضح أن أنصار الشريعة تحمل فكرًا جهاديًّا يقترب من فكر القاعدة، وهي جماعة ترفض العملية الديمقراطية والانتخابات ولا تعترف بالدولة وتدعو إلى إقامة الخلافة، كباقي الجماعات العاملة في هذا الحقل.
وكان أول بيانات هذا التنظيم نشر وزع في يوم 08 - 11 – 2012، بميدان التحرير أثناء مليونية تطبيق الشريعة احتوى على 11 مطلبًا، أهمها تطبيق الشريعة الإسلامية، وتطهير القضاء من رموز النظام السابق وعلى رأسهم النائب العام، وكذلك تطهير الإعلام، وإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين والسياسيين، ونصرة الضباط الملتحين، وعدم الاستعانة بربا صندوق النقد الدولي، والقصاص لشهداء الثورة والقصاص لخالد سعيد وسيد بلال.
وقال السيد أبو خضر إنه من نص على كلمة مبادئ في المادة الثانية لا يريد تطبيق الشريعة؛ لأنه التفاف حول الشريعة نحن لن نتنازل عن تطبيق الشريعة باعتبارها مطلبًا لكل المسلمين، مضيفًا أن من كانت عنده نية صادقة لتطبيق الشريعة لا يلتفت لهذه الكلمات التي تحتوى على معاني وكلمات تخرجنا عن تطبيق الشريعة . (6)

أهم العمليات واعترافات قيادات التنظيم:

وكانت تتركز عمليات أنصار الشريعة في مصر على عمليات الاغتيال لقيادات الجيش والشرطة ومن بين أهم هذه العمليات التي نفذها تنظيم "كتائب أنصار الشريعة بأرض الكنانة"، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والبالغ عددهم 12 قتيلاً و9 مصابين، ما بين ضابط وأمين وفرد شرطة.
وأسماء ضحايا عمليات الاغتيال الذين قتلوا على يد عناصر التنظيم هم كل من: الرائد محمد عيد عبد السلام، ضابط بقطاع الأمن الوطني، والرقيب أول سعيد مرسي إبراهيم، والرقيب عبد الرحمن أبو العلا محمد، وأمين شرطة هاني محمد النعماني، وأمين الشرطة إسماعيل محمد عبد الحميد، وأمين الشرطة شعبان حسين سليم، والعريف شريف حسن بيومي، وفرد الشرطة الطبلاوي فتحي موسى، والرقيب أول محمود عبد المقصود علي، وأمين الشرطة عبد الدايم عبد الفتاح، والشرطي أشرف غانم محمد، وأمين الشرطة حسن السيد حسن. (7)
بينما شرع أعضاء التنظيم في اغتيال 9 من أفراد الشرطة وأصابوهم، وهم كل من: المساعد أول عيد إبراهيم عبد المقصود، وخفيري الشرطة عزت عبد الله، وحمادة عبد الصبور الشحات، وأمين الشرطة محمد سليمان محمود صالح، وأمين الشرطة جمعة عيد عبد المولى، وأمين الشرطة وليد محمد الدسوقى، والشرطي ياسر تمام تمام أحمد، وأمين الشرطة هاني عطية زين الدين عبد الوهاب، وأمين الشرطة جمال محمد على بدوي.

اعترافات الأعضاء:

نشر موقع "مصر العربية" يوم الخميس 07 أغسطس 2014، نص اعترافات 5 متهمين من أعضاء تنظيم "كتائب أنصار الشريعة"، التي أدلوا بها أمام نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار تامر الفرجاني، المحامي العام الأول، حول العمليات التي شاركوا في تنفيذها لاغتيال رجال الشرطة.
وتعد اعترافات الخمسة متهمين أحد أبرز أدلة إدانة باقي أعضاء التنظيم الإرهابي، مثلما ذكر النائب العام في بيانه التفصيلي عن إحالة أعضاء التنظيم البالغ عددهم 23 متهما للمحاكمة الجنائية.
(نص الاعترافات)
  المتهم الأول (زعيم التنظيم):
أقر السيد السيد عطا محمد مرسي وكنيته "أبو عمر" مؤسس التنظيم بالتحقيقات، اعتناقه أفكار تكفيرية قائمة على تكفير الحاكم بدعوى عدم تطيبق الشريعة الإسلامية، وفرضية الخروج عليه، كما اعترف بحيازته أسلحة آلية وذخائر ومفرقعات.
واعترف زعيم التنظيم تفصيلاً بأنه في إطار قناعته بتلك الأفكار، ارتبط بالمتهمين السابع والحادي عشر والرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر والثالث والعشرين والمتوفى أحمد عبد الرحمن أحد أعضاء تنظيم جماعة أنصار بيت المقدس، وتدريسهم العلوم الشرعية والأفكار التكفيرية على يديه، وأضاف بارتباطه بأحد قيادات تنظيم جماعة أنصار بيت المقدس، ويدعى محمد عبد الرحيم، وتقابل معه في أعقاب أحداث 30 يونيو؛ حيث عرض عليه إنشاء جناح دعوي يتولى ضم عناصر جدد إلى التنظيم تحت مسمى "كتائب أنصار الشريعة"، وعلى إثر موافقته كلفه سالف الذكر  بإعلان بيان تأسيس تنظيم يسمى كتائب أنصار الشريعة على شبكة التواصل الاجتماعي، وأن الغرض من تأسيسه استهداف قوات الشرطة بدعوى الانتقام منهم، ثم يتبعه بيان عن قيام المتوفى أحمد عبد الرحمن والمتهم الثالث المكنى خالد بارتكاب عدة عمليات عدائية ضد ضباط وأفراد الشرطة .
وأكد أن التنظيم بدأ باستهداف مساعد بالقوات المسلحة بقرية غيطى بمحافظة الشرقية، واستهداف حسن السيد صول بالقوات المسلحة بمركز ميناء القمح وقتل كل من المجني عليهم هاني محمد النعماني أمين شرطة وشعبان حسن أمين شرطة والطبلاوي فتحي موسى وشريف حسن بيومي واستهداف الملازم شريف السباعي، والمجند محمد عبدالله بالقوات المسلحة واستهداف دورية شرطة بمعسكر الأمن المركزي أسفر عن مقتل المجني عليهم سعيد مرسي، وعبدالله سليم، وحمادة عبد ربة، وقتل عبد الرحمن محمد أبو العلا أمين شرطة وقتل عبد الدايم عبد الفتاح رقيب شرطة وقتل حسن محمد سليمان واغتيال أمناء شرطة آخرين بنطاق محافظتي بني سويف والجيزة.
  المتهم رقم 8:
أقر المتهم عمرو جميل محمد نصر بالتحقيقات بقناعته بأفكار تكفيرية تقوم على تكفير الحاكم بدعوى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية وحيازته بندقية آلية وذخائر، واعترف تفصيلا بأنه أثناء مشاركته بالفاعليات التابعة لأحداث الخامس والعشرين من يناير ارتبط بالمتهمين التاسع والعاشر وربطه الأخير بالمتهم الأول في أعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة الذي علم بانضمامه إلى جماعة أنصار بيت المقدس، وإزعامه استهداف قوات الأمن بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية ودعاه للانضمام إليها.
  المتهم رقم 11:
أقر المتهم محمد السيد عبد العزيز مطاوع بالتحقيقات باعتناقه أفكار تكفيرية قائمة على تكفير الحاكم بدعوى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية وفرضية الخروج عليه، كما اعترف بحيازته أسلحة آلية وذخائر ومفرقعات.
واعترف تفصيلا بارتباطه بالمتهم السابع عشر على إثر تلقيه العلوم الشرعية والأفكار التكفيرية منه، وأنه ربطه بالمتهمين الأول والثالث والرابع عشر والسادس عشر والثالث والعشرين المعتنقين لذات الفكر، وأضاف بدعوته من المتهم الأول في أعقاب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة للانضمام لجماعة أسسها باسم "جماعة أنصار الشريعة بأرض الكنانة" تتولى تنفيذ عمليات عدائية ضد قوات الأمن بدعوى قتالهم المسلمين وإزاء موافقته بايعه على الانضمام إليها.. وفي إطار تلافي الجماعة للرصد الأمني اتخذ أعضاء التنظيم أسماء حركية، كما اعترف بتكليفه من المتهم الأول بمسئولية تصنيع القنابل ومعه المتهم الرابع عشر ونفاذًا لذلك التكليف علم بطرق تصنيع العبوات المفرقعة من مطالعته لصفحات على شبكة المعلومات الدولية.
وأضاف المتهم في اعترافه بعلمه من المتهم الأول أن جماعة أنصار الشريعه منبثقة من جماعة أنصار بيت المقدس بمسمي مغاير لتشتيت الأجهزة الأمنية وأن المتوفى أحمد عبد الرحمن كان عضوًا بالجماعة تولى تنفيذ العديد من عملياتها العدائية .
  المتهم رقم 14:
أقر المتهم محمد أحمد التوفيق باعتناقه أفكارًا تكفيريةً قائمةً على تكفير الحاكم بدعوى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية وفرضية الخروج عليه، وقتال القضاة وضباط وأفراد الشرطة والقوات المسلحة.
واعترف تفصيلًا أنه في غضون عام 2007 ارتبط بالمتهم السابع عشر على إثر تلقيه العلوم الشرعية أفكار التكفيرية منه، وأنه ارتبط بالمتهم السادس عشر وشقيقة المتوفى أحمد لاعتناقهما ذات الفكر، وفي غضون منتصف عام 2013 ربطة المتوفى أحمد عبد الرحمن بالمتهم الأول ثم انضم لتنظيم تحت مسمى جماعة أنصار الشريعة في أرض الكنانة على إثر دعوته من المتهم الأول الذي تولى إنشاءه وتأسيسه وقيادته بغرض تنفيذ عمليات عدائية قبل ضباط وأفراد الشرطة والقوات المسلحة.
وفي سبيل الإعداد لتلك العمليات اتخذ هو والمتهم الأول من أحد المخازن الكائنة بقرية هرية رزنة بمركز الزقازيق مقرًّا لتصنيع المواد المفرقعة بما لديه من سابق خبرته في تصنيع المفرقعات التي اكتسبها من مطالعته لصفحات المجاهدين على شبكة المعلومات الدولية وربطة بالمتهم الخامس عشر لينقل له الأخير ما لديه من خبرة في ذلك المجال، وأضاف أن المتهم الأول أخبره بتولي التنظيم العديد العدائية بنطاق محافظة الشرقية والمحافظات الأخرى منها واقعة مقتل المجني علية محمد عيد عبد السلام الضابط بقطاع الأمن الوطني، ونفذ بعض منها المتوفى أحمد عبد الرحمن وعقب مقتل الأخير كلفة المتهم الأول كلفة المتهم الأول بصناعة عبوة متفجرة بمشاركة المتهم الخامس عشر لاستعمالها ضد أي من القوات الملاحقة له أمنيًّا وأمدهما بالمواد اللازمة لتصنيعها، وعلى إثر تخوفه من الملاحقات الأمنية توجه والمتهم الأول والحادي عشر والخامس عشر إلى مسكن المتهم التاسع الكائن بمدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية؛ حيث تواجدوا معه قرابة 9 أيام، وحال علمه بضبط المتهم الأول قرر أن يعمل تحت راية تنظيم أجناد مصر.
  المتهم رقم 15:
أقر المتهم ياسر محمد أحمد أحمد بالتحقيقات باعتناقه أفكارًا تكفيريةً قائمةً على تكفير الحاكم بدعوى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية وفرضية الخروج عليه وقتال القضاة والعاملين بالقوات المسلحة والشرطة، كما أعترف بحيازته أسلحةً آليةً وذخائرَ ومفرقعاتٍ، كما اعترف بانضمامه لجماعة أنصار الشريعة بأرض الكنانة التي تتولى تنفيذ أعمال عدائية ضدهم .
واعترف تفصيلا بارتباطه بالمتهم الثاني على إثر انضمامه إلى جماعة أنصار بيت المقدس؛ حيث دعاه الأخير في أعقاب إلقاء القبض على أحد قيادات الجماعة سالفة الذكر للقاء المتهم الأول مؤسس جماعة أنصار الشريعة المكنى أبو عمر وأن الأخير ضمه إلى جماعته وكلفه بتصنيع العبوات المتفجرة وربطه بالمتهم الرابع عشر لمعاونته في ذلك وأمده بالمواد اللازمة لتصنيع المفرقعات.
وكشف عن ارتباطه بالمتهم التاسع من خلال المتهم الأول الذي كلفه والمتهم الرابع عشر بالإقامة لدى مسكن المتهم التاسع حيث أمدهم بسلاح ناري مسدس عيار 8 مم، وأضاف بعلمه بتولي جماعة أنصار الشريعة تنفيذ ثمانية وعشرين واقعة قتل ضباط في بيان أذاعه المتهم الأول وعلمه بمقتل عضو التنظيم أحمد عبد الرحمن أثناء تبادله إطلاق الأعيرة النارية مع قوة من الشرطة عقب قيامة باغتيال أحد أمناء الشرطة، كما أقر بتكليفه والمتهمين التاسع والرابع عشر من المتهم الأول بمقابلة أحد أعضاء التنظيم لإمداده بالمال ونفإذا لذلك التقى بعضو التنظيم المسمى حركيا إبراهيم حيث اواهم الأخير بوحدة سكنية بمنطقة إمبابة وآنذاك تلقى خبر ضبط المتهما لأول فانضم على إثر ذلك لجماعة أجناد مصر. (8)
وقد كشف قرار النائب العام- الراحل- المستشار هشام بركات بإحالة 23 من أعضاء وقيادات تنظيم "كتائب أنصار الشريعة" للمحاكمة الجنائية في أغسطس 2014، أن ملف التحقيقات مع المتهمين الذي أعدته النيابة العامة، تتضمن العديد من أدلة إدانة عناصر التنظيم بشأن تورطهم في ارتكاب العديد من أعمال العنف وقتل رجال الشرطة.
ويتضمن ملف التحقيقات في القضية التي انتهت منها النيابة العامة أقوال 39 شاهدًا، وتقارير خبراء الطب الشرعي، والأدلة الجنائية، ومحاضر التحريات المقدمة من قطاع الأمن الوطني، فضلاً عن اعترافات 5 من عناصر التنظيم بتفاصيل الجرائم التي نفذوها، ومحاضر استجواب الـ17 إرهابيًا المحبوسين.
كما شمل ملف القضية العديد من أدلة إدانة أعضاء التنظيم – أنصار الشريعة، مثل الأحراز المتمثلة في عدد من الأسلحة النارية، والآلية، والذخائر، ووحدات لتخزين البيانات تحوي الأفكار التكفيرية، ومنشورات حول أساليب صنع المفرقعات واستخدامها ضد الأهداف.
ويتضمن ملف التحقيقات في القضية التي انتهت منها النيابة العامة أقوال 39 شاهدًا، وتقارير خبراء الطب الشرعي، والأدلة الجنائيات، ومحاضر التحريات المقدمة من قطاع الأمن الوطني، فضلاً عن اعترافات 5 من عناصر التنظيم بتفاصيل الجرائم التي نفذوها، ومحاضر استجواب الـ17 إرهابيًا المحبوسين.
كما شمل ملف القضية العديد من أدلة إدانة أعضاء التنظيم – أنصار الشريعة، مثل الأحراز المتمثلة في عدد من الأسلحة النارية، والآلية، والذخائر، ووحدات لتخزين البيانات تحوي الأفكار التكفيرية، ومنشورات حول أساليب صنع المفرقعات واستخدامها ضد الأهداف. (9)

أهم قيادات التنظيم:

يعد أحمد عشوش أخطر العناصر الجهادية ليس بمصر وحسب لكن في كل المنطقة، وهو المعادل الطبيعي لأيمن الظواهري، فإنه زعيم أنصار الشريعة بمصر وشمال إفريقيا (الصورة الجديدة لتنظيم القاعدة)، الذي أسس بمصر فرعًا أطلق عليه (الطليعة السلفية المجاهدة). 
هو أحمد فؤاد بسيونى عشوش، من محافظة البحيرة، تأثر وهو في سن الثانية عشرة بأحد أساتذته في المدرسة، وكان هذا المدرس ينتمى إلى مجموعة محمد عبد السلام فرج، قاتل أنور السادات، وصاحب الفريضة الغائبة.
بدأ عشوش ينتمي إلى الجهاد بعد تأثره بأستاذه، وفي هذه الآونة تعرف على ياسر برهامي، وعملًا سويًا في البحيرة والإسكندرية، وأصبح سلفيًا.
ارتبط في فترة العمل مع السلفيين، بمحمد عاطف أبو حفص المصري، الرجل الثاني بتنظيم القاعدة (فيما بعد)، وكان من المقربين إليه جدًا، فلما سافر عاطف إلى أفغانستان قرر عشوش أيضًا السفر.
في عام ٩١ قرر تنظيم الجهاد عمل تنظيم يتكون من ٥٠٠ عضو، أطلقوا عليه طلائع الفتح، والبدء في حرب عصابات مفتوحة مع النظام المصري، فعاد عشوش إلى مصر سنة ١٩٩١م على رأس التنظيم، وبدأ وفق الخطة المرسومة يعمل كداعية سلفي، لكن قبض عليه ضمن ١٥٠ شخصًا سنة ١٩٩٣م، وكان أمير المجموعة، في أكبر ضربة توجه لجماعة الجهاد.
لما دخلوا السجن كانوا ينشدون: 
«طلائع الفتح تحييكوا.. جايين من كل مكان.. جايين يعملوا قلبان».(10)
من المؤكد أن أحمد عشوش، وهو في أفغانستان تأثر بسيد إمام، الذي كان أول من طرح داخل تنظيم القاعدة والجهاد مسألة تكفير أعوان الحاكم، وتشدد في تلك المسألة، وأعتقد أن داعش ما وصل لمثل ما وصل إليه فكريًا إلا بعد طرح تلك المسائل.
بقى عشوش في السجن أكثر من ١٠ أعوام، وخرج بعد ثورة ٢٥ يناير في دفعة الإفراجات التي تمت فيما بعد، رغم أنه كان قد رفض، وهو بسجن العقرب، وثيقة ترشيد الفكر الجهادي.
في أواخر عام ٢٠١٣ أصدر أحمد عشوش بيانا كشف فيه عن تأسيسه لجماعة جديدة أطلق عليها «الطليعة السلفية المجاهدة»، عرفها بأنها «حركة وتيار دعوى يجد ويجتهد ويقاوم باللسان والسنان، والدعوة والبيان، كل مشاريع الاستعمار والهيمنة العالمية لدول الاستعلاء والكفر وأذنابهم في العالم الإسلامي، الذي صار هدفا للاستعمار الصهيو صليبي والنظام العالمي الذي تقوده أمريكا».
حدد عشوش هدف «الطليعة» بقوله: «نصرة لدين الإسلام، وإقامة لخلافة إسلامية راشدة، تكون ملاذًا لجميع المسلمين على وجه البسيطة بكل الوسائل والسبل المشروعة والمتاحة، ونؤكد على الدعوة والجهاد كجناحين لا غنى عنهما لنشر الإسلام والحفاظ عليه، فقوام هذا الدين كتاب يهدى وسيف ينصر، وجماع ذلك يكون بخلافة إسلامية راشدة».
أكد أكثر من مرة أنهم يرفضون الديمقراطية،؛ لأنها كفر وشرك بالله، وأن أي حاكم يرفض تطبيق شرع الله كافر، وأن النظام القضائي المصري باطل، وأن المراجعات الفكرية التي تمت مع تنظيم الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية عمل أمني وخيانة لله، وأن الانتساب للدكتور أيمن الظواهري زعيم «تنظيم القاعدة» ليس سُبة. (11)
كفّر «عشوش» مرسي؛ لذا فلا نتعجب من تكفير داعش له، فهي مسألة عقدية قديمة، لكنه رفض تكفير المجتمع، رغم أنه يأخذ بقاعدة الإطلاق والتعيين، مؤكدًا أنه يدخل في الطوائف وليس الآحاد، وبالتالي لا يبحث في الشروط وانتفاء الموانع في حقه.
قال: «أنا أول من نادي بالدمج بين السلفية والجهادية، منذ أن التزمت في سن صغيرة في السبعينيات، حين عاصرت كل نشطاء الحركة، والرموز الكبيرة للجهاديين، والتزمت بمنهج السلف، وكانت أول قضية اتهمتنى بها الدولة، هي الطليعة السلفية الجهادية، لكنهم أدخلوني في تنظيم طلائع الفتح، وأبو قتادة الفلسطيني ليس أول من نادي بالسلفية الجهادية، فأنا أول من ناديت بذلك، وحاولت أن أجمع بين السلفية العلمية البحتة، لمدرسة الإسكندرية التي لم تكن تنظر في الواقع، ولا تنظر لتغييره، وبين الجهادية المعنية بالتغيير، ونقل الدولة من التبعية الاستعمارية، وليس بين الطليعة السلفية المجاهدة، وجماعة الجهاد تفرقة، فحتى عام ٩٨ كانت جماعة الجهاد تحوى الجميع، حتى أعلن عن تحالف لمقاتلة اليهود والنصارى، وبذلك تلاشت جماعة الجهاد المصرية في القاعدة، فأسسنا الطليعة السلفية، بعيدًا عن جماعة الجهاد التي أصبح لها توجهها الخاص». (12)
ورغم بدايات عشوش السلفية، إلا أنه رأى أنهم دخلوا إلى الشرك السياسي، وتعاملوا مع الواقع الديمقراطي الكفري! وقال: «إن المنهج الديمقراطي كفر؛ لأنه ينكر وجود الله عز وجل، كما نعلن المعارضة الكاملة للديمقراطية سواء مارسها إسلامي أو غيره، والديمقراطية منهج كفرى، لأنها لا تؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتعني أن الشريعة للبشر وليست لله، والدولة المدنية التي ينادون بها تخضع لقيد الشهوة، سواء القيد الشعبي أو الفردي، مثل قوم لوط، الذين محاهم الله، والشعب حين يستبيح المحرمات، يستحق الزوال؛ لأنه لم يتقيد بالحلال والحرام، لكنه تقيد بالمجتمع المدني، وهذا كفر؛ ولذلك نكفر بالدولة المدنية، والديمقراطية نرفضها ونرفض وجودها، ونرفض الدخول فيها، ونعلن المعارضة لمن دخل فيها». (13)
الغريب أن عشوش اتهم الإسلاميين الذين يمارسون السياسة بالكذب، وقال إنهم يمارسون الفجر السياسي.
اعتبر عشوش أن حربه للعلمانيين من أوجب الواجبات، قائلًا: «يا سيدى تجربة العلمانيين خطيرة، ونحن سمعنا عن سعد زغلول المقامر، الذي باع ٤٠٠ فدان من أجل لعب القمار، فكيف أسلم رأسي لمقامر، ومن يطلب ذلك فهو «قواد»، ولا أرى أي سياسي في بلادي، وحين يوجد سأكفره لكنني سأحترمه». وأضاف: «السلفيون قالوا للجماهير إنهم سيدخلون اللجنة التأسيسية لتشكيل دستور إسلامي، ودخلوا الانتخابات، فلما فازوا اختاروا لجنة علمانية بنكهة إسلامية، وجاء الدستور علمانيًّا، أشد كفرًا من الذي سبقه، وهم بهذا الشكل خانوا الدين». 
في فتوى أخرى له، اعتبر عشوش «أن جميع حكام العرب لا يحكمون بما انزل الله ولذا فهم مرتدون وكفرة؛ لأنهم يعادون الإسلاميين، وكل حاكم يقدم مساعدة لفرنسا فهو مرتد يجب قتله» (14)، كاشفًا عن أن الجهاديين يمتلكون جهازَ مخابرات منظمًا يتخابرون به على الدول التي تعادي الإسلام، ويمدون به المجاهدين على الجبهات، داعيًا جهاديي أوروبا إلى إمداد هذا الجهاز بمعلومات مميزة عن حكومات الدول التي يعيشون فيها.
أصبح خطر عشوش داهمًا، وعقب سقوط مرسي وعزله، تم القبض عليه، وأودع سجن العقرب، وأصبح زعيم أنصار الشريعة إلى هذه اللحظة بين الجدران

نتائج واستخلاصات:

1- إن تنظيم "أنصار الشريعة" كان واحدًا من تلك الخلايا الجهادية النائمة، ولم يظهر على السطح إلا بعدما تم عزل محمد مرسي وجماعة الإخوان من السلطة في مصر في 3 يوليو 2013، وهذا ما يعطي إشارة بأن التنظيم يرتبط بشكل ما أو بآخر بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان.
2- عدم اعتراف التنظيم بالديمقراطية واعتبارها كفرًا، ويجب محاربتها ومحاربة ما يتعامل بها سواء حكام أو محكومين؛ حيث يقول زعيم التنظيم: "إن المنهج الديمقراطي كفر، لأنه ينكر وجود الله عز وجل، كما نعلن المعارضة الكاملة للديمقراطية سواء مارسها إسلامي أو غيره، والديمقراطية منهج كفري؛ لأنها لا تؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتعني أن الشريعة للبشر وليست لله، والدولة المدنية التي ينادون بها تخضع لقيد الشهوة، سواء القيد الشعبي أو الفردي، مثل قوم لوط، الذين محاهم الله، والشعب حين يستبيح المحرمات، يستحق الزوال؛ لأنه لم يتقيد بالحلال والحرام، لكنه تقيد بالمجتمع المدني، وهذا كفر، ولذلك نكفر بالدولة المدنية، والديمقراطية نرفضها ونرفض وجودها، ونرفض الدخول فيها، ونعلن المعارضة لمن دخل فيها".
3- إن المرجعية الفكرية للتنظيم هي خليط بين الأفكار الجهادية والسلفية العلمية لمدرسة الإسكندرية، ومن أهم مرجعيات التنظيم الفكرية سيد قطب وكتاباته عن تكفير الحكام والمجتمع وفكرة الحاكمية التي أسسها بعد اطلاعه على كتابات أبو الأعلى المودودي.
4- إن فكرة التنظيم تقوم على عدد من الأفكار المرجعية، من بينها مبدأ العزلة طالما رفض المصريون تمكين الشريعة الممثلة في الدكتور محمد مرسي من الوصول إلى الحكم من وجهة نظرهم، وتطبيق مبدأ العزلة والإقامة في معسكرات يحصلون من خلالها على أسباب القوة المتمثلة في السلاح والتدريب للتمكن من ردع المعتدين على الدين والتمكين لشريعة الله.
5- يؤكد التنظيم على أن كل من لا يحكم بالشريعة فهو كافر.. ولا بد من إزاحته بأي شكل، والفكر الجهادي وحده من يقاتل، والقرضاوي لا يعبر عن المسلمين وقد تنازل عن أشياء كثيرة، وكبر سنه، كما أن الإعلاميين والصحفيين يجمعون بين الجهل والخيانة، ولا صناعة لهم إلا حرب الله ورسوله.

المراجع والمصادر:

1- البوابة نيوز - التنظيم تأسس بعد أحداث الحرس الجمهوري - 06 - 08 – 2013
2- البوابة نيوز - 05‏/03‏/2014
3- تعرف على أنصار الشريعة في بلدك- هارون ي. زيلين- معهد واشنطن http://www.washingtoninstitute.org
4- المصدر السابق
5- أحمد عشوش - الحصاد المر للإخوان والسلفيين – ص 2
6- جريدة المصريون _ 9 نوفمبر 2012
7- مصر العربية _ أسماء رجال الشرطة ضحايا عمليات "أنصار الشريعة" _ 06 أغسطس 2014
8- مصر العربية - اعترافات 5 أعضاء بـ كتائب أنصار الشريعة - 07 أغسطس 2014
9- اليوم السابع - أدلة إدانة أنصار الشريعة – 6 أغسطس 2014
10- البوابة نيوز - أحمد عشوش.. زعيم "أنصار الشريعة" – 23 يونيو 2016
11- أحمد عشوش - الحصاد المر للإخوان والسلفيين
12- مصر 24 – أحمد عشوش زعيم تنظيم أنصار الشريعة – 23 يونيو 2016
13- شبكة أنا مسلم - حزب النور؛ بين الإسلام والجاهلية الأوروبية - http://www.muslm.org
14- جريدة الوطن - «السلفية الجهادية»: الحكام العرب «مرتّدون وكفرة» - 23 يناير 2013

شارك